المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سيرة جعفر بن يحيى البرمكي - الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية

[ابن الطقطقي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌الفصل الأول في الأمور السّلطانيّة والسّياسات الملكيّة

- ‌فصل من الدّعاء مختصر

- ‌الدولة الأولى: دولة الأربعة وهم المعروفون بالخلفاء الراشدين

- ‌شرح كيفية الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفية ذلك

- ‌شرح مبدإ الحال في انتقال الملك من الأكاسرة إلى العرب

- ‌شرح الحال في تحيّز الجيش إلى العراق واستخلاص الملك من الفرس

- ‌ذكر طرف مستملحة وقعت حينئذ

- ‌ذكر ما آلت إليه حال يزدجرد

- ‌شرح كيفيّة تدوين الدّواوين

- ‌شرح مبدإ وقعة الجمل وكيفية الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌حديث الخوارج وما كان منهم وما آلت بهم الحال إليه

- ‌كرامة لأمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه

- ‌وفاة الأربعة

- ‌وفاة أبي بكر- رضي الله عنه

- ‌مقتل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه

- ‌ذكر الشّورى وصفة الحال في ذلك

- ‌مقتل عثمان بن عفّان

- ‌مقتل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام

- ‌الدولة الثانية: الدولة الأموية وهي التي تسلّمت الملك من الدولة الأولى

- ‌ذكر شيء من سيرة معاوية، ووصف طرف من حاله

- ‌كلام في معنى البريد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه يزيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على وجه الاختصار

- ‌شرح كيفية وقعة الحرّة

- ‌شرح كيفيّة غزو الكعبة

- ‌ثم ملك بعده ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية

- ‌شرح كيفية ذلك على وجه الاختصار

- ‌ثمّ ملك ابنه عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك ابنه الوليد

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه سليمان بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده عمر بن عبد العزيز بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه هشام بن عبد الملك

- ‌شرح مقتل زيد بن عليّ بن الحسين إمام الزيديّة رضي الله عنه

- ‌ثمّ ملك بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن الوليد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده مروان بن محمّد بن مروان

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌[الكلام على الدولة العباسية]

- ‌ذكر انتقال الملك من بني أميّة إلى بني العبّاس

- ‌شرح ابتداء أمر أبي مسلم الخراسانيّ ونسبه

- ‌مقدّمة أخرى قبل الخوض فيها

- ‌وها هنا موضع حكاية

- ‌شرح ابتداء الدولة العباسيّة

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بالزّاب وخذلان مروان وانهزامه

- ‌شرح مقتل مروان الحمار [3]

- ‌وهي التي تسلمت الملك من الدولة الأموية

- ‌أول خليفة ملك منهم: السفّاح

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ذكر شيء من سيرته ومقتله

- ‌ذكر وزارة خالد بن برمك وشيء من سيرته

- ‌ثمّ ملك بعد أخوه أبو جعفر المنصور

- ‌شرح كيفيّة الحال في بناء بغداد

- ‌ذكر السّبب في فعل المنصور ما فعل ببني الحسن عليهم السلام

- ‌شرح خروج النّفس الزكيّة

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة خلع عيسى بن موسى

- ‌شرح السّبب في بنائها

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي أيّوب الموريانيّ للمنصور

- ‌مكرمة

- ‌ذكر القبض على أبي أيّوب سليمان الموريانيّ

- ‌وزارة الربيع بن يونس للمنصور

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المهديّ

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي عبيد الله معاوية بن يسار للمهديّ

- ‌وزارة أبي عبيد الله يعقوب بن داود للمهديّ

- ‌شرح السّبب في القبض عليه وكيفيّة ما جرى

- ‌وزارة الفيض بن أبي صالح للمهديّ

- ‌انقضت أيّام المهديّ ووزرائه ثمّ ملك بعده ابنه موسى الهادي

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بفخّ

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة إبراهيم بن ذكوان الحرّانيّ للهادي

- ‌خلافة هارون الرّشيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في خروج يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عليّ- بن أبي طالب عليه السلام

- ‌شرح الآية التي ظهرت في قضيّة يحيى بن عبد الله

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح أحوال الدّولة البرمكيّة وذكر مبدئها ومآلها

- ‌ذكر وزارة يحيى بن خالد للرّشيد

- ‌سيرة ولده الفضل بن يحيى

- ‌سيرة جعفر بن يحيى البرمكيّ

- ‌أمارة تدلّ على انحراف دولتهم

- ‌شرح السّبب في نكبة البرامكة وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح مقتل جعفر بن يحيى والقبض على أهله

- ‌وزارة أبي العبّاس الفضل بن الرّبيع

- ‌ثمّ ملك الأمين: محمّد بن زبيدة

- ‌شرح الفتنة بين الأمين والمأمون

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه عبد الله المأمون

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ذي الرّئاستين الفضل بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أخيه الحسن بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن أبي خالد الأحول للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن يوسف بن القاسم للمأمون

- ‌وزارة أبي عباد ثابت بن يحيى بن يسار الرازيّ للمأمون

- ‌وزارة أبي عبد الله محمّد يزداد بن سويد للمأمون وهو آخر وزرائه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المعتصم أبو إسحاق محمّد

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح السّبب في بناء سامرّا وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن عمّار بن شاذي للمعتصم

- ‌وزارة محمّد بن عبد الملك الزيّات للمعتصم

- ‌ثمّ ملك بعده هارون الواثق بويع سنة سبع وعشرين ومائتين

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه جعفر المتوكّل

- ‌شرح مقتله على سبيل الاختصار

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي جعفر محمّد بن الفضل الجرجرائي للمتوكّل

- ‌وزارة عبيد الله بن يحيى بن خاقان

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المنتصر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن الخصيب للمنتصر

- ‌ثمّ ملك بعده المستعين وهو أحمد بن المعتصم

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي صالح بن محمّد بن يزداد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتزّ باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة الإسكافيّ للمعتزّ

- ‌وزارة أبي موسى عيسى بن فرخان شاه للمعتزّ

- ‌وزارة أبي جعفر أحمد بن إسرائيل الأنباريّ للمعتزّ

- ‌ثمّ ملك بعده المهتدي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة سليمان بن وهب بن سعيد للمهتدي

- ‌ثمّ ملك بعده المعتمد على الله

- ‌شرح حال صاحب الزنج ونسبه وما آل أمره عليه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان للمعتمد

- ‌وزارة الحسن بن مخلد للمعتمد

- ‌وزارة أبي الصّقر إسماعيل بن بلبل

- ‌وزارة أحمد بن صالح بن شيرزاد القطربّلي للمعتمد

- ‌وزارة عبيد الله بن سليمان بن وهب للمعتمد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتضد ابن أخيه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المكتفي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة العبّاس بن الحسن

- ‌ثمّ ملك بعده المقتدر باللَّه

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الدّولة العلويّة وابتدائها وانتهائها على سبيل الاختصار

- ‌شرح ابتداء هذه الدّولة

- ‌شرح انتهائها

- ‌رجعنا إلى تتمة خلافة المقتدر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابن الفرات

- ‌وزارة الخاقانيّ

- ‌وزارة عليّ بن عيسى للمقتدر

- ‌وزارة حامد بن العبّاس

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد بن عبيد الله ابن يحيى بن خاقان

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله بن أحمد ابن الخصيب للمقتدر

- ‌وزارة أبي عليّ محمّد بن عليّ بن مقلة للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد الكلوذانيّ للمقتدر

- ‌وزارة الحسين بن القاسم بن عبيد الله ابن سليمان بن وهب للمقتدر

- ‌وزارة أبي الفضل جعفر بن الفرات

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه القاهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح حال دولة آل بويه وابتدائها وانتهائها

- ‌ثمّ ملك بعد القاهر ابن أخيه الراضي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة عبد الرحمن بن عيسى بن الجرّاح

- ‌وزارة أبي جعفر بن محمّد بن القاسم الكرخيّ للرّاضي باللَّه

- ‌وزارة سليمان بن الحسن بن مخلد للراضي باللَّه

- ‌وزارة أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات للراضي باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المتّقي باللَّه أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة أبي عبد الله البريديّ للمتّقي

- ‌وزارة أبي إسحاق محمّد بن إبراهيم الإسكافيّ المعروف بالقراريطي للمتّقي

- ‌وزارة البريديّ مرّة ثانية

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله الأصفهانيّ للمتقي

- ‌وزارة أبي الحسن عليّ بن أبي عليّ بن مقلة للمتّقي

- ‌ثمّ ملك بعده أبو القاسم عبد الله المستكفي ابن المكتفي بن المعتضد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده المطيع للَّه أبو القاسم الفضل بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه عبد الكريم أبو بكر الطّائع لأمر الله

- ‌ثمّ ملك بعده القادر أبو العبّاس أحمد ابن إسحاق بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه أبو جعفر عبد الله القائم بأمر الله

- ‌شرح حال الدّولة السلجوقيّة وابتدائها وانتهائها

- ‌ذكر ابتداء حالهم

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ابن جهير

- ‌وزارة رئيس الرّؤساء عليّ بن الحسين بن أحمد ابن محمّد عمر بن المسلمة

- ‌ثمّ ملك بعده ابن ابنه المقتدي بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابنه عميد الدّولة محمّد بن محمّد ابن محمّد بن جهير للمقتدي

- ‌وزارة أبي شجاع ظهير الدين محمّد بن الحسين الهمذانيّ للمقتدي

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المستظهر باللَّه أبو العبّاس أحمد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي المعالي هبة الله بن محمّد ابن المطّلب للمستظهر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المسترشد أبو منصور الفضل بن المستظهر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة الشريف أبي القاسم عليّ بن طراد الزّينبيّ

- ‌وزارة الوزير أبي نصر أحمد بن الوزير نظام الملك للمسترشد

- ‌وزارة أنوشروان خالد بن محمّد القاشانيّ للمسترشد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الرّاشد باللَّه أبو جعفر منصور بن المسترشد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده عمّه المقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمّد بن المستظهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة نظام الدّين أبي نصر المظفّر بن محمّد ابن جهير البغداديّ للمقتفي

- ‌وزارة مؤتمن الدّولة أبي القاسم عليّ ابن صدقة للمقتفي

- ‌وزارة عون الدّين أبي المظفّر يحيى بن هبيرة للمقتفي

- ‌ثمّ ملك بعده المستنجد باللَّه المظفّر يوسف

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ولده محمّد بن يحيى بن هبيرة

- ‌وزارة شرف الدّين أبي جعفر محمّد بن أبي الفتح بن البلديّ للمستنجد باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده المستضيء أبو محمّد الحسن بن المستنجد باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ظهير الدّين أبي بكر منصور بن أبي القاسم نصر بن العطّار

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الإمام الناصر لدين الله أبو العبّاس أحمد بن المستضيء بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة جلال الدين أبي المظفّر عبيد الله

- ‌وزارة معزّ الدين سعيد بن عليّ بن جديدة الأنصاريّ

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي المظفّر محمّد ابن أحمد بن القصّاب

- ‌وزارة السيّد نصير الدين ناصر بن مهديّ العلويّ الرازيّ للناصر

- ‌وزارة مؤيّد الدين محمّد بن عبد الكريم برز [2] القمّي للناصر

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو نصر محمّد الظاهر بأمر الله ابن الناصر لدين الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو جعفر المنصور المستنصر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة نصير الدّين أبي الأزهر أحمد ابن محمّد بن الناقد

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو أحمد عبد الله المستعصم باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي طالب محمد بن أحمد بن العلقميّ

الفصل: ‌سيرة جعفر بن يحيى البرمكي

بختمه، وأرسل معه ألف ألف درهم، ونفّذ الدراهم والسّفط إلى منزله، وأخذ خطّ وكيله بقبضه، وأقام محمّد في دار الفضل إلى آخر النهار، ثم انصرف إلى داره، فوجد السفط ومعه ألف ألف درهم فسرّ بذلك سرورا عظيما، فلمّا كان الغد بكّر إلى الفضل ليشكره على ذلك فوجده قد بكّر إلى دار الرّشيد فمضى محمّد إلى الرشيد، فلمّا علم الفضل به خرج من باب آخر ومضى إلى دار أبيه فمضى محمّد إليه وشكره على فعله، وقال له: إنّي بكرت إليك لأشكرك على إحسانك، فقال له الفضل: إنّي فكّرت في أمرك فرأيت أنّ هذه الألف ألف التي حملتها أمس إليك لتقضي بها دينك ثم تحتاج فتقترض، فبعد قليل يعلوك مثلها، فبكرت اليوم إلى أمير المؤمنين وعرضت عليه حالك، وأخذت لك مائة ألف ألف درهم أخرى، ولمّا حضرت إلى أمير المؤمنين خرجت أنا بباب آخر، وكذلك فعلت لما حضرت إلى باب أبي، لأني ما كنت أوثر أن ألقاك حتّى يحمل المال إلى منزلك، وقد حمل.

فقال له محمّد: بأيّ شيء أجازيك على هذا الإحسان؟ ما عندي شيء أجازيك به إلّا أني ألتزم بالأيمان المؤكدة وبالطلاق والعتاق والحجّ، أنّي ما أقف على باب غيرك ولا أسأل سواك.

قالوا وحلف محمد أيمانا مؤكدة وكتب بها خطّه، وأشهد بها عليه أنه لا يقف بباب غير باب الفضل بن يحيى، فلما ذهبت دولة البرامكة وتولّى الفضل بن الربيع، فلم يفعل والتزم باليمين، فلم يركب إلى أحد، ولم يقف على باب أحد حتّى مات.

‌سيرة جعفر بن يحيى البرمكيّ

كان جعفر بن يحيى فصيحا لبيبا ذكيّا فطنا، كريما حليما، وكان الرشيد يأنس به أكثر من أنسه بأخيه الفضل! لسهولة أخلاق جعفر، وشراسة أخلاق الفضل. وقال الرشيد يوما ليحيى: يا أبي ما بال الناس يسمّون الفضل الوزير الصغير ولا يسمون جعفرا بذلك؟ فقال يحيى: إنّ خدمتك ومنادمتك يشغلانه عن ذلك. فجعل إليه أمر دار الرشيد: فسمّي بالوزير الصّغير أيضا.

ص: 203

قال الرشيد يوما ليحيى: قد أحببت أن أنقل ديوان الخاتم من الفضل إلى جعفر وقد استحييت من مكاتبته في هذا المعنى، فاكتب أنت إليه، فكتب يحيى إلى الفضل:«قد أمر أمير المؤمنين- أعلى الله أمره- أن تحوّل الخاتم من يمينك إلى شمالك، فأجابه الفضل: «قد سمعت لما أمر أمير المؤمنين في أخي، وما انتقلت عني نعمة صارت إليه ولا غربت عني رتبة طلعت عليه!» فقال جعفر:

للَّه درّ أخي، ما أكيس نفسه وأظهر دلائل الفضل عليه، وأقوى منّة العقل عنده، وأوسع في البلاغة ذرعه!.

قيل: إنّ جعفر بن يحيى البرمكيّ جلس يوما للشرب، وأحبّ الخلوة، فأحضر ندماءه الذين يأنس بهم وجلس معهم، وقد هيّئ المجلس ولبسوا الثياب المصبّغة. (وكانوا إذا جلسوا في مجلس الشراب واللهو، لبسوا الثياب الحمر والصّفر والخضر) ثم أن جعفر بن يحيى تقدّم إلى الحاجب ألّا يأذن لأحد من خلق الله تعالى سوى رجل من النّدماء كان قد تأخّر عنهم، اسمه: عبد الملك بن صالح [1] ، ثم جلسوا يشربون ودارت الكاسات وخفقت العيدان، وكان رجل من أقارب الخليفة يقال له: عبد الملك بن صالح ابن عليّ بن العباس، كان شديد الوقار والدين والحشمة، وكان الرشيد قد التمس منه أن ينادمه ويشرب معه، وبذل له على ذلك أموالا جليلة فلم يفعل، فاتّفق أنّ هذا عبد الملك بن صالح حضر إلى باب جعفر بن يحيى ليخاطبه في حوائج له، فظنّ الحاجب أنّه عبد الملك بن صالح الّذي تقدّم جعفر ابن يحيى بالإذن له، وألا يدخل غيره، فأذن الحاجب له، فدخل عبد الملك بن صالح العبّاسي على جعفر بن يحيى، فلما رآه جعفر كاد عقله يذهب من الحياء، وفطن أن القضية قد اشتبهت على الحاجب بطريق اشتباه الاسم، وفطن عبد الملك بن صالح أيضا للقصّة، وظهر له الخجل في وجه جعفر بن يحيى فانبسط عبد الملك وقال: لا بأس عليكم، أحضروا لنا من هذه الثياب المصبغة شيئا وأحضر له.

[1] عبد الملك بن صالح: اسم لشاعر ماجن عاصر الرشيد وعاشره ومدحه ونادمه، واسم لأحد أبناء عمّ السفاح والمنصور العباسيين. كان خطيبا فصيحا، ولّاه الهادي إمرة الموصل. ثم ولاه الرشيد المدينة فمصر فدمشق، ثم سجنه حتى أطلقه الأمين. توفي بالرقة عام/ 198/.

ص: 204

قميص مصبوغ، فلبسه وجلس يباسط جعفر بن يحيى ويمازحه، وقال: اسقونا من شرابكم فسقوه رطلا، وقال: ارفقوا بنا فليس لنا عادة بهذا ثمّ باسطهم ومازحهم، وما زال حتّى انبسط جعفر بن يحيى وزال انقباضه وحياؤه، ففرح جعفر بذلك فرحا شديدا، وقال له: ما حاجتك؟ قال: جئت- أصلحك الله- في ثلاث حوائج، أريد أن تخاطب الخليفة فيها: أوّلها: أنّ عليّ دينا مبلغه ألف درهم أريد قضاءه وثانيها؟: أريد ولاية لابني يشرف بها قدره، وثالثها: أن تزوّج ولدي بابنة الخليفة فإنّها بنت عمه، وهو كفء لها، فقال له جعفر بن يحيى- قد قضى الله هذه الحوائج الثلاث، أما المال، ففي هذه الساعة يحمل إلى منزلك، وأما الولاية، فقد ولّيت ابنك مصر، وأمّا الزّواج، فقد زوجته فلانة ابنة مولانا أمير المؤمنين على صداق مبلغه كذا وكذا، فانصرف في أمان الله، فراح عبد الملك إلى منزله فرأى المال قد سبقه، ولمّا كان من الغد حضر جعفر عند الرشيد وعرّفه ما جرى وأنه قد ولى ابنه مصر وزوّجه ابنته فعجب الرشيد من ذلك وأمضى العقد والولاية، فما خرج جعفر من دار الرّشيد حتى كتب له التقليد بمصر وأحضر القضاة والشهود وعقد العقد.

وقيل: إنّ جعفر بن يحيى كان بينه وبين صاحب مصر عداوة ووحشة، وكان كلّ منهما مجانبا للآخر، فزوّر بعض الناس كتابا عن لسان جعفر بن يحيى إلى صاحب مصر، مضمونه: أنّ حامل هذا الكتاب من أخصّ أصحابنا، وقد آثر التفرّج في الديار المصريّة، فأريد أن تحسن الالتفات إليه، وبالغ في الوصيّة، ثم أخذ الكتاب ومضى إلى مصر وعرضه على صاحبها، فلما وقف عليه تعجّب منه وفرح به، إلا أنه حصل عنده ارتياب وشكّ في هذا الكتاب، فأكرم الرّجل وأنزله في دار حسنة، وأقام له ما يحتاج إليه، وأخذ الكتاب منه وأرسله إلى وكيله ببغداد وقال له: قد وصل شخص من أصحاب الوزير بهذا الكتاب، وقد ارتبت به، فأريد أن تتفحّص لي عن حقيقة الحال في ذلك، وهل هذا خطّ الوزير أم لا؟ وأرسل كتاب الوزير صحبة مكتوبة إلى وكيله فجاء الوكيل إلى وكيل الوزير وحدّثه بالقصّة وأراه الكتاب، فأخذه وكيل الوزير ودخل إلى الوزير وعرّفه الحال، فلما

ص: 205

وقف جعفر بن يحيى على الكتاب علم أنه مزوّر عليه وكان عنده جماعة من ندمائه ونوّابه فرمى الكتاب عليهم، وقال لهم: أهذا خطّي؟ فتأمّلوه وأنكروه كلّهم وقالوا هذا مزوّر، فعرّفهم صورة الحال وأنّ الّذي زوّر هذا الكتاب موجود بمصر عند صاحبها، وأنه ينتظر عود الجواب بتحقيق حاله، وقال لهم: ما ترون، وكيف ينبغي أن نفعل في هذا؟ فقال بعضهم: ينبغي أن يقتل هذا الرّجل حتى تنحسم هذه المادّة، ولا يرجع أحد يتجرّأ على مثل هذا الفعل، وقال آخر: ينبغي أن تقطع يمينه التي زوّر بها هذا الخطّ، وقال آخر: ينبغي أن يوجع ضربا ويطلق حال سبيله وكان أحسنهم محضرا من قال: ينبغي أن تكون عقوبته على هذا الفعل حرمانه، وأن يعرف صاحب مصر بحاله ليحرمه فيكفيه من العقوبة أن قطع هذه المسافة البعيدة من بغداد إلى مصر ثم يرجع خائبا، فلما فرغوا من حديثهم قال جعفر: سبحان الله! أليس فيكم رجل رشيد؟ قد علمتم ما كان بيني وبين صاحب مصر من العداوة والمجانبة، وأنّ كلّ واحد منّا كانت تمنعه عزّة النفس أن يفتح باب الصّلح، فقد قيّض الله لنا رجلا فتح بيننا باب المصالحة والمكاتبة، وأزال بيننا تلك العداوة، فكيف يكون جزاؤه ما ذكرتم من الإساءة؟ ثمّ أخذ القلم وكتب على ظاهر الكتاب إلى صاحب مصر: سبحان الله! كيف حصل لك الشّكّ في خطّي؟ هذا خطّ يدي، والرّجل من أعزّ أصحابي، وأريد أن تحسن إليه وتعيده إليّ سريعا، فإنّي مشتاق إليه محتاج إلى حضوره، فلمّا وصل الكتاب وفي ظاهره خطّ الوزير إلى صاحب مصر كاد يطير من الفرح، وأحسن إلى الرجل غاية الإحسان ووصله بمال كبير، وتحف جميلة، ثم إنّ الرجل رجع إلى بغداد وهو أحسن الناس حالا، فحضر إلى مجلس جعفر بن يحيى، فلما دخل سلم عليه ووقع يقبّل الأرض ويبكي، فقال له جعفر: من أنت يا أخي؟ قال: يا مولانا أنا عبدك وصنيعتك المزوّر الكذّاب فعرفه جعفر وبشّ له وأجلسه بين يديه وسأله عن حاله وقال له: كم وصل إليك منه فقال مائة ألف دينار، فاستقلّها جعفر وقال: لازمنا حتّى نضاعفها لك، فلازمه مدّة فكسب معه مثلها، وما زالت دولة البرامكة في علوّ وارتفاع وتزايد، حتى انحرفت عنهم الدّنيا.

ص: 206