المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح الحال في ذلك - الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية

[ابن الطقطقي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌الفصل الأول في الأمور السّلطانيّة والسّياسات الملكيّة

- ‌فصل من الدّعاء مختصر

- ‌الدولة الأولى: دولة الأربعة وهم المعروفون بالخلفاء الراشدين

- ‌شرح كيفية الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفية ذلك

- ‌شرح مبدإ الحال في انتقال الملك من الأكاسرة إلى العرب

- ‌شرح الحال في تحيّز الجيش إلى العراق واستخلاص الملك من الفرس

- ‌ذكر طرف مستملحة وقعت حينئذ

- ‌ذكر ما آلت إليه حال يزدجرد

- ‌شرح كيفيّة تدوين الدّواوين

- ‌شرح مبدإ وقعة الجمل وكيفية الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌حديث الخوارج وما كان منهم وما آلت بهم الحال إليه

- ‌كرامة لأمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه

- ‌وفاة الأربعة

- ‌وفاة أبي بكر- رضي الله عنه

- ‌مقتل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه

- ‌ذكر الشّورى وصفة الحال في ذلك

- ‌مقتل عثمان بن عفّان

- ‌مقتل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام

- ‌الدولة الثانية: الدولة الأموية وهي التي تسلّمت الملك من الدولة الأولى

- ‌ذكر شيء من سيرة معاوية، ووصف طرف من حاله

- ‌كلام في معنى البريد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه يزيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على وجه الاختصار

- ‌شرح كيفية وقعة الحرّة

- ‌شرح كيفيّة غزو الكعبة

- ‌ثم ملك بعده ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية

- ‌شرح كيفية ذلك على وجه الاختصار

- ‌ثمّ ملك ابنه عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك ابنه الوليد

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه سليمان بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده عمر بن عبد العزيز بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه هشام بن عبد الملك

- ‌شرح مقتل زيد بن عليّ بن الحسين إمام الزيديّة رضي الله عنه

- ‌ثمّ ملك بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده يزيد بن الوليد بن عبد الملك

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان

- ‌ثمّ ملك بعده مروان بن محمّد بن مروان

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌[الكلام على الدولة العباسية]

- ‌ذكر انتقال الملك من بني أميّة إلى بني العبّاس

- ‌شرح ابتداء أمر أبي مسلم الخراسانيّ ونسبه

- ‌مقدّمة أخرى قبل الخوض فيها

- ‌وها هنا موضع حكاية

- ‌شرح ابتداء الدولة العباسيّة

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بالزّاب وخذلان مروان وانهزامه

- ‌شرح مقتل مروان الحمار [3]

- ‌وهي التي تسلمت الملك من الدولة الأموية

- ‌أول خليفة ملك منهم: السفّاح

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ذكر شيء من سيرته ومقتله

- ‌ذكر وزارة خالد بن برمك وشيء من سيرته

- ‌ثمّ ملك بعد أخوه أبو جعفر المنصور

- ‌شرح كيفيّة الحال في بناء بغداد

- ‌ذكر السّبب في فعل المنصور ما فعل ببني الحسن عليهم السلام

- ‌شرح خروج النّفس الزكيّة

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك على سبيل الاختصار

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح كيفيّة خلع عيسى بن موسى

- ‌شرح السّبب في بنائها

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي أيّوب الموريانيّ للمنصور

- ‌مكرمة

- ‌ذكر القبض على أبي أيّوب سليمان الموريانيّ

- ‌وزارة الربيع بن يونس للمنصور

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المهديّ

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي عبيد الله معاوية بن يسار للمهديّ

- ‌وزارة أبي عبيد الله يعقوب بن داود للمهديّ

- ‌شرح السّبب في القبض عليه وكيفيّة ما جرى

- ‌وزارة الفيض بن أبي صالح للمهديّ

- ‌انقضت أيّام المهديّ ووزرائه ثمّ ملك بعده ابنه موسى الهادي

- ‌شرح كيفيّة الوقعة بفخّ

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة إبراهيم بن ذكوان الحرّانيّ للهادي

- ‌خلافة هارون الرّشيد

- ‌شرح كيفيّة الحال في خروج يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عليّ- بن أبي طالب عليه السلام

- ‌شرح الآية التي ظهرت في قضيّة يحيى بن عبد الله

- ‌شرح كيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح أحوال الدّولة البرمكيّة وذكر مبدئها ومآلها

- ‌ذكر وزارة يحيى بن خالد للرّشيد

- ‌سيرة ولده الفضل بن يحيى

- ‌سيرة جعفر بن يحيى البرمكيّ

- ‌أمارة تدلّ على انحراف دولتهم

- ‌شرح السّبب في نكبة البرامكة وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح مقتل جعفر بن يحيى والقبض على أهله

- ‌وزارة أبي العبّاس الفضل بن الرّبيع

- ‌ثمّ ملك الأمين: محمّد بن زبيدة

- ‌شرح الفتنة بين الأمين والمأمون

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه عبد الله المأمون

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ذي الرّئاستين الفضل بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أخيه الحسن بن سهل للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن أبي خالد الأحول للمأمون

- ‌وزارة أحمد بن يوسف بن القاسم للمأمون

- ‌وزارة أبي عباد ثابت بن يحيى بن يسار الرازيّ للمأمون

- ‌وزارة أبي عبد الله محمّد يزداد بن سويد للمأمون وهو آخر وزرائه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المعتصم أبو إسحاق محمّد

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح السّبب في بناء سامرّا وكيفيّة الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن عمّار بن شاذي للمعتصم

- ‌وزارة محمّد بن عبد الملك الزيّات للمعتصم

- ‌ثمّ ملك بعده هارون الواثق بويع سنة سبع وعشرين ومائتين

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه جعفر المتوكّل

- ‌شرح مقتله على سبيل الاختصار

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي جعفر محمّد بن الفضل الجرجرائي للمتوكّل

- ‌وزارة عبيد الله بن يحيى بن خاقان

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه محمّد المنتصر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أحمد بن الخصيب للمنتصر

- ‌ثمّ ملك بعده المستعين وهو أحمد بن المعتصم

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي صالح بن محمّد بن يزداد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتزّ باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة الإسكافيّ للمعتزّ

- ‌وزارة أبي موسى عيسى بن فرخان شاه للمعتزّ

- ‌وزارة أبي جعفر أحمد بن إسرائيل الأنباريّ للمعتزّ

- ‌ثمّ ملك بعده المهتدي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة سليمان بن وهب بن سعيد للمهتدي

- ‌ثمّ ملك بعده المعتمد على الله

- ‌شرح حال صاحب الزنج ونسبه وما آل أمره عليه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان للمعتمد

- ‌وزارة الحسن بن مخلد للمعتمد

- ‌وزارة أبي الصّقر إسماعيل بن بلبل

- ‌وزارة أحمد بن صالح بن شيرزاد القطربّلي للمعتمد

- ‌وزارة عبيد الله بن سليمان بن وهب للمعتمد

- ‌ثمّ ملك بعده المعتضد ابن أخيه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المكتفي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة العبّاس بن الحسن

- ‌ثمّ ملك بعده المقتدر باللَّه

- ‌شرح الحال في ذلك

- ‌شرح حال الدّولة العلويّة وابتدائها وانتهائها على سبيل الاختصار

- ‌شرح ابتداء هذه الدّولة

- ‌شرح انتهائها

- ‌رجعنا إلى تتمة خلافة المقتدر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابن الفرات

- ‌وزارة الخاقانيّ

- ‌وزارة عليّ بن عيسى للمقتدر

- ‌وزارة حامد بن العبّاس

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد بن عبيد الله ابن يحيى بن خاقان

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله بن أحمد ابن الخصيب للمقتدر

- ‌وزارة أبي عليّ محمّد بن عليّ بن مقلة للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد للمقتدر

- ‌وزارة أبي القاسم عبيد الله بن محمّد الكلوذانيّ للمقتدر

- ‌وزارة الحسين بن القاسم بن عبيد الله ابن سليمان بن وهب للمقتدر

- ‌وزارة أبي الفضل جعفر بن الفرات

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه القاهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌شرح حال دولة آل بويه وابتدائها وانتهائها

- ‌ثمّ ملك بعد القاهر ابن أخيه الراضي باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة عبد الرحمن بن عيسى بن الجرّاح

- ‌وزارة أبي جعفر بن محمّد بن القاسم الكرخيّ للرّاضي باللَّه

- ‌وزارة سليمان بن الحسن بن مخلد للراضي باللَّه

- ‌وزارة أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات للراضي باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده أخوه المتّقي باللَّه أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة أبي عبد الله البريديّ للمتّقي

- ‌وزارة أبي إسحاق محمّد بن إبراهيم الإسكافيّ المعروف بالقراريطي للمتّقي

- ‌وزارة البريديّ مرّة ثانية

- ‌وزارة أبي العبّاس أحمد بن عبيد الله الأصفهانيّ للمتقي

- ‌وزارة أبي الحسن عليّ بن أبي عليّ بن مقلة للمتّقي

- ‌ثمّ ملك بعده أبو القاسم عبد الله المستكفي ابن المكتفي بن المعتضد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده المطيع للَّه أبو القاسم الفضل بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه عبد الكريم أبو بكر الطّائع لأمر الله

- ‌ثمّ ملك بعده القادر أبو العبّاس أحمد ابن إسحاق بن المقتدر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه أبو جعفر عبد الله القائم بأمر الله

- ‌شرح حال الدّولة السلجوقيّة وابتدائها وانتهائها

- ‌ذكر ابتداء حالهم

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة ابن جهير

- ‌وزارة رئيس الرّؤساء عليّ بن الحسين بن أحمد ابن محمّد عمر بن المسلمة

- ‌ثمّ ملك بعده ابن ابنه المقتدي بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ابنه عميد الدّولة محمّد بن محمّد ابن محمّد بن جهير للمقتدي

- ‌وزارة أبي شجاع ظهير الدين محمّد بن الحسين الهمذانيّ للمقتدي

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المستظهر باللَّه أبو العبّاس أحمد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة أبي المعالي هبة الله بن محمّد ابن المطّلب للمستظهر

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه المسترشد أبو منصور الفضل بن المستظهر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة الشريف أبي القاسم عليّ بن طراد الزّينبيّ

- ‌وزارة الوزير أبي نصر أحمد بن الوزير نظام الملك للمسترشد

- ‌وزارة أنوشروان خالد بن محمّد القاشانيّ للمسترشد

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الرّاشد باللَّه أبو جعفر منصور بن المسترشد

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌ثمّ ملك بعده عمّه المقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمّد بن المستظهر

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة نظام الدّين أبي نصر المظفّر بن محمّد ابن جهير البغداديّ للمقتفي

- ‌وزارة مؤتمن الدّولة أبي القاسم عليّ ابن صدقة للمقتفي

- ‌وزارة عون الدّين أبي المظفّر يحيى بن هبيرة للمقتفي

- ‌ثمّ ملك بعده المستنجد باللَّه المظفّر يوسف

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ولده محمّد بن يحيى بن هبيرة

- ‌وزارة شرف الدّين أبي جعفر محمّد بن أبي الفتح بن البلديّ للمستنجد باللَّه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده المستضيء أبو محمّد الحسن بن المستنجد باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة ظهير الدّين أبي بكر منصور بن أبي القاسم نصر بن العطّار

- ‌ثمّ ملك بعده ابنه الإمام الناصر لدين الله أبو العبّاس أحمد بن المستضيء بأمر الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيّامه

- ‌وزارة جلال الدين أبي المظفّر عبيد الله

- ‌وزارة معزّ الدين سعيد بن عليّ بن جديدة الأنصاريّ

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي المظفّر محمّد ابن أحمد بن القصّاب

- ‌وزارة السيّد نصير الدين ناصر بن مهديّ العلويّ الرازيّ للناصر

- ‌وزارة مؤيّد الدين محمّد بن عبد الكريم برز [2] القمّي للناصر

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو نصر محمّد الظاهر بأمر الله ابن الناصر لدين الله

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو جعفر المنصور المستنصر باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة نصير الدّين أبي الأزهر أحمد ابن محمّد بن الناقد

- ‌ثمّ ملك بعده ولده أبو أحمد عبد الله المستعصم باللَّه

- ‌شرح حال الوزارة في أيامه

- ‌وزارة مؤيّد الدين أبي طالب محمد بن أحمد بن العلقميّ

الفصل: ‌شرح الحال في ذلك

حتّى فرّق أربعة وعشرين ألف ألف ألف درهم (والألف مكررة ثلاث مرّات) ورجله في الرّكاب، ثمّ حوّل الباقي على عارض الجيش برسم مصالح الجند، واعلم أنّ المأمون كان من عظماء الخلفاء، ومن عقلاء الرّجال، وله اختراعات كثيرة في مملكته.

منها: أنّه هو أوّل من فحص منهم عن علوم الحكمة، وحصّل كتبها وأمر بنقلها إلى العربيّة وشهرها، وحلّ إقليدس [1] ، ونظر في علوم الأوائل، وتكلّم في الطّبّ وقرّب أهل الحكمة.

ومن اختراعاته: مقاسمة أهل السّواد [2] بالخمسين، وكانت المقاسمة المعهودة النّصف.

ومن اختراعاته: إلزام الناس أن يقولوا بخلق القرآن، وفي أيّامه نشأت هذه المقالة ونوظر [3] فيها أحمد بن حنبل [4] وغيره، ولما مات المأمون أوصى أخاه المعتصم بها، فلما ولي المعتصم تكلّم فيها وضرب أحمد بن حنبل، وسيرد خبر ذلك في موضعه.

ومن اختراعاته: نقل الدولة من بني العبّاس إلى بني عليّ- عليه السلام وتغيير الناس السّواد بلباس الخضرة، وقالوا: هو لباس أهل الجنّة.

‌شرح الحال في ذلك

كان المأمون قد فكّر في حال الخلافة بعده، وأراد أن يجعلها في رجل يصلح لها لتبرأ ذمّته- كذا زعم- فذكر أنّه اعتبر أحوال أعيان البيتين: البيت

[1] إقليدس: عالم رياضيات وهندسة، يوناني شهير، عاش في القرن الثالث قبل الميلاد، وعلّم في الإسكندرية. ترجمت كتبه في عهد المأمون.

[2]

السّواد: الريف العراقي ما بين النّهرين.

[3]

نوظر: جودل ونوقش من المجادلة والمناقشة.

[4]

أحمد بن حنبل: أبو عبد الله، أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانيّ. ولد ببغداد عالم جليل ومحدّث له المسند في الحديث النبوي. دعي إلى القول بخلق القرآن فلم يجب فأضطهد وحبس حتى زمن المتوكّل. كانت وفاته عام/ 241/ هـ.

ص: 214

العبّاسيّ، والبيت العلويّ، فلم ير فيهما أصلح ولا أفضل، ولا أورع ولا أدين، من عليّ بن موسى الرّضا- عليهما السلام فعهد إليه، وكتب بذلك كتابا بخطّه، وألزم الرّضا- عليه السلام بذلك، فامتنع ثمّ أجاب، ووضع خطّه في ظاهر كتاب المأمون بما معناه: إني قد أجبت امتثالا للأمر، وإن كان الجفر والجامعة يدلان على ضدّ ذلك، وشهد عليهما بذلك الشّهود.

وكان الفضل بن سهل وزير المأمون هو القائم بهذا الأمر والمحسّن له، فبايع الناس لعلي بن موسى من بعد المأمون، وسمّي الرّضا من آل محمّد (صلوات الله عليه) .

وأمر المأمون الناس بخلع لباس السّواد ولبس الخضرة، وكان هذا في خراسان فلمّا سمع العبّاسيّون ببغداد فعل المأمون، من نقل الخلافة عن البيت العبّاسي إلى البيت العلويّ، وتغيير لباس آبائه وأجداده بلباس الخضرة- أنكروا ذلك وخلعوا المأمون من الخلافة غضبا من فعله، وبايعوا عمّه إبراهيم بن المهديّ وكان فاضلا شاعرا، فصيحا أديبا، مغنيا حاذقا، وإليه أشار أبو فراس بن حمدان في ميميّته بقوله:

منكم عليّة أم منهم وكان لكم

شيخ المغنّين إبراهيم أم لهم؟ [1]

(بسيط) وكانت تلك الأيام أيام فتن وحروب، فلمّا بلغ المأمون ذلك قام وقعد، فقتل الفضل بن سهل، ومات بعده عليّ بن موسى من أكل عنب، فقيل: إنّ المأمون لما

[1] البيت من قصيدة يرثي بها أبو فراس لعذابات بني عليّ بن أبي طالب واضطهادهم على أيدي العباسيين، ويعيّر العبّاسيين بالتفاتهم إلى العبث والغناء واللهو، ويذكر اسم علية بنت المهدي وإبراهيم بن المهديّ على سبيل التعيير. وقد ورد البيت في ديوان أبي فراس بقوله:

منكم عليّة أم منهم؟ وكان لهم

شيخ المغنّين إبراهيم أم لكم

أمّا عليّة فهي أخت إبراهيم بن المهديّ وكانت أديبة شاعرة تحسن صناعة الغناء ولقبها العبّاسة، وهي أخت الرشيد. توفيت عام/ 210/ هـ.

ص: 215

رأى إنكار الناس ببغداد لما فعله، من نقل الخلافة إلى بني علي، وأنهم نسبوا ذلك إلى الفضل بن سهل، ورأى الفتنة قائمة- دسّ جماعة على الفضل بن سهل فقتلوه في الحمام، ثم أخذهم وقدّمهم ليضرب أعناقهم، فقالوا له: أنت أمرتنا بذلك ثمّ تقتلنا! فقال لهم: أنا أقتلكم بإقراركم، وأما ما ادّعيتموه عليّ من أنّي أمرتكم بذلك فدعوى ليس لها بيّنة. ثم ضرب أعناقهم وحمل رءوسهم إلى الحسن بن سهل، وكتب يعزّيه ويوليه مكانه وانضمّ إلى ذلك أمور أخرى سنذكرها عند ذكر وزارة الفضل. ثمّ دسّ إلى عليّ بن موسى الرّضا- عليه السلام سمّا في عنب- وكان يحبّ العنب- فأكل منه واستكثر فمات من ساعته، ثم كتب إلى بني العبّاس ببغداد يقول لهم: إنّ الّذي أنكرتموه من أمر عليّ بن موسى قد زال، وإنّ الرجل مات، فأجابوه أغلظ جواب، وكان الفضل بن سهل قد استولى على المأمون، ومتّ أمتانا [1] كثيرة بقيامه في أمره، واجتهاده في أخذ الخلافة له، فكان قد قطع الأخبار عنه ومتى علم أنّ أحدا قد دخل عليه أو أعلمه بخبر سعى في مكروهة، فامتنع الناس من كلام المأمون فانطوت الأخبار عنه، فلما ثارت الفتنة ببغداد وخلع المأمون، وبويع إبراهيم بن المهديّ وأنكر العباسيّون على المأمون فعله كتم الفضل بن سهل عن المأمون مدّة، فدخل عليه عليّ بن موسى الرّضا- عليهما السلام وقال له:

يا أمير المؤمنين: إنّ الناس ببغداد قد أنكروا عليك مبايعتي بولاية العهد، وتغيير لباس السّواد، وقد خلعوك، وبايعوا عمّك إبراهيم بن المهديّ، وأحضر إليه جماعة من القوّاد ليخبروه بذلك، فلما سألهم المأمون أمسكوا وقالوا: نخاف من الفضل، فإن كنت تؤمننا من شرّه أخبرناك، فأمّنهم وكتب لهم خطّه، فأخبروه بصورة الحال وعرّفوه خيانة الفضل وتعمية الأمور عليه، وستره الأخبار عنه، وقالوا له: الرأي أن تسير بنفسك إلى بغداد وتستدرك أمرك، وإلا خرجت الخلافة من يدك، فكان بعد هذا بقليل قتل الفضل، وموت الرّضا على ما تقدّم شرحه.

[1] متّ أمتانا: قطع برأيه وتصرّف.

ص: 216

ثمّ جدّ المأمون في المسير إلى بغداد، فوصلها وقد هرب إبراهيم بن المهديّ والفضل بن الربيع، فلمّا دخل البلد تلقّاه العبّاسيون وكلّموه في ترك لباس الخضرة والعود إلى السّواد واجتمعت به زينب بنت سليمان بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس- وكانت في طبقة المنصور، وكان بنو العبّاس يعظّمونها، وإليها ينسب الزينبيّون- فقالت له: يا أمير المؤمنين: ما الّذي دعاك إلى نقل الخلافة من بيتك إلى بيت عليّ قال: يا عمّة: إني رأيت عليّا حين ولي الخلافة أحسن إلى بني العبّاس، فولّى عبد الله البصرة، وعبيد الله اليمن، وقثم سمرقند [1] ، وما رأيت أحدا من أهل بيتي حين افضى الأمر إليهم، كافئوه على فعله في ولده، فأحببت أن أكافئه على إحسانه فقالت له: يا أمير المؤمنين: إنّك على برّ بني عليّ والأمر فيك، أقدر منك على برّهم والأمر فيهم، ثمّ سألته تغيير لباس الخضرة فأجابها إلى ذلك، وأمر الناس بتغييره والعود إلى لباس السّواد، ثمّ إنّ المأمون عفا عن عمّه إبراهيم بن المهدي، ولم يؤاخذه، وأحسن إليه وصار من ندمائه، وكذلك فعل مع الفضل بن الرّبيع، وكان حليما، كان يقول: لو عرف الناس حبّي للعفو لتقرّبوا إليّ بالذّنوب.

في أيامه خرج محمّد بن جعفر الصادق عليهما السلام بمكّة، وبويع بالخلافة وسمّوه أمير المؤمنين، وكان بعض أهله قد حسّن له ذلك حين رأى كثرة الاختلاف ببغداد، وما بها من الفتن، وخروج الخوارج، وكان محمّد بن جعفر شيخا من شيوخ آل أبي طالب يقرأ عليه العلم، وكان روى عن أبيه عليه السلام علما جمّا، فمكث بمكّة مدّة، وكان الغالب على أمره ابنه وبعض بني عمه فلم تحمد سيرتهما، وأرسل المأمون إليهم عسكرا فكانت الغلبة له، وظفر به المأمون وعفا عنه.

وفي أيّامه خرج أبو السّرايا وقويت شوكته، ودعا إلى بعض أهل البيت، فقاتله الحسن بن سهل فكانت الغلبة للجيش المأمونيّ وقتل أبو السّرايا، ثمّ صفا الملك بعد ذلك للمأمون وسكنت الفتّن، وقام المأمون بأعباء الخلافة وتدبير المملكة

[1] قثم: هو ابن العبّاس بن عبد المطّلب ولّاه علي بن أبي طالب على المدينة واستمر فيها إلى أن قتل عليّ فخرج إلى سمرقند واستشهد بها عام/ 57/ هـ.

ص: 217