المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر وزارة يحيى بن خالد للرشيد - الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية

[ابن الطقطقي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌الفصل الأول في الأمور السّلطانيّة والسّياسات الملكيّة

- ‌فصل من الدّعاء مختصر

- ‌الدولة الأولى: دولة الأربعة وهم المعروفون بالخلفاء الراشدين

- ‌شرح كيفية الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفية ذلك

- ‌شرح مبدإ الحال في انتقال الملك من الأكاسرة إلى العرب

- ‌شرح الحال في تحيّز الجيش إلى العراق واستخلاص الملك من الفرس

- ‌ذكر طرف مستملحة وقعت حينئذ

- ‌ذكر ما آلت إليه حال يزدجرد

- ‌شرح كيفيّة تدوين الدّواوين

- ‌شرح مبدإ وقعة الجمل وكيفية الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌حديث الخوارج وما كان منهم وما آلت بهم الحال إليه

- ‌كرامة لأمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه

- ‌وفاة الأربعة

- ‌وفاة أبي بكر- رضي الله عنه

- ‌مقتل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه

- ‌ذكر الشّورى وصفة الحال في ذلك

- ‌مقتل عثمان بن عفّان

- ‌مقتل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام

- ‌الدولة الثانية: الدولة الأموية وهي التي تسلّمت الملك من الدولة الأولى

- ‌ذكر شيء من سيرة معاوية، ووصف طرف من حاله

- ‌كلام في معنى البريد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه يزيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على وجه الاختصار

- ‌شرح كيفية وقعة الحرّة

- ‌شرح كيفيّة غزو الكعبة

- ‌ثم ملك بعده ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية

- ‌شرح كيفية ذلك على وجه الاختصار

- ‌ثمّ ملك ابنه عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك ابنه الوليد

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه سليمان بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده عمر بن عبد العزيز بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه هشام بن عبد الملك

- ‌شرح مقتل زيد بن عليّ بن الحسين إمام الزيديّة رضي الله عنه

- ‌ثمّ ملك بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن الوليد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده مروان بن محمّد بن مروان

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌[الكلام على الدولة العباسية]

- ‌ذكر انتقال الملك من بني أميّة إلى بني العبّاس

- ‌شرح ابتداء أمر أبي مسلم الخراسانيّ ونسبه

- ‌مقدّمة أخرى قبل الخوض فيها

- ‌وها هنا موضع حكاية

- ‌شرح ابتداء الدولة العباسيّة

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بالزّاب وخذلان مروان وانهزامه

- ‌شرح مقتل مروان الحمار [3]

- ‌وهي التي تسلمت الملك من الدولة الأموية

- ‌أول خليفة ملك منهم: السفّاح

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ذكر شيء من سيرته ومقتله

- ‌ذكر وزارة خالد بن برمك وشيء من سيرته

- ‌ثمّ ملك بعد أخوه أبو جعفر المنصور

- ‌شرح كيفيّة الحال في بناء بغداد

- ‌ذكر السّبب في فعل المنصور ما فعل ببني الحسن عليهم السلام

- ‌شرح خروج النّفس الزكيّة

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة خلع عيسى بن موسى

- ‌شرح السّبب في بنائها

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي أيّوب الموريانيّ للمنصور

- ‌مكرمة

- ‌ذكر القبض على أبي أيّوب سليمان الموريانيّ

- ‌وزارة الربيع بن يونس للمنصور

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المهديّ

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي عبيد الله معاوية بن يسار للمهديّ

- ‌وزارة أبي عبيد الله يعقوب بن داود للمهديّ

- ‌شرح السّبب في القبض عليه وكيفيّة ما جرى

- ‌وزارة الفيض بن أبي صالح للمهديّ

- ‌انقضت أيّام المهديّ ووزرائه ثمّ ملك بعده ابنه موسى الهادي

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بفخّ

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة إبراهيم بن ذكوان الحرّانيّ للهادي

- ‌خلافة هارون الرّشيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في خروج يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عليّ- بن أبي طالب عليه السلام

- ‌شرح الآية التي ظهرت في قضيّة يحيى بن عبد الله

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح أحوال الدّولة البرمكيّة وذكر مبدئها ومآلها

- ‌ذكر وزارة يحيى بن خالد للرّشيد

- ‌سيرة ولده الفضل بن يحيى

- ‌سيرة جعفر بن يحيى البرمكيّ

- ‌أمارة تدلّ على انحراف دولتهم

- ‌شرح السّبب في نكبة البرامكة وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح مقتل جعفر بن يحيى والقبض على أهله

- ‌وزارة أبي العبّاس الفضل بن الرّبيع

- ‌ثمّ ملك الأمين: محمّد بن زبيدة

- ‌شرح الفتنة بين الأمين والمأمون

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه عبد الله المأمون

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ذي الرّئاستين الفضل بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أخيه الحسن بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن أبي خالد الأحول للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن يوسف بن القاسم للمأمون

- ‌وزارة أبي عباد ثابت بن يحيى بن يسار الرازيّ للمأمون

- ‌وزارة أبي عبد الله محمّد يزداد بن سويد للمأمون وهو آخر وزرائه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المعتصم أبو إسحاق محمّد

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح السّبب في بناء سامرّا وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن عمّار بن شاذي للمعتصم

- ‌وزارة محمّد بن عبد الملك الزيّات للمعتصم

- ‌ثمّ ملك بعده هارون الواثق بويع سنة سبع وعشرين ومائتين

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه جعفر المتوكّل

- ‌شرح مقتله على سبيل الاختصار

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي جعفر محمّد بن الفضل الجرجرائي للمتوكّل

- ‌وزارة عبيد الله بن يحيى بن خاقان

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المنتصر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن الخصيب للمنتصر

- ‌ثمّ ملك بعده المستعين وهو أحمد بن المعتصم

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي صالح بن محمّد بن يزداد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتزّ باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة الإسكافيّ للمعتزّ

- ‌وزارة أبي موسى عيسى بن فرخان شاه للمعتزّ

- ‌وزارة أبي جعفر أحمد بن إسرائيل الأنباريّ للمعتزّ

- ‌ثمّ ملك بعده المهتدي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة سليمان بن وهب بن سعيد للمهتدي

- ‌ثمّ ملك بعده المعتمد على الله

- ‌شرح حال صاحب الزنج ونسبه وما آل أمره عليه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان للمعتمد

- ‌وزارة الحسن بن مخلد للمعتمد

- ‌وزارة أبي الصّقر إسماعيل بن بلبل

- ‌وزارة أحمد بن صالح بن شيرزاد القطربّلي للمعتمد

- ‌وزارة عبيد الله بن سليمان بن وهب للمعتمد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتضد ابن أخيه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المكتفي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة العبّاس بن الحسن

- ‌ثمّ ملك بعده المقتدر باللَّه

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الدّولة العلويّة وابتدائها وانتهائها على سبيل الاختصار

- ‌شرح ابتداء هذه الدّولة

- ‌شرح انتهائها

- ‌رجعنا إلى تتمة خلافة المقتدر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابن الفرات

- ‌وزارة الخاقانيّ

- ‌وزارة عليّ بن عيسى للمقتدر

- ‌وزارة حامد بن العبّاس

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد بن عبيد الله ابن يحيى بن خاقان

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله بن أحمد ابن الخصيب للمقتدر

- ‌وزارة أبي عليّ محمّد بن عليّ بن مقلة للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد الكلوذانيّ للمقتدر

- ‌وزارة الحسين بن القاسم بن عبيد الله ابن سليمان بن وهب للمقتدر

- ‌وزارة أبي الفضل جعفر بن الفرات

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه القاهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح حال دولة آل بويه وابتدائها وانتهائها

- ‌ثمّ ملك بعد القاهر ابن أخيه الراضي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة عبد الرحمن بن عيسى بن الجرّاح

- ‌وزارة أبي جعفر بن محمّد بن القاسم الكرخيّ للرّاضي باللَّه

- ‌وزارة سليمان بن الحسن بن مخلد للراضي باللَّه

- ‌وزارة أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات للراضي باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المتّقي باللَّه أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة أبي عبد الله البريديّ للمتّقي

- ‌وزارة أبي إسحاق محمّد بن إبراهيم الإسكافيّ المعروف بالقراريطي للمتّقي

- ‌وزارة البريديّ مرّة ثانية

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله الأصفهانيّ للمتقي

- ‌وزارة أبي الحسن عليّ بن أبي عليّ بن مقلة للمتّقي

- ‌ثمّ ملك بعده أبو القاسم عبد الله المستكفي ابن المكتفي بن المعتضد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده المطيع للَّه أبو القاسم الفضل بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه عبد الكريم أبو بكر الطّائع لأمر الله

- ‌ثمّ ملك بعده القادر أبو العبّاس أحمد ابن إسحاق بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه أبو جعفر عبد الله القائم بأمر الله

- ‌شرح حال الدّولة السلجوقيّة وابتدائها وانتهائها

- ‌ذكر ابتداء حالهم

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ابن جهير

- ‌وزارة رئيس الرّؤساء عليّ بن الحسين بن أحمد ابن محمّد عمر بن المسلمة

- ‌ثمّ ملك بعده ابن ابنه المقتدي بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابنه عميد الدّولة محمّد بن محمّد ابن محمّد بن جهير للمقتدي

- ‌وزارة أبي شجاع ظهير الدين محمّد بن الحسين الهمذانيّ للمقتدي

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المستظهر باللَّه أبو العبّاس أحمد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي المعالي هبة الله بن محمّد ابن المطّلب للمستظهر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المسترشد أبو منصور الفضل بن المستظهر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة الشريف أبي القاسم عليّ بن طراد الزّينبيّ

- ‌وزارة الوزير أبي نصر أحمد بن الوزير نظام الملك للمسترشد

- ‌وزارة أنوشروان خالد بن محمّد القاشانيّ للمسترشد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الرّاشد باللَّه أبو جعفر منصور بن المسترشد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده عمّه المقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمّد بن المستظهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة نظام الدّين أبي نصر المظفّر بن محمّد ابن جهير البغداديّ للمقتفي

- ‌وزارة مؤتمن الدّولة أبي القاسم عليّ ابن صدقة للمقتفي

- ‌وزارة عون الدّين أبي المظفّر يحيى بن هبيرة للمقتفي

- ‌ثمّ ملك بعده المستنجد باللَّه المظفّر يوسف

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ولده محمّد بن يحيى بن هبيرة

- ‌وزارة شرف الدّين أبي جعفر محمّد بن أبي الفتح بن البلديّ للمستنجد باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده المستضيء أبو محمّد الحسن بن المستنجد باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ظهير الدّين أبي بكر منصور بن أبي القاسم نصر بن العطّار

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الإمام الناصر لدين الله أبو العبّاس أحمد بن المستضيء بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة جلال الدين أبي المظفّر عبيد الله

- ‌وزارة معزّ الدين سعيد بن عليّ بن جديدة الأنصاريّ

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي المظفّر محمّد ابن أحمد بن القصّاب

- ‌وزارة السيّد نصير الدين ناصر بن مهديّ العلويّ الرازيّ للناصر

- ‌وزارة مؤيّد الدين محمّد بن عبد الكريم برز [2] القمّي للناصر

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو نصر محمّد الظاهر بأمر الله ابن الناصر لدين الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو جعفر المنصور المستنصر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة نصير الدّين أبي الأزهر أحمد ابن محمّد بن الناقد

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو أحمد عبد الله المستعصم باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي طالب محمد بن أحمد بن العلقميّ

الفصل: ‌ذكر وزارة يحيى بن خالد للرشيد

‌شرح أحوال الدّولة البرمكيّة وذكر مبدئها ومآلها

كانوا قديما على دين المجوس، ثمّ أسلم من أسلم منهم وحسن إسلامهم، وقد ذكرنا وزارة جدّهم خالد بن برمك في أيام المنصور، ونذكر ها هنا وزارة الباقين وقبل الخوض في ذلك، فهذه كلمات تعرف منها نبذة من أحوال هذه الدولة.

اعلم أنّ هذه الدولة كانت غرّة في جبهة الدّهر، وتاجا على مفرق العصر ضربت بمكارمها الأمثال، ومنحتها أوفر إسعادها، فكان يحيى وبنوه كالنّجوم زاهرة والبحور زاخرة، والسّيول دافعة، والغيوث ماطرة، أسواق الآداب عندهم نافقة ومراتب ذوي الحرمات عندهم عالية والدنيا في أيامهم عامرة وأبهة المملكة ظاهرة، وهم ملجأ اللهف [1]، ومعتصم الطّريد [2] ولهم يقول أبو نواس:

سلام على الدنيا إذا ما فقدتم

بني برمك من رائحين وغاد

(طويل)

‌ذكر وزارة يحيى بن خالد للرّشيد

لما جلس الرشيد على سرير المملكة، استوزر يحيى بن خالد بن برمك، وكان كاتبه ونائبة ووزيره قبل الخلافة، فنهض يحيى بن خالد بأعباء الدولة أتمّ نهوض، وسدّ الثغور وتدارك الخلل، وجبى الأموال وعمّر الأطراف، وأظهر رونق الخلافة، وتصدّى لمهمّات المملكة، وكان كاتبا بليغا، لبيبا أديبا سديدا، صائب الآراء حسن التدبير ضابطا لما تحت يده قويّا على الأمور، جوادا يباري الريح كرما وجودا، ممدّحا بكلّ لسان، حليما عفيفا وقورا مهيبا، وله يقول القائل:

لا تراني مصافحا كفّ يحيى

إنّني إن فعلت ضيّعت مالي

لو يمسّ البخيل راحة يحيى

لسخت نفسه ببذل النّوال

ومن آراء يحيى السّديدة، ما قاله للهادي وقد عزم على أن يخلع أخاه هارون من الخلافة ويبايع لابنه جعفر بن الهادي- وكان يحيى كاتب الرشيد وهو يترجّى أن يتولّى هارون الخلافة فيصير هو وزير الدولة- فخلا الهادي بيحيى

[1] اللهف: الملهوف، المضطر إلى العون والمساعدة.

[2]

الطّريد: الملاحق الخائف.

ص: 197

ووهب له عشرين ألف دينار وحادثة في خلع هارون أخيه والمبايعة لجعفر ابنه، فقال له يحيى: «يا أمير المؤمنين، إن فعلت حملت الناس على نكث الأيمان [1] ونقض العهود، وتجرّأ الناس على مثل ذلك ولو تركت أخاك هارون على ولاية العهد، ثمّ بايعت لجعفر بعده، كان ذلك أوكد في بيعته، فترك الهادي الأمر مدة ثم غلب عليه حبّ الولد، فأحضر يحيى مرّة ثانية وفاوضه في ذلك، فقال له يحيى:

يا أمير المؤمنين، لو حدث بك حادث الموت، وقد خلعت أخاك وبايعت لابنك جعفر وهو صغير دون البلوغ- أفترى كانت خلافته تصحّ، وكان مشايخ بني هاشم يرضون ذلك ويسلّمون الخلافة إليه؟ قال: لا، قال يحيى: فدع هذا الأمر حتى يأتيه عفوا، ولو لم يكن المهديّ بايع لهارون لوجب أن تبايع أنت له لئلا تخرج الخلافة من بني أبيك، فصوّب الهادي رأيه، وكان الرشيد بعد ذلك يرى هذه من أعظم أيادي يحيى بن خالد عنده.

ومن مكارمه: قيل: إنّ الرشيد لمّا نكب البرامكة واستأصل شأفتهم، حرّم على الشعراء أن يرثوهم، وأمر بالمؤاخذة على ذلك، فاجتاز بعض الحرّاس ببعض الخربات فرأى إنسانا واقفا، وفي يده رقعة فيها شعر يتضمّن رثاء البرامكة، وهو ينشد ويبكي فأخذه الحرس فأتي به إلى الرّشيد وقصّ عليه الصّورة، فاستحضره الرشيد وسأله عن ذلك فاعترف به، فقال له الرشيد، أما سمعت تحريمي لرثائهم؟

لأفعلنّ بك ولأصنعنّ فقال: يا أمير المؤمنين، إن أذنت لي في حكاية حالي حكيتها، ثمّ بعد ذلك أنت ورأيك قال: قل، قال: إنّي كنت من أصغر كتّاب يحيى بن خالد وأرقّهم حالا، فقال لي يوما: أريد أن تضيفني في دارك يوما، فقلت: يا مولانا أنا دون ذلك، وداري لا تصلح لهذا، قال: لا بدّ من ذلك، قلت: فإن كان لا بدّ فأمهلني مدة حتّى أصلح شأني ومنزلي، ثمّ بعد ذلك أنت ورأيك، قال: كم أمهلك؟

قلت: سنة، قال: كثير قلت فشهورا، قال: نعم فمضيت وشرعت في إصلاح المنزل وتهيئة أسباب الدعوة فلما تهيأت الأسباب أعلمت الوزير بذلك، فقال: نحن

[1] نكث الأيمان: نقض البيعة، وإخلاف اليمين والعهد.

ص: 198

غدا عندك، فمضيت وتهيّأت في الطعام والشراب وما يحتاج إليه فحضر الوزير في غد ومعه ابناه جعفر والفضل وعدّة يسيرة من خواصّ أتباعه، فنزل عن دابّته ونزل ولداه جعفر والفضل، وقال: يا فلان أنا جائع فعجّل لي بشيء، فقال لي الفضل ابنه: الوزير يحبّ الفراريج المشويّة فعجّل منها ما حضر، فدخلت وأحضرت منها شيئا فأكل الوزير ومن معه، ثم قام يتمشّى في الدار وقال: يا فلان فرّجنا في دارك، فقلت يا مولانا هذه هي داري ليس لي غيرها، قال: بل لك غيرها قلت والله ما أملك سواها، فقال: هاتوا بنّاء، فلما حضر قال له: افتح في هذا الحائط بابا، فمضى ليفتح، فقلت: يا مولانا، كيف يجوز أن يفتح باب إلى بيوت الجيران، والله أوصى بحفظ الجار؟ قال: لا بأس في ذلك، ثمّ فتح الباب، فقام الوزير وأبناؤه فدخلوا فيه وأنا معهم، فخرجوا منه إلى بستان حسن كثير الأشجار، والماء يتدفّق فيه، وبه من المقاصير والمساكن ما يروق كلّ ناظر، وفيه من الآلات والفرش والخدم والجواري كلّ جميل بديع، فقال: هذا المنزل وجميع ما فيه لك، فقبّلت يده ودعوت له وتحقّقت القصّة، فإذا هو من يوم حادثني في معنى الدعوة قد أرسل واشترى الأملاك المجاورة لي وعمرها دارا حسنة، ونقل إليها من كلّ شيء وأنا لا أعلم، وكنت أرى العمارة فأحسبها لبعض الجيران، فقال لابنه جعفر: يا بنيّ، هذا منزل وعيال، فالمادّة من أين تكون له؟ قال جعفر: قد أعطيته الضّيعة الفلانيّة بما فيها وسأكتب له بذلك كتابا، فالتفت إلى ابنه الفضل، وقال له:

يا بني، فمن الآن إلى أن يدخل دخل هذه الضيعة ما الّذي ينفق؟ فقال الفضل: عليّ عشرة آلاف دينار أحملها إليه، فقال: فعجّلا له ما قلتما، فكتب لي جعفر بالضّيعة وحمل الفضل إليّ المال فأثريت وارتفعت حالي، وكسبت بعد ذلك معه مالا طائلا، أنا أتقلب فيه إلى اليوم فو الله يا أمير المؤمنين ما أجد فرصة أتمكّن فيها الثناء عليهم والدّعاء لهم إلا انتهزتها مكافأة لهم على إحسانهم ولن أقدر على مكافأتهم! فان كنت قاتلي على ذلك فافعل ما بدا لك. فرقّ الرشيد لذلك وأطلقه، وأذن لجميع الناس في رثائهم.

ص: 199