الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واجبة عند القراءة؛ لأن صيغة افعل للوجوب كما تقرر في الأصول.
وقال كثير من أهل العلم: إن الأمر في الآية للندب والاستحباب، وحكي عليه الإجماع أبو جعفر بن جرير وغيره من الأئمة، وظاهر الآية أيضًا: الأمر بالاستعاذة عند القراءة في الصلاة لعموم الآية. والعلم عند الله تعالى.
•
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الشيطان ليس له سلطان على المؤمنين المتوكلين على الله، وأن سلطانه إنما هو على أتباعه الذين يتولونه والذين هم به مشركون.
وبين هذا المعنى في غير هذا الموضع، كقوله:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)} وقوله: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} وقوله: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)} وقوله: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ} الآية، وقوله:{وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}
واختلف العلماء في معني السلطان في هذه الآيات، فقال أكثر أهل العلم: هو الحجة، أي: ليس للشيطان عليهم حجة فيما يدعوهم إليه من عبادة الأوثان.
وقال بعضهم: ليس له سلطان عليهم، أي: تسلط وقدرة على أن يوقعهم في ذنب لا توبة منه. وقد قدمنا هذا. والمراد
بـ {الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} الذين يطيعونه فيوالونه بالطاعة.
وأظهر الأقوال في قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} أن الضمير عائد إلى الشيطان، لا إلى الله، ومعنى كونهم مشركين به هو طاعتهم له في الكفر والمعاصي، كما يدل عليه قوله تعالى:{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)} وقوله عن إبراهيم: {يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ} إلى غير ذلك من الآيات. وأما سلطانه على الذين يتولونه فهو ما جعلوه له أنفسهم من الطاعة والاتباع والموالاة، بغير موجب يستوجب ذلك.
تنبيه
فإن قيل: أثبت الله للشيطان سلطانًا على أوليائه في آيات؛ كقوله هنا: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} الآية، وقوله:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)} فالاستثناء يدل على أن له سلطانًا على من اتبعه من الغاوين، مع أنه نفي عنه السلطان عليهم في آيات أخر، كقوله:{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ} الآية.
وقوله تعالى حاكيًا عنه مقررًا له: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} .
فالجواب هو: أن السلطان الذي أثبته له عليهم غير السلطان الذي نفاه، وذلك من وجهين:
الأول: أن السلطان المثبت له هو سلطان إضلاله لهم