الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّيْدَ فَأَبَى أَنْ يَفْعَلَ حَتَّى قُتِلَ كَانَ مَأْجُورًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنْ قَتَلَ الصَّيْدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْقِيَاسِ وَلَا عَلَى الَّذِي أَمَرَهُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَى الْقَاتِلِ الْكَفَّارَةُ أَمَّا الْآمِرُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَا مُحْرِمَيْنِ جَمِيعًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ، وَلَوْ تَوَعَّدَهُ بِالْحَبْسِ وَهُمَا مُحْرِمَانِ فَفِي الْقِيَاسِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْقَاتِلِ دُونَ الْآمِرِ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الصَّيْدِ فِعْلٌ وَلَا أَثَرَ لِلْإِكْرَاهِ بِالْحَبْسِ فِي الْأَفْعَالِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجَزَاءُ، وَلَوْ كَانَا حَلَالَيْنِ فِي الْحَرَمِ وَقَدْ تَوَعَّدَهُ بِقَتْلٍ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَإِنْ تَوَعَّدَهُ بِالْحَبْسِ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْقَاتِلِ خَاصَّةً بِمَنْزِلَةِ ضَمَانِ الْمَالِ وَبِمَنْزِلَةِ الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِ الْآدَمِيِّ خَطَأً، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ نَهَارًا أَوْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ فَفَعَلَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى أَنْ يَزْنِيَ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَفْعَلَ، فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَ مُحْرِمًا فَسَدَ إحْرَامُهُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ دُونَ الَّذِي أَكْرَهَهُ، وَلَوْ أُكْرِهَتْ امْرَأَةٌ مُحْرِمَةٌ بِالْقَتْلِ عَلَى الزِّنَا وَسِعَهَا أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهَا وَيَفْسُدُ إحْرَامُهَا وَتَجِبُ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ دُونَ الْمُكْرِهِ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ حَتَّى تُقْتَلَ فَهِيَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَوْجَبْنَا الْكَفَّارَةَ عَلَى الْمُكْرَهِ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُكْرِهِ، وَلَوْ رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ يُقْضَى بِهَا عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا الْتَزَمَهُ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إذَا هَدَّدَ السُّلْطَانُ وَصِيَّ يَتِيمٍ بِقَتْلٍ أَوْ إتْلَافِ عُضْوٍ مِنْهُ لِيَدْفَعَ مَالَهُ إلَيْهِ فَفَعَلَ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ هَدَّدَهُ بِحَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ ضَمِنَ، وَلَوْ هَدَّدَهُ بِأَخْذِ مَالِ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ مَالَ الْيَتِيمِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَأْخُذُ بَعْضَ مَالِهِ وَيَتْرُكُ الْبَعْضَ وَفِي ذَلِكَ مَا يَكْفِيهِ لَا يَسَعُهُ التَّسْلِيمُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ضَمِنَ مِثْلَهُ، وَإِنْ خَشَى أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ مَالِهِ فَهُوَ مَعْذُورٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ، وَإِنْ أَخَذَ السُّلْطَانُ مَالَ الْيَتِيمِ بِنَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.
وَلَوْ قِيلَ لِرَجُلٍ: دُلَّنَا عَلَى مَالِكَ أَوْ لَنَقْتُلَنَّكَ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى قُتِلَ لَمْ يَكُنْ آثِمًا، وَإِنْ دَلَّهُمْ حَتَّى أَخَذُوهُ ضَمِنُوا لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الثَّالِثِ فِي مَسَائِلِ عُقُودِ التَّلْجِئَةِ]
(الْبَابُ الثَّالِثِ فِي مَسَائِلِ عُقُودِ التَّلْجِئَةِ) إذَا قَالَ رَجُلٌ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبِيعَكَ عَبْدِي هَذَا تَلْجِئَةً لِأَمْرٍ أَخَافُهُ وَحَضَرَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ شُهُودٌ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: نَعَمْ، ثُمَّ خَرَجَا إلَى السُّوقِ وَتَبَايَعَا وَأَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا تَصَادَقَا بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُمَا بَنَيَا الْبَيْعَ عَلَى تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِذَا تَصَادَقَا بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُمَا قَدْ كَانَا أَعْرَضَا عَنْ تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ قَبْلَ هَذَا الْبَيْعِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْبَيْعُ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِذَا تَصَادَقَا عَلَى الْمُوَاضَعَةِ عَلَى التَّلْجِئَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا ادَّعَى الْبِنَاءَ عَلَى تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ وَادَّعَى الْآخَرُ الْإِعْرَاضَ عَنْ تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْبَيْعُ جَائِزٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْإِعْرَاضَ عَنْ تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي جَوَازَ الْعَقْدِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ فَاسِدٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْبِنَاءَ عَلَى تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مَا عُرِفَ بِاتِّفَاقِهِمَا، وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْمُوَاضَعَةِ ثُمَّ قَالَا: لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِنَا شَيْءٌ وَقْتَ الْبَيْعِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ جَائِزٌ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْمُوَاضَعَةَ عَلَى التَّلْجِئَةِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ الْمُوَاضَعَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ لِلْمُوَاضَعَةِ.
فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي لِلْمُوَاضَعَةِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ وَقَالَ: بَنَيْنَا الْبَيْعَ عَلَى تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ إنْ صَدَّقَهُ الْآخَرُ فِي الْبِنَاءِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ قَالَ الْآخَرُ: أَعْرَضْنَا عَنْ تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ، عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ جَائِزٌ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا كَانَ تَلْجِئَةً ثُمَّ أَجَازَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ مَا لَمْ يُجِيزَاهُ جَمِيعًا، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ بَيْنَهُمَا تَلْجِئَةً وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى ذَلِكَ وَأَعْتَقَهُ كَانَ عِتْقُهُ بَاطِلًا وَقَدْ ثَبَتَ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا، وَلَوْ تَوَاضَعَا عَلَى أَنْ يُخْبِرَا أَنَّهُمَا تَبَايَعَا هَذَا الْعَبْدَ أَمْسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ ثُمَّ أَقَرَّا بِذَلِكَ فَلَيْسَ هَذَا بَيْعًا، وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ هَزْلٌ وَتَلْجِئَةٌ، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ جِدٌّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي لِلْجِدِّ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْجَوَازَ وَعَلَى الْآخَرِ الْبَيِّنَةُ.
وَإِنْ
قَالَا: أَجَزْنَا هَذَا الْبَيْعَ الَّذِي أَخْبَرْنَا بِهِ لَا يَجُوزُ هَذَا إذَا كَانَتْ التَّلْجِئَةُ فِي ذَاتِ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ التَّلْجِئَةُ فِي الْبَدَلِ بِأَنْ تَوَاضَعَا فِي السِّرِّ أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفٌ إلَّا أَنَّهُمَا يَتَبَايَعَانِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فِي الْعَلَانِيَةِ لِيَكُونَ أَحَدُ الْأَلْفَيْنِ سُمْعَةً، فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنْ تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُمَا بَنَيَا عَلَى تِلْكَ الْمُوَاضَعَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ جَائِزٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ كَذَا ذَكَر شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ فِي شَرْحِهِ، وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ تَحْضُرْهُمَا نِيَّةٌ وَقْتَ الْمُعَاقَدَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الْبَيْعُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ الْبَيْعُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ، وَقَالَ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي شَرْحِهِ، وَلَوْ تَوَاضَعَا فِي السِّرِّ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مِائَةَ دِينَارٍ وَتَعَاقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ انْعَقَدَ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ.
وَإِنْ عَقَدَا فِي السِّرِّ الْبَيْعَ بِثَمَنٍ ثُمَّ عَقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ مَرَّةً أُخْرَى، فَإِنْ عَقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِجِنْسِ مَا عَقَدَا بِهِ فِي السِّرِّ إلَّا أَنَّهُ أَكْثَرُ مِمَّا عَقَدَا بِهِ فِي السِّرِّ، بِأَنْ تَبَايَعَا فِي السِّرِّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ تَبَايَعَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ إنْ أَشْهَدَا أَنَّ مَا يَعْقِدَانِ فِي الْعَلَانِيَةِ هَزْلٌ وَسُمْعَةٌ فَالْعَقْدُ عَقْدُ السِّرِّ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا أَنَّ الْعَلَانِيَةَ هَزْلٌ وَسُمْعَةٌ فَالْعَقْدُ عَقْدُ الْعَلَانِيَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ عَقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِجِنْسٍ آخَرَ فَالْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا إنْ أَشْهَدَا أَنَّ مَا يَعْقِدَانِ فِي الْعَلَانِيَةِ هَزْلٌ وَسُمْعَةٌ فَالْعَقْدُ عَقْدُ السِّرِّ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا عَلَى ذَلِكَ فَالْعَقْدُ عَقْدُ الْعَلَانِيَةِ، وَلَوْ قَالَا فِي السِّرِّ: نُرِيدُ أَنْ نُظْهِرَ بَيْعًا عَلَانِيَةً وَهُوَ بَيْعُ تَلْجِئَةٍ وَبَاطِلٍ وَاجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ عَلَانِيَةً وَصَاحِبَهُ حَاضِرٌ: إنَّا قَدْ كُنَّا قُلْنَا كَذَا وَكَذَا فِي السِّرِّ وَقَدْ بَدَا لِي أَنْ أَجْعَلَهُ بَيْعًا صَحِيحًا، وَصَاحِبُهُ يَسْمَعُ ذَلِكَ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا حَتَّى تَبَايَعَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ صَاحِبُهُ ذَلِكَ وَتَعَاقَدَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فَأَعْتَقَهُ.
فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ الْبَائِعُ فَعِتْقُهُ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَةٍ: أَتَزَوَّجُكِ تَزْوِيجًا هَزْلًا، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: نَعَمْ وَوَافَقَهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْوَلِيُّ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ. .
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَةٍ وَوَلِيِّهَا أَوْ قَالَ لِوَلِيِّهَا دُونَهَا: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ فُلَانَةَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَنُسْمِعَ بِأَلْفَيْنِ وَالْمَهْرُ أَلْفٌ، فَقَالَ الْوَلِيُّ: نَعَمْ افْعَلْ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفَيْنِ عَلَانِيَةً كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا وَالصَّدَاقُ أَلْفُ دِرْهَمٍ إذَا تَصَادَقَا عَلَى مَا قَالَا فِي السِّرِّ أَوْ قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ.
وَلَوْ قَالَ: الْمَهْرُ مِائَةُ دِينَارٍ وَلَكِنَّا نُسْمِعُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الظَّاهِرِ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا بِمَهْرِ مِثْلِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَا فِي السِّرِّ: عَلَى أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَتَزَوَّجَهَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ قَالَا عِنْدَ الْعَقْدِ: عَقْدُنَا عَلَى مَا تَرَاضِينَا بِهِ مِنْ الْمَهْرِ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. فَإِنْ عَقَدَا فِي السِّرِّ النِّكَاحَ بِأَلْفٍ ثُمَّ تَنَاكَحَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، إنْ أَشْهَدَا أَنَّ مَا يُظْهِرَانِ فِي الْعَلَانِيَةِ سُمْعَةٌ وَهَزْلٌ فَالْمَهْرُ مَهْرُ السِّرِّ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا أَنَّ مَا يُظْهِرَانِ فِي الْعَلَانِيَةِ سُمْعَةٌ فَالْمَهْرُ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا عَقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِجِنْسٍ آخَرَ، وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْعَلَانِيَةَ وَأَقَامَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ وَادَّعَى الْآخَرُ السِّرَّ وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أُخِذَ بِبَيِّنَةِ الْعَلَانِيَةِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي السِّرِّ إنَّا نَشْهَدُ بِذَلِكَ فِي الْعَلَانِيَةِ سُمْعَةً، فَحِينَئِذٍ آخُذُ بِبَيِّنَةِ السِّرِّ وَأُبْطِلُ بَيِّنَةَ الْعَلَانِيَةِ.
وَإِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى مَالٍ عَلَى وَجْهِ الْهَزْلِ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ عَلَى وَجْهِ الْهَزْلِ وَقَبِلَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ الْعَبْدُ أَوْ كَانَا تَوَاضَعَا فِي السِّرِّ أَنَّ مَا يُظْهِرَانِ هَزْلٌ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ وَالْمَالُ وَاجِبٌ كَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْهَزْلَ كَانَ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى أَوْ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ أَوْ فِي الْجَانِبَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْهَزْلُ فِي جَانِبِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى لَا شَكَّ أَنَّ الْمَالَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَعَلَى الْعَبْدِ مَتَى قَبِلَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ أَوْ فِي الْجَانِبَيْنِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ، عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -