المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثم ملك ابنه عبد الملك بن مروان - الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية

[ابن الطقطقي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌الفصل الأول في الأمور السّلطانيّة والسّياسات الملكيّة

- ‌فصل من الدّعاء مختصر

- ‌الدولة الأولى: دولة الأربعة وهم المعروفون بالخلفاء الراشدين

- ‌شرح كيفية الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفية ذلك

- ‌شرح مبدإ الحال في انتقال الملك من الأكاسرة إلى العرب

- ‌شرح الحال في تحيّز الجيش إلى العراق واستخلاص الملك من الفرس

- ‌ذكر طرف مستملحة وقعت حينئذ

- ‌ذكر ما آلت إليه حال يزدجرد

- ‌شرح كيفيّة تدوين الدّواوين

- ‌شرح مبدإ وقعة الجمل وكيفية الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌حديث الخوارج وما كان منهم وما آلت بهم الحال إليه

- ‌كرامة لأمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه

- ‌وفاة الأربعة

- ‌وفاة أبي بكر- رضي الله عنه

- ‌مقتل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه

- ‌ذكر الشّورى وصفة الحال في ذلك

- ‌مقتل عثمان بن عفّان

- ‌مقتل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام

- ‌الدولة الثانية: الدولة الأموية وهي التي تسلّمت الملك من الدولة الأولى

- ‌ذكر شيء من سيرة معاوية، ووصف طرف من حاله

- ‌كلام في معنى البريد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه يزيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على وجه الاختصار

- ‌شرح كيفية وقعة الحرّة

- ‌شرح كيفيّة غزو الكعبة

- ‌ثم ملك بعده ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية

- ‌شرح كيفية ذلك على وجه الاختصار

- ‌ثمّ ملك ابنه عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك ابنه الوليد

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه سليمان بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده عمر بن عبد العزيز بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه هشام بن عبد الملك

- ‌شرح مقتل زيد بن عليّ بن الحسين إمام الزيديّة رضي الله عنه

- ‌ثمّ ملك بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن الوليد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده مروان بن محمّد بن مروان

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌[الكلام على الدولة العباسية]

- ‌ذكر انتقال الملك من بني أميّة إلى بني العبّاس

- ‌شرح ابتداء أمر أبي مسلم الخراسانيّ ونسبه

- ‌مقدّمة أخرى قبل الخوض فيها

- ‌وها هنا موضع حكاية

- ‌شرح ابتداء الدولة العباسيّة

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بالزّاب وخذلان مروان وانهزامه

- ‌شرح مقتل مروان الحمار [3]

- ‌وهي التي تسلمت الملك من الدولة الأموية

- ‌أول خليفة ملك منهم: السفّاح

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ذكر شيء من سيرته ومقتله

- ‌ذكر وزارة خالد بن برمك وشيء من سيرته

- ‌ثمّ ملك بعد أخوه أبو جعفر المنصور

- ‌شرح كيفيّة الحال في بناء بغداد

- ‌ذكر السّبب في فعل المنصور ما فعل ببني الحسن عليهم السلام

- ‌شرح خروج النّفس الزكيّة

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة خلع عيسى بن موسى

- ‌شرح السّبب في بنائها

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي أيّوب الموريانيّ للمنصور

- ‌مكرمة

- ‌ذكر القبض على أبي أيّوب سليمان الموريانيّ

- ‌وزارة الربيع بن يونس للمنصور

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المهديّ

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي عبيد الله معاوية بن يسار للمهديّ

- ‌وزارة أبي عبيد الله يعقوب بن داود للمهديّ

- ‌شرح السّبب في القبض عليه وكيفيّة ما جرى

- ‌وزارة الفيض بن أبي صالح للمهديّ

- ‌انقضت أيّام المهديّ ووزرائه ثمّ ملك بعده ابنه موسى الهادي

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بفخّ

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة إبراهيم بن ذكوان الحرّانيّ للهادي

- ‌خلافة هارون الرّشيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في خروج يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عليّ- بن أبي طالب عليه السلام

- ‌شرح الآية التي ظهرت في قضيّة يحيى بن عبد الله

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح أحوال الدّولة البرمكيّة وذكر مبدئها ومآلها

- ‌ذكر وزارة يحيى بن خالد للرّشيد

- ‌سيرة ولده الفضل بن يحيى

- ‌سيرة جعفر بن يحيى البرمكيّ

- ‌أمارة تدلّ على انحراف دولتهم

- ‌شرح السّبب في نكبة البرامكة وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح مقتل جعفر بن يحيى والقبض على أهله

- ‌وزارة أبي العبّاس الفضل بن الرّبيع

- ‌ثمّ ملك الأمين: محمّد بن زبيدة

- ‌شرح الفتنة بين الأمين والمأمون

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه عبد الله المأمون

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ذي الرّئاستين الفضل بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أخيه الحسن بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن أبي خالد الأحول للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن يوسف بن القاسم للمأمون

- ‌وزارة أبي عباد ثابت بن يحيى بن يسار الرازيّ للمأمون

- ‌وزارة أبي عبد الله محمّد يزداد بن سويد للمأمون وهو آخر وزرائه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المعتصم أبو إسحاق محمّد

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح السّبب في بناء سامرّا وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن عمّار بن شاذي للمعتصم

- ‌وزارة محمّد بن عبد الملك الزيّات للمعتصم

- ‌ثمّ ملك بعده هارون الواثق بويع سنة سبع وعشرين ومائتين

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه جعفر المتوكّل

- ‌شرح مقتله على سبيل الاختصار

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي جعفر محمّد بن الفضل الجرجرائي للمتوكّل

- ‌وزارة عبيد الله بن يحيى بن خاقان

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المنتصر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن الخصيب للمنتصر

- ‌ثمّ ملك بعده المستعين وهو أحمد بن المعتصم

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي صالح بن محمّد بن يزداد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتزّ باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة الإسكافيّ للمعتزّ

- ‌وزارة أبي موسى عيسى بن فرخان شاه للمعتزّ

- ‌وزارة أبي جعفر أحمد بن إسرائيل الأنباريّ للمعتزّ

- ‌ثمّ ملك بعده المهتدي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة سليمان بن وهب بن سعيد للمهتدي

- ‌ثمّ ملك بعده المعتمد على الله

- ‌شرح حال صاحب الزنج ونسبه وما آل أمره عليه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان للمعتمد

- ‌وزارة الحسن بن مخلد للمعتمد

- ‌وزارة أبي الصّقر إسماعيل بن بلبل

- ‌وزارة أحمد بن صالح بن شيرزاد القطربّلي للمعتمد

- ‌وزارة عبيد الله بن سليمان بن وهب للمعتمد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتضد ابن أخيه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المكتفي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة العبّاس بن الحسن

- ‌ثمّ ملك بعده المقتدر باللَّه

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الدّولة العلويّة وابتدائها وانتهائها على سبيل الاختصار

- ‌شرح ابتداء هذه الدّولة

- ‌شرح انتهائها

- ‌رجعنا إلى تتمة خلافة المقتدر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابن الفرات

- ‌وزارة الخاقانيّ

- ‌وزارة عليّ بن عيسى للمقتدر

- ‌وزارة حامد بن العبّاس

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد بن عبيد الله ابن يحيى بن خاقان

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله بن أحمد ابن الخصيب للمقتدر

- ‌وزارة أبي عليّ محمّد بن عليّ بن مقلة للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد الكلوذانيّ للمقتدر

- ‌وزارة الحسين بن القاسم بن عبيد الله ابن سليمان بن وهب للمقتدر

- ‌وزارة أبي الفضل جعفر بن الفرات

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه القاهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح حال دولة آل بويه وابتدائها وانتهائها

- ‌ثمّ ملك بعد القاهر ابن أخيه الراضي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة عبد الرحمن بن عيسى بن الجرّاح

- ‌وزارة أبي جعفر بن محمّد بن القاسم الكرخيّ للرّاضي باللَّه

- ‌وزارة سليمان بن الحسن بن مخلد للراضي باللَّه

- ‌وزارة أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات للراضي باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المتّقي باللَّه أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة أبي عبد الله البريديّ للمتّقي

- ‌وزارة أبي إسحاق محمّد بن إبراهيم الإسكافيّ المعروف بالقراريطي للمتّقي

- ‌وزارة البريديّ مرّة ثانية

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله الأصفهانيّ للمتقي

- ‌وزارة أبي الحسن عليّ بن أبي عليّ بن مقلة للمتّقي

- ‌ثمّ ملك بعده أبو القاسم عبد الله المستكفي ابن المكتفي بن المعتضد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده المطيع للَّه أبو القاسم الفضل بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه عبد الكريم أبو بكر الطّائع لأمر الله

- ‌ثمّ ملك بعده القادر أبو العبّاس أحمد ابن إسحاق بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه أبو جعفر عبد الله القائم بأمر الله

- ‌شرح حال الدّولة السلجوقيّة وابتدائها وانتهائها

- ‌ذكر ابتداء حالهم

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ابن جهير

- ‌وزارة رئيس الرّؤساء عليّ بن الحسين بن أحمد ابن محمّد عمر بن المسلمة

- ‌ثمّ ملك بعده ابن ابنه المقتدي بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابنه عميد الدّولة محمّد بن محمّد ابن محمّد بن جهير للمقتدي

- ‌وزارة أبي شجاع ظهير الدين محمّد بن الحسين الهمذانيّ للمقتدي

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المستظهر باللَّه أبو العبّاس أحمد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي المعالي هبة الله بن محمّد ابن المطّلب للمستظهر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المسترشد أبو منصور الفضل بن المستظهر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة الشريف أبي القاسم عليّ بن طراد الزّينبيّ

- ‌وزارة الوزير أبي نصر أحمد بن الوزير نظام الملك للمسترشد

- ‌وزارة أنوشروان خالد بن محمّد القاشانيّ للمسترشد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الرّاشد باللَّه أبو جعفر منصور بن المسترشد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده عمّه المقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمّد بن المستظهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة نظام الدّين أبي نصر المظفّر بن محمّد ابن جهير البغداديّ للمقتفي

- ‌وزارة مؤتمن الدّولة أبي القاسم عليّ ابن صدقة للمقتفي

- ‌وزارة عون الدّين أبي المظفّر يحيى بن هبيرة للمقتفي

- ‌ثمّ ملك بعده المستنجد باللَّه المظفّر يوسف

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ولده محمّد بن يحيى بن هبيرة

- ‌وزارة شرف الدّين أبي جعفر محمّد بن أبي الفتح بن البلديّ للمستنجد باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده المستضيء أبو محمّد الحسن بن المستنجد باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ظهير الدّين أبي بكر منصور بن أبي القاسم نصر بن العطّار

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الإمام الناصر لدين الله أبو العبّاس أحمد بن المستضيء بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة جلال الدين أبي المظفّر عبيد الله

- ‌وزارة معزّ الدين سعيد بن عليّ بن جديدة الأنصاريّ

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي المظفّر محمّد ابن أحمد بن القصّاب

- ‌وزارة السيّد نصير الدين ناصر بن مهديّ العلويّ الرازيّ للناصر

- ‌وزارة مؤيّد الدين محمّد بن عبد الكريم برز [2] القمّي للناصر

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو نصر محمّد الظاهر بأمر الله ابن الناصر لدين الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو جعفر المنصور المستنصر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة نصير الدّين أبي الأزهر أحمد ابن محمّد بن الناقد

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو أحمد عبد الله المستعصم باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي طالب محمد بن أحمد بن العلقميّ

الفصل: ‌ثم ملك ابنه عبد الملك بن مروان

ذلك مرارا ثم إن عبد الله بن الزبير أرسل أخاه مصعبا وكان شجاعا، إلى المختار فقتله ومات مروان بن الحكم في سنة خمس وستين وبويع ابنه عبد الملك

‌ثمّ ملك ابنه عبد الملك بن مروان

كان عبد الملك لبيبا عاقلا، عالما ملكا جبّارا قويّ الهيبة شديد السّياسة، حسن التدبير للدنيا. في أيّامه نقل الديوان من الفارسيّة إلى العربية، واخترعت سياقة المستعربين. وهو أول من نهى الرعيّة عن كثرة الحديث بحضرة الخلفاء ومراجعتهم، وكانوا يتجرءون عليهم. (وقد تقدم شرح ذلك) وهو الّذي سلّط الحجّاج بن يوسف على الناس، وغزا الكعبة، وقتل عبد الله بن الزبير وأخاه مصعبا من قبله.

ومن طريف ما وقع في ذلك: أنّ عبد الملك لما أرسل يزيد بن معاوية الجيش لقتال أهل المدينة وغزو الكعبة، امتعض عبد الملك من ذلك غاية الامتعاض وقال: ليت السّماء انطبقت على الأرض! فلما صار خليفة فعل ذلك وأشدّ منه:

فإنّه أرسل الحجّاج [1] لحصار ابن الزّبير وغزو مكّة، وكان عبد الملك قبل الخلافة أحد فقهاء المدينة، وكان يسمّى: حمامة المسجد، لمداومته تلاوة القرآن. فلمّا مات أبوه وبشّر بالخلافة أطبق المصحف، وقال: هذا فراق بيني وبينك. وتصدّى لأمور الدّنيا. وقيل: إنّه قال يوما لسعيد بن المسيّب [2] : يا سعيد: قد صرت أفعل الخير فلا أسرّ به، وأصنع الشرّ فلا أساء به: فقال له سعيد بن المسيّب الآن تكامل فيك موت القلب. وفي أيّامه قتل عبد الله بن الزّبير وأخوه مصعب أمير العراق.

فأمّا عبد الله بن الزبير: فإنه كان قد اعتصم بمكّة، وبايعه أهل الحجاز

[1] الحجّاج: هو الحجّاج بن يوسف بن الحكم الثّقفي. نشأ في الطائف ودخل في جند عبد الملك بن مروان في الشأم. وثق به عبد الملك فولاه مقاتلة ابن الزبير في الحجاز فحاصر الكعبة وقضى عليه. ثم ولاه العراق فأعمل فيها البطش حتى أخضعها لخلافة عبد الملك وثبتت له إمارة العراق عشرين سنة. توفي عام/ 95/ هـ. انظر جوانب أخرى من حياة الحجاج في الأعلام للزركلي، المجلّد الثاني ص/ 168/.

[2]

سعيد بن المسيّب: المخزوميّ القرشيّ. تابعيّ من أبرز فقهاء المدينة. أعجب بابن الخطّاب وروى أحاديثه. توفي في المدينة المنوّرة عام/ 94/ هـ.

ص: 123

وأهل العراق. وكان عظيم الشّحّ، فلذلك لم يتمّ أمره. فأرسل الحجّاج إليه فحاصره بمكّة ورمى الكعبة بالمنجنيق، وحاربه وخذله أهله وأصحابه، فدخل على أمّه وقال لها:«يا أمّت، قد خذلني النّاس حتى ولدي وأهلي، ولم يبق معي غير نفر يسير ومن ليس عنده أكثر من صبر ساعة. والقوم يعطونني ما أردت من الدّنيا فما رأيك؟» فقالت له: «أنت أعلم بنفسك. إن كنت تعلم أنّك على حقّ فامض لشأنك ولا تمكّن من رقبتك غلمان بني أميّة، وإن كنت إنّما أردت الدّنيا فبئس العبد أنت، أهلكت نفسك ومن معك، وكم خلودك في الدنيا؟ القتل أحسن» فقال:

يا أمّت «إنّي أخاف إن قتلوني أن يمثّلوا بي» قالت: «يا بنيّ، إنّ الشاة لا يضرّها سلخها بعد ذبحها» وما زالت تحرّضه بهذا وأشباهه حتى خرج، فصمّم على المناجزة فقتل. وأرسل الحجّاج بالبشارة إلى عبد الملك، وكان ذلك سنة ثلاث وسبعين.

وأمّا أخوه مصعب بن الزّبير أمير العراق: فكان شجاعا جميلا، جليل القدر ممدوحا. تزوّج سكينة بنت الحسين- عليه السلام وعائشة بنت طلحة، وجمعهما في داره. وكانتا من أعظم النّساء قدرا ومالا وجمالا، فقال عبد الملك يوما لجلسائه، من أشجع النّاس؟ قالوا: أنت. قال: لا لكنّ أشجع الناس من جمع في داره بين عائشة بنت طلحة، وسكينة بنت الحسين. يعني مصعبا. ثم تجهّز عبد الملك لقتال مصعب وودّع زوجته عاتكة بنت يزيد بن معاوية، فلمّا ودّعها بكت فبكى جواريها لبكائها، فقال عبد الملك: قاتل للَّه كثير عزّة [1]، كأنّه شاهد هذا حين قال:

إذا ما أراد الغزو لم يثن همّه

حصان عليها نظم درّ يزينها

[1] كثيّر عزّة: هو كثيّر بن عبد الرحمن الخزاعيّ. بدأ حياته راعيا في وادي القرى بجوار المدينة المنوّرة وتشيّع في أوّل أمره لآل عليّ بن أبي طالب ثم مال إلى الأمويّين ومدحهم ولا سيّما عبد العزيز بن مروان. وعبد الملك بن مروان. جاء كثير من شعره في الغزل بعزّة.

توفي عام/ 105/ هـ.

ص: 124

نهته فلمّا لم تر النّهي نافعا

بكت فبكى ممّا شجاها قطينها [1]

(الطويل) ثم سار إلى حرب مصعب، فالتقيا بأرض دجيل، فاقتتلوا قتالا شديدا وقتل مصعب وذلك في سنة إحدى وسبعين.

وكان عبد الملك أديبا ذكيّا فاضلا، قال الشعبيّ [2] ، ما ذاكرت أحدا إلا وجدت لي الفضل عليه إلا عبد الملك بن مروان، فإنّي ما ذاكرته حديثا إلا زادني فيه ولا شعرا إلا زادني فيه.

وقيل لعبد الملك: لقد أسرع إليك الشّيب، قال:«شيّبني صعود المنابر والخوف من اللّحن» (وكان اللحن عندهم في غاية القبح) ومن آرائه ما أشار به وهو صبيّ على مسلم بن عقبة المريّ، حين أرسله يزيد بن معاوية لقتال أهل المدينة فوصلها وبنو أميّة محاصرون بها ثم أخرجوا، فلما لقيهم مسلم بن عقبة استشار بعبد الملك بن مروان وكان حدثا، فقال له: الرأي أن تسير بمن معك، فإذا انتهيت إلى أدنى نخلها نزلت، فاستظلّ الناس في ظلّه وأكلوا من صفوه. فإذا أصبحت مضيت وتركت المدينة على اليسار، ثمّ درت بها حتّى تأتيهم من قبل الحرّة مشرّقا، ثم تستقبل القوم. فإذا استقبلتهم وقد طلعت الشّمس عليهم، طلعت بين أكتاف أصحابك فلا تؤذيهم، بل يصيب أهل المدينة أذاها ويرون من ائتلاف بيضكم وأسنّة رماحكم وسيوفكم ودروعكم ما لا ترونه أنتم ما داموا مغرّبين. ثم قاتلهم واستعن باللَّه. وقال عبد الملك يوما لجلسائه: ما تقولون في قول القائل:

أهيم بدعد ما حييت فإن أمت

فوا حربا ممّن يهيم بها بعدي

(طويل)

[1] انظر الخبر في ترجمة كثيّر في مقدمة ديوانه بشرح قدري مايو، طبعة دار الجيل ببيروت ص/ 13/.

[2]

الشّعبيّ: عامر بن شراحيل محدّث وحافظ من التابعين، قرّبه عبد الملك بن مروان وكان رسوله إلى ملك الروم. توفي عام/ 103/ هـ.

ص: 125

قالوا: معنى حسن. قال: هذا ميت كثير الفضول، ليس هذا معنى جيّدا.

قالوا: صدقت، قال: فكيف كان ينبغي أن يقول؟ فقال رجل منهم: كان ينبغي أن يقول:

أهيم بدعد ما حييت فإن أمت

أوكّل بدعد من يهيم بها بعدي

(طويل) قال عبد الملك: ما أحسنت. قالوا فكيف ينبغي أن يكون؟ قال: ينبغي أن يقول:

أهيم بدعد ما حييت فإن أمت

فلا صلحت دعد لذي خلّة بعدي

(طويل) قالوا: أنت يا أمير المؤمنين أشعر الثّلاثة. ولما اشتدّ مرضه قال:

أصعدوني على شرف، فأصعدوه إلى موضع عال، فجعل يتنسّم الهواء ثم قال: يا دنيا: ما أطيبك؟ إن طويلك لقصير، وإن كثيرك لحقير وإن كنّا منك لفي غرور.

وتمثّل بهذين البيتين:

إن تناقش يكن نقاشك يا

رب عذابا، لا طوق لي بالعذاب

أو تجاوز فأنت ربّ صفوح

عن مسيء ذنوبه كالتّراب

(خفيف) ولما مات صلّى عليه ابنه الوليد فتمثّل هشام ابنه الآخر:

فما كان قيس هلكه هلك واحد

ولكنّه بنيان قوم تهدّما

(طويل) فقال له الوليد: اسكت، فأنت تتكلم بلسان شيطان. ألا قلت كما قال الآخر إذا سيّد منّا مضى قام سيّد قئول لما قال الكرام فعول (طويل) وأوصى عبد الملك بن مروان أخاه عبد العزيز حين مضى إلى مصر أميرا عليها فقال له:«ابسط بشرك، وألن كنفك، وآثر الرّفق في الأمور، فإنّه»

ص: 126