الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
340 - (52) باب: نزول السكينة لقراءة القرآن
1747 -
(761)(170) وَحدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا أَبُو خَيثَمَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ. قَال: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ. وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدُورُ وَتَدْنُو. وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ مِنْهَا. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ ذلِكَ لَهُ. فَقَال: "تِلْكَ السَّكِينَةُ،
ــ
340 -
(52) باب نزول السكينة لقراءة القرآن
1747 -
(761)(170)(وحدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي أبو زكرياء النيسابوري (أخبرنا أبو خيثمة) زهير بن معاوية بن حديج مصغرًا الجعفي الكوفي، ثقة، من (7)(عن أبي إسحاق) الهمداني السبيعى عمرو بن عبد الله الكوفي، ثقة، من (3)(عن البراء) بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي أبي عمارة الكوفي، وهذا السند من رباعياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد نيسابوري (قال) البراء (كان رجل) من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقرأ) في جوف الليل (سورة الكهف) ليس نزول السكينة خاصًّا بها لقوله تنزلت للقرآن (وعنده) في البيت (فرس مربوط بشطنين) أي بحبلين، تثنية شطن وهو الحبل الطويل المضطرب والنوى وجمعه أشطان، وإنما ربطه بشطنين لقوته وشدته، وصف أعرابي فرسه فقال: كأنه شيطان في أشطان، والشطون البعيدة يقال شطن إذا بعد ومنه الشيطان على أحد التأويلين (فتغشته) غطت ذلك الرجل القارئ (سحابة) مثل الضبابة (فجعلت) السحابة (تدور) أي تجول وتطوف حوله (وتدنو) أي تقترب منه (وجعل فرسه) المربوط عنده (ينفر) أي يهرب ويشرد (منها) أي من تلك السحابة، وهذه هي الرواية المشهورة، تنفر من النفور، وعند أبي بحر تنقز بالقاف والزاي ومعناه تثب يقال نقز الصبي وقفز إذا وثب (فلما أصبح) الرجل ودخل في الصباح (أتى النبي صلى الله عليه وسلم نذكر) أي أخبر الرجل (ذلك) الَّذي حصل له في الليل من مجيء السحابة له عند القراءة ونفور الفرس منها (له) صلى الله عليه وسلم (فقال) له النبي صلى الله عليه وسلم (تلك) السحابة التي جاءتك عند القراءة هي (السكينة) وهي ما يحصل به السكون وصفاء القلب، قال النواوي: قد قيل في معنى السكينة أشياء كثيرة المختار منها أنها شيء من مخلوقات الله تعالى فيه طمأنينة ورحمة ومعه الملائكة، وقال الراغب الأصفهاني: قيل هو مَلكٌ يُسكِّن قلب المؤمن ويؤمِّنه، كما روي أن عليًّا قال:
تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ".
1748 -
(00)(00) وَحدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، (وَاللَّفْظُ لابْنِ الْمُثَنَّى)، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. قَال: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: قَرَأَ رَجُلٌ الْكَهْفَ. وَفِي الدَّارِ دَابَةٌ. فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ. فَنَظَرَ فَإِذَا ضَبَابَةٌ،
ــ
إن السكينة لتنطق على لسان عمر اهـ (تنزلت) عليك وتدلت (للقرآن) أي لقراءتك القرآن. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 293 - 298] والبخاري [3614] والترمذي [2887]. وعبارة القرطبي هنا: والسكينة مأخوذة من السكون وهو الوقار والطمأنينة وهي هنا اسم للملائكة كما فسرها في الرواية الأخرى وسماهم بذلك لشدة وقارهم وسكونهم تعظيمًا لقراءة هذه السورة، واختلف المفسرون في قوله تعالى {فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 248] على أقوال كثير؛ فقيل السكينة الرحمة، وقيل حيوان كالهر له جناحان وذنب ولعينيه شعاع فإذ انظر للجيش انهزم، وقيل آيات يسكنون لها، وقال ابن وهب: روح من الله يتكلم معهم ويبين لهم إذا اختلفوا وهذا القول أشبهها لأنه موافق لما في هذا الحديث اهـ من المفهم.
قال النواوي: وفي هذا الحديث جواز رؤية آحاد الأمة الملائكة، وفيه فضيلة القراءة وأنها سبب نزول الرحمة وحضور الملائكة، وفيه فضيلة استماع القرآن.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث البراء رضي الله عنه فقال:
1748 -
(00)(00)(وحدثنا ابن المثنى وابن بشار) البصريان (واللفظ (الآتي (لابن المثنى قالا: حَدَّثَنَا محمد بن جعفر) البصري المعروف بغندر (حَدَّثَنَا شعبة عن أبي إسحاق) السبيعي (قال: سمعت البراء يقول) وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان كوفيان، غرضه بسوقه بيان متابعة شعبة لأبي خيثمة في رواية هذا الحديث عن أبي إسحاق (قرأ رجل) من المسلمين لم أرَ من ذكر اسمه (الكهف) أي سورته، لا يختص نزول السكينة بقرائتها دون سائر القرآن لقوله في آخر الحديث تنزلت عند القرآن اهـ من الأُبيّ (وفي الدّار) عنده (دابّة) يعني فَرَسًا كما هو مصرَّح في الرواية السابقة (فجعَلَت) أي شرَعَت الدابّة (تَنْفِر) من نَفَر من باب ضرب أي تثِب وتضطرب (فنظر) الرجل القارئ حواليه (فإذا ضبابة) واحدة الضباب بفتح الضاد فيهما؛ وهو ندى كالغبار
أَوْ سَحَابَةٌ، قَدْ غَشِيَتْهُ. قَال: فَذَكَرَ ذلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "اقْرَأْ فُلانُ! فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ عِنْدَ الْقُرْآنِ، أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ".
1749 -
(00)(00) وَحدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو دَاوُدَ. قَالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. قَال: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ، فَذَكَرَا نَحْوَهُ. غَيرَ أَنَّهُمَا قَالا: تَنْقُزُ
ــ
يُغَشِّي الأرض بالغدَوات كما في المصباح (أو) قال أبو إسحاق (سحابة) وهي غربال المطر معروفة، والشك من شعبة، وإذا فجائية (قد غشيته) أي قد غشيت الرجل وغظته أي ففاجأه غِشيان ضبابة (قال) البراء (فذكر) الرجل القارئ (ذلك) الَّذي رأى النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال) له النبي صلى الله عليه وسلم (اقرأ) القرآن يا (فلان) ولا تخف من الضبابة أو من السحابة (فإنها) فإن تلك الضبابة (السكينة تنزلت عند القرآن) أي لأجل قراءة القرآن (أو) قال أبو إسحاق (تنزَّلت للقرآن) والشك أيضًا من شعبة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث البراء فقال:
1749 -
(00)(00) وحدثنا ابن المثنى) البصريّ (حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسَّان الأزدي البصريّ، ثقة، من (9) روى عنه في (14) بابا (وأبو داود) الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (14) بابا كلاهما (قالا حَدَّثَنَا شعبة) غرضه بيان متابعتهما لمحمد بن جعفر (عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يقول) الحديث (فذكرا) أي فذكر عبد الرحمن وأبو داود (نحوه) أي نحو حديث محمد بن جعفر ومثله (غير أنهما) أي لكن أنّ عبد الرحمن وأبا داود (قالا) في روايتهما فجَعَلَت الدابّة (تنقُز) أي تثب بالقاف والزاي من باب نصر، وكانت الرواية الأولى وجَعَل فرسه ينفِر والرواية الثانية فجَعَلت تنفر وهذه رواية ثالثة، قال النواوي: الروايتان الأوليان بالفاء والراء بلا خلاف وأما الثالثة فبالقاف المضمومة وبالزاي هذا هو المشهور، ووقع في بعض نسخ بلادنا في الثالثة ينفز بالفاء والزاي وحكاه القاضي عياض عن بعضهم وغلّطه، ومعنى ينقز بالقاف والزاي يثب وفي معناه القفز من باب ضرب وكذلك النفر كما هو مقتضى ما في بعض النسخ اهـ هامش.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث البراء بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما فقال:
1750 -
(762)(171) وَحَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، (وَتَقَارَبَا في اللَّفْظِ)، قَالا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ خَبَّابٍ حدَّثَهُ؛ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ حدَّثَهُ؛ أَنَّ أُسَيدَ بْنَ حُضَيرٍ، بَينَمَا هُوَ، لَيلَةً، يَقْرَأُ في مِرْبَدِهِ. إِذْ جَالتْ فَرَسُهُ، فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالتْ أُخْرَى، فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالتْ
ــ
1750 -
(762)(171)(وحدثني حسن بن علي الحلواني) الهُذلي أبو علي المكي، ثقة، من (11) روى عنه في (8) أبواب (وحجّاج) بن يوسف بن حجّاج الثقفي أبو محمد البغدادي المعروف بـ (ابن الشاعر) ثقة، من (11) روى عنه في (13) بابا (وتقاربا في اللفظ قالا: حَدَّثَنَا يعقوب بن إبراهيم) بن سعد الزهري أبو يوسف المدني نزيل بغداد، ثقة، من (9) روى عنه في (4) أبواب (حَدَّثَنَا أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو إسحاق المدني، ثقة، من (8) روى عنه في (14) بابا (حَدَّثَنَا يزيد) بن عبد الله بن أسامة (بن الهاد) الليثي أبو عبد الله المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (12) بابا (أن عبد الله بن خبّاب) الأنصاري النجّاري مولاهم مولى بني عدي بن النجّار المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (2)(حدثه أن أبا سعيد) سعد بن مالك الأنصاري (الخدري) رضي الله عنه (حدثه) أي حدّث لعبد الله بن خبّاب (أن أُسيد بن حضير) بالتصغير فيهما، بن سماك بن عتيك بن امرئ القَيس الأنصاري الأشهلي أبا عيسى المدني رضي الله عنه شهد العقبة وكان أحد النقباء فيها، له ثمانية عشر حديثًا (18) اتقفا على حديث واحد منها، روى عنه (ع) وأنس بن مالك في الجهاد، وأبو سعيد الخدري في الصلاة، وليس في مسلم مَن اسمه أُسيد إلَّا هذا الصحابي الجليل. وهذا السند من سباعياته رجاله ستة منهم مدنيون وواحد إما مكي أو بغدادي، وفيه رواية صحابي عن صحابي (بينما هو ليلة) من الليالي (يقرأ) القرآن (في مربده) أي في موضع تجفيف التمر كالبيدر للحنطة ونحوها (إذ جالت فرسه) أي وثبت، أنّث الفرس هنا حين قال جالت فرسه، وذكّره في الرواية السابقة حيث قال وعنده فرس مربوط فكلاهما صحيح لأن الفرس يقع على الذكَر والأنثى، ومعنى جالت اضطربت ووثبت، والمربد هو الموضع الَّذي يُيبّس فيه التمر كالبيدر للطعام، وإذ فجائية رابطة لجواب بينما والظرف متعقق بالجواب أي بينما أوقات قراءته القرآن في مربده إذ جالت فرسه المربوطة عنده (فقرأ) ثانيًا (ثم جالت) أي وثبت الفرس مرةً (أخرى فقرأ) ثالثًا (ثم جالت) مرة ثالثة
أَيضًا. قَال أُسَيْدٌ: فَخَشِيتُ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، فَقُمْتُ إِلَيهَا. فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فَوْقَ رَأْسِي، فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ. عَرَجَتْ في الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا. قَال: فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! بَينَمَا أَنَا الْبَارِحَةَ مِنْ جَوْفِ اللَّيلِ أَقْرَأُ في مِرْبَدِي إِذْ جَالتْ فَرَسِي. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اقْرَإِ ابْنَ حُضَيرٍ! " قَال: فَقَرَأْتُ، ثُمَّ جَالتْ أَيضًا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اقْرَإِ ابْنَ حُضَيرٍ! " قَال: فَقَرَأْتُ، ثُمَّ جَالتْ أَيضًا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اقْرَإِ ابْنَ حُضَيرٍ! "
ــ
(أيضًا) ولفظة أيضًا كلمة يؤتى بها بين شيئين بينهما عُلقة كما بسطنا الكلام عليها في جواهر التعليمات (قال أُسيد) بن حضير (فخشيت) أي خفت من الفرس (أن تطأ) وتدوس ولدي (يحيى) وكان قريبًا من الفرس (فقمت إليها) أي إلى الفرس لأبحث عن سبب اضطرابها (فإذا) شيء (مثل الظُّلة) أي شبهها، والظُّلة هي ما بقي من الشمس كسحاب أو سقف بيت مأخوذة من الظل قائم (فوق رأسي) وإذا فجائية أيضًا أي ففاجأني رؤية مثل الظلة فوق رأسي (فيها) أي في تلك الظلة أنوار (أمثال السرُج) أشباه المصابيح والسرج بضمتين جمع سراج وهو المصباح، شبَّه الأَنوار التي رأى في السحابة بها، ولفظ البخاري أمثال المصابيح أي أجسام لطيفة نورانية، ثم (عرجت) وصعدت تلك الظلة (في الجو) والهواء وارتفعت (حتَّى ما أراها) ولا أبصرها، والجو بتشديد الواو ما بين السماء والأرض (قال) أسيد (ف) لما أصبحت (غدوت) أي بكرت ودخلت (على رسول الله صلى الله عليه وسلم فـ) أخبرته خبر ما رأيته في ليلتي و (قلت) له (يا رسول الله بينما أنا البارحة) أي في الليلة القريبة إلينا (من جوف الليل أقرأ) القرآن (في مربدي إذ جالت) ووثبت (فرسي) وإذ فجائية رابطة لجواب بينما أي بينما أوقات قراءتي جوف الليل من هذه البارحة في مربدي فاجأني جولان فرسي ووثوبها (فقال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ) أي دُم على قراءتك يا (ابن حضير) فيما يستقبلك من الليالي. قال القرطبي: (وقوله صلى الله عليه وسلم لابن حضير: اقرأ) عند إخباره له بما رأى هو أمر له بمداومته على القراءة فيما يستأنفه فرحًا بما أطلعه الله عليه، وكرر ذلك تأكيدًا اهـ المفهم، ولفظ البخاري (اقرأ يا ابن حضير، اقرأ يا ابن حضير)(قال) أُسيد (فقرأت ثم جالت أيضًا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ ابن حضير قال: فقرأت ثم جالت أيضًا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ ابن حضير) وتكرار
قَال: فَانْصَرَفْتُ، وَكَانَ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا. خَشِيتُ أَنْ تَطَأَهُ. فَرَأَيتُ مِثْلَ الظُّلَّةِ. فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ. عَرَجَتْ في الْجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"تِلْكَ الْمَلائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ. وَلَوْ قَرَأْتَ لأصبَحَتْ يَرَاهَا النَّاسُ. مَا تَسْتَتِرُ مِنْهُمْ"
ــ
قوله فقرأت، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم اقرأ ابن حضير للتأكيد اللفظي كما يدل عليه لفظ البخاري المذكور آنفًا (قال) أُسيد (فانصرفت) أي ذهبت إلى جهة الفرس (وكان) ولدي (يحيى قريبًا منها) أي من الفرس وهو نائم، وقد (خشيت) أي خفت (أن تطأه) أي أن تدوسه الفرس (فرأيت) فوق رأسي (مثل الظلة) أي شبه السحابة (فيها) أي في ذلك المثل، أنّث الضمير لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه (أمثال السُّرُج) أي أنوار أشباه المصابيح فـ (عرجَت) أي صعدت تلك الظلة (في الجو) أي في الهواء وغابت عني (حتَّى ما أراها) ولا أبصرها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك) الظلة هي (الملائكة كانت تستمع لك) قراءتك (ولو قرأت) أي ولو دمت في قراءتك (لأصبحت) عندك حتَّى (يراها الناس) عندك، والحال أنها (ما تستتر) ولا تختفي (منهم) أي من الناس وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [5518] لكنه جعل الحديث من حديث أسيد وجعله مسلم من حديث أبي سعيد.
واعلم أن قراءة أسيد بن حضير ورؤيته الظلة وإخباره للنبي صلى الله عليه وسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم له: اقرأ يا ابن حضير كانت كلها مرة واحدة في ليلة واحدة لا تكرار فيها، والتكرار الواقع في الحديث في بعضها للتوكيد، قال النواوي:(قوله اقرأ ابن حضير) أي كان ينبغي لك أن تدوم على القراءة وتغتنم ما حصل لك من نزول الملائكة عليهم السلام وتستكثر اهـ، وقال القاضي: فيه جواز رؤية الملائكة عليهم السلام اهـ، قال الأُبيّ: والأظهر في السكينة التي ذكرت في الحديث السابق أنها الملائكة عليهم السلام لقوله في هذا الحديث: تلك الملائكة، وقال القاضي: وتكون السحابة أو الظلة أمرًا من عجائب ملكوته ينزل معه في قلب القارئ الرحمة أو الطمأنينة أو الوقار كما في الغمامتين أو الظلّتين لقارئ البقرة اهـ من الأُبيّ.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول حديث البراء ذكره للاستدلال وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستشهاد.