الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْكَلَامُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالْفِقْهُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالْأَخْبَارُ وَالْمَوَاعِظُ وَالدَّعَوَاتُ الْمَرْوِيَّةُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالتَّفْسِيرُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالتَّفْسِيرُ الَّذِي فِيهِ آيَاتٌ مَكْتُوبَةٌ فَوْقَ كُتُبِ الْقُرَّاءِ. حَانُوتٌ أَوْ تَابُوتٌ فِيهِ كُتُبٌ فَالْأَدَبُ أَنْ لَا يَضَعَ الثِّيَابَ فَوْقَهُ، وَيَجُوزُ رَمْيُ بُرَايَةِ الْقَلَمِ الْجَدِيدِ، وَلَا تُرْمَى بُرَايَةُ الْمُسْتَعْمَلِ لِاحْتِرَامِهِ، كَحَشِيشِ الْمَسْجِدِ وَكُنَاسَتِهِ لَا يُلْقَى فِي مَوْضِعٍ يَخِلُّ بِالتَّعْظِيمِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ كَرِهَ الْجِوَارَ بِمَكَّةَ وَالْمُقَامَ بِهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْمُسَابَقَةِ]
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْمُسَابَقَةِ) السِّبَاقُ يَجُوزُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: فِي الْخُفِّ يَعْنِي الْبَعِيرَ، وَفِي الْحَافِرِ يَعْنِي الْفَرَسَ وَالْبَغْلَ، وَفِي النَّصْلِ يَعْنِي الرَّمْيَ، وَفِي الْمَشْيِ بِالْأَقْدَامِ يَعْنِي الْعَدْوَ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْبَدَلُ مَعْلُومًا فِي جَانِبٍ وَاحِدٍ بِأَنْ قَالَ: إنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ سَبَقْتُكَ لَا شَيْءَ لِي عَلَيْكَ أَوْ عَلَى الْقَلْبِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْبَدَلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَهُوَ قِمَارٌ حَرَامٌ إلَّا إذَا أَدْخَلَا مُحَلِّلًا بَيْنَهُمَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: إنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ سَبَقْتُكَ فَلِي كَذَا، وَإِنْ سَبَقَ الثَّالِثُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْجَوَازِ الْحِلُّ لَا الِاسْتِحْقَاقُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. .
ثُمَّ إذَا كَانَ الْمَالُ مَشْرُوطًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَأَدْخَلَا بَيْنَهُمَا ثَالِثًا وَقَالَا لِلثَّالِثِ: إنْ سَبَقْتَنَا فَالْمَالَانِ لَكَ، وَإِنْ سَبَقْنَاكَ فَلَا شَيْءَ لَنَا يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، ثُمَّ إذَا أَدْخَلَا ثَالِثًا، فَإِنْ سَبَقَهُمَا الثَّالِثُ اسْتَحَقَّ الْمَالَيْنِ، وَإِنْ سَبَقَا الثَّالِثَ إنْ سَبَقَاهُ مَعًا فَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ سَبَقَاهُ عَلَى التَّعَاقُبِ فَاَلَّذِي سَبَقَ صَاحِبَهُ يَسْتَحِقُّ الْمَالَ عَلَى صَاحِبِهِ وَصَاحِبُهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَالَ عَلَيْهِ، قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ: إدْخَالُ الثَّالِثِ إنَّمَا يَكُونُ حِيلَةً لِلْجَوَازِ إذَا كَانَ الثَّالِثُ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا وَمَسْبُوقًا، فَأَمَّا إذَا كَانَ يُتَيَقَّنُ أَنَّهُ يَسْبِقُهُمَا لَا مَحَالَةَ أَوْ يُتَيَقَّنُ أَنَّهُ يَصِيرُ مَسْبُوقًا فَلَا يَجُوزُ، وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُتَفَقِّهَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ وَأَرَادَا الرُّجُوعَ إلَى الْأُسْتَاذِ وَشَرَطَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْتَ أُعْطِيكَ كَذَا، وَإِنْ كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْتُ فَلَا آخُذُ مِنْكَ شَيْئًا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ عَلَى قِيَاسِ الِاسْتِبَاقِ عَلَى الْأَفْرَاسِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ لِمِثْلِهِ: تَعَالَ حَتَّى نُطَارِحَ الْمَسَائِلَ، فَإِنْ أَصَبْتَ وَأَخْطَأْتُ أَعْطَيْتُكَ كَذَا، وَإِنْ أَصَبْتُ وَأَخْطَأْتَ فَلَا آخُذُ مِنْكَ شَيْئًا يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَا يَفْعَلُهُ الْأُمَرَاءُ فَهُوَ جَائِزٌ أَيْضًا بِأَنْ يَقُولُوا لِاثْنَيْنِ: أَيُّكُمَا سَبَقَ فَلَهُ كَذَا. طَلَبَةُ الْعِلْمِ إذَا اخْتَصَمُوا فِي السَّبْقِ فَمَنْ كَانَ أَسْبَقَ يُقَدَّمُ سَبْقُهُ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي السَّبْقِ إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ بَيِّنَةٌ تُقَامُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُمْ قَدِمُوا مَعًا كَمَا فِي الْحَرْقَى وَالْغَرْقَى إذَا لَمْ يُعْرَفْ الْأَوَّلُ يُجْعَلُ كَأَنَّهُمْ مَاتُوا مَعًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْجَوْزُ الَّذِي يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ يَوْمَ الْعِيدِ يُؤْكَلُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَامَرَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ فَهَذَا الصَّنِيعُ حَرَامٌ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[الْبَابُ السَّابِعُ فِي السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ]
(الْبَابُ السَّابِعُ فِي السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ) إذَا أَتَى رَجُلٌ بَابَ دَارِ إنْسَانٍ يَجِبُ أَنْ يَسْتَأْذِنَ قَبْلَ السَّلَامِ، ثُمَّ إذَا دَخَلَ يُسَلِّمُ أَوَّلًا ثُمَّ يَتَكَلَّمُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْفَضَاءِ يُسَلِّمُ أَوَّلًا ثُمَّ يَتَكَلَّمُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَاخْتَلَفُوا فِي أَيِّهِمَا أَفْضَلُ أَجْرًا قَالَ بَعْضُهُمْ: الرَّادُّ أَفْضَلُ أَجْرًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُسَلِّمُ أَفْضَلُ أَجْرًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
يَنْبَغِي لِمَنْ يُسَلِّمُ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُسَلِّمَ بِلَفْظِ الْجَمَاعَةِ
وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَالْأَفْضَلُ لَلْمُسَلِّمِ أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَالْمُجِيبُ كَذَلِكَ يَرُدُّ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَى الْبَرَكَاتِ شَيْءٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما لِكُلِّ شَيْءٍ مُنْتَهَى وَمُنْتَهَى السَّلَامِ الْبَرَكَاتُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَيَأْتِي بِوَاوِ الْعَطْفِ فِي قَوْلِهِ: وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ، وَإِنْ حَذَفَ وَاوَ الْعَطْفِ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُبْتَدِئُ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَلِلْمُجِيبِ أَنْ يَقُولَ فِي الصُّورَتَيْنِ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَلَهُ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَلَكِنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ أَوْلَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ رحمه الله: إذَا دَخَلَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَوْمٍ، فَإِنْ تَرَكُوا السَّلَامَ فَكُلُّهُمْ آثِمُونَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ سَلَّمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ جَازَ عَنْهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ سَلَّمَ كُلُّهُمْ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ تَرَكُوا الْجَوَابَ فَكُلُّهُمْ آثِمُونَ، وَإِنْ رَدَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَجْزَأَهُمْ وَبِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ أَجَابَ كُلُّهُمْ فَهُوَ أَفْضَلُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(فِي فَتَاوَى آهُو) رَجُلٌ أَتَى قَوْمًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ رَدُّهُ، فَإِنْ سَلَّمَ ثَانِيًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ ثَانِيًا، وَكَذَلِكَ التَّشْمِيتُ لَمْ يَجِبْ ثَانِيًا وَيُسْتَحَبُّ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ جَالِسٌ مَعَ قَوْمٍ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ فَرَدَّهُ بَعْضُ الْقَوْمِ يَنُوبُ ذَلِكَ عَنْ الَّذِي سَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُسَلِّمُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْجَوَابُ، يُرِيدُ بِهِ إذَا أَشَارَ إلَيْهِمْ وَلَمْ يُسَمِّ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ التَّسْلِيمُ عَلَى الْكُلِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يُشَارَ إلَى الْجَمَاعَةِ بِخِطَابِ الْوَاحِدِ هَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ ذَلِكَ الرَّجُلَ، فَأَمَّا إذَا سَمَّاهُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا زَيْدُ فَأَجَابَهُ غَيْرُ زَيْدٍ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْ زَيْدٍ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ وَأَشَارَ إلَى زَيْدٍ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ التَّسْلِيمُ عَلَى الْكُلِّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. مَرَّ عَلَى قَوْمٍ يَأْكُلُونَ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا وَعَرَفَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَهُ سَلَّمَ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
السَّائِلُ إذَا سَلَّمَ لَا يَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
السَّائِلُ إذَا أَتَى بَابَ دَارٍ إنْسَانٍ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ لَا يَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا سَلَّمَ عَلَى الْقَاضِي فِي الْمَحْكَمَةِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمِصْرِيِّ وَالْقَرَوِيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُسَلِّمُ الَّذِي جَاءَ مِنْ الْمِصْرِ عَلَى الَّذِي يَسْتَقْبِلُهُ مِنْ الْقُرَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى الْقَلْبِ، وَيُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَالْقَائِمُ عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ، وَالصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَيُسَلِّمُ الْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ وَيُسَلِّمُ الَّذِي يَأْتِيكَ مِنْ خَلْفِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الرَّجُلُ مَعَ الْمَرْأَةِ إذَا الْتَقَيَا سَلَّمَ الرَّجُلُ أَوَّلًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
اسْتَقْبَلَهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ فِي الْحُكْمِ لَا فِي الدِّيَانَةِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. إذَا الْتَقَيَا فَأَفْضَلُهُمَا أَسْبَقُهُمَا، فَإِنْ سَلَّمَا مَعًا يَرُدُّ كُلُّ وَاحِدٍ وَيُسْتَحَبُّ الرَّدُّ مَعَ الطَّهَارَةِ وَيُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ يُسَلِّمُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ. وَيُسَلِّمُ فِي كُلِّ دَخْلَةٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ.
اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الصِّبْيَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: التَّسْلِيمُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَأَمَّا التَّسْلِيمُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسَلِّمِ حَاجَةٌ إلَى الذِّمِّيِّ، وَإِذَا كَانَ لَهُ حَاجَةٌ فَلَا بَأْسَ بِالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، وَلَا بَأْسَ بِرَدِّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَكِنْ لَا يُزَادُ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْكُمْ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ مَرَرْتَ بِقَوْمٍ وَفِيهِمْ كُفَّارٌ فَأَنْتَ بِالْخِيَارِ إنْ شِئْت قُلْتَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَتُرِيدُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
السَّلَامُ تَحِيَّةُ الزَّائِرِينَ، وَاَلَّذِينَ جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ لِلْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ أَوْ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ مَا جَلَسُوا فِيهِ لِدُخُولِ الزَّائِرِينَ عَلَيْهِمْ فَلَيْسَ هَذَا أَوَانَ السَّلَامِ فَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ الدَّاخِلُ وَسِعَهُمْ أَنْ لَا يُجِيبُوهُ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
يُكْرَهُ السَّلَامُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ جَهْرًا، وَكَذَا عِنْدَ مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ، وَعِنْدَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَيْضًا، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
إنْ سَلَّمَ فِي حَالَةِ التِّلَاوَةِ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ. وَهُوَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ، وَهَكَذَا اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يُسَلِّمُ عِنْدَ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَاشْتِغَالِهِمْ بِالصَّلَاةِ لَيْسَ فِيهِمْ أَحَدٌ إلَّا يُصَلِّي كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
فِي الْأَصْلِ: وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَوْمِ أَنْ يُشَمِّتُوا الْعَاطِسَ، وَلَا أَنْ يَرُدُّوا السَّلَامَ يَعْنِي وَقْتَ الْخُطْبَةِ (فِي صَلَاةِ الْأَثَرِ) رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُمْ يَرُدُّونَ السَّلَامَ وَيُشَمِّتُونَ الْعَاطِسَ، وَيَتَبَيَّنُ بِمَا ذَكَرَ فِي صَلَاةِ الْأَثَرِ أَنَّ مَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَالُوا: الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُرَدَّ السَّلَامُ فِي الْحَالِ هَلْ يُرَدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْخُطْبَةِ؟ . عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُرَدُّ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يُرَدُّ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى قَوْمٍ هُمْ فِي مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ أَوْ أَحَدُهُمْ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ، وَإِنْ سَلَّمَ فَهُوَ آثِمٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَلَا يُسَلِّمُ الْمُتَفَقِّهُ عَلَى أُسْتَاذِهِ، وَلَوْ فَعَلَ لَا يَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِيمَنْ جَلَسَ لِلذَّكَرِ أَيْ ذِكْرٍ كَانَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ دَاخِلٌ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ: وَسِعَهُ أَنْ لَا يَرُدَّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يُسَلَّمُ عَلَى الشَّيْخِ الْمُمَازِحِ أَوْ الرَّنْدِ أَوْ الْكَذَّابِ أَوْ اللَّاغِي، وَمَنْ يَسُبُّ النَّاسَ وَيَنْظُرُ إلَى وُجُوهِ النِّسْوَانِ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يُعْرَفُ تَوْبَتُهُمْ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. وَلَا يُسَلَّمُ عَلَى الَّذِي يَتَغَنَّى وَاَلَّذِي يَبُولُ وَاَلَّذِي يُطَيِّرُ الْحَمَامَ، وَلَا يُسَلَّمُ فِي الْحَمَّامِ، وَلَا عَلَى الْعَارِي إذَا كَانَ مُتَّزِرًا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
وَاخْتُلِفَ فِي السَّلَامِ عَلَى الْفُسَّاقِ فِي الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ، كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
وَلَوْ كَانَ لَهُ جِيرَانٌ سُفَهَاءُ إنْ سَالَمَهُمْ يَتْرُكُونَ الشَّرَّ حَيَاءً مِنْهُ، وَإِنْ أَظْهَرَ خُشُونَةً يَزِيدُونَ الْفَوَاحِشَ يُعْذَرُ فِي هَذِهِ الْمُسَالَمَةِ ظَاهِرًا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ.
وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَامِ عَلَى الَّذِينَ يَلْعَبُونَ الشِّطْرَنْجَ لِلتَّلَهِّي، وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ التَّأْدِيبِ وَالزَّجْرِ لَهُمْ حَتَّى لَا يَفْعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لِتَشْحِيذِ الْخَاطِرِ لَا بَأْسَ بِالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِمْ، وَكُتِبَ فِي الْمُسْتَزَادِ لَمْ يَرَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِالتَّسْلِيمِ عَلَى مَنْ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ بَأْسًا لِيَشْغَلَهُ ذَلِكَ عَمَّا هُوَ فِيهِ، وَكَرِهَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَلِكَ تَحْقِيرًا لَهُمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ سَلَّمَ عَلَى مَنْ كَانَ فِي الْخَلَاءِ يَتَغَوَّطُ وَيَبُولُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرُدُّ عليه السلام بِقَلْبِهِ لَا بِلِسَانِهِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ لَا بِالْقَلْبِ وَلَا بِاللِّسَانِ وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ أَيْضًا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَرُدُّ عليه السلام بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَاجَةِ.
وَإِذَا سَلَّمَتْ الْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ عَلَى رَجُلٍ إنْ كَانَتْ عَجُوزًا رَدَّ الرَّجُلُ عليها السلام بِلِسَانِهِ بِصَوْتٍ تَسْمَعُ، وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً رَدَّ عَلَيْهَا فِي نَفْسِهِ، وَالرَّجُلُ إذَا سَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَالْجَوَابُ فِيهِ عَلَى الْعَكْسِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْرَأَ سَلَامَهُ عَلَى فُلَانٍ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَابِ الْجَعَائِلِ مِنْ السِّيَرِ حَدِيثًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ بَلَّغَ إنْسَانًا سَلَامًا مِنْ غَائِبٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْجَوَابَ عَلَى الْمُبَلِّغِ أَوَّلًا، ثُمَّ عَلَى ذَلِكَ الْغَائِبِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَا يَسْقُطُ فَرْضُ جَوَابِ السَّلَامِ إلَّا بِالْإِسْمَاعِ كَمَا لَا يَجِبُ إلَّا بِالْإِسْمَاعِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
وَلَوْ كَانَ الْمُسَلِّمُ أَصَمَّ يَنْبَغِي أَنْ يُرِيَهُ تَحْرِيكَ شَفَتَيْهِ، وَكَذَلِكَ جَوَابُ الْعَطْسَةِ، كَذَا فِي الْكُبْرَى.
وَيُكْرَهُ السَّلَامُ بِالسَّبَّابَةِ، كَذَا فِي الْغِيَاثِيَّةِ.
تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَاجِبٌ إنْ حَمِدَ الْعَاطِسُ فَيُشَمِّتُهُ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ هُوَ مُخَيَّرٌ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَيَنْبَغِي لِمَنْ يَحْضُرُ الْعَاطِسَ أَنْ يُشَمِّتَ الْعَاطِسَ إذَا تَكَرَّرَ عُطَاسُهُ فِي مَجْلِسٍ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، فَإِنْ عَطَسَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَالْعَاطِسُ يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى - فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَمَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ إنْ شَمَّتَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَحَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يُشَمِّتْ بَعْدَ الثَّلَاثِ فَحَسَنٌ أَيْضًا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ مَنْ عَطَسَ مِرَارًا يُشَمَّتُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، فَإِنْ أَخَّرَ كَفَاهُ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا عَطَسَ الرَّجُلُ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى فَيَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَوْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَا يَقُولَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي لِمَنْ حَضَرَهُ أَنْ يَقُولَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَيَقُولَ لَهُ الْعَاطِسُ: يَغْفِرُ اللَّهُ