المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مقتل أمير المؤمنين علي عليه السلام - الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية

[ابن الطقطقي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌الفصل الأول في الأمور السّلطانيّة والسّياسات الملكيّة

- ‌فصل من الدّعاء مختصر

- ‌الدولة الأولى: دولة الأربعة وهم المعروفون بالخلفاء الراشدين

- ‌شرح كيفية الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفية ذلك

- ‌شرح مبدإ الحال في انتقال الملك من الأكاسرة إلى العرب

- ‌شرح الحال في تحيّز الجيش إلى العراق واستخلاص الملك من الفرس

- ‌ذكر طرف مستملحة وقعت حينئذ

- ‌ذكر ما آلت إليه حال يزدجرد

- ‌شرح كيفيّة تدوين الدّواوين

- ‌شرح مبدإ وقعة الجمل وكيفية الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌حديث الخوارج وما كان منهم وما آلت بهم الحال إليه

- ‌كرامة لأمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه

- ‌وفاة الأربعة

- ‌وفاة أبي بكر- رضي الله عنه

- ‌مقتل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه

- ‌ذكر الشّورى وصفة الحال في ذلك

- ‌مقتل عثمان بن عفّان

- ‌مقتل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام

- ‌الدولة الثانية: الدولة الأموية وهي التي تسلّمت الملك من الدولة الأولى

- ‌ذكر شيء من سيرة معاوية، ووصف طرف من حاله

- ‌كلام في معنى البريد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه يزيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على وجه الاختصار

- ‌شرح كيفية وقعة الحرّة

- ‌شرح كيفيّة غزو الكعبة

- ‌ثم ملك بعده ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية

- ‌شرح كيفية ذلك على وجه الاختصار

- ‌ثمّ ملك ابنه عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك ابنه الوليد

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه سليمان بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده عمر بن عبد العزيز بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه هشام بن عبد الملك

- ‌شرح مقتل زيد بن عليّ بن الحسين إمام الزيديّة رضي الله عنه

- ‌ثمّ ملك بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن الوليد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده مروان بن محمّد بن مروان

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌[الكلام على الدولة العباسية]

- ‌ذكر انتقال الملك من بني أميّة إلى بني العبّاس

- ‌شرح ابتداء أمر أبي مسلم الخراسانيّ ونسبه

- ‌مقدّمة أخرى قبل الخوض فيها

- ‌وها هنا موضع حكاية

- ‌شرح ابتداء الدولة العباسيّة

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بالزّاب وخذلان مروان وانهزامه

- ‌شرح مقتل مروان الحمار [3]

- ‌وهي التي تسلمت الملك من الدولة الأموية

- ‌أول خليفة ملك منهم: السفّاح

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ذكر شيء من سيرته ومقتله

- ‌ذكر وزارة خالد بن برمك وشيء من سيرته

- ‌ثمّ ملك بعد أخوه أبو جعفر المنصور

- ‌شرح كيفيّة الحال في بناء بغداد

- ‌ذكر السّبب في فعل المنصور ما فعل ببني الحسن عليهم السلام

- ‌شرح خروج النّفس الزكيّة

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة خلع عيسى بن موسى

- ‌شرح السّبب في بنائها

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي أيّوب الموريانيّ للمنصور

- ‌مكرمة

- ‌ذكر القبض على أبي أيّوب سليمان الموريانيّ

- ‌وزارة الربيع بن يونس للمنصور

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المهديّ

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي عبيد الله معاوية بن يسار للمهديّ

- ‌وزارة أبي عبيد الله يعقوب بن داود للمهديّ

- ‌شرح السّبب في القبض عليه وكيفيّة ما جرى

- ‌وزارة الفيض بن أبي صالح للمهديّ

- ‌انقضت أيّام المهديّ ووزرائه ثمّ ملك بعده ابنه موسى الهادي

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بفخّ

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة إبراهيم بن ذكوان الحرّانيّ للهادي

- ‌خلافة هارون الرّشيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في خروج يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عليّ- بن أبي طالب عليه السلام

- ‌شرح الآية التي ظهرت في قضيّة يحيى بن عبد الله

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح أحوال الدّولة البرمكيّة وذكر مبدئها ومآلها

- ‌ذكر وزارة يحيى بن خالد للرّشيد

- ‌سيرة ولده الفضل بن يحيى

- ‌سيرة جعفر بن يحيى البرمكيّ

- ‌أمارة تدلّ على انحراف دولتهم

- ‌شرح السّبب في نكبة البرامكة وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح مقتل جعفر بن يحيى والقبض على أهله

- ‌وزارة أبي العبّاس الفضل بن الرّبيع

- ‌ثمّ ملك الأمين: محمّد بن زبيدة

- ‌شرح الفتنة بين الأمين والمأمون

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه عبد الله المأمون

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ذي الرّئاستين الفضل بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أخيه الحسن بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن أبي خالد الأحول للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن يوسف بن القاسم للمأمون

- ‌وزارة أبي عباد ثابت بن يحيى بن يسار الرازيّ للمأمون

- ‌وزارة أبي عبد الله محمّد يزداد بن سويد للمأمون وهو آخر وزرائه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المعتصم أبو إسحاق محمّد

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح السّبب في بناء سامرّا وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن عمّار بن شاذي للمعتصم

- ‌وزارة محمّد بن عبد الملك الزيّات للمعتصم

- ‌ثمّ ملك بعده هارون الواثق بويع سنة سبع وعشرين ومائتين

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه جعفر المتوكّل

- ‌شرح مقتله على سبيل الاختصار

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي جعفر محمّد بن الفضل الجرجرائي للمتوكّل

- ‌وزارة عبيد الله بن يحيى بن خاقان

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المنتصر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن الخصيب للمنتصر

- ‌ثمّ ملك بعده المستعين وهو أحمد بن المعتصم

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي صالح بن محمّد بن يزداد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتزّ باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة الإسكافيّ للمعتزّ

- ‌وزارة أبي موسى عيسى بن فرخان شاه للمعتزّ

- ‌وزارة أبي جعفر أحمد بن إسرائيل الأنباريّ للمعتزّ

- ‌ثمّ ملك بعده المهتدي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة سليمان بن وهب بن سعيد للمهتدي

- ‌ثمّ ملك بعده المعتمد على الله

- ‌شرح حال صاحب الزنج ونسبه وما آل أمره عليه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان للمعتمد

- ‌وزارة الحسن بن مخلد للمعتمد

- ‌وزارة أبي الصّقر إسماعيل بن بلبل

- ‌وزارة أحمد بن صالح بن شيرزاد القطربّلي للمعتمد

- ‌وزارة عبيد الله بن سليمان بن وهب للمعتمد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتضد ابن أخيه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المكتفي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة العبّاس بن الحسن

- ‌ثمّ ملك بعده المقتدر باللَّه

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الدّولة العلويّة وابتدائها وانتهائها على سبيل الاختصار

- ‌شرح ابتداء هذه الدّولة

- ‌شرح انتهائها

- ‌رجعنا إلى تتمة خلافة المقتدر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابن الفرات

- ‌وزارة الخاقانيّ

- ‌وزارة عليّ بن عيسى للمقتدر

- ‌وزارة حامد بن العبّاس

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد بن عبيد الله ابن يحيى بن خاقان

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله بن أحمد ابن الخصيب للمقتدر

- ‌وزارة أبي عليّ محمّد بن عليّ بن مقلة للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد الكلوذانيّ للمقتدر

- ‌وزارة الحسين بن القاسم بن عبيد الله ابن سليمان بن وهب للمقتدر

- ‌وزارة أبي الفضل جعفر بن الفرات

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه القاهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح حال دولة آل بويه وابتدائها وانتهائها

- ‌ثمّ ملك بعد القاهر ابن أخيه الراضي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة عبد الرحمن بن عيسى بن الجرّاح

- ‌وزارة أبي جعفر بن محمّد بن القاسم الكرخيّ للرّاضي باللَّه

- ‌وزارة سليمان بن الحسن بن مخلد للراضي باللَّه

- ‌وزارة أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات للراضي باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المتّقي باللَّه أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة أبي عبد الله البريديّ للمتّقي

- ‌وزارة أبي إسحاق محمّد بن إبراهيم الإسكافيّ المعروف بالقراريطي للمتّقي

- ‌وزارة البريديّ مرّة ثانية

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله الأصفهانيّ للمتقي

- ‌وزارة أبي الحسن عليّ بن أبي عليّ بن مقلة للمتّقي

- ‌ثمّ ملك بعده أبو القاسم عبد الله المستكفي ابن المكتفي بن المعتضد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده المطيع للَّه أبو القاسم الفضل بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه عبد الكريم أبو بكر الطّائع لأمر الله

- ‌ثمّ ملك بعده القادر أبو العبّاس أحمد ابن إسحاق بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه أبو جعفر عبد الله القائم بأمر الله

- ‌شرح حال الدّولة السلجوقيّة وابتدائها وانتهائها

- ‌ذكر ابتداء حالهم

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ابن جهير

- ‌وزارة رئيس الرّؤساء عليّ بن الحسين بن أحمد ابن محمّد عمر بن المسلمة

- ‌ثمّ ملك بعده ابن ابنه المقتدي بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابنه عميد الدّولة محمّد بن محمّد ابن محمّد بن جهير للمقتدي

- ‌وزارة أبي شجاع ظهير الدين محمّد بن الحسين الهمذانيّ للمقتدي

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المستظهر باللَّه أبو العبّاس أحمد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي المعالي هبة الله بن محمّد ابن المطّلب للمستظهر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المسترشد أبو منصور الفضل بن المستظهر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة الشريف أبي القاسم عليّ بن طراد الزّينبيّ

- ‌وزارة الوزير أبي نصر أحمد بن الوزير نظام الملك للمسترشد

- ‌وزارة أنوشروان خالد بن محمّد القاشانيّ للمسترشد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الرّاشد باللَّه أبو جعفر منصور بن المسترشد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده عمّه المقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمّد بن المستظهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة نظام الدّين أبي نصر المظفّر بن محمّد ابن جهير البغداديّ للمقتفي

- ‌وزارة مؤتمن الدّولة أبي القاسم عليّ ابن صدقة للمقتفي

- ‌وزارة عون الدّين أبي المظفّر يحيى بن هبيرة للمقتفي

- ‌ثمّ ملك بعده المستنجد باللَّه المظفّر يوسف

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ولده محمّد بن يحيى بن هبيرة

- ‌وزارة شرف الدّين أبي جعفر محمّد بن أبي الفتح بن البلديّ للمستنجد باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده المستضيء أبو محمّد الحسن بن المستنجد باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ظهير الدّين أبي بكر منصور بن أبي القاسم نصر بن العطّار

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الإمام الناصر لدين الله أبو العبّاس أحمد بن المستضيء بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة جلال الدين أبي المظفّر عبيد الله

- ‌وزارة معزّ الدين سعيد بن عليّ بن جديدة الأنصاريّ

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي المظفّر محمّد ابن أحمد بن القصّاب

- ‌وزارة السيّد نصير الدين ناصر بن مهديّ العلويّ الرازيّ للناصر

- ‌وزارة مؤيّد الدين محمّد بن عبد الكريم برز [2] القمّي للناصر

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو نصر محمّد الظاهر بأمر الله ابن الناصر لدين الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو جعفر المنصور المستنصر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة نصير الدّين أبي الأزهر أحمد ابن محمّد بن الناقد

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو أحمد عبد الله المستعصم باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي طالب محمد بن أحمد بن العلقميّ

الفصل: ‌مقتل أمير المؤمنين علي عليه السلام

بين يديه وسال الدّم عليه فقامت زوجته «نائلة» [1] لتتلقى عنه الضّرب بيدها، فأصاب السّيف أصابعها فأبانها- وهي الأصابع التي كان يعلقها معاوية رضي الله عنه على منبر الشام مع قميص عثمان ليرقّق الناس- فولّت المرأة دهشة. ثمّ قتل عثمان رضي الله عنه واحتزّوا رأسه، فوقع نساؤه عليه وصحن وبكين. فقال بعضهم: دعوه فتركوه. ثم داس رجل من أهل الكوفة يقال له عمير [2] بن ضابىء البرجميّ أضلاعه فكسرها ثم نهبت داره حتى أخذ ما على النّساء. ثمّ حمل في تابوت بعد أيّام ليدفن، فقعد جماعة على الطّريق يريدون رجمه. فأرسل أمير المؤمنين عليّ- عليه السلام إليهم فردّهم عن ذلك، ودفن قريبا من البقيع. ثمّ بعد ذلك اشترى معاوية- رضي الله عنه ما حول قبره ومزجه بمقابر المسلمين وأباح للناس الدفن حوله وكان ذلك سنة خمس وثلاثين من الهجرة، وسمّي يوم قتله يوم الدار. لأنّهم هجموا عليه في داره وقتلوه بها.

‌مقتل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام

(قال محمّد بن عليّ بن طباطبا صاحب الفخري) : نقل من عدّة جهات، أنّ أمير المؤمنين عليّ- بن أبي طالب- عليه السلام كان يقول دائما: ما يمنع أشقاكم أن يخضب هذه من هذا؟ يعني لحيته بدم رأسه! وكان إذا رأى عبد الرحمن [3] ابن ملجم- لعنه الله- ينشد:

[1] نائلة: بنت الفرافصة الكلبيّة كانت خطيبة وشاعرة وذات رأي. تزوّجها الخليفة عثمان بن عفان وأقامت معه في المدينة، ودافعت عنه سيوف قاتليه حتى قطع بعض من أصابع كفّها.

رفضت الزواج من معاوية الّذي خطبها بعد عثمان ولم تعرف سنة وفاتها على وجه التحديد.

[2]

عمير بن ضابىء: شاعر من أهل الكوفة. اقتصّ لأبيه الّذي مات في سجن عثمان فمثّل بجثته حين قتل في داره. أدرك أمره الحجّاج فقتله وأنهب ماله عام/ 75/ هـ.

[3]

عبد الرحمن بن ملجم: المراديّ الحميري التدؤلي، كان من شيعة عليّ بن أبي طالب. ثم انقلب عليه واتفق مع اثنين هما «البرك» و «عمرو بن بكر» على قتل عليّ ومعاوية وعمرو بن العاص ليلة/ 17/ من رمضان سنة/ 40/ هـ. تمكّن ابن ملجم من جرح عليّ في جبهته ومات متأثرا بجرحه فقتل ابن ملجم قصاصا ومثّل به على غير وصية عليّ رضي الله عنه.

ص: 104

أريد حباءه [1] فيريد قتلي

عذيرك [2] من خليلك من مراد

(وافر) وكان يقال له إذا جرى على لفظه مثل هذا: يا أمير المؤمنين: فلم لا تقتله؟ فيقول: كيف أقتل قاتلي؟ وهذا يدلّ على أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه بذلك في جملة ما أعلمه به. وممّا يؤكّد هذا ما روي عن أنس بن مالك [3]رضي الله عنه قال: مرض عليّ- عليه السلام فدخلت عليه أعوده وعنده أبو بكر وعمر- رضي الله عنهما فجلسنا عنده ساعة، فأتى رسول الله- صلوات الله عليه- فنظر في وجهه، فقال له أبو بكر- رضي الله عنه يا نبيّ الله: إنّا نراه مائتا فقال: «لن يموت هذا الآن، ولن يموت حتّى يملأ غيظا ولن يموت إلا مقتولا» . وكان عليّ- عليه السلام دائما يحسن إلى ابن ملجم لعنه الله. قالوا: فلما دخل شهر رمضان من سنة أربعين، كان عليّ- عليه السلام يفطر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين، وليلة عند ابن أخيه عبد الله بن جعفر الطيّار عليهم السلام، فإذا أكل لا يزيد على ثلاث لقم ويقول: إنّما هي ليلة أو ليلتان، ويأتي أمر الله وأنا خميص. فلم يمض إلا ليال قلائل حتّى قتل عليه السلام. وقيل: إنّه قتل في شهر ربيع الآخر. والأوّل أصحّ وهو المعوّل عليه.

وأما كيفيّة قتله- عليه السلام: فهي أنه خرج من داره بالكوفة أوّل الفجر فجعل ينادي: الصلاة يرحمكم الله فضربه ابن ملجم- لعنه الله- بالسيف على أمّ رأسه وقال: الحكم للَّه لا لك يا عليّ، وصاح الناس وهرب ابن ملجم، فقال أمير المؤمنين. لا يفوتكم الرجل، فشد الناس عليه فأخذوه، واستناب عليّ- عليه السلام في صلاة الصبح بعض أصحابه وأدخل داره فقال: أحضروا الرّجل

[1] حباءه: مراعاته وإكرامه.

[2]

عذيرك: بلغت عذرك.

[3]

أنس بن مالك: الخزرجي الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخادمه.

روى عنه الكثير من أحاديثه. لازم صحبة رسول الله إلى أن قبض فرحل إلى دمشق ثمّ إلى البصرة ومات فيها حوالي/ 93/ هـ.

ص: 105

عندي، فلما حضر عنده قال له: يا عدوّ الله، ألم أحسن إليك؟ قال: بلى، قال فما حملك على هذا؟ قال: شحذته أربعين صباحا، وسألت الله أن يقتل به شرّ خلقه، فقال أمير المؤمنين «لا أراك إلا مقتولا به، ولا أراك إلا من شرّ خلق الله» ثم قال عليه السلام: «النّفس بالنّفس إن هلكت فاقتلوه كما قتلني، وإن بقيت رأيت فيه رأيي. يا بني عبد المطّلب: لا تجمّعوا من كل صوب تقولون: قتل أمير المؤمنين. ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي» ثم التفت إلى ابنه الحسن- عليه السلام وقال: «انظر يا حسن إذا أنا متّ من ضربتي هذه فاضربه ضربة بضربة، ولا تمثّلن بالرّجل، فإنّي سمعت رسول الله- صلوات الله عليه- يقول: «إياكم والمثلة [1] ولو بالكلب العقور [2] » . ثمّ وصّى بنيه بتقوى الله تعالى وبإقامة الصلاة لوقتها. وإيتاء الزكاة عند محلّها، وحسن الوضوء، وغفر الذنب وكظم الغيظ، وصلة الرحم، والحلم عن الجاهل، والتفقّه في الدين، والتثبّت للأمر والتعاهد للقرآن، وحسن الجوار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتناب الفواحش. ثم كتب وصيّته ولم ينطق إلا بلا إله إلا الله حتّى قبض- صلوات الله عليه وسلامه- فلما قبض بعث الحسن- عليه السلام إلى ابن ملجم فأحضره، فقال للحسن: هل لك في أمر؟ إنّي والله قد أعطيت الله عهدا ألا أعاهد عهدا إلا وفيت به. وإني عاهدت الله عند الحطيم [3] أن أقتل عليّا ومعاوية أو أموت دونهما. فخلّ بيني وبين معاوية حتّى أمضي وأقتله ولك عهد الله على أنّي إن لم أقتله أو قتلته وسلمت، أن أجيء إليك حتّى أضع يدي في يدك» فقال الحسن: لا والله حتّى تذوق النار. ثم قدّمه فقتله، وأخذه الناس فأدرجوه [4] في بواري [5] وأحرقوه بالنار.

[1] المثلة: التنكيل والتعذيب في إنفاذ القتل.

[2]

العقور: صفة للكلب الهائج المؤذي، العضّاض.

[3]

الحطيم: موقع بجوار الكعبة.

[4]

أدرجوه: لفّوه.

[5]

البوارئ: الأستار، قد تكون من عيدان وقصب.

ص: 106

وأما مدفن أمير المؤمنين عليه السلام: فإنه دفن ليلا بالغريّ [1] ، ثم عفا قبره إلى أن ظهر حيث مشهده الآن (صلوات الله عليه وسلامه) .

وأمّا السّبب الّذي حمل ابن ملجم- لعنه الله- على قتله، فهو أن ابن ملجم كان أحد الخوارج، فاجتمع برجلين من الخوارج، وتذاكروا من قتل أمير المؤمنين عليه السلام منهم بالنّهروان. وقالوا: ما في الحياة بعد أصحابنا نفع، وتواعدوا على أن يقتل كلّ واحد منهم واحدا من ثلاثة: عليّ بن أبي طالب، ومعاوية وعمرو ابن العاص رضي الله عنهم فقال ابن ملجم: أنا أكفيكم عليّا، وقال الآخر: أنا أكفيكم معاوية وقال الآخر: أنا أكفيكم عمرا. فأما ابن ملجم لعنه الله: فإنّه رأى امرأة جميلة من بنات الخوارج فهويها فخطبها فقالت له: أريد كذا وكذا، وأريد أن تقتل عليّ بن أبي طالب، فقال لها: ما جئت إلا لقتله، والتزم لها أن يقتله، ثم قتله وقتل بعده. وأما الآخر فإنّه مضى إلى معاوية فقعد له حتّى خرج فضربه بالسيف على فخذه فلم يصنع طائلا. وتطبّب لها معاوية فبرئ وقتل الرجل، وقيل، لم يقتله. وأما الآخر فمضى إلى مصر لقتل عمرو بن العاص فقعد له، فاتفق أنّ عمرا انحرف مزاجه في تلك الليلة، فلم يخرج في صبيحتها إلى الصلاة واستناب بعض أصحابه فلما طلع أعتقده الرجل عمرا فضربه فقتله، فقبضوه وأحضروه إلى عمرو، فلما رأى الناس يسلّمون عليه بالإمارة قال من هذا؟ قالوا: الأمير عمرو ابن العاص، قال: فمن قتلت، قالوا: نائبة. وكان اسمه خارجة فقال الرجل لعمرو ابن العاص: أما والله يا فاسق ما أردت غيرك! فقال عمرو: أردتني وأراد الله خارجة. ثم قدّمه عمرو فقتله. ولما بلغ عائشة رضي الله عنها قتل عليّ عليه السلام قالت:

فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى

كما قرّ عينا بالإياب المسافر [2]

(طويل)

[1] الغريّ: موقع قريب من الحيرة بظاهر الكوفة.

[2]

أرادت عائشة رضي الله عنها أن تقول: إنه استراح بالموت كما يستريح المسافر بوصوله إلى حيث يستقر.

ص: 107