المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثم ملك بعده ولده أبو أحمد عبد الله المستعصم بالله - الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية

[ابن الطقطقي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌الفصل الأول في الأمور السّلطانيّة والسّياسات الملكيّة

- ‌فصل من الدّعاء مختصر

- ‌الدولة الأولى: دولة الأربعة وهم المعروفون بالخلفاء الراشدين

- ‌شرح كيفية الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفية ذلك

- ‌شرح مبدإ الحال في انتقال الملك من الأكاسرة إلى العرب

- ‌شرح الحال في تحيّز الجيش إلى العراق واستخلاص الملك من الفرس

- ‌ذكر طرف مستملحة وقعت حينئذ

- ‌ذكر ما آلت إليه حال يزدجرد

- ‌شرح كيفيّة تدوين الدّواوين

- ‌شرح مبدإ وقعة الجمل وكيفية الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌حديث الخوارج وما كان منهم وما آلت بهم الحال إليه

- ‌كرامة لأمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه

- ‌وفاة الأربعة

- ‌وفاة أبي بكر- رضي الله عنه

- ‌مقتل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه

- ‌ذكر الشّورى وصفة الحال في ذلك

- ‌مقتل عثمان بن عفّان

- ‌مقتل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام

- ‌الدولة الثانية: الدولة الأموية وهي التي تسلّمت الملك من الدولة الأولى

- ‌ذكر شيء من سيرة معاوية، ووصف طرف من حاله

- ‌كلام في معنى البريد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه يزيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على وجه الاختصار

- ‌شرح كيفية وقعة الحرّة

- ‌شرح كيفيّة غزو الكعبة

- ‌ثم ملك بعده ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية

- ‌شرح كيفية ذلك على وجه الاختصار

- ‌ثمّ ملك ابنه عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك ابنه الوليد

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه سليمان بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده عمر بن عبد العزيز بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه هشام بن عبد الملك

- ‌شرح مقتل زيد بن عليّ بن الحسين إمام الزيديّة رضي الله عنه

- ‌ثمّ ملك بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن الوليد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده مروان بن محمّد بن مروان

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌[الكلام على الدولة العباسية]

- ‌ذكر انتقال الملك من بني أميّة إلى بني العبّاس

- ‌شرح ابتداء أمر أبي مسلم الخراسانيّ ونسبه

- ‌مقدّمة أخرى قبل الخوض فيها

- ‌وها هنا موضع حكاية

- ‌شرح ابتداء الدولة العباسيّة

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بالزّاب وخذلان مروان وانهزامه

- ‌شرح مقتل مروان الحمار [3]

- ‌وهي التي تسلمت الملك من الدولة الأموية

- ‌أول خليفة ملك منهم: السفّاح

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ذكر شيء من سيرته ومقتله

- ‌ذكر وزارة خالد بن برمك وشيء من سيرته

- ‌ثمّ ملك بعد أخوه أبو جعفر المنصور

- ‌شرح كيفيّة الحال في بناء بغداد

- ‌ذكر السّبب في فعل المنصور ما فعل ببني الحسن عليهم السلام

- ‌شرح خروج النّفس الزكيّة

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة خلع عيسى بن موسى

- ‌شرح السّبب في بنائها

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي أيّوب الموريانيّ للمنصور

- ‌مكرمة

- ‌ذكر القبض على أبي أيّوب سليمان الموريانيّ

- ‌وزارة الربيع بن يونس للمنصور

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المهديّ

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي عبيد الله معاوية بن يسار للمهديّ

- ‌وزارة أبي عبيد الله يعقوب بن داود للمهديّ

- ‌شرح السّبب في القبض عليه وكيفيّة ما جرى

- ‌وزارة الفيض بن أبي صالح للمهديّ

- ‌انقضت أيّام المهديّ ووزرائه ثمّ ملك بعده ابنه موسى الهادي

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بفخّ

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة إبراهيم بن ذكوان الحرّانيّ للهادي

- ‌خلافة هارون الرّشيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في خروج يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عليّ- بن أبي طالب عليه السلام

- ‌شرح الآية التي ظهرت في قضيّة يحيى بن عبد الله

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح أحوال الدّولة البرمكيّة وذكر مبدئها ومآلها

- ‌ذكر وزارة يحيى بن خالد للرّشيد

- ‌سيرة ولده الفضل بن يحيى

- ‌سيرة جعفر بن يحيى البرمكيّ

- ‌أمارة تدلّ على انحراف دولتهم

- ‌شرح السّبب في نكبة البرامكة وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح مقتل جعفر بن يحيى والقبض على أهله

- ‌وزارة أبي العبّاس الفضل بن الرّبيع

- ‌ثمّ ملك الأمين: محمّد بن زبيدة

- ‌شرح الفتنة بين الأمين والمأمون

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه عبد الله المأمون

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ذي الرّئاستين الفضل بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أخيه الحسن بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن أبي خالد الأحول للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن يوسف بن القاسم للمأمون

- ‌وزارة أبي عباد ثابت بن يحيى بن يسار الرازيّ للمأمون

- ‌وزارة أبي عبد الله محمّد يزداد بن سويد للمأمون وهو آخر وزرائه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المعتصم أبو إسحاق محمّد

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح السّبب في بناء سامرّا وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن عمّار بن شاذي للمعتصم

- ‌وزارة محمّد بن عبد الملك الزيّات للمعتصم

- ‌ثمّ ملك بعده هارون الواثق بويع سنة سبع وعشرين ومائتين

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه جعفر المتوكّل

- ‌شرح مقتله على سبيل الاختصار

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي جعفر محمّد بن الفضل الجرجرائي للمتوكّل

- ‌وزارة عبيد الله بن يحيى بن خاقان

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المنتصر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن الخصيب للمنتصر

- ‌ثمّ ملك بعده المستعين وهو أحمد بن المعتصم

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي صالح بن محمّد بن يزداد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتزّ باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة الإسكافيّ للمعتزّ

- ‌وزارة أبي موسى عيسى بن فرخان شاه للمعتزّ

- ‌وزارة أبي جعفر أحمد بن إسرائيل الأنباريّ للمعتزّ

- ‌ثمّ ملك بعده المهتدي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة سليمان بن وهب بن سعيد للمهتدي

- ‌ثمّ ملك بعده المعتمد على الله

- ‌شرح حال صاحب الزنج ونسبه وما آل أمره عليه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان للمعتمد

- ‌وزارة الحسن بن مخلد للمعتمد

- ‌وزارة أبي الصّقر إسماعيل بن بلبل

- ‌وزارة أحمد بن صالح بن شيرزاد القطربّلي للمعتمد

- ‌وزارة عبيد الله بن سليمان بن وهب للمعتمد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتضد ابن أخيه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المكتفي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة العبّاس بن الحسن

- ‌ثمّ ملك بعده المقتدر باللَّه

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الدّولة العلويّة وابتدائها وانتهائها على سبيل الاختصار

- ‌شرح ابتداء هذه الدّولة

- ‌شرح انتهائها

- ‌رجعنا إلى تتمة خلافة المقتدر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابن الفرات

- ‌وزارة الخاقانيّ

- ‌وزارة عليّ بن عيسى للمقتدر

- ‌وزارة حامد بن العبّاس

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد بن عبيد الله ابن يحيى بن خاقان

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله بن أحمد ابن الخصيب للمقتدر

- ‌وزارة أبي عليّ محمّد بن عليّ بن مقلة للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد الكلوذانيّ للمقتدر

- ‌وزارة الحسين بن القاسم بن عبيد الله ابن سليمان بن وهب للمقتدر

- ‌وزارة أبي الفضل جعفر بن الفرات

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه القاهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح حال دولة آل بويه وابتدائها وانتهائها

- ‌ثمّ ملك بعد القاهر ابن أخيه الراضي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة عبد الرحمن بن عيسى بن الجرّاح

- ‌وزارة أبي جعفر بن محمّد بن القاسم الكرخيّ للرّاضي باللَّه

- ‌وزارة سليمان بن الحسن بن مخلد للراضي باللَّه

- ‌وزارة أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات للراضي باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المتّقي باللَّه أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة أبي عبد الله البريديّ للمتّقي

- ‌وزارة أبي إسحاق محمّد بن إبراهيم الإسكافيّ المعروف بالقراريطي للمتّقي

- ‌وزارة البريديّ مرّة ثانية

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله الأصفهانيّ للمتقي

- ‌وزارة أبي الحسن عليّ بن أبي عليّ بن مقلة للمتّقي

- ‌ثمّ ملك بعده أبو القاسم عبد الله المستكفي ابن المكتفي بن المعتضد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده المطيع للَّه أبو القاسم الفضل بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه عبد الكريم أبو بكر الطّائع لأمر الله

- ‌ثمّ ملك بعده القادر أبو العبّاس أحمد ابن إسحاق بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه أبو جعفر عبد الله القائم بأمر الله

- ‌شرح حال الدّولة السلجوقيّة وابتدائها وانتهائها

- ‌ذكر ابتداء حالهم

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ابن جهير

- ‌وزارة رئيس الرّؤساء عليّ بن الحسين بن أحمد ابن محمّد عمر بن المسلمة

- ‌ثمّ ملك بعده ابن ابنه المقتدي بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابنه عميد الدّولة محمّد بن محمّد ابن محمّد بن جهير للمقتدي

- ‌وزارة أبي شجاع ظهير الدين محمّد بن الحسين الهمذانيّ للمقتدي

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المستظهر باللَّه أبو العبّاس أحمد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي المعالي هبة الله بن محمّد ابن المطّلب للمستظهر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المسترشد أبو منصور الفضل بن المستظهر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة الشريف أبي القاسم عليّ بن طراد الزّينبيّ

- ‌وزارة الوزير أبي نصر أحمد بن الوزير نظام الملك للمسترشد

- ‌وزارة أنوشروان خالد بن محمّد القاشانيّ للمسترشد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الرّاشد باللَّه أبو جعفر منصور بن المسترشد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده عمّه المقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمّد بن المستظهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة نظام الدّين أبي نصر المظفّر بن محمّد ابن جهير البغداديّ للمقتفي

- ‌وزارة مؤتمن الدّولة أبي القاسم عليّ ابن صدقة للمقتفي

- ‌وزارة عون الدّين أبي المظفّر يحيى بن هبيرة للمقتفي

- ‌ثمّ ملك بعده المستنجد باللَّه المظفّر يوسف

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ولده محمّد بن يحيى بن هبيرة

- ‌وزارة شرف الدّين أبي جعفر محمّد بن أبي الفتح بن البلديّ للمستنجد باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده المستضيء أبو محمّد الحسن بن المستنجد باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ظهير الدّين أبي بكر منصور بن أبي القاسم نصر بن العطّار

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الإمام الناصر لدين الله أبو العبّاس أحمد بن المستضيء بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة جلال الدين أبي المظفّر عبيد الله

- ‌وزارة معزّ الدين سعيد بن عليّ بن جديدة الأنصاريّ

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي المظفّر محمّد ابن أحمد بن القصّاب

- ‌وزارة السيّد نصير الدين ناصر بن مهديّ العلويّ الرازيّ للناصر

- ‌وزارة مؤيّد الدين محمّد بن عبد الكريم برز [2] القمّي للناصر

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو نصر محمّد الظاهر بأمر الله ابن الناصر لدين الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو جعفر المنصور المستنصر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة نصير الدّين أبي الأزهر أحمد ابن محمّد بن الناقد

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو أحمد عبد الله المستعصم باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي طالب محمد بن أحمد بن العلقميّ

الفصل: ‌ثم ملك بعده ولده أبو أحمد عبد الله المستعصم بالله

سمعهما استحسنهما وهما:

وزيرنا زاهد والناس قد زهدوا

فيه فكلّ عن اللذّات منكمش

أيّامه مثّل شهر الصّوم خالية

من المعاصي وفيها الجوع والعطش

(بسيط) وما زالت السّعادة تخدمه إلى آخر عمره، فمن جملة سعادته- وهو من الاتّفاقات العجيبة- ما حدّث عنه، وهو أنه قبل الوزارة عمل في بعض الأعياد سنبوسجا كثيرا، وأحبّ أنّ يداعب بعض أصحابه، فأمر أن يحشى سبعون سنبوسجة بحبّ قطن ونخالة وتجعل مفردة، وعمل سنبوسجا كثيرا كجاري العادة، وركب إلى دار الخليفة فطلب منه عمل شيء من السنبوسج، فذكر أنّ عنده شيئا مفروغا منه، وأمر خادما له بإحضار ما عنده من السّنبوسج، فمضى الخادم عن غير معرفة بذلك المحشوّ بحبّ القطن ومزج الجميع ووضعه في الأطباق ليحمله إلى دار الخليفة، فجاء الجواري والخدم وقالوا: أعطونا حصّتنا من هذا، فأخذوا منه مائة سنبوسجة، وحمل الخادم الأطباق بما فيها إلى دار الخليفة، فلمّا حمل السّنبوسج وصار بدار الخليفة ورجع ابن الناقد إلى داره سأل عن السنبوسج المحشوّ بحبّ القطن، فقالوا له: ما عرفنا بشيء من ذلك، وفلان الخادم جاء ومزج الجميع وأخذه ومضى، فلم يشكّ أنّه هالك وكادت تسقط قوّته خوفا وخجلا، فقال: أما تخلّف منه شيء قطّ؟ قالوا: قد اقتطع الجواري والخدم منه حدود مائة سنبوسجة، فقال: أحضروها فأحضرت وفتحت بين يديه، فوجد السبعين سنبوسجة المحشوّة بحبّ القطن قد حصلت بأيدي الجواري والخدم في جملة ما أخذوه لأنفسهم، لم تشذّ منهم واحدة إلى دار الخليفة، ومات نصير الدين في سنة اثنتين وأربعين وستّمائة في خلافة المستعصم.

انقضت أيام المستنصر ووزرائه.

‌ثمّ ملك بعده ولده أبو أحمد عبد الله المستعصم باللَّه

بويع له بالخلافة في سنة أربعين وستّمائة، وهو آخر الخلفاء.

كان المستعصم رجلا خيّرا متديّنا ليّن الجانب سهل العريكة عفيف اللسان حمل كتاب الله تعالى، وكتب خطّا مليحا وكان سهل الأخلاق، وكان خفيف الوطأة إلّا أنّه كان مستضعف الرأي ضعيف البطش، قليل الخبرة بأمور المملكة مطموعا

ص: 317

فيه، غير مهيب في النفوس، ولا مطّلع على حقائق الأمور، وكان زمانه ينقضي أكثره بسماع الأغاني والتفرّج على المساخرة، وفي بعض الأوقات يجلس بخزانة الكتب جلوسا ليس فيه كبير فائدة، وكان أصحابه مستولين عليه، وكلّهم جهال من أراذل العوامّ، إلا وزيره مؤيّد الدين محمّد بن العلقميّ فإنّه كان من أعيان الناس وعقلاء الرّجال، وكان مكفوف اليد مردود القول، يترقّب العزل والقبض صباح مساء.

وكانت عادة الخلفاء أكثرهم أن يحبسوا أولادهم وأقاربهم- وبذلك جرت سنّتهم إلى آخر أيّام المستنصر- فلمّا ولي المستعصم أطلق أولاده الثلاثة ولم يحبسهم وهم: الأمير الكبير أبو العبّاس أحمد، والعامّة تسمّيه أبا بكر، وليس بصحيح، وإنما سمّوه بذلك، لأنّه لمّا نهب الكرخ نسب الأمر في ذلك إليه وقيل إنّه هو الّذي أشار بذلك والأمير الأوسط وهو أبو الفضائل عبد الرّحمن كان شهما، خرج إلى بين يدي السّلطان هولاكو، ووقع كلامه بموضع الاستحسان في الحضرة السّلطانية، والأمير الأصغر أبو المناقب.

حدّثني صفيّ الدين عبد المؤمن بن فاخر الأرمويّ- وكان قد صار في آخر أيّام المستعصم مقرّبا عنده ومن خواصّه، وكان قد استجدّ في آخر أيّامه خزانة كتب ونقل إليها من نفائس الكتب وسلّم مفاتيحها إلى عبد المؤمن، فصار عبد المؤمن يجلس بباب الخزانة ينسخ له ما يريد، وإذا خطر للخليفة الجلوس في خزانة الكتب جاء إليها وعدل عن الخزانة الأولى التي كانت مسلّمة إلى الشيخ صدر الدّين عليّ ابن النيّار، قال (أعني عبد المؤمن) : كنت مرّة جالسا في حجرة صغيرة وأنا أنسخ وهناك مرتبة برسم الخليفة إذا جاء إلى هناك جلس عليها، وقد بسطت عليها ملحفة لتردّ عنها الغبار، فجاء خويدم صغير ونام قريبا من المرتبة المذكورة واستغرق في النّوم، فتقلّب حتى تلفّف في تلك الملحفة المبسوطة على المرتبة ثم تقلّب حتّى صارت رجلاه على المسند، قال: وأنا مشغول بالنّسخ فأحسست بوطء في الدّهليز، فنظرت فإذا هو الخليفة وهو يستدعيني بالإشارة ويخفّف وطأه، فقمت إليه منزعجا وقبّلت الأرض، فقال لي: هذا الخويدم الّذي قد نام حتى تلفّف في هذه الملحفة وصارت رجلاه على المسند متى هجمت عليه حتّى يستيقظ ويعلم أني شاهدته على هذه الحال فتنفطر مرارته من الخوف، فأيقظه أنت برفق فإنّي سأخرج

ص: 318

إلى البستان، ثمّ أعود، قال: وخرج الخليفة فدخلت إلى الخويدم وأيقظته فانتبه، ثم أصلحنا المرتبة، ثمّ دخل الخليفة.

وحدّثني بعض أهل بغداد قال: حدّثت أنّ الشيخ صدر الدين بن التيار شيخ الخليفة قال: دخلت مرّة إلى خزانة الكتب على عادتي وفي كمّي منديل فيه رقاع كثيرة لجماعة من أرباب الحوائج، فطرحت المنديل وفيه الرّقاع في موضعي، ثم قمت لبعض شأني، فلمّا عدت إلى الخزانة بعد ساعة حللت الرّقاع من المنديل حتى أتأملّها وأقدّم منها المهمّ، فرأيتها جميعها وعليها توقيع الخليفة بالإجابة إلى جميع ما فيها، فعلمت أنّ الخليفة قد جاء إلى الخزانة عند قيامي فرأى المنديل وفيه الرّقاع ففتحها ووقّع على جميعها والمستعصم هو آخر خلفاء الدولة العباسية ببغداد. ولم يجر في أيام المستعصم شيء يؤثر سوى نهب الكرخ، وبئس الأثر ذلك!.

وفي آخر أيّامه قويت، الأراجيف [1] بوصول عسكر المغول صحبة السّلطان هولاكو فلم يحرّك ذلك منه عزما، ولا نبه منه همّة، ولا أحدث عنده همّا، وكان كلّما سمع عن السّلطان من الاحتياط والاستعداد شيء ظهر من الخليفة نقيضه من التّفرط والإهمال، ولم يكن يتصور حقيقة الحال في ذلك، ولا يعرف هذه الدّولة- يسّر الله إحسانها وأعلى شأنها- حقّ المعرفة. وكان وزيره مؤيّد الدين بن العلقميّ يعرف حقيقة الحال في ذلك، ويكاتبه بالتّحذير والتّنبيه، ويشير عليه بالتّيقظ والاحتياط والاستعداد وهو لا يزداد إلا غفولا. وكان خواصّه يوهمونه أنّه ليس في هذا كبير خطر ولا هناك محذور، وأنّ الوزير إنما يعظّم هذا لينفق سوقه ولتبرز إليه الأموال ليجنّد بها العساكر فيقتطع منها لنفسه.

وما زالت غفلة الخليفة تنمي [2] ويقظة الجانب الآخر تتضاعف، حتّى وصل العسكر السلطاني إلى همذان وأقام بها مديدة، ثمّ تواترت الرّسل السّلطانيّة إلى الدّيوان المستعصميّ، فوقع التعيين من ديوان الخليفة على ولد أستاذ الدّار، وهو شرف الدين عبد الله بن الجوزيّ، فبعث رسولا إلى خدمة الدّركاه [3] السلطانيّة بهمذان، فلمّا وصل وسمع جوابه علم أنه جواب مغالطة ومدافعة، فحينئذ

[1] الأراجيف: الشائعات من الأخبار.

[2]

نمى ينمي: مثلهما: نما ينمو بمعنى زاد يزيد أو كثر يكثر.

[3]

الدّركاه: القصر أو السّدّة. والكلمة فارسيّة.

ص: 319

وقع الشّروع في قصد بغداد وبثّ العساكر إليها، فتوجّه عسكر كثيف من المغول، والمقدم عليهم باجو، إلى تكريت ليعبروا من هناك إلى الجانب الغربيّ ويقصدوا بغداد من غربها، ويقصدها العسكر السلطانيّ من شرقيّها، فلمّا عبر عسكر باجو من تكريت، وانحدر إلى أعمال بغداد أجفل النّاس من دجيل والإسحاقي ونهر ملك ونهر عيسى، ودخلوا إلى المدينة بنسائهم وأولادهم، حتّى كان الرجل أو المرأة يقذف بنفسه في الماء، وكان الملّاح إذا عبر أحد في سفينة من جانب إلى جانب يأخذ أجرته سوارا من ذهب أو طرازا من زركش أو عدّة من الدنانير. فلمّا وصل العسكر السلطانيّ إلى دجيل- وهو يزيد على ثلاثين ألف فارس- خرج إليه عسكر الخليفة صحبة مقدّم الجيوش مجاهد الدين أيبك الدّويدار وكان عسكره في غاية القلّة، فالتقوا بالجانب الغربيّ من بغداد قريبا من البلد، فكانت الغلبة في أوّل الأمر لعسكر الخليفة، ثم كانت الكرّة للعسكر السلطانيّ فأبادوهم قتلا وأسرا، وأعانهم على ذلك نهر فتحوه في طول الليل، فكثرت الوحول في طريق المنهزمين فلم ينج منهم إلا من رمى نفسه في الماء أو من دخل البريّة ومضى على وجه الشأم ونجا الدّويدار في جمعيّة من عسكره ووصل إلى بغداد، وساق باجو حتّى دخل البلد من جانبه الغربيّ، ووقف بعساكره محاذي التّاج، وجاست عساكره خلال الدّيار وأقام محاذي التاج أيّاما.

وأمّا حال معسكر السلطاني فإنّه في يوم الخميس رابع محرم من سنة ستّ وخمسين وستّمائة ثارت غبرة عظيمة شرقيّ بغداد على درب يعقوبا بحيث عمّت البلد فانزعج الناس من ذلك وصعدوا إلى أعالي السّطوح والمناير [1] يتشوّفون، فانكشفت الغبرة عن عساكر السلطان وخيوله ولفيفه وكراعه وقد طبق وجه الأرض وأحاط ببغداد من جميع جهاتها، ثم أسرعوا في استعمال أسباب الحصار، وشرع العسكر الخليفي في المدافعة والمقاومة إلى اليوم التاسع عشر من محرم، فلم يشعر الناس إلا ورايات المغول ظاهرة على سور بغداد من برج يسمى برج العجمي من ناحية باب من أبواب بغداد يقال له باب كلواذى.

وكان هذا البرج أقصر أبراج السور، وتقحم العسكر السلطاني هجوما ودخولا، فجرى من القتل الذريع والنهب العظيم والتمثيل البليغ ما يعظم سماعه

[1] المناير جمع منارة وهي المئذنة.

ص: 320