الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل إنه أصاب عمل الكيمياء، وكان صبيّا. ومال ناس إلى مروان بن الحكم لسنّه وشيخوخته، ولأنه قاد الجنود وفتح مصر، وكرهوا خالدا لصبوته، ثمّ بايعوا مروان وكان يقال له: ابن الطّريد وذلك لأن أباه الحكم طرده رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم عن المدينة فلمّا ولي عثمان بن عفّان- رضي الله عنه ردّه إليها، وأنكر المسلمون ذلك منه فاحتجّ بأنّ رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم وعده بردّه، ورويت أحاديث وأخبار في لعنة من في صلبه وضعّفها قوم.
وكان مروان حين بويع قد تزوّج أمّ خالد زوجة يزيد بن معاوية ليصغّر بذلك من شأن خالد فيسقط عن درجة الخلافة، فدخل خالد يوما على مروان فشتمه مروان ونسبه إلى الحمق، ليصغّر أمره عند أهل الشام فخجل خالد ودخل على أمّه وأخبرها بما قال له مروان، فقالت: لا يعلمنّ أحد أنّك أعلمتني وأنا أكفيك. ثمّ إنّ مروان نام عندها ليلة، فوضعت على وجهه وسادة ولم ترفعها حتى مات. وأراد ابنه عبد الملك أن يقتلها فقيل له: يتحدّث الناس أن أباك قتلته امرأة فتركها. وكانت ولاية مروان تسعة أشهر وبعض شهر، ذلك تأويل قول أمير المؤمنين: إنّ له امرأة [1] كلعقة الكلب أنفه.
وفي تلك الأيام أخذت الشّيعة بثأر الحسين- عليه السلام.
شرح كيفية ذلك على وجه الاختصار
لمّا هدأت الفتنة بعد قتل الحسين- عليه السلام وهلك يزيد بن معاوية اجتمع ناس من أهل الكوفة وندموا على خذلانهم الحسين- عليه السلام ومقاتلتهم له ونصرهم لقتلته بعد إرسالهم إليه، واستدعائهم منه، القدوم عليهم وبذلهم له النّصر وتابوا من ذلك، فسمّوا: التّوابين. ثم إنّهم تحالفوا على بذل نفوسهم وأموالهم في الطّلب بثأره، ومقاتلة قتلته وإقرار الحقّ مقرّه في رجل من آل بيت نبيّهم- صلوات الله عليه وسلامه- وأمّروا عليهم رجلا منهم يقال له: سليمان بن
[1] لعلها إمرة.
صرد [1]رضي الله عنه فكاتب الشيعة بالأمصار يندبهم إلى ذلك فأجابوه الموافقة والمسارعة. ثمّ ظهر في تلك الأيّام المختار بن أبي عبيد الثقفي [2] ، وكان رجلا شريفا في نفسه، عالي الهمّة كريما: فدعا محمّد بن عليّ بن أبي طالب- عليه السلام وهو المعروف بابن الحنفيّة وكانت تلك الأيّام أيام فتن وذلك أنّ مروان كان خليفة بالشأم ومصر، مبايعا على سرير الملك، وعبد الله بن الزّبير خليفة بالحجاز والبصرة، مبايع معه الجنود والسّلاح والمختار بن أبي عبيد بالكوفة ومعه الناس والجنود والسّلاح، وقد أخرج أمير الكوفة عنها، وصار وهو أميرها يدعو إلى محمّد بن الحنفيّة.
ثم إنّ المختار قويت شوكته ففتك بقتلة الحسين، فضرب عنق عمر بن سعد [3] وابنه، وقال: هذا بالحسين وابنه عليّ، وو الله لو قتلت به ثلثي قريش ما وفوا بأنملة من أنامله. ثم إنّ مروان أرسل عبيد الله بن زياد [4] في جيش كثيف، فأرسل إليه المختار إبراهيم ابن مالك الأشتر فقتله بنواحي الموصل، وأرسل برأسه إلى المختار فألقي في القصر. فيقال إنّ حيّة دقيقة تخطّت رءوس القتلى، ودخلت في فم عبيد الله فخرجت من منخره ثم دخلت في منخره فخرجت من فيه. فعلت
[1] سليمان بن صرد: أبو مطرّف السّلوليّ الخزاعيّ. صحابيّ، شهد الجمل وصفّين مع عليّ بن أبي طالب. ندم على تخلّفه عن نصرة الحسين، وخرج مطالبا بدمه فترأس جماعة «التوّابين» ولكنه قتل في معركة مع عبيد الله بن زياد عام/ 65/ هـ.
[2]
المختار بن أبي عبيد الثّقفي: أصله من الطائف. أظهر موافقته لبيعة عبد الله بن الزبير ومضى باسمه إلى الكوفة ولكنّه منذ مقتل الحسين بن علي أعلن بيعة محمّد بن الحنفية بن علي بن أبي طالب وتتبع قتلة الحسين بالثأر فقتل قاتله وعظم شأنه حتى قتله مصعب بن الزبير عام/ 67/ هـ. انظر ترجمته الوافية في الأعلام للزركلي، المجلد السابع ص/ 192/.
[3]
عمر بن سعد بن أبي وقّاص: قائد الجيش الأموي في مواجهة الحسين بن عليّ.
[4]
عبيد الله بن زياد بن أبيه: فاتح ومقاتل من أنصار بني أميّة، قتله إبراهيم بن مالك الأشتر قائد جيش المختار بن أبي عبيد، بنواحي الموصل عام/ 67/ هـ.