المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلام في معنى البريد - الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية

[ابن الطقطقي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌الفصل الأول في الأمور السّلطانيّة والسّياسات الملكيّة

- ‌فصل من الدّعاء مختصر

- ‌الدولة الأولى: دولة الأربعة وهم المعروفون بالخلفاء الراشدين

- ‌شرح كيفية الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفية ذلك

- ‌شرح مبدإ الحال في انتقال الملك من الأكاسرة إلى العرب

- ‌شرح الحال في تحيّز الجيش إلى العراق واستخلاص الملك من الفرس

- ‌ذكر طرف مستملحة وقعت حينئذ

- ‌ذكر ما آلت إليه حال يزدجرد

- ‌شرح كيفيّة تدوين الدّواوين

- ‌شرح مبدإ وقعة الجمل وكيفية الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌حديث الخوارج وما كان منهم وما آلت بهم الحال إليه

- ‌كرامة لأمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه

- ‌وفاة الأربعة

- ‌وفاة أبي بكر- رضي الله عنه

- ‌مقتل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه

- ‌ذكر الشّورى وصفة الحال في ذلك

- ‌مقتل عثمان بن عفّان

- ‌مقتل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام

- ‌الدولة الثانية: الدولة الأموية وهي التي تسلّمت الملك من الدولة الأولى

- ‌ذكر شيء من سيرة معاوية، ووصف طرف من حاله

- ‌كلام في معنى البريد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه يزيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على وجه الاختصار

- ‌شرح كيفية وقعة الحرّة

- ‌شرح كيفيّة غزو الكعبة

- ‌ثم ملك بعده ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية

- ‌شرح كيفية ذلك على وجه الاختصار

- ‌ثمّ ملك ابنه عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك ابنه الوليد

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه سليمان بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده عمر بن عبد العزيز بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه هشام بن عبد الملك

- ‌شرح مقتل زيد بن عليّ بن الحسين إمام الزيديّة رضي الله عنه

- ‌ثمّ ملك بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن الوليد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده مروان بن محمّد بن مروان

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌[الكلام على الدولة العباسية]

- ‌ذكر انتقال الملك من بني أميّة إلى بني العبّاس

- ‌شرح ابتداء أمر أبي مسلم الخراسانيّ ونسبه

- ‌مقدّمة أخرى قبل الخوض فيها

- ‌وها هنا موضع حكاية

- ‌شرح ابتداء الدولة العباسيّة

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بالزّاب وخذلان مروان وانهزامه

- ‌شرح مقتل مروان الحمار [3]

- ‌وهي التي تسلمت الملك من الدولة الأموية

- ‌أول خليفة ملك منهم: السفّاح

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ذكر شيء من سيرته ومقتله

- ‌ذكر وزارة خالد بن برمك وشيء من سيرته

- ‌ثمّ ملك بعد أخوه أبو جعفر المنصور

- ‌شرح كيفيّة الحال في بناء بغداد

- ‌ذكر السّبب في فعل المنصور ما فعل ببني الحسن عليهم السلام

- ‌شرح خروج النّفس الزكيّة

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة خلع عيسى بن موسى

- ‌شرح السّبب في بنائها

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي أيّوب الموريانيّ للمنصور

- ‌مكرمة

- ‌ذكر القبض على أبي أيّوب سليمان الموريانيّ

- ‌وزارة الربيع بن يونس للمنصور

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المهديّ

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي عبيد الله معاوية بن يسار للمهديّ

- ‌وزارة أبي عبيد الله يعقوب بن داود للمهديّ

- ‌شرح السّبب في القبض عليه وكيفيّة ما جرى

- ‌وزارة الفيض بن أبي صالح للمهديّ

- ‌انقضت أيّام المهديّ ووزرائه ثمّ ملك بعده ابنه موسى الهادي

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بفخّ

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة إبراهيم بن ذكوان الحرّانيّ للهادي

- ‌خلافة هارون الرّشيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في خروج يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عليّ- بن أبي طالب عليه السلام

- ‌شرح الآية التي ظهرت في قضيّة يحيى بن عبد الله

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح أحوال الدّولة البرمكيّة وذكر مبدئها ومآلها

- ‌ذكر وزارة يحيى بن خالد للرّشيد

- ‌سيرة ولده الفضل بن يحيى

- ‌سيرة جعفر بن يحيى البرمكيّ

- ‌أمارة تدلّ على انحراف دولتهم

- ‌شرح السّبب في نكبة البرامكة وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح مقتل جعفر بن يحيى والقبض على أهله

- ‌وزارة أبي العبّاس الفضل بن الرّبيع

- ‌ثمّ ملك الأمين: محمّد بن زبيدة

- ‌شرح الفتنة بين الأمين والمأمون

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه عبد الله المأمون

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ذي الرّئاستين الفضل بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أخيه الحسن بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن أبي خالد الأحول للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن يوسف بن القاسم للمأمون

- ‌وزارة أبي عباد ثابت بن يحيى بن يسار الرازيّ للمأمون

- ‌وزارة أبي عبد الله محمّد يزداد بن سويد للمأمون وهو آخر وزرائه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المعتصم أبو إسحاق محمّد

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح السّبب في بناء سامرّا وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن عمّار بن شاذي للمعتصم

- ‌وزارة محمّد بن عبد الملك الزيّات للمعتصم

- ‌ثمّ ملك بعده هارون الواثق بويع سنة سبع وعشرين ومائتين

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه جعفر المتوكّل

- ‌شرح مقتله على سبيل الاختصار

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي جعفر محمّد بن الفضل الجرجرائي للمتوكّل

- ‌وزارة عبيد الله بن يحيى بن خاقان

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المنتصر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن الخصيب للمنتصر

- ‌ثمّ ملك بعده المستعين وهو أحمد بن المعتصم

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي صالح بن محمّد بن يزداد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتزّ باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة الإسكافيّ للمعتزّ

- ‌وزارة أبي موسى عيسى بن فرخان شاه للمعتزّ

- ‌وزارة أبي جعفر أحمد بن إسرائيل الأنباريّ للمعتزّ

- ‌ثمّ ملك بعده المهتدي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة سليمان بن وهب بن سعيد للمهتدي

- ‌ثمّ ملك بعده المعتمد على الله

- ‌شرح حال صاحب الزنج ونسبه وما آل أمره عليه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان للمعتمد

- ‌وزارة الحسن بن مخلد للمعتمد

- ‌وزارة أبي الصّقر إسماعيل بن بلبل

- ‌وزارة أحمد بن صالح بن شيرزاد القطربّلي للمعتمد

- ‌وزارة عبيد الله بن سليمان بن وهب للمعتمد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتضد ابن أخيه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المكتفي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة العبّاس بن الحسن

- ‌ثمّ ملك بعده المقتدر باللَّه

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الدّولة العلويّة وابتدائها وانتهائها على سبيل الاختصار

- ‌شرح ابتداء هذه الدّولة

- ‌شرح انتهائها

- ‌رجعنا إلى تتمة خلافة المقتدر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابن الفرات

- ‌وزارة الخاقانيّ

- ‌وزارة عليّ بن عيسى للمقتدر

- ‌وزارة حامد بن العبّاس

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد بن عبيد الله ابن يحيى بن خاقان

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله بن أحمد ابن الخصيب للمقتدر

- ‌وزارة أبي عليّ محمّد بن عليّ بن مقلة للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد الكلوذانيّ للمقتدر

- ‌وزارة الحسين بن القاسم بن عبيد الله ابن سليمان بن وهب للمقتدر

- ‌وزارة أبي الفضل جعفر بن الفرات

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه القاهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح حال دولة آل بويه وابتدائها وانتهائها

- ‌ثمّ ملك بعد القاهر ابن أخيه الراضي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة عبد الرحمن بن عيسى بن الجرّاح

- ‌وزارة أبي جعفر بن محمّد بن القاسم الكرخيّ للرّاضي باللَّه

- ‌وزارة سليمان بن الحسن بن مخلد للراضي باللَّه

- ‌وزارة أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات للراضي باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المتّقي باللَّه أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة أبي عبد الله البريديّ للمتّقي

- ‌وزارة أبي إسحاق محمّد بن إبراهيم الإسكافيّ المعروف بالقراريطي للمتّقي

- ‌وزارة البريديّ مرّة ثانية

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله الأصفهانيّ للمتقي

- ‌وزارة أبي الحسن عليّ بن أبي عليّ بن مقلة للمتّقي

- ‌ثمّ ملك بعده أبو القاسم عبد الله المستكفي ابن المكتفي بن المعتضد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده المطيع للَّه أبو القاسم الفضل بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه عبد الكريم أبو بكر الطّائع لأمر الله

- ‌ثمّ ملك بعده القادر أبو العبّاس أحمد ابن إسحاق بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه أبو جعفر عبد الله القائم بأمر الله

- ‌شرح حال الدّولة السلجوقيّة وابتدائها وانتهائها

- ‌ذكر ابتداء حالهم

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ابن جهير

- ‌وزارة رئيس الرّؤساء عليّ بن الحسين بن أحمد ابن محمّد عمر بن المسلمة

- ‌ثمّ ملك بعده ابن ابنه المقتدي بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابنه عميد الدّولة محمّد بن محمّد ابن محمّد بن جهير للمقتدي

- ‌وزارة أبي شجاع ظهير الدين محمّد بن الحسين الهمذانيّ للمقتدي

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المستظهر باللَّه أبو العبّاس أحمد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي المعالي هبة الله بن محمّد ابن المطّلب للمستظهر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المسترشد أبو منصور الفضل بن المستظهر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة الشريف أبي القاسم عليّ بن طراد الزّينبيّ

- ‌وزارة الوزير أبي نصر أحمد بن الوزير نظام الملك للمسترشد

- ‌وزارة أنوشروان خالد بن محمّد القاشانيّ للمسترشد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الرّاشد باللَّه أبو جعفر منصور بن المسترشد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده عمّه المقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمّد بن المستظهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة نظام الدّين أبي نصر المظفّر بن محمّد ابن جهير البغداديّ للمقتفي

- ‌وزارة مؤتمن الدّولة أبي القاسم عليّ ابن صدقة للمقتفي

- ‌وزارة عون الدّين أبي المظفّر يحيى بن هبيرة للمقتفي

- ‌ثمّ ملك بعده المستنجد باللَّه المظفّر يوسف

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ولده محمّد بن يحيى بن هبيرة

- ‌وزارة شرف الدّين أبي جعفر محمّد بن أبي الفتح بن البلديّ للمستنجد باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده المستضيء أبو محمّد الحسن بن المستنجد باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ظهير الدّين أبي بكر منصور بن أبي القاسم نصر بن العطّار

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الإمام الناصر لدين الله أبو العبّاس أحمد بن المستضيء بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة جلال الدين أبي المظفّر عبيد الله

- ‌وزارة معزّ الدين سعيد بن عليّ بن جديدة الأنصاريّ

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي المظفّر محمّد ابن أحمد بن القصّاب

- ‌وزارة السيّد نصير الدين ناصر بن مهديّ العلويّ الرازيّ للناصر

- ‌وزارة مؤيّد الدين محمّد بن عبد الكريم برز [2] القمّي للناصر

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو نصر محمّد الظاهر بأمر الله ابن الناصر لدين الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو جعفر المنصور المستنصر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة نصير الدّين أبي الأزهر أحمد ابن محمّد بن الناقد

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو أحمد عبد الله المستعصم باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي طالب محمد بن أحمد بن العلقميّ

الفصل: ‌كلام في معنى البريد

أبي طالب لا يبرز له أحد إلا قتله؟!.

وقال معاوية يوما لجلسائه: ما أعجب الأشياء؟ فقال يزيد: أعجب الأشياء هذا السّحاب الراكد بين السماء والأرض، لا يدعمه شيء من تحته، ولا هو منوط بشيء من فوقه. وقال أخر: أعجب الأشياء حظّ يناله جاهل، وحرمان يناله عاقل. وقال آخر: أعجب الأشياء ما لم ير مثله. وقال عمرو بن العاص: أعجب الأشياء أن المبطل يغلب المحقّ (يعرّض بعليّ عليه السلام ومعاوية) فقال معاوية بل أعجب الأشياء أن يعطى الإنسان ما لا يستحقّ إذا كان لا يخاف. (يعرض بعمرو ومصر) فنفث كلّ منهما بما في صدره من الآخر!.

واعلم أنّ معاوية كان مربّي دول، وسائس أمم، وراعي ممالك. ابتكر في الدولة أشياء لم يسبقه أحد إليها، منها: أنّه أوّل من وضع الحشم للملوك، ورفع الحراب بين أيديهم، ووضع المقصورة التي يصلّي الملك أو الخليفة بها في الجامع منفردا من الناس. وذلك لخوفه ممّا جرى لأمير المؤمنين- عليه السلام فصار يصلّي منفردا في مقصورة، فإذا سجد قام الحرس على رأسه بالسيوف. وهو أوّل من وضع البريد لوصول الأخبار بسرعة.

‌كلام في معنى البريد

البريد: أن يجعل خيل مضمرات في عدّة أماكن، فإذا وصل صاحب الخبر المسرع إلى مكان منها، وقد تعب فرسه، ركب غيره فرسا مستريحا. وكذلك يفعل في المكان الآخر حتّى يصل بسرعة. وأمّا معناه اللغويّ: فالبريد هو اثنا عشر ميلا. وأظنّ أن الغاية التي كانوا قدّروها بين بريد وبريد، هي هذا القدر.

وقال الصاحب علاء الدين عطا ملك في جهان كشاي: «ومن جملة الأشياء وضعهم البريد بكلّ مكان طلبا لحفظ الأموال، وسرعة وصول الأخبار ومتجدّدات الأحوال» وما أرى للبريد فائدة سوى سرعة وصول الأخبار فأمّا حفظ الأموال: فأيّ تعلّق له بذلك؟!.

ص: 112

وممّا اخترع معاوية- رضي الله عنه من أمور الملك: ديوان الخاتم.

وهذا ديوان معتبر من أكبر الدواوين، ولم تزل السنّة جارية به إلى أواسط دولة بني العبّاس فأسقط، ومعناه: أن يكون ديوان، وبه نوّاب فإذا صدر توقيع من الخليفة بأمر من الأمور، أحضر التوقيع إلى ذلك الديوان، وأثبتت نسخته فيه، وحزم بخيط وختم بشمع- كما يفعل في هذا الزمان بكتب القضاة- وختم بخاتم صاحب ذلك الديوان.

وكان الّذي حمل معاوية- رضي الله عنه على اختراع هذا الديوان، أنّه أحال رجلا على زياد بن أبيه أمير العراق بمائة ألف درهم، فمضى ذلك الرجل وقرأ الكتاب (وكانت تواقيعهم تصدر غير مختومة فجعل المائة مائتين) فلما رفع زياد حسابه إلى معاوية- رضي الله عنه أنكر معاوية ذلك، وقال: ما أحلته إلا بمائة ألف، ثم استعادها منه ووضع ديوان الخاتم، فصارت التواقيع تصدر منه مختومة، لا يدري أحد ما فيها، ولا يتمكّن أحد من تغييرها. وكان معاوية- رضي الله عنه مصروف الهمّة إلى تدبير أمر الدنيا، يهون عليه كلّ شيء إذا انتظم أمر الملك. فانظر إلى وصف عبد الملك بن مروان له، فإنه لحظ فيه هذا المعنى. قالوا: إنّ عبد الملك بن مروان مرّ بقبر معاوية- رضي الله عنه فترحّم عليه، فقال له رجل: قبر من هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: «قبر رجل كان والله فيما علمته ينطق عن علم، ويسكت عن حلم. كان إذا أعطى أغنى وإذا حارب أفنى» ووصفه أيضا عبد الله بن العباس- وكان من النقّاد- فقال: «ما رأيت أليق من أعطاف [1] معاوية بالرّياسة والملك» . وقال له بعض بني أمية: «والله لو قدرت أن تستكثر [2] بالزّنج لاستكثرت بهم لينتظم لك أمر الملك» .

وكان معاوية- رضي الله عنه نهما شحيحا عند الطّعام، على كرمه وسماحته. فأمّا نهمّه. فقالوا: إنه كان يأكل في كلّ يوم خمس أكلات أخرهنّ

[1] الأعطاف: الأكتاف، وهي أبرز مواضع الثوب من البدن.

[2]

تستكثر: تكثّر أعوانك وجندك.

ص: 113

أغلظهنّ [1]، ثمّ يقول: يا غلام: ارفع فو الله ما شبعت، ولكن مللت. وروي أنه أصلح له عجل مشويّ فأكل معه دستا [2] من الخبز السّميذ [3] ، وأربع فراني [4] وجديا حارا، وآخر باردا سوى الألوان ووضع بين يديه مائة رطل من الباقلى [5] الرّطب فأتى عليه وأما شحّه على الأكل: فإنّ ابن أبي بكرة دخل عليه ومعه ابنه، فجعل ابنه يأكل أكلا مفرطا، ومعاوية يلحظه وفطن ابن أبي بكرة لحنق معاوية- رضي الله عنه ففي الغد حضر الأب وليس معه ابنه، فقال له معاوية: ما فعل ابنك؟ قال: يا أمير المؤمنين: انحرف مزاجه. قال: قد علمت أنّ تلك الأكلة ما كانت تتركه حتى تهيضه وها هنا موضع حكاية حسنة، تدلّ على كرم ومروءة ونبل: كان بعض الوزراء مشغوفا بالأكل، ويحب كلّ من يأكل معه وكلّ من كان أكثر أكلا كان أقرب إلى قلبه فاتّفق أنه قصده بعض الأكابر من العلويّين وكل عليه [6] وجوها من خراج وضمان وغير ذلك، وطلبه بها، فوكل عليه في نفس داره أعني دار الوزير. ففي بعض الأيّام مدّ السّماط بين يدي الوزير، فقال العلويّ للموكلين به: إنّي جائع، فهل تأذنون أن أخرج إلى السّماط وأنتم معي، فآكل وأعود إلى هذا الموضع؟ وكان العلويّ قد فطن لطبع الوزير في ذلك، فاستحيوا منه، وأذنوا له في ذلك فخرج، وجلس في أخريات السّماط وجعل يأكل بينهم فلحظه الوزير وهو مقبل على الأكل، فاستدناه ورفعه إلى صدر المجلس وقدّم له من أطائب ذلك الطعام. ولما بالغ في الأكل زادت بشاشة الوزير وطلاقته. فلمّا رفع الطعام استدعى الوزير كانونا فيه نار، وأحضر الحساب الّذي رفع على الرجل به، وقال: أيّها السيّد: قد أراحك الله من هذا المال، وأنت في

[1] أغلظ الأكلات: أدسمها وأثقلها على المعدة.

[2]

دستا: مجموعة، والكلمة فارسية آلت إلى دستة في الاستعمال الدارج.

[3]

السّميذ: الدقيق الأبيض.

[4]

الفرانيّ: أقراص الخبز السّميك المستدير.

[5]

الباقلّى: القول.

[6]

وكل عليه: فرض عليه.

ص: 114

حلّ منه وو الله وحقّ جدّك- صلوات الله عليه- ليس عندي بهذا الحساب ولا في الديوان به غير هذه النّسخة. ثم ألقاها في الكانون فاحترقت وأفرج عنه وأذن له في الرّواح إلى منزله.

وكانت وفاة معاوية رضي الله عنه في سنة ستّين من الهجرة. ولما أدركته الوفاة أوصى إلى ابنه يزيد وصيّة تدلّ على عقله ولبّه، وخبرته بالأمور ومعرفته بالرّجال فلم يعمل يزيد بشيء منها وقد أثبتها ها هنا لحسنها وسدادها.

قالوا: لمّا مرض معاوية- رضي الله عنه مرضه الّذي مات فيه، دعا ابنه يزيد فقال له: «يا بنيّ! إنّي كفيتك الشدّ والترحال، ووطّأت لك الأمور، وذلّلت لك الأعداء، وأخضعت لك رقاب العرب، وجمعت لك ما لم يجمعه أحد.

فانظر أهل الحجاز فإنّهم أصلك، فأكرم من قدم عليك منهم وتعهّد من غاب، وانظر أهل العراق فإن سألوك أن تعزل كلّ يوم عاملا فافعل، فإنّ عزل عامل أيسر من أن يشهر مائة ألف سيف. وانظر أهل الشام، وليكونوا بطانتك، فإن رابك من عدوّك شيء فانتصر بهم، فإذا أصبتهم فاردد أهل الشام إلى بلادهم، فإنّهم إن أقاموا بها تغيّرت أخلاقهم وإنّي لست أخاف عليك أن ينازعك في هذا الأمر إلا أربعة من قريش: الحسين بن عليّ وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر- رضي الله عنهم فأما ابن عمر: فرجل قد وقذته [1] العبادة، وإذا لم يبق أحد غيره بايعك. وأمّا الحسين بن عليّ: فهو رجل خفيف، ولن يتركه أهل العراق حتى يخرجوه. فإن خرج وظفرت به فاصفح عنه فإن له رحما ماسّة، وحقّا عظيما، وقرابة من محمّد صلوات الله عليه وسلامه. وأمّا ابن أبي بكر، فإن رأى أصحابه صنعوا شيئا صنع مثله. ليست له همّة إلا في النّساء واللهو. وأما الّذي يجثم لك جثوم الأسد ويراوغك مراوغة الثعلب، فإن أمكنته فرصة وثب فذاك ابن الزّبير. فإن هو وثب عليك فظفرت به فقطّعه إربا إربا واحقن دماء [2] قومك ما استطعت.

[1] وقذته العبادة: أضنت جسده. غلبته وتركته عليلا.

[2]

حقن الدماء: وفّرها ولم يرقها.

ص: 115