الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك من الآيات.
وبين تعالى في موضع آخر: أن فضله كبير على جميع المؤمنين، وهو قوله:{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47)} وبين المراد بالفضل الكبير في قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (22)} .
•
.
بين الله جل وعلا في هذه الآيات الكريمة شدة عناد الكفار وتعنتهم، وكثرة اقتراحاتهم لأجل التعنت لا لطلب الحق، فذكر أنهم قالوا له صلى الله عليه وسلم: إنهم لن يؤمنوا له -أي: لن يصدقوه- حتى يفجر لهم من الأرض ينبوعًا، وهو يفعول من نبع: أي: ماء غزير، ومنه قوله تعالى:{فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} {أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ} أي: بستان من نخيل وعنب، فيفجر خلالها، أي: وسطها أنهارًا من الماء، أو يسقط السماء عليهم كسفًا، أي: قطعًا كما زعم؛ أي: في قوله تعالى: {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ .. } الآية. أو يأتيهم بالله والملائكة قبيلًا، أي: معاينة. قاله قتادة وابن جريج. كقوله: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا} .
وقال بعض العلماء: {قَبِيلًا (92)} : أي: كفيلًا؛ من تقبله
بكذا: إذا كفله به. والقبيل والكفيل والزعيم بمعنى واحد.
وقال الزمخشري: قبيلًا بما تقول، شاهدًا بصحته. وكون القبيل في هذه الآية بمعنى الكفيل مروي عن ابن عباس والضحاك. وقال مقاتل:{قَبِيلًا (92)} شهيدًا. وقال مجاهد: هو جمع قبيلة؛ أي: تأتي بأصناف الملائكة. وعلى هذا القول فهو حال من الملائكة، أو يكون له بيت من زخرف، أي: من ذهب؛ ومنه قوله "في الزخرف": {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} إلى قوله {وَزُخْرُفًا} أي ذهبًا.
أو يرقى في السماء، أي: يصعد فيه، وإنهم لن يؤمنوا لرقيه، أي: من أجل صعوده، حتى ينزل عليهم كتابًا يقرءونه. وهذا التعنت والعناد العظيم الذي ذكره جل وعلا عن الكفار هنا بينه في مواضع أخر. وبين أنهم لو فعل الله ما اقترحوا ما آمنوا؛ لأن من سبق عليه الشقاء لا يؤمن؛ كقوله تعالى:{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)} وقوله: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وقوله: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)} وقوله: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109)} وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (97)} والآيات بمثل هذا كثيرة.
وقوله في هذه الآية: {كِتَابًا نَقْرَؤُهُ} أي: كتابًا من الله إلى كل رجل منا.