الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45)} إلى غير ذلك من الآيات، وقد تقرر في فن المعاني، وفي مبحث الأمر عند الأصوليين، أَنَّ من المعاني التي تأتي لها صيغة أفعل التهديد، كما في الآية المذكورة، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{فَذَرْهُمْ} يعني اتركهم، وهذا الفعل لم يستعمل منه إلَّا الأمر والمضارع فماضيه ترك، ومصدره الترك، واسم الفاعل منه تارك، واسم المفعول منه متروك، وقال بعض العلماء: هذه الآية منسوخة بآيات السيف والعلمُ عند الله تعالى.
قال القرطبي: "والأمل الحرص على الدنيا والانكباب عليها والحب لها والإعراض عن الآخرة" وعن الحسن رحمه الله أنَّه قال: "ما أطال عبدِ الأمل إلَّا أساء العمل" وقد قدمنا علاج طول الأمل في سورة البقرة.
•
قوله تعالى: {وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}
قد يقال في هذه الآية الكريمة: كيف يقرون بأنه أنزل إليه الذكر وينسبونه للجنون مع ذلك.
والجواب أن قولهم: {يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} يعنون في زعمه تهكمًا منهم به، ويوضح هذا المعنى ورود مثله من الكفار متهكمين بالرسل عليهم صلوات الله وسلامه في مواضِع أخر، كقوله تعالى عن فرعون مع موسى قال:{قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27)} وقوله عن قوم شعيب: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87)} .
•
قوله تعالى: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7)}
لو ما في هذه الآية الكريمة للتحضيض، وهو طلب الفعل طلبًا
حثيثًا ومعنى الآية أن الكفار طلبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - طلب تخصيص أن يأتيهم بالملائكة؛ ليكون إتيان الملائكة معه دليلًا على صدقه أنَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبين طلب الكفار هذا في آيات أخر، كقوله عن فرعون مع موسى:{فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53)} وقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21)} وقوله: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ} الآية، وقوله {لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7)} وقوله:{أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92)} إلى غير ذلك من الآيات.
واعلم أَن لو تركب مع "لا" و"ما" لمعنيين:
الأول منهما: التحضيض، ومثاله في لو ما في هذه الآية الكريمة، ومثاله في لولا قول جرير:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم
…
بنى ضوطرى لولا الكمي المقنعا
يعني هلا تعدون الكمي المقنع.
المعنى الثاني: هو امتناع شيء لوجود غيره، وهو في لولا كثيرًا جدًا، كقول عامر بنُ الأكوع رضي الله عنه:
تالله لولا الله ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
ومثاله في لو ما قول ابن مقبل:
لو ما الحياء ولو ما الدين عبتكما
…
ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري
وأما هل فلم تركب إلَّا مع لا وحدها للتحضيض.