المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح الحال في ذلك - الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية

[ابن الطقطقي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌الفصل الأول في الأمور السّلطانيّة والسّياسات الملكيّة

- ‌فصل من الدّعاء مختصر

- ‌الدولة الأولى: دولة الأربعة وهم المعروفون بالخلفاء الراشدين

- ‌شرح كيفية الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفية ذلك

- ‌شرح مبدإ الحال في انتقال الملك من الأكاسرة إلى العرب

- ‌شرح الحال في تحيّز الجيش إلى العراق واستخلاص الملك من الفرس

- ‌ذكر طرف مستملحة وقعت حينئذ

- ‌ذكر ما آلت إليه حال يزدجرد

- ‌شرح كيفيّة تدوين الدّواوين

- ‌شرح مبدإ وقعة الجمل وكيفية الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌حديث الخوارج وما كان منهم وما آلت بهم الحال إليه

- ‌كرامة لأمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه

- ‌وفاة الأربعة

- ‌وفاة أبي بكر- رضي الله عنه

- ‌مقتل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه

- ‌ذكر الشّورى وصفة الحال في ذلك

- ‌مقتل عثمان بن عفّان

- ‌مقتل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام

- ‌الدولة الثانية: الدولة الأموية وهي التي تسلّمت الملك من الدولة الأولى

- ‌ذكر شيء من سيرة معاوية، ووصف طرف من حاله

- ‌كلام في معنى البريد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه يزيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على وجه الاختصار

- ‌شرح كيفية وقعة الحرّة

- ‌شرح كيفيّة غزو الكعبة

- ‌ثم ملك بعده ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية

- ‌شرح كيفية ذلك على وجه الاختصار

- ‌ثمّ ملك ابنه عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك ابنه الوليد

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه سليمان بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده عمر بن عبد العزيز بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه هشام بن عبد الملك

- ‌شرح مقتل زيد بن عليّ بن الحسين إمام الزيديّة رضي الله عنه

- ‌ثمّ ملك بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن الوليد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده مروان بن محمّد بن مروان

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌[الكلام على الدولة العباسية]

- ‌ذكر انتقال الملك من بني أميّة إلى بني العبّاس

- ‌شرح ابتداء أمر أبي مسلم الخراسانيّ ونسبه

- ‌مقدّمة أخرى قبل الخوض فيها

- ‌وها هنا موضع حكاية

- ‌شرح ابتداء الدولة العباسيّة

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بالزّاب وخذلان مروان وانهزامه

- ‌شرح مقتل مروان الحمار [3]

- ‌وهي التي تسلمت الملك من الدولة الأموية

- ‌أول خليفة ملك منهم: السفّاح

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ذكر شيء من سيرته ومقتله

- ‌ذكر وزارة خالد بن برمك وشيء من سيرته

- ‌ثمّ ملك بعد أخوه أبو جعفر المنصور

- ‌شرح كيفيّة الحال في بناء بغداد

- ‌ذكر السّبب في فعل المنصور ما فعل ببني الحسن عليهم السلام

- ‌شرح خروج النّفس الزكيّة

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة خلع عيسى بن موسى

- ‌شرح السّبب في بنائها

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي أيّوب الموريانيّ للمنصور

- ‌مكرمة

- ‌ذكر القبض على أبي أيّوب سليمان الموريانيّ

- ‌وزارة الربيع بن يونس للمنصور

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المهديّ

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي عبيد الله معاوية بن يسار للمهديّ

- ‌وزارة أبي عبيد الله يعقوب بن داود للمهديّ

- ‌شرح السّبب في القبض عليه وكيفيّة ما جرى

- ‌وزارة الفيض بن أبي صالح للمهديّ

- ‌انقضت أيّام المهديّ ووزرائه ثمّ ملك بعده ابنه موسى الهادي

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بفخّ

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة إبراهيم بن ذكوان الحرّانيّ للهادي

- ‌خلافة هارون الرّشيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في خروج يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عليّ- بن أبي طالب عليه السلام

- ‌شرح الآية التي ظهرت في قضيّة يحيى بن عبد الله

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح أحوال الدّولة البرمكيّة وذكر مبدئها ومآلها

- ‌ذكر وزارة يحيى بن خالد للرّشيد

- ‌سيرة ولده الفضل بن يحيى

- ‌سيرة جعفر بن يحيى البرمكيّ

- ‌أمارة تدلّ على انحراف دولتهم

- ‌شرح السّبب في نكبة البرامكة وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح مقتل جعفر بن يحيى والقبض على أهله

- ‌وزارة أبي العبّاس الفضل بن الرّبيع

- ‌ثمّ ملك الأمين: محمّد بن زبيدة

- ‌شرح الفتنة بين الأمين والمأمون

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه عبد الله المأمون

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ذي الرّئاستين الفضل بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أخيه الحسن بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن أبي خالد الأحول للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن يوسف بن القاسم للمأمون

- ‌وزارة أبي عباد ثابت بن يحيى بن يسار الرازيّ للمأمون

- ‌وزارة أبي عبد الله محمّد يزداد بن سويد للمأمون وهو آخر وزرائه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المعتصم أبو إسحاق محمّد

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح السّبب في بناء سامرّا وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن عمّار بن شاذي للمعتصم

- ‌وزارة محمّد بن عبد الملك الزيّات للمعتصم

- ‌ثمّ ملك بعده هارون الواثق بويع سنة سبع وعشرين ومائتين

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه جعفر المتوكّل

- ‌شرح مقتله على سبيل الاختصار

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي جعفر محمّد بن الفضل الجرجرائي للمتوكّل

- ‌وزارة عبيد الله بن يحيى بن خاقان

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المنتصر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن الخصيب للمنتصر

- ‌ثمّ ملك بعده المستعين وهو أحمد بن المعتصم

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي صالح بن محمّد بن يزداد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتزّ باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة الإسكافيّ للمعتزّ

- ‌وزارة أبي موسى عيسى بن فرخان شاه للمعتزّ

- ‌وزارة أبي جعفر أحمد بن إسرائيل الأنباريّ للمعتزّ

- ‌ثمّ ملك بعده المهتدي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة سليمان بن وهب بن سعيد للمهتدي

- ‌ثمّ ملك بعده المعتمد على الله

- ‌شرح حال صاحب الزنج ونسبه وما آل أمره عليه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان للمعتمد

- ‌وزارة الحسن بن مخلد للمعتمد

- ‌وزارة أبي الصّقر إسماعيل بن بلبل

- ‌وزارة أحمد بن صالح بن شيرزاد القطربّلي للمعتمد

- ‌وزارة عبيد الله بن سليمان بن وهب للمعتمد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتضد ابن أخيه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المكتفي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة العبّاس بن الحسن

- ‌ثمّ ملك بعده المقتدر باللَّه

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الدّولة العلويّة وابتدائها وانتهائها على سبيل الاختصار

- ‌شرح ابتداء هذه الدّولة

- ‌شرح انتهائها

- ‌رجعنا إلى تتمة خلافة المقتدر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابن الفرات

- ‌وزارة الخاقانيّ

- ‌وزارة عليّ بن عيسى للمقتدر

- ‌وزارة حامد بن العبّاس

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد بن عبيد الله ابن يحيى بن خاقان

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله بن أحمد ابن الخصيب للمقتدر

- ‌وزارة أبي عليّ محمّد بن عليّ بن مقلة للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد الكلوذانيّ للمقتدر

- ‌وزارة الحسين بن القاسم بن عبيد الله ابن سليمان بن وهب للمقتدر

- ‌وزارة أبي الفضل جعفر بن الفرات

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه القاهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح حال دولة آل بويه وابتدائها وانتهائها

- ‌ثمّ ملك بعد القاهر ابن أخيه الراضي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة عبد الرحمن بن عيسى بن الجرّاح

- ‌وزارة أبي جعفر بن محمّد بن القاسم الكرخيّ للرّاضي باللَّه

- ‌وزارة سليمان بن الحسن بن مخلد للراضي باللَّه

- ‌وزارة أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات للراضي باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المتّقي باللَّه أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة أبي عبد الله البريديّ للمتّقي

- ‌وزارة أبي إسحاق محمّد بن إبراهيم الإسكافيّ المعروف بالقراريطي للمتّقي

- ‌وزارة البريديّ مرّة ثانية

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله الأصفهانيّ للمتقي

- ‌وزارة أبي الحسن عليّ بن أبي عليّ بن مقلة للمتّقي

- ‌ثمّ ملك بعده أبو القاسم عبد الله المستكفي ابن المكتفي بن المعتضد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده المطيع للَّه أبو القاسم الفضل بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه عبد الكريم أبو بكر الطّائع لأمر الله

- ‌ثمّ ملك بعده القادر أبو العبّاس أحمد ابن إسحاق بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه أبو جعفر عبد الله القائم بأمر الله

- ‌شرح حال الدّولة السلجوقيّة وابتدائها وانتهائها

- ‌ذكر ابتداء حالهم

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ابن جهير

- ‌وزارة رئيس الرّؤساء عليّ بن الحسين بن أحمد ابن محمّد عمر بن المسلمة

- ‌ثمّ ملك بعده ابن ابنه المقتدي بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابنه عميد الدّولة محمّد بن محمّد ابن محمّد بن جهير للمقتدي

- ‌وزارة أبي شجاع ظهير الدين محمّد بن الحسين الهمذانيّ للمقتدي

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المستظهر باللَّه أبو العبّاس أحمد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي المعالي هبة الله بن محمّد ابن المطّلب للمستظهر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المسترشد أبو منصور الفضل بن المستظهر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة الشريف أبي القاسم عليّ بن طراد الزّينبيّ

- ‌وزارة الوزير أبي نصر أحمد بن الوزير نظام الملك للمسترشد

- ‌وزارة أنوشروان خالد بن محمّد القاشانيّ للمسترشد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الرّاشد باللَّه أبو جعفر منصور بن المسترشد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده عمّه المقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمّد بن المستظهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة نظام الدّين أبي نصر المظفّر بن محمّد ابن جهير البغداديّ للمقتفي

- ‌وزارة مؤتمن الدّولة أبي القاسم عليّ ابن صدقة للمقتفي

- ‌وزارة عون الدّين أبي المظفّر يحيى بن هبيرة للمقتفي

- ‌ثمّ ملك بعده المستنجد باللَّه المظفّر يوسف

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ولده محمّد بن يحيى بن هبيرة

- ‌وزارة شرف الدّين أبي جعفر محمّد بن أبي الفتح بن البلديّ للمستنجد باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده المستضيء أبو محمّد الحسن بن المستنجد باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ظهير الدّين أبي بكر منصور بن أبي القاسم نصر بن العطّار

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الإمام الناصر لدين الله أبو العبّاس أحمد بن المستضيء بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة جلال الدين أبي المظفّر عبيد الله

- ‌وزارة معزّ الدين سعيد بن عليّ بن جديدة الأنصاريّ

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي المظفّر محمّد ابن أحمد بن القصّاب

- ‌وزارة السيّد نصير الدين ناصر بن مهديّ العلويّ الرازيّ للناصر

- ‌وزارة مؤيّد الدين محمّد بن عبد الكريم برز [2] القمّي للناصر

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو نصر محمّد الظاهر بأمر الله ابن الناصر لدين الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو جعفر المنصور المستنصر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة نصير الدّين أبي الأزهر أحمد ابن محمّد بن الناقد

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو أحمد عبد الله المستعصم باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي طالب محمد بن أحمد بن العلقميّ

الفصل: ‌شرح الحال في ذلك

السفّاح وتولّى المنصور الخلافة وعبد الله بن عليّ بالشأم، فطمع في الخلافة وخطب الناس وقال إنّ السفّاح ندب بني العبّاس لقتال مروان فلم ينتدب غيري، وإنّه قال لي: إن ظهرت عليه وكانت الغلبة لك، فأنت وليّ العهد بعدي، وشهد له جماعة بذلك، فبايعه الناس. ولما اتّصل الخبر بالمنصور أقامه ذلك وأقعده، فقال له أبو مسلم الخراسانيّ: إن شئت جمعت ثيابي في منطقتي وخدمتك، وإن شئت أتيت خراسان، وأمددتك بالجنود وإن شئت سرت إلى حرب عبد الله بن عليّ، فأمره بالمسير إلى حرب عبد الله، فسار أبو مسلم بعسكر كثيف فتطاول الأمد بينهما شهورا. كانت في آخرها الغلبة لعسكر أبي مسلم، فهرب عبد الله بن عليّ إلى البصرة ونزل على أخيه سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس، فشفع سليمان فيه إلى المنصور، وطلب له الأمان فآمنه المنصور، وكتب له كتابا بليغا التزم فيه بكلّ شيء. فلما جاء إليه حبسه ومات في حبسه، فقيل: إنّه بنى له بيتا وجعل أساساته ملحا، ثمّ أجرى الماء فيه فسقط البيت عليه فمات، والمنصور هو الّذي قتل أبا مسلم الخراسانيّ.

‌شرح الحال في ذلك

كان في نفس المنصور قديما حزازات [1] من أبي مسلم، وكان بينهما تباغض. وقد كان المنصور أشار على أخيه السفّاح بقتله فامتنع السفّاح وقال: كيف يكون ذلك مع حسن بلائه في دولتنا، فلما ولي المنصور الخلافة أرسل أبا مسلم إلى الشأم لحرب عمّه عبد الله بن عليّ بن العبّاس كما تقدّم شرحه، فلمّا ظفر أبو مسلم وغنم جميع ما كان في عسكر عبد الله بن عليّ، وانهزم عبد الله إلى البصرة، أرسل المنصور بعض خدمه ليحتاط على ما في العسكر من الأموال فغضب أبو مسلم وقال: أمين على الدّماء خائن في الأموال! وشتم المنصور، وكتب بعض أصحاب الأخبار بذلك إلى المنصور وعزم أبو مسلم على الخلاف وأن يتوجّه

[1] الحزازات: الأحقاد.

ص: 165

إلى خراسان ولا يحضر عند المنصور، فخاف المنصور أن يتوجّه أبو مسلم إلى خراسان بهذه الصّفة فتفسد عليه الأمور هناك.

وكان أبو مسلم رجلا مهيبا داهية شجاعا لبيبا جريئا على الأمور، فطنا عالما قد سمع الحديث [1] وعلم أن من كل شيء. فكتب إليه المنصور يطيّب نفسه ويسكّنه ويعده الجميل، ويستدعي منه الحضور. فأجاب بأنّي على الطاعة، وأنّي متوجّه إلى خراسان فإن أصلحت نفسك كنت سامعا مطيعا، وإن أبيت إلا أن تعطي نفسك سؤلها كنت قد نظرت لنفسي بالحال التي تقارنها السّلامة! فاشتدّ خوف المنصور منه وحنقه عليه، وكتب إليه كتابا معناه: إنّك لست في نظرنا بهذه الصّفة التي قد وسمت بها نفسك، وإنّ حسن بلائك في دولتنا يغنيك عن هذا القول.

واستدعى منه الحضور وقال لوجوه بني هاشم: اكتبوا أنتم أيضا إليه فكتبوا إليه يقبّحون عليه خلاف المنصور ومشاقّته ويحسّنون له الحضور عنده والاعتذار إليه، وأرسل المنصور الكتب على يد رجل عاقل من أصحابه، وقال له: امض إليه وحدّثه ألين حديث تحدّثه أحدا، فإن رجع فارجع به حتى تقدم به عليّ، وإن أصرّ على المشاقّة [2] وصمّم على التوجّه، وأيست منه ولم يبق لك حيلة، فقل له: يقول لك فلان: لست من العباس وبرئت من محمد إن مضيت على هذه الحال، ولم تعد أن يتولّى حربك غيري، وعليّ كذا وكذا إن لم أتولّ أنا ذلك بنفسي. فمضى الرسول إليه وناوله الكتب فقرأها، والتفت إلى صديق له يقال له: مالك بن الهيثم وقال له: ما الرأي؟ قال: الرأي ألا ترجع إليه، فإنك إن رجعت إليه قتلك، وإن مضيت على طريقك حتى تصل إلى الرّيّ [3] وهم جندك فتقيم وتنظر في أمرك.

فإن حدث لك حادث، كانت خراسان من ورائك. فعزم أبو مسلم على ذلك وقال للرسول: قل لصاحبك: إنّه ليس من رأيي الحضور عندك، وأنا متوجّه إلى

[1] قد سمع الحديث: والصواب فيما بعدها: [وعلم من كلّ شيء] انظر طبعة بيروت ص 169، وألما ص 199 ورحما ص 123.

[2]

المشاقّة: المخالفة والخصومة.

[3]

الرّيّ: مقاطعة جنوبي بحر قزوين وفيها مدينة باسمها.

ص: 166

خراسان. فقال له الرسول: يا أبا مسلم: أنت ما زلت أمين آل محمّد، فأنشدك الله ألا تسم نفسك بسمة العصيان والشّقاق. والرأي أن تحضر عند أمير المؤمنين وتعتذر إليه فلن ترى عنده إلا ما تحبّ. فقال له أبو مسلم: متى كنت تخاطبني بمثل هذا الخطاب؟ فقال الرجل: سبحان الله! أنت دعوتنا إلى ولاية هؤلاء القوم ونصرهم، وقلت لنا من خالفهم فاقتلوه. فلمّا دخلنا معك فيما ندبتنا إليه [1]، رجعت عنه وأنكرته علينا! فقال أبو مسلم: هو ما قلت لك، ولست أرجع. فقال له:

فليس عندك غير هذا؟ قال: نعم. فخلا به وأبلغه ما قال المنصور، فوجم وأطرق ساعة ثمّ قال: أرجع وأعتذر إليه. ورجع. ثم سلّم عسكره إلى بعض أصحابه وقال له: إن جاءك كتابي، وهو مختوم بنصف خاتمي فهو كتابي: وإن كان مختوما بكلّ الخاتم فاعلم أنه ليس ختمي. وأوصاه بما أراد. ثمّ سار إلى المنصور فلقيه بالمدائن. فلما علم المنصور بوصوله أمر الناس جميعا بتلقّيه، فلما دخل عليه قبّل يده فأدناه منه وأكرمه، ثمّ أمره بأن يعود إلى خيمته ويستريح، ويدخل الحمّام ويعود من الغد. فمضى فلمّا أصبح أتاه رسول المنصور يستدعيه، وقد أعدّ المنصور جماعة من أصحابه خلف السّتور بأيديهم السّلاح فأوصاهم أنّه إذا ضرب بإحدى يديه على الأخرى يخرجون فيقتلون أبا مسلم. فلمّا دخل أبو مسلم عليه قال له: أخبرني عن سيفين وجدتهما في عسكر عبد الله بن عليّ فقال أبو مسلم: هذا أحدهما- وكان في يده سيف- فأخذه المنصور ووضعه تحت مصلاه، ثمّ شرع في توبيخه وتقريعه على ذنب ذنب، وأبو مسلم يعتذر عن كلّ واحد بعذر. فعدّد عليه عدّة ذنوب، فقال أبو مسلم: يا أمير المؤمنين مثلي لا يقال له هذا ولا تعدّد عليه مثل هذه الذنوب بعد ما فعلت فاغتاظ المنصور وقال أنت فعلت! والله لو كانت مكانك أمة سوداء [2] لفعلت ما فعلت، وهل نلت ما نلت إلا بنا وبدولتنا؟ فقال أبو مسلم: دع هذا فقد أصبحت لا أخشى غير الله، فضرب المنصور بيده على

[1] ندبتنا إليه: دعوتنا إليه.

[2]

أمة سوداء: جارية سوداء. كناية عن احتقاره لشأنه.

ص: 167