الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)} أي أمامهم ملك، وكان ابن عبَّاس يقرؤها كان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة غصبًا، ومن إطلاق وراء بمعنى أمام في كلام العرب قول لبيد:
أليس ورائي إن تراخت منيتي
…
لزوم العصا تحني عليها الأصابع
وقول الآخر:
أترجو بنو مروان سمعي وطاعتي
…
وقومي تميم والفلاة ورائيا
وقول الآخر:
ومن ورائك يوم أنت بالغه
…
لا حاضر معجز عنه ولا باد
فوراء بمعنى أمام في الأبيات، وقال بعض العلماء: معنى من ورائه جهنم، أي: من بعد هلاكه جهنم، وعليه فوراء في الآية بمعنى بعد، ومن إطلاق وراء بمعنى بعد قول النابغة:
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
…
وليس وراء الله للمرء مذهب
أي ليس بعد الله مذهب. قاله القرطبي. والأول هو الظاهر وهو الحق.
•
قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ}
الآية ضرب الله تعالى لأعمال الكفار مثلًا في هذه الآية الكريمة برماد اشتدت به الرياح في يوم عاصف، أي: شديد الريح، فإن تلك الريح الشديدة العاصفة تطير ذلك الرماد، ولم تبق له أثرًا فكذلك أعمال الكفار، كصلات الأرحام، وقرى الضيف، والتنفيس عن المكروب، وبر الوالدين، ونحو ذلك
يبطلها الكفر ويذهبها كما تطير تلك الريح ذلك الرماد، وضرب أمثالًا أخر في آيات أخر لأعمال الكفار بهذا المعنى كقوله:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} وقوله: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ} الآية، وقوله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264)} وقوله:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)} إلى غير ذلك من الآيات.
وبين في موضع آخر أن الحكمة في ضربه للأمثال أن يتفكر الناس فيها فيفهموا الشيء بنظرة، وهو قوله:{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)} ونظيره قوله: {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)} وبين في موضع آخر أن الأمثال لا يعقلها إلَّا أهل العلم، وهو قوله تعالى:{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43)} وبين في موضع آخر أن المثل المضروب يجعله الله سبب هداية لقوم فهموه، وسبب ضلال لقوم لم يفهموا حكمته، وهو قوله:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26)} وبين في موضع آخر أنَّه تعالى لا يستحيي أن يضرب مثلًا ما ولو كان المثل المضروب بعوضة فما فوقها، قيل: فما هو أصغر منها؛ لأنه يفوقها في الصغر، وقيل: فما فوقها، أي: فما هو