الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال مقيده -عفا الله عنه-: الذي يتبادر إلى الذهن أن لفظة {أَعْمَى} الثانية صيغة تفضيل، أي: هو أشد عمى في الآخرة.
ويدل عليه قوله بعده: {وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72)} فإنها صيغة تفضيل بلا نزاع. والمقرر في علم العربية: أن صيغتي التعجب وصيغة التفضيل لا يأتيان من فعل الوصف منه على أفعل الذي أنثاه فعلاء، كما أشار له في الخلاصة بقوله:
• وغير ذي وصف يضاهي أشهلا*
والظاهر أن ما وجد في كلام العرب مصوغًا من صيغة تفضيل أو تعجب غير مستوف للشروط = أنه يحفظ ولا يقاس عليه، كما أشار له في الخلاصة بقوله:
وبالندور احكم لغير ما ذكر
…
ولا تقس على الذي منه أثر
ومن أمثلة ذلك قوله:
ما في المعالي لكم ظل ولا ثمر
…
وفي المخازي لكم أشباح أشياخ
أما الملوك فأنت اليوم ألأمهم
…
لؤمًا وأبيضهم سربال طباخ
وقال بعض العلماء: إن قوله في هذا البيت "وأبيضهم سربال طباخ" ليس صيغة تفضيل، بل المعنى أنت وحدك الأبيض سربال طباخ من بينهم.
•
روي عن سعيد بن جبير أنها نزلت في المشركين من قريش، قالوا له صلى الله عليه وسلم: لا ندعك تستلم
الحجر الأسود حتى تستلم آلهتنا.
وعن ابن عباس في رواية عطاء: أنها نزلت في وفد ثقيف، أتوا النبي فسألوه شططًا قالوا: متعنا بآلهتنا سنة حتى نأخذ ما يهدى لها، وحرم وادينا كما حرمت مكة، إلى غير ذلك من الأقوال في سبب نزولها. وعلى كل حال فالعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.
ومعنى الآية الكريمة: أن الكفار كادوا يفتنونه، أي: قاربوا ذلك. ومعنى يفتنونك: يزلونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره مما لم نوحه إليك.
قال بعض أهل العلم: قاربوا ذلك في ظنهم، لا فيما في نفس الأمر. وقيل: معنى ذلك أنه خطر في قلبه صلى الله عليه وسلم أن يوافقهم في بعض ما أحبوا، ليجرهم إلى الإسلام لشدة حرصه على إسلامهم.
وبين في موضع آخر: أنهم طلبوا منه الإتيان بغير ما أوحي إليه، وأنه امتنع أشد الامتناع وقال لهم: إنه لا يمكنه أن يأتي بشيء من تلقاء نفسه، بل يتبع ما أوحى إليه ربه، وذلك في قوله:{قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)} وقوله في هذه الآية: {وَإِنْ كَادُوا} هي المخففة من الثقيلة، وهي هنا مهملة، واللام هي الفارقة بينها وبين إن النافية كما قال في الخلاصة:
وخففت إن فقل العمل
…
وتلزم اللام إذا ما تهمل