الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ يَأْخُذَهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
بَعَثَ إلَى قَصَّارٍ لِيَأْخُذَ ثَوْبَهُ فَدَفَعَ الْقَصَّارُ بِالْغَلَطِ ثَوْبًا آخَرَ وَضَاعَ عِنْدَ الرَّسُولِ إنْ كَانَ ثَوْبَ الْقَصَّارِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ ثَوْبَ غَيْرِهِ خُيِّرَ مَالِكُهُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْقَصَّارِ وَالرَّسُولِ وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآخَرِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَمَّنْ بَعَثَهُ إلَى مَاشِيَتِهِ فَرَكِبَ هُوَ دَابَّةَ الْآمِرِ فَعَطِبَتْ فِي الطَّرِيقِ قَالَ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ فِي أَنْ يَفْعَلَ فِي مَالِهِ مِثْلَ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَ كَذَا فِي الْحَاوِي
أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِمَارَ صَاحِبِهِ الْخَاصِّ وَطَحَنَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَأَكَلَ الْحِمَارُ الْحِنْطَةَ فِي الرَّحَى وَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً قَالَ رضي الله عنه فَلَمْ يُعْجِبْنَا ذَلِكَ لِاعْتِقَادِنَا الْعُرْفَ بِخِلَافِهِ لَكِنْ عُرِفَ بِجَوَابِهِ هَذَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِيمَا يُوجَدُ الْإِذْنُ دَلَالَةً وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ صَرِيحًا حَتَّى لَوْ فَعَلَ الْأَبُ بِحِمَارِ وَلَدِهِ ذَلِكَ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِحِمَارِ الْآخَرِ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ لِلْإِذْنِ دَلَالَةً وَلَوْ أَرْسَلَ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ فِي شَأْنِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَأَبِقَتْ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
زِقٌّ انْفَتَحَ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَخَذَهُ، ثُمَّ تَرَكَهُ فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ إذَا رَأَى مَا وَقَعَ مِنْ كُمِّ إنْسَانٍ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
أَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَأَخْرَجَهَا صَاحِبُ الدَّارِ فَهَلَكَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَضَعَ ثَوْبًا فِي دَارِ رَجُلٍ فَرَمَى بِهِ وَالْمَالِكُ غَائِبٌ ضَمِنَ هَكَذَا فِي الْحَاوِي وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الشُّفْعَةِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ بَابًا]
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الشُّفْعَةِ وَشَرْطِهَا وَصِفَتِهَا وَحُكْمِهَا]
(كِتَابُ الشُّفْعَةِ)
وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ بَابًا الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا وَشَرْطِهَا وَصِفَتِهَا وَحُكْمِهَا أَمَّا تَفْسِيرُهَا شَرْعًا فَهُوَ تَمَلُّكُ الْبُقْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَأَمَّا)(شَرْطُهَا)(فَأَنْوَاعٌ) مِنْهَا عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ وَهُوَ الْبَيْعُ أَوْ مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ بِمَا لَيْسَ بِبَيْعٍ وَلَا بِمَعْنَى الْبَيْعِ حَتَّى لَا تَجِبَ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ تَمَلُّكٌ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ مَا تَمَلَّك هُوَ فَإِذَا انْعَدَمَ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ فَلَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ بِالْقِيمَةِ أَوْ مَجَّانًا لَا سَبِيلَ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ لَمْ يَتَمَلَّكْ بِالْقِيمَةِ وَلَا إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْجَبْرَ عَلَى التَّبَرُّعِ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ فَامْتَنَعَ الْأَخْذُ أَصْلًا وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِنْ تَقَابَضَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَإِنْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَا شُفْعَةَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ وَلَوْ وَهَبَ عَقَارًا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْعِوَضِ، ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ عَوَّضَهُ مِنْ ذَلِكَ دَارًا فَلَا شُفْعَةَ فِي الدَّارَيْنِ لَا فِي دَارِ الْهِبَةِ، وَلَا فِي دَارِ الْعِوَضِ وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الدَّارِ الَّتِي هِيَ بَدَلُ الصُّلْحِ سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ الدَّارِ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ، وَكَذَا تَجِبُ فِي الدَّارِ الْمُصَالَحِ عَنْهَا عَنْ إقْرَارٍ وَأَمَّا عَنْ إنْكَارٍ فَلَا تَجِبُ بِهِ الشُّفْعَةُ وَلَكِنَّ الشَّفِيعَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُدَّعِي فِي إقَامِهِ الْحُجَّةِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ لِلْمُدَّعِي أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ، وَكَذَلِكَ لَا تَجِبُ فِي الدَّارِ الْمُصَالَحِ عَنْهَا عَنْ سُكُوتٍ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ شَرْطِهِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِ شَرْطِهِ وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مَنَافِعَ فَلَا شُفْعَةَ فِي الدَّارِ الْمُصَالَحِ عَنْهَا سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعِي الدَّارَ وَيُعْطِيَهُ دَارًا أُخْرَى فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ تَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الدَّارَيْنِ الشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الدَّارَيْنِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُمَا مِلْكُ الْمُدَّعِي.
(وَمِنْهَا)(مُعَاوَضَةُ الْمَالِيِّ بِالْمَالِ) وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا صَالَحَ عَنْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَلَى دَارٍ لَا تَجِبُ وَلَوْ صَالَحَ عَنْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْأَرْشَ دُونَ الْقِصَاصِ عَلَى دَارٍ تَجِبُ فِيهَا الشُّفْعَةُ، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَلَى دَارٍ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقَارُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَوْ لَا يَحْتَمِلُهَا كَالْحَمَّامِ وَالرَّحَى وَالْبِئْرِ وَالنَّهْرِ وَالْعَيْنِ وَالدُّورِ الصِّغَارِ (وَمِنْهَا) زَوَالُ مِلْكِ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ فَإِذَا لَمْ تَزُلْ فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ كَمَا
فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ حَتَّى لَوْ أَسْقَطَ خِيَارَهُ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ.
وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لِلشَّفِيعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فَإِنْ أَجَازَ الشَّفِيعُ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَإِنْ فَسَخَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَالْحِيلَةُ لِلشَّفِيعِ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَفْسَخَ وَلَا يُجِيزَ حَتَّى يُجِيزَ الْبَائِعُ أَوْ يَجُوزَ هُوَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَتَكُونُ لَهُ الشُّفْعَةُ وَخِيَارُ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ لَا يَمْنَعَانِ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ. (وَمِنْهَا زَوَالُ حَقِّ الْبَائِعِ) فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الشِّرَاءِ فَاسِدًا، وَلَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا بَيْعًا صَحِيحًا فَجَاءَ الشَّفِيعُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالْبَيْعِ الثَّانِي فَإِنْ أَخَذَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي أَخَذَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ أَخَذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَخَذَ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ يَوْمَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ كَالْمَغْضُوبِ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يُخَرَّجُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا شِرَاءً فَاسِدًا فَبَنَى عَلَيْهَا أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَثْبُتُ (وَمِنْهَا) مِلْكُ الشَّفِيعِ وَقْتَ الشِّرَاءِ فِي الدَّارِ الَّتِي يَأْخُذُ بِهَا الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِدَارٍ يَسْكُنُهَا بِالْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ وَلَا بِدَارٍ بَاعَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَلَا بِدَارِ جَعَلَهَا مَسْجِدًا (وَمِنْهَا) ظُهُورُ مِلْكِ الشَّفِيعِ عِنْدَ الْإِنْكَارِ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ وَهُوَ الْبَيِّنَةُ أَوْ تَصْدِيقُهُ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ شَرْطٌ لِظُهُورِ الْحَقِّ لَا شَرْطٌ لِثُبُوتِهِ فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَوْنَ الدَّارِ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا مَمْلُوكَةً لِلشَّفِيعِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(وَمِنْهَا) أَنْ لَا تَكُونَ الدَّارُ الْمَشْفُوعَةُ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ (وَمِنْهَا) عَدَمُ الرِّضَا مِنْ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ أَوْ بِحُكْمِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً فَإِنْ رَضِيَ بِالْبَيْعِ أَوْ بِحُكْمِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ وَكَّلَهُ صَاحِبُ الدَّارِ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْمُضَارِبُ إذَا بَاعَ دَارًا مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَرَبُّ الْمَالِ شَفِيعُهَا بِدَارٍ أُخْرَى لَهُ لَا شُفْعَةَ لِرَبِّ الدَّارِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الدَّارِ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رِبْحٌ وَإِسْلَامُ الشَّفِيعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ فَتَثْبُتُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَدَالَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ لِلْمَأْذُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَمُعْتَقِ الْبَعْضِ وَالنِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَأَهْلِ الْبَغْيِ إلَّا أَنَّ الْخَصْمَ فِيمَا يَجِبُ لِلصَّبِيِّ أَوْ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ مِنْ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْجَدِّ أَبِي الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْقَاضِي وَوَصِيِّ الْقَاضِي هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
(وَأَمَّا)(صِفَتُهَا) فَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءٍ مُبْتَدَأً فَكُلُّ مَا ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ نَحْوِ الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ وَمَا لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِالشَّرْطِ لَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ إلَّا بِالشَّرْطِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
(وَأَمَّا)(حُكْمُهَا) فَجَوَازُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا وَتَأَكُّدِهَا بَعْدَ الطَّلَبِ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ بِالْقَضَاءِ بِهَا وَبِالرِّضَا هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
قَالَ أَصْحَابُنَا الشُّفْعَةُ لَا تَجِبُ فِي الْمَنْقُولَاتِ مَقْصُودًا وَإِنَّمَا تَجِبُ تَبَعًا لِلْعَقَارِ وَإِنَّمَا تَجِبُ مَقْصُودًا فِي الْعَقَارَاتِ كَالدَّارِ وَالْكَرْمِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَرَاضِيِ وَتَجِبُ فِي الْأَرَاضِيِ الَّتِي تُمْلَكُ رِقَابُهَا حَتَّى إنَّ الْأَرَاضِيِ الَّتِي حَازَهَا الْإِمَامُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيَدْفَعُهَا إلَى النَّاسِ مُزَارَعَةً فَصَارَ لَهُمْ فِيهَا كِرْدَارٌ كَالْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ وَالْكَبْسِ إذَا كَبَسُوهَا بِتُرَابٍ نَقَلُوهُ مِنْ مَوَاضِعَ يَمْلِكُونَهَا فَلَوْ بِيعَتْ هَذِهِ الْأَرَاضِي فَبَيْعُهَا بَاطِلٌ وَبَيْعٌ الْكِرْدَارِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا يَجُوزُ وَلَكِنْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَكَذَا الْأَرَاضِي الميانديهية إذَا كَانَتْ الْأَكَرَةُ يَزْرَعُونَهَا فَبَيْعُهَا لَا يَجُوزُ وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ بِحَقِّ الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ دَارِ الْوَقْفِ فَلَا شُفْعَةَ لِلْوَاقِفِ وَلَا يَأْخُذُهَا الْمُتَوَلِّي وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الدَّارُ وَقْفًا عَلَى رَجُلٍ لَا يَكُونُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الشُّفْعَةُ بِسَبَبِ هَذِهِ الدَّارِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ لَهُ دَارٌ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَلَوْ بَاعَ هُوَ عِمَارَتَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ أَيْضًا كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَفِي التَّجْرِيدِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ الْعَقَارِ كَالْأَوْقَافِ لَا شُفْعَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ الْبَيْعِ فِي الْوَقْفِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى بِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ أُخْرَى فَلَهُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ
وَلَا تَجِب الشُّفْعَةُ فِي دَارٍ جُعِلْت مَهْرَ امْرَأَةٍ أَوْ أُجْرَةً أَوْ عِوَضَ عِتْقٍ هَكَذَا
فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ بَاعَهَا دَارِهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ تَجِبُ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الدَّارِ أَوْ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ قَبَضَتْ الدَّارَ مَهْرًا فَلَا شُفْعَةَ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى، ثُمَّ بَاعَهَا بِذَلِكَ الْمَهْرِ دَارًا تَجِبُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ وَفَرَضَ لَهَا الْقَاضِي مَهْرًا، ثُمَّ بَاعَهَا دَارًا بِذَلِكَ الْمَفْرُوضِ تَجِبُ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى دَارٍ عَلَى أَنْ تَرُدَّ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ أَلْفًا فَلَا شُفْعَةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الدَّارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي حِصَّةِ الْأَلْفِ وَكَذَلِكَ لَوْ خَالَعَ الْمَرْأَةَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الزَّوْجُ عَلَيْهَا أَلْفًا فَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا صَالَحَ عَنْ دَمِ عَمْدٍ عَلَى دَارٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الدَّمِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَا شُفْعَةَ فِي الدَّارِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُ مِنْهَا جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ مِنْ شِجَاجِ الْعَمْدِ الَّتِي فِيهَا الْقَوَدُ وَإِنْ صَالَحَهُ مِنْ مُوضِحَتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَمْدٌ وَالْأُخْرَى خَطَأٌ عَلَى دَارٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَأْخُذُ الشَّفِيعُ نِصْفَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ مُوضِحَةِ الْخَطَأِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ مَهْرٍ وَفَرَضَ لَهَا دَارِهِ مَهْرًا أَوْ قَالَ صَالَحْتُك عَلَى أَنْ أَجْعَلَهَا لَك مَهْرًا أَوْ قَالَ أَعْطَيْتُك هَذِهِ الدَّارَ مَهْرًا فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِي هَذِهِ الْفُصُولِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا، ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهَا دَارًا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ قَالَ الزَّوْجُ جَعَلْتهَا مَهْرَك فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَإِنْ قَالَ جَعَلْتهَا بِمَهْرِك فَفِيهَا الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ بِنْتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ عَلَى دَارٍ فَطَلَبَهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ فَسَلَّمَهَا الْأَبُ لَهُ بِثَمَنٍ مُسَمًّى مَعْلُومٍ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِقِيمَةِ الدَّارِ فَهَذَا بَيْعٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْبِنْتُ كَبِيرَةً فَسَلَّمَتْ فَهُوَ بَيْعٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَإِنْ صَالَحَ مِنْ كَفَالَةٍ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى دَارٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ رَجُلٍ فِي قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ مَالٍ فَفِي حُكْمِ الشُّفْعَةِ وَبُطْلَانِ الصُّلْحِ فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ لَوْ صَالَحَ مِنْ الْمَالِ الَّذِي يَطْلُبُ بِهِ فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ فُلَانٌ مِنْ الْمَالِ كُلِّهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ صُلْحَ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ الدَّيْنِ عَلَى مِلْكِهِ صَحِيحٌ كَصُلْحِ الْمَدْيُونِ وَإِنْ قَالَ أَقْبَضْتُكَهَا عَنْهُ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَمَنْ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْأَبِ فِي مَالِ ابْنِهِ وَكَالْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ التَّاجِرِ إذَا وَهَبَ بِعِوَضٍ لَا يَصِحُّ وَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِحُّ وَتَجِبُ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ دَارًا عَلَى أَنْ يَهَبَهُ الْآخَرُ أَلْفَ دِرْهَمٍ شَرْطًا فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهِ مَا لَمْ يَتَقَابَضَا إنْ قَالَ قَدْ أَوْصَيْتُ بِدَارِي بَيْعًا لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَاتَ الْمُوصِي فَقَالَ الْمُوصَى لَهُ قَبِلْتُ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَإِنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِأَنْ تُوهَبَ لَهُ عَلَى عِوَضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَهَذَا وَمَا لَوْ بَاشَرَ الْهِبَةَ بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ وَإِنْ وَهَبَ نَصِيبًا مِنْ دَارٍ مُسَمًّى بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَتَقَابَضَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ الشُّفْعَةُ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الشُّيُوعُ فِي الْعِوَضِ فِيمَا يُقْسَمُ وَإِنْ وَهَبَ دَارَ الرَّجُلِ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَقَبَضَ كَانَ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَهَا بِشَرْطِ الْإِبْرَاءِ مِمَّا يَدَّعِي فِي هَذِهِ الدَّارِ الْأُخْرَى وَقَبَضَهَا فَهُوَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالشُّفْعَةِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفٍ فَصَالَحَ مِنْ عَيْبٍ بِهَا عَلَى جُحُودٍ مِنْهُ أَوْ إقْرَارٍ بِالْعَيْبِ عَلَى دَارٍ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ فِي الصُّلْحِ.
وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ عَيْبٍ عَلَى الدَّارِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَالْقَوْلُ لِلْمُصَالَحِ فِي نُقْصَانِ الْعَيْبِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ يُقِرُّ بِهِ أَوْ يَجْحَدُهُ فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دَارٍ أَوْ اشْتَرَى بِهِ مِنْهُ دَارًا وَقَبَضَهَا فَلِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ فَإِنْ اخْتَلَفَ هُوَ وَالشَّفِيعُ فِي مَبْلَغِ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَجِنْسِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ فِي الثَّمَنِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْحَقُّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ مَثَلًا جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى لِنَفْسِهِ فِيهَا دَعْوَى فَصَالَحَهُ أَحَدُ شُرَكَاءِ الدَّارِ عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْمُدَّعِي لِهَذَا الْمُصَالَحِ خَاصَّةً فَطَلَبَ الشَّرِيكَانِ الْآخَرَانِ الشُّفْعَةَ فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارِ شُرَكَاءِ الدَّارِ بِأَنْ أَقَرَّ شُرَكَاءُ الدَّارِ بِمَا
ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْمُدَّعِي لَهُ خَاصَّةً كَانَ لَهُمْ الشُّفْعَةُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارِ الشُّرَكَاءِ فَلَا شُفْعَةَ وَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحُ مُقِرًّا بِحَقِّ الْمُدَّعِي وَأَنْكَرَ الشَّرِيكَانِ الْآخَرَانِ حَقَّهُ فَالْقَاضِي يَسْأَلُ الشَّرِيكَ الْمُصَالَحَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي، وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرٍ أَثْبَتَ مِلْكَ بَائِعِهِ فِيمَا اشْتَرَى حَتَّى يَثْبُتَ شِرَاؤُهُ وَإِذَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ صَارَ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِ الشُّرَكَاءِ وَهُنَاكَ لِلشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَيْنِ حَقُّ الشُّفْعَةِ فَهَاهُنَا كَذَلِكَ، وَإِذَا ادَّعَى حَقًّا فِي دَارِ وَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى سُكْنَى دَارِ أُخْرَى فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِي الدَّارِ الَّتِي وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ ادَّعَى دَيْنًا أَوْ وَدِيعَةً أَوْ جِرَاحَةً خَطَأً فَصَالَحَهُ عَلَى دَارٍ أَوْ حَائِطٍ مِنْ دَارٍ فَلِلشَّفِيعِ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَإِذَا صَالَحَ مِنْ سُكْنَى دَارٍ أَوْصَى لَهُ بِهَا أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ عَلَى مَيِّتٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَضَعَ جُذُوعَهُ عَلَى حَائِطِهِ وَيَكُونَ لَهُ مَوْضِعُهَا أَبَدًا أَوْ سِنِينَ مَعْلُومَةً فَفِي الْقِيَاسِ هَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ مَعْلُومٌ عَيْنًا كَانَ أَوْ مَنْفَعَةً، وَلَكِنْ تَرَكَ هَذَا الْقِيَاسَ فَقَالَ: الصُّلْحُ بَاطِلٌ وَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهَا وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ أَنْ يَصْرِفَ مَسِيلَ مَائِهِ إلَى دَارٍ لَمْ يَكُنْ لِجَارِ الدَّارِ أَنْ يَأْخُذَ مَسِيلَ مَائِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى طَرِيقٍ مَحْدُودٍ مَعْرُوفٍ فِي دَارٍ كَانَ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ وَلَيْسَ الطَّرِيقُ فِيهَا كَمَسِيلِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الطَّرِيقِ تُمْلَكُ فَيَكُونُ شَرِيكًا بِالطَّرِيقِ وَلَا يَكُونُ شَرِيكًا بِوَضْعِ الْجِذْعِ فِي الْحَائِطِ وَالْهَرَادِيّ وَمَسِيلِ الْمَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِمْلَاءِ رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِلشَّفِيعِ ثَلَاثًا قَالَ إنْ قَالَ الشَّفِيعُ أَمْضَيْتُ الْبَيْعَ عَلَى أَنَّ آخُذَ بِالشُّفْعَةِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَخْذَ الشُّفْعَةِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَوْ بَاعَ دَارِهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ حَاضِرٌ فَضَمِنَ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ جِهَةِ الشَّفِيعِ قَدْ تَمَّ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي الدَّارَ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الشَّفِيعُ الدَّرَكَ عَنْ الْبَائِعِ، وَالشَّفِيعُ حَاضِرٌ فَضَمِنَ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ أَبَدًا لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ فِيهَا الشُّفْعَةُ فَإِنْ أَبْطَلَ الْمُشْتَرِي خِيَارَهُ وَاسْتَوْجَبَ الْبَيْعَ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ شَهْرًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ أَبْطَلَ الْمُشْتَرِي خِيَارَهُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَتَّى انْقَلَبَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَجَبَتْ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ، وَلَوْ بَاعَهُ بِخِيَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ زَادَهُ ثَلَاثَةً أُخْرَى وَقَدْ كَانَ الشَّفِيعُ طَلَبَ الشُّفْعَةَ وَقْتَ الْبَيْعِ أَخَذَهَا إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ الْأُولَى وَإِذَا رَدَّهَا أَحَدُ الْجَارَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ أَخَذَهَا الْجَارُ الْآخَرُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِعَدَدٍ بِعَيْنِهِ وَشَرَطَ فِيهِ الْخِيَارَ لِأَحَدِهِمَا إنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِبَائِعِ الدَّارِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ قَبْلَ تَمَامِ الْبَيْعِ سَوَاءٌ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي الدَّارِ أَوْ فِي الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ ثَلَاثًا لِمُشْتَرِي الدَّارِ فَلِلشَّفِيعِ فِيهِ الشُّفْعَةُ فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهَا فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ لَهُ فَإِنْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ وَأَبْطَلَ خِيَارَهُ سَلَّمَ الْعَبْدَ لِلْبَائِعِ فَإِنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَ الْبَيْعَ أَخَذَ عَبْدَهُ وَدَفَعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الشَّفِيعِ إلَى الْبَائِعِ وَلَا يَكُونُ أَخْذُ الشَّفِيعِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ اخْتِيَارًا مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِسْقَاطًا لِخِيَارِهِ فِي الْعَبْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهَا الْمُشْتَرِي فَذَلِكَ اخْتِيَارٌ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَيُسَلِّمَ الْعَبْدَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَرَدَّ الْمُشْتَرِي الدَّارَ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَةِ الْعِوَضِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِبَائِعِ الدَّارِ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ فَلِلْبَائِعِ فِيهَا حَقُّ الشُّفْعَةِ فَإِذَا أَخَذَهَا كَانَ هَذَا مِنْهُ نَقْضًا لِلْبَيْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ هَذِهِ الدَّارِ كَانَ لَهُ فِيهَا الشُّفْعَةُ فَإِذَا أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ كَانَ هَذَا مِنْهُ إجَازَةٌ لِلْبَيْعِ فَإِذَا جَاءَ الشَّفِيعُ وَأَخَذَ مِنْهُ الدَّارَ الْأُولَى بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الثَّانِيَةِ
سَبِيلَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَمَلَّكُهَا الْآنَ فَلَا يَصِيرُ بِهَا جَارًا لِلدَّارِ الْأُخْرَى مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ دَارٌ إلَى جَنْبِهَا وَالدَّارُ الثَّانِيَةُ سَالِمَةٌ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ مِنْ يَدِهِ لَا يَنْفِي مِلْكَهُ مِنْ الْأَصْلِ وَلِهَذَا كَانَتْ عُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَبَيَّنُ بِهِ انْعِدَامُ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ حِينَ أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَكُنْ رَآهَا، ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ دَلَالَةُ الرِّضَا وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا يَبْطُلُ بِالرِّضَا دَلَالَةً كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الْعَقَارَ فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِمْ بِالْقِسْمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بِغَيْرِ قَضَائِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَا شُفْعَةَ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي مِمَّا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ أَوْ لَا يَمْلِكُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الْمُشْتَرَى أَوْ لَمْ يَقْبِضْ وَهَذَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فِي الِابْتِدَاءِ أَمَّا إذَا فَسَدَ بَعْدَ انْعِقَادِهِ صَحِيحًا فَحَقُّ الشَّفِيعِ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ إذَا اشْتَرَى مِنْ نَصْرَانِيٍّ دَارًا بِخَمْرٍ وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ قَبَضَ الدَّارَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْخَمْرَ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ فَسَدَ الْبَيْعُ، الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الدَّارَ الْمُشْتَرَاةَ شِرَاءً فَاسِدًا حَتَّى صَارَتْ مِلْكًا لَهُ فَبِيعَتْ دَارٌ أُخْرَى بِجَنْبِ هَذِهِ الدَّارِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الدَّارَ الثَّانِيَةَ حَتَّى اسْتَرَدَّ الْبَائِعُ مِنْهُ مَا اشْتَرَى لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَخَذَهَا، ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْبَائِعُ بِحُكْمِ الْفَسَادِ فَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مَاضٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى بِيعَتْ دَارٌ إلَى جَنْبِهَا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ هَذِهِ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى فِي مِلْكِهِ بَعْدُ فَيَكُونُ جَارًا بِمِلْكِهِ لِلدَّارِ الْأُخْرَى، ثُمَّ إنْ سَلَّمَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَلَا شُفْعَةَ فِيهَا لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ جِوَارَهُ حَادِثٌ بَعْدَ بَيْعِ تِلْكَ الدَّارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا أَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ فِيهَا وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلِاحْتِمَالِ الْفَسْخِ فَإِنْ بَنَى فِيهَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهَا وَتَجِبُ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ فِيهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّهُ فِي الِاسْتِرْدَادِ فَلَا يَجِبُ فِيهَا الشُّفْعَةُ وَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْمُرَ الْمُشْتَرِي بِهَدْمِ الْبِنَاءِ فَإِنْ اتَّخَذَهَا الْمُشْتَرِي مَسْجِدًا فَعَلَى هَذَا، الْخِلَافُ، وَقِيلَ يَنْقَطِعُ حَقُّهُ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَسْلَمَ دَارًا فِي مِائَةِ قَفِيزٍ حِنْطَةً وَسَلَّمَهَا فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهَا حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَ السَّلَمُ وَالشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ، وَلَوْ تَنَاقَضَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَهُ بِهِ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَسْخٍ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ بَلْ بَيْعٌ جَدِيدٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا ثُمَّ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْوَصِيَّةِ، ثُمَّ بِيعَتْ الدَّارُ بِجَنْبِهَا فَادَّعَى الْوَرَثَةُ شُفْعَتَهَا فَلَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَبُولِهِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى.
وَلَوْ أَوْصَى بِغَلَّةِ دَارِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهَا لِآخَرَ فَبِيعَتْ الدَّارُ بِجَنْبِهَا فَشُفْعَتُهَا لِصَاحِبِ الرَّقَبَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
سُفْلٌ لِرَجُلٍ وَفَوْقَهُ عُلْوٌ لِغَيْرِهِ بَاعَ صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ فَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ بَاعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ عُلْوَهُ فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ الشُّفْعَةُ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ طَرِيقُ الْعُلْوِ فِي السُّفْلِ كَانَ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَ طَرِيقُ الْعُلْوِ فِي السِّكَّةِ الْعُظْمَى كَانَ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْجِوَارِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ صَاحِبُ الْعُلْوِ السُّفْلَ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى انْهَدَمَ الْعُلْوُ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تَبْطُلُ، وَلَوْ بِيعَ السُّفْلُ، وَالْعُلْوُ مُنْهَدِمٌ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ وَعِنْدَ مُحَمَّدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ قَرَارِ الْبِنَاءِ لَا بِسَبَبِ نَفْسِ الْبِنَاءِ وَحَقُّ قَرَارِ الْعُلْوِ بَاقٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ كَانَ السُّفْلُ لِرَجُلٍ وَعُلْوُهُ لِآخَرَ فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَالشُّفْعَةُ لَهُمَا فَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ قَبْلَ أَخْذِ الشُّفْعَةِ فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِقِيَامِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ وَهُوَ الْأَرْضُ وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ لِزَوَالِ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الشُّفْعَةُ لَهُمَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ قَائِمٌ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَبْنِي الْعُلْوَ إذَا بَنَى صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ وَلَهُ أَنْ يَبْنِيَ السُّفْلَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَبْنِيَ عَلَيْهِ الْعُلْوَ وَيَمْنَعُ صَاحِبَ السُّفْلِ عَنْ الِانْتِفَاعِ حَتَّى يُعْطِيَهُ حَقَّهُ كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلَانِ اشْتَرَيَا دَارًا وَأَحَدُهُمَا شَفِيعُهَا