المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌331 - (43) باب: افتتاح التهجد بركعتين خفيفتين وبالأذكار وفعله في ثوب واحد - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌327 - (39) باب: أي أركان الصلاة أفضل وأن في الليل ساعة يستجاب فيها الدعاء

- ‌328 - (40) باب: فضل آخر الليل ونزول الله سبحانه وتعالى فيه إلى السماء الدنيا، وقوله من يدعوني فأستجيب له

- ‌329 - (41) باب: الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌330 - (42) باب: في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل ودعائه

- ‌331 - (43) باب: افتتاح التهجد بركعتين خفيفتين وبالأذكار وفعله في ثوب واحد

- ‌332 - (44) باب: ترتيل القراءة والجهر بها وتطويلها في صلاة الليل

- ‌333 - (45) باب: استغراقِ الليل بالنوم من آثار الشيطان وكون الإنسان أكثر شيء جدلًا

- ‌334 - (46) باب: استحباب صلاة النافلة وقراءة البقرة في بيته وجوازها في المسجد

- ‌335 - (47) باب: أحب العمل إلى اللَّه أدومه وإن قل صلاة كان أو غيرها

- ‌336 - (48) باب: كراهية التعمق في العبادة وأمر من استعجم عليه القرآن أو الذكر أو نعس أن يرقد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق به

- ‌337 - (49) باب: الأمر بتعاهد القرآن واستذكاره وكراهة قول: نسيت آية كذا وجواز قول أنسيتها

- ‌338 - (50) باب: استحباب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌339 - (51) باب: ذكر قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم: سورة الفتح يوم فتح مكة

- ‌340 - (52) باب: نزول السكينة لقراءة القرآن

- ‌341 - (53) باب: أمْثالِ مَنْ يقرأ القرآنَ ومن لا يقرأ وفضل الماهر بالقرآن والذي يتعب فيه

- ‌342 - (54) باب: استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والحذاق فيه وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه

- ‌343 - (55) باب: فضل استماع القرآن وطلب القراءة من حافظ للاستماع، والبكاء عند القراءة والتدبر

- ‌344 - (56) باب: فضل تعلم القرآن وقراءته في الصلاة

- ‌345 - (57) باب: فضل قراءة القرآن وفضل قراءة سورة البقرة وسورة آل عمران

- ‌346 - (58) باب: فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة، والحث على قراءة الآيتين من آخرها

- ‌347 - (59) باب: فضل سورة الكهف وآية الكرسيّ

- ‌348 - (60) باب فضل قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌349 - (61) باب: فضل قراءة المعوذتين

- ‌350 - (62) باب: لا حسد إلا في اثنتين ومن يرفع بالقرآن

- ‌351 - (63) باب: نزول القرآن على سبعة أحرف

- ‌352 - (64) باب: الترتيل في القراءة واجتناب الهذ فيها، وإباحة جمع سورتين فأكثر في ركعة

- ‌353 - (65) باب: قراءة ابن مسعود رضي الله عنه

- ‌354 - (66) باب: الأوقات التي نُهي عن الصلاة فيها، وتحريها بالصلاة فيها

- ‌356 - (67) باب: أحاديث الركعتين اللتين يصليهما النبيّ صلى الله عليه وسلم بعد العصر

- ‌357 - (68) باب: الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌358 - (69) باب: صلاة الخوف

- ‌أبواب الجمعة

- ‌359 - (70) باب: ندب غسل يوم الجمعة لحاضرها وتأكيده وجواز الاقتصار على الوضوء

- ‌360 - (71) باب: وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال وبيان ما أمروا به

- ‌361 - (72) باب: استحباب السواك والطيب يوم الجمعة

- ‌362 - (73) باب: مشروعية الغسل في يوم من أيام الأسبوع سواء لحاضرها أو لغيره

- ‌363 - (74) باب: تفاوت درجات المبكرين إلى الجمعة

- ‌364 - (75) باب الإنصات يوم الجمعة في الخطبة والإنصات السكوت مع الإصغاء

- ‌365 - (76) باب: في الساعة التي يستجاب فيها الدعاء في يوم الجمعة

- ‌366 - (77) باب: فضل يوم الجمعة وهداية هذه الأمة له

- ‌367 - (78) باب: فضل التهجير إلى الجمعة وفضل من أنصت واستمع إلى الخطبة

- ‌368 - (79) باب: وقت صلاة الجمعة حين تزول الشمس

- ‌369 - (80) باب: الخطبتين قبل صلاة الجمعة وما يشترط فيهما من القيام فيهما والجلوس بينهما والدعاء والقراءة

- ‌370 - (81) باب: التغليظ في ترك الجمعة واستحباب كون الصلاة والخطبة قصدًا

- ‌371 - (82) باب: ما يقال في الخطبة من الحمد والثناء على الله تعالى والإتيان بأما بعد ورفع الصوت بها

- ‌372 - (83) باب: من مئنة فقه الرجل طول صلاته وقصر خطبته والإنكار على من أساء الأدب في الخطبة

- ‌373 - (84) باب: قراءة القرآن في الخطبة والإشارة باليد فيها

- ‌374 - (85) باب: ركوع من دخل والإمام يخطب والتعليم في حالة الخطبة

- ‌375 - (86) باب: ما يقرأ به في صلاة الجمعة وفي صبح يومها

- ‌376 - (87) باب: التنفل بعد الجمعة والفصل بين الفريضة والنافلة بكلام أو انتقال

- ‌أبواب العيدين

- ‌377 - (88) باب: الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌378 - (89) باب: لا أذان ولا إقامة لصلاة العيدين وأن الخطبة بعدها

- ‌379 - (90) باب: خروج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى المصلى في العيدين وإقباله على النَّاس في الخطبة وأمرهم بالصدقة والإنكار على من بدأ بالخطبة قبل الصلاة

- ‌380 - (91) باب: الأمر بإخراج العواتق وذوات الخدور إلى العيدين ومجامع الخير والدعوة للمسلمين وأمر الحيض باعتزالهن عن مصلى المسلمين

- ‌381 - (92) باب: لا صلاة في المصلى قبل صلاة العيدين ولا بعدها وبيان ما يقرأ في صلاتهما

- ‌382 - (93) باب: الفرح واللعب بما يجوز في أيام العيد

الفصل: ‌331 - (43) باب: افتتاح التهجد بركعتين خفيفتين وبالأذكار وفعله في ثوب واحد

‌331 - (43) باب: افتتاح التهجد بركعتين خفيفتين وبالأذكار وفعله في ثوب واحد

1695 -

(730)(140) وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيسِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ زَيدِ بْنِ خَالِدِ الْجُهَنِيِّ؛ أَنَّهُ قَال: لأَرْمُقَنَّ صَلاةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم اللَّيلَةَ. فَصَّلَى

ــ

331 -

(43) باب افتتاح التهجد بركعتين خفيفتين وبالأذكار وفعله في ثوب واحد

1695 -

(730)(140)(وحدثنا قتيبة بن سعيد) بن جميل الثقفي البلخي (عن مالك بن أنس) الأصبحي المدني (عن عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري أبي محمد المدني، قال العجلي: مدني تابعي ثقة، وقال ابن معين وأبو حاتم: ثقة، وقال النسائي: ثقة، ثبت، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث عالمًا، وقال في التقريب: ثقة، من (5) روى عنه في (11) بابا (عن أبيه) أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري الخزرجي المدني اسمه وكنيته واحد، ثقة تابعي، من (5) روى عنه في (5) أبواب (أن عبد الله بن قبس بن مخرمة) بن المطلب القرشي المدني، روى عن زيد بن خالد الجهني في الصلاة، ويروى عنه (م عم) وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، يقال: له رؤية، وهو من كبار التابعين، واستقضاه الحجاج على المدينة سنة (73) ثلاث وسبعين، مات سنة (76) ست وسبعين، وثقه النسائي، له عندهم حديثان، من (2) الثانية (أخبره) أي أخبر أبا بكر بن محمد (عن زيد بن خالد الجهني) المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم مدنيون إلَّا قتيبة بن سعيد فإنه بلخي، ومن لطائفه أن فيه ثلاثة من الأتباع عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عبد الله بن قيس (أنه) أي أن زيد بن خالد (قال) قلت لنفسي: والله (لأرمقن) أي لأنظرن وأرقبن (صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه (الليلة) حتى أرى كم صلى، وكيف صلى، يقال رمقه بعينه رمقًا من باب قتل إذا أطال النظر إليه كما في المصباح أي لأطيلن النظر إلى صلاته صلى الله عليه وسلم لأعرف كم صلى وكيف صلى؟ وفي أبي داود زيادة "قال: فتوسدت عتبته" بفتحتين أي وضعت رأسي عليها، والمراد رقدت عند بابه، قال في المصباح: العتبة هي أسكفة الباب (أو فسطاطه) وهو الخيمة فيكون المراد من توسد

ص: 56

رَكْعَتَينِ خَفِيفَتينِ. ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَينِ طَويلَتَينِ. طَويلَتَينِ، طَويلَتَينِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَينِ. وَهُمَا دُونَ اللَّتَينِ قَبْلَهُمَا. ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَينِ. وَهُمَا دُونَ اللَّتَينِ قَبْلَهُمَا. ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَينِ. وَهُمَا دُونَ اللَّتَينِ قَبْلَهُمَا. ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَينِ. وَهُمَا دُونَ اللَّتَينِ قَبْلَهُمَا. ثُمَّ أَوْتَرَ. فَذَلِكَ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً.

1696 -

(731)(141) وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَائِنِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ

ــ

الفسطاط توسد عتبته، فيكون شكًّا من الراوي قاله القاري (فصلى) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ركعتين خفيفتين) افتتح بهما صلاة الليل، قال القاضي: هاتان الركعتان كان يفتتح بهما قيام الليل، وفي الباب من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم أمر من قام الليل أن يفتتح بهما صلاته، وبهما تم عدد زيد بن خالد ثلاث عشرة ركعة، فهو تنبيه على ما ذكر من الجمع بين الروايات، وفيه أن الوثر واحدة لأن تمام عدد الاثني عشر به، ثم قال ثم أوتر فتلك ثلاث عشرة ركعة، قال النواوي: والافتتاح بالخفيفتين مستحب اهـ (ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين) كررها ثلاث مرات للمبالغة في طولهما، وفي بعض الهوامش كرره ثلاثًا إشعارًا بغاية طولهما، ثم خفف شيئًا شيئًا اهـ (ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم أوتر) بركعة (فذلك) المذكور مع الركعتين الخفيفتين (ثلاث عشرة ركعة).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 193] وأبو داود [1366] وابن ماجه [1362].

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما فقال:

1696 -

(731)(141)(وحدثني حجاج) بن يوسف الثقفي، أبو محمد البغدادي المعروف بـ (ابن الشاعر، حدثني محمد بن جعفر المداثني أبو جعفر) البزاز بزايين، روى عن ورقاء بن عمر في الصلاة، وحمزة الزيات وشعبة وجماعة، ويروي عنه (م ت) وحجاج بن الشاعر وطائفة، قال أحمد: لا بأس به، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا

ص: 57

حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ قَال: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَيرٍ، فَانْتَهَينَا إِلَى مَشْرَعَةٍ. فَقَال:"أَلا تُشْرعُ يَا جَابِرُ؟ " قُلْتُ: بَلَى. قَال: فَنَزَلَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَشرَعْتُ. قَال: ثُمَّ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ وَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا. قَال: فَجَاءَ فَتَوَضَّأَ. ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ خَالفَ بَينَ طَرَفَيهِ. فَقُمْتُ خَلْفَهُ. فَأَخَذَ بِأُذُنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ

ــ

يحتج به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق فيه لين، من التاسعة، مات سنة (206) ست ومائتين (حدثنا ورقاء) بن عمر بن كليب اليشكري أبو بشر المدائني، صدوق، من (7)(عن محمد بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير أبي عبد الله المدني، ثقة، من (3)(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري المدني. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان مدائنيان وواحد بغدادي (قال) جابر (كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانتهينا) أي وصلنا (إلى مشرعة) أي إلى مجتمع ماء المطر، يقال شرع في الماء شرعًا وشروعا من باب فتح إذا شرب منه بكفيه وشرع الوارد تناول الماء بفيه، والمشروعة بفتح الراء وضمها، وكذا المشرع مجتمع الماء مطلقًا أو مجتمع ماء المطر في الصحاري والجبال (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا تشرع) ونشرب الماء (يا جابر) أو ألا تسقى ناقتك الماء من هذا المشرع والمجتمع، قال جابر (قلت) له صلى الله عليه وسلم (بلى) أشرب الماء وأسقي ناقتي (قال) جابر (فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ناقته (وأشرعت) أي شربت وأسقيت ناقتي الماء (قال) جابر (ثم) بعدما نزل عن ناقته (ذهب) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لـ) قضاء (حاجته) حاجة الإنسان يعني الحدث (ووضعت) أي هيأت (له) صلى الله عليه وسلم (وضوءا) بفتح الواو؛ أي ماء يتوضأ به (قال) جابر (فجاء) رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلائه (فتوضأ ثم قام) يصلي (فصلى) ملتحفًا (في ثوب واحد) وقد (خالف بين طرفيه) أي بين طرفي الثوب (فقمت خلفه) أي وراءه صلى الله عليه وسلم لأصلي معه (فأخذ بأذني فجعلني عن يمينه) لأن يمين الإمام موقف المأموم إذا كان واحدًا، وهذا الحديث من أفراد المؤلف لم يشاركه أحد من الجماعة في روايته كما في التحفة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث زيد بن خالد بحديث عائشة رضي الله عنهما فقال:

ص: 58

1697 -

(732)(142) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ. جَمِيعًا عَنْ هُشَيمٍ. قَال أَبُو بكْرٍ: حَدَّثَنَا هُشَيمٌ. أَخْبَرَنَا أَبُو حُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيلِ لِيُصَلِّيَ، افْتَتَحَ صَلاتَهُ بِرَكْعَتَينِ خَفِيفَتَينِ.

1698 -

(733)(143) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ،

ــ

1697 -

(732)(142)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (وأبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (جميعا) أي كلاهما (عن هشيم) بن بشير السلمي الواسطي، ثقة، من (7)(قال أبو بكر حدثنا هشيم أخبرنا أبو حرة) بضم المهملة وتشديد الراء الرقاشي، واصل بن عبد الرحمن البصري، روى عن الحسن في الصلاة، وعكرمة بن عبد الله المزني ويزيد الرقاشي، ويروي عنه (م س) وهشيم ويحيى القطان وحماد بن سلمة وابن مهدي ووكيع وغيرهم، وثقه شعبة وأحمد، وقال في التقريب: صدوق عابد، كان يختم القرآن في كل ليلتين، وكان يدلس عن الحسن، من كبار السابعة، مات سنة (152) اثنتين وخمسين ومائة (عن الحسن) البصري الأنصاري مولاهم، ثقة، من (3)(عن سعد بن هشام) بن عامر الأنصاري المدني، ثقة، من (3) روى عنه في (4) أبواب (عن عائشة) رضي الله عنها. وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان مصريان وواحد واسطي وواحد إما نيسابوري أو كوفي، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة ورواية تابعي عن تابعي (قالت) عائشة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل ليصلي) أي التهجد (افتتح صلاته بركعنين خفيفتين) قيل هما ركعتا الوضوء، والأظهر أنهما من جملة التهجد يقومان معَام سنة الوضوء اهـ مرقاة. وهذا الحديث من أفراد المؤلف لم يذكره أحد من الجماعة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث زيد بن خالد بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما فقال:

1698 -

(733)(143)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (عن هشام) بن حسان القردوسي البصري (عن محمد) بن سيرين

ص: 59

عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ قَال:"إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ بِرَكْعَتَينِ خَفِيفَتَينِ".

1699 -

(734)(144) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيرِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ، إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ مِنْ جَوْفِ اللَّيلِ: "اللَّهمَّ! لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّموَاتِ وَالأرضِ،

ــ

الأنصاري البصري (عن أبي هريرة) الدوسي المدني. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان كوفيان وواحد بصري (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام) وصلى (أحدكم من) نوافل (الليل) أي إذا أراد أن يصلي التهجد (فليفتتح) ندبًا (صلاته) أي تهجده (بركعتين خفيفتين) لينشط بهما لما بعدهما وقيدهما بخفيفتين لأنهما يؤتى بهما لافتتاح قيام الليل وكسر شهوة النوم، والخفيفة أنسب لدفعها لتعاقب الحركات فيها اهـ من المبارق، وصرف الأمر في هذا الحديث من الوجوب إلى الندب حديث عائشة المذكور قبله. وهذا الحديث أيضًا من أفراد المؤلف لم يذكره أحد من الجماعة غير المؤلف كما في تحفة الأشراف.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

1699 -

(734)(144)(حدثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي (عن مالك بن أنس) المدني (عن أبي الزبير) الأسدي محمد بن مسلم بن تدرس المكي (عن طاوس) بن كيسان اليماني (عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته واحد منهم طائفي وواحد مكي وواحد يماني وواحد مدني وواحد بلخي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل) أي في وسطه (اللهم لك الحمد) والشكر (أنت نور السموات والأرض) أي منورهما، قال ابن عباس: هادي أهلهما، ومجاهد: مدبرهما، وقيل هو المنزه في السموات والأرض من كل عيب، من قول العرب امرأة نوارة أي مبرأة من كل ريبة، وقيل هو اسم مدح يقال فلان نور البلد وشمس الزمان كما قال النابغة:

فإنك شمس والملوك كواكب

إذا طلعت لم يبد منهن كوكب

ص: 60

وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيَّامُ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ رَبُّ السَّموَاتِ وَالأَرضِ، وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ،

ــ

وقال آخر:

إذا سار عبد الله في مرو ليلة

فقد سار فيها نورها وجمالها

قال أبو العالية: مزين السموات بالشمس والقمر والنجوم، ومزين الأرض بالأنبياء والأولياء والعلماء (ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض) ولفظ قيام صيغة مبالغة من قام الشيء إذا هيأ له ما يحتاج إليه، ويقال قيوم وقيام وقيم، وقرأ عمر (الله لا إله إلَّا هو الحي القيوم) وعلقمة (القيم) وقال قتادة: هو القائم بتدبير خلقه، والحسن: القائم على كل شيء بما كسبت، وابن جبير: الدائم الوجود، وابن عباس: الذي لا يحول ولا يزول، وفي رواية (قيوم السموات والأرض) قال الراغب: وبناء قيوم فيعول، وقيام فيعال، نحو ديون وديان اهـ، ولفظ البخاري (قيم السموات والأرض) أي حافظهما وراعيهما، وقيل القيم معناه: القائم بأمور الخلق ومدبرهم ومدبر العالم في جميع أحواله، ومنه قيم الطفل (ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن) أي مصلحهما ومصلح من فيهما مأخوذ من الرَّبة، وهي نبت تصلح عليه المواشي، يقال رب يرب ربا فهو راب ورب وربى يربي تربية فهو مرب، قال النابغة:

ورب عليه الله أحسن صنعه

وقال آخر:

يرب الذي يأتي من الخير أنه

إذا فعل المعروف زاد وتمما

والرب أيضًا السيد فيكون معناه أنه سيد من في السموات والأرض، والرب المالك أي هو مالكهما ومالك من فحق القويهما (أنت الحق) أي الواجب الوجود، وأصله من حق الشيء إذا ثبت ووجب، ومنه {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ} [الزمر: 19] {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} [السجدة: 13] أي ثبت ووجب (ووعدك الحق) أي الثابت المتحقق فلا يدخله خلف ولا شك في وقوعه وتحققه (وقولك الحق) أي مدلوله ثابت (ولقاؤك حق) أي رؤيتك في الدار الآخرة ثابت حيث لا مانع أو لقاؤك جزاؤك لأهل السعادة والشقاوة وهو داخل فيما قبله فهو من عطف الخاص على العام (والجنة حق والنار حق) أي كل

ص: 61

وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهمَّ! لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيكَ تَوَكَلْتُ وَإِلَيكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ أَنْتَ إِلَهي لا إِلَه إِلا أَنْتَ"

ــ

منهما موجود (والساعة) أي يوم القيامة (حق) أي ثابت، وأصل الساعة الجزء القليل من اليوم أو الليلة، ثم استعير للوقت الذي تقام فيه القيامة يريد أنها ساعة خفيفة يحدث فيها أمر عظيم، وتكرير الحمد للاهتمام بشأنه وليناط به كل مرة معنى آخر، وفي تقديم الجار والمجرور إفادة التخصيص. فإن قلت: لم عرف الحق في الأولين ونكره في البواقي؟ قلت: لأنه هو الحق الواجب الدائم وما سواه في معرض الزوال، وكذا وعده مختص بالإنجاز دون وعد غيره، ونكره في البواقي لأنه لم يكن موضع حصر لأن لقاءه ثابت من جملة ما يكون ثابتًا اهـ من المبارق، قال القرطبي: ومعنى لقائنا الله تعالى عبارة عن حال مآلنا بالنسبة إلى جزائنا على أعمالنا في الدار الآخرة، والساعة يوم القيامة وأصله القطعة من الزمان لكن لما لم يكن هناك كواكب تقدر بها الأزمان سميت بذلك والله أعلم، وإطلاق اسم الحق على هذه الأمور كلها معناه أنها لا بد من كونها وأنها مما ينبغي أن يصدق بها، وتكرار الحق في تلك المواضع على جهة التأكيد والتفخيم والتعظيم لها اهـ من المفهم.

(اللهم لك) أي لأمرك ونهيك (أسلمت) أي انقدت وخضعت (وبك) أي بما أنزلت (آمنت) أي صدقت (وعليك توكلت) أي فوضت أمري إليك (وإليك أنبت) أي رجعت إليك مقبلًا بقلبي عليك (وبك) أي بما آتيتني من البراهين والحجج (خاصمت) أي جادلت من خاصمني من الكفار أو بتأييدك ونصرتك قاتلت (وإليك حاكمت) كل من أبي قبول ما أرسلتني به أو كل من جحد الحق حاكمته إليك وجعلتك الحكم بيننا لا من كانت الجاهلية تتحاكم إليه من كاهن ونحوه، وقدم جميع صلات هذه الأفعال عليها إشعارًا بالتخصيص وإفادةً للحصر (فاغفر لي ما قدمتـ) ـه قبل وقتي هذا (وما أخرت) عنه (وما أسررت) أي أخفيت (وما أعلنت) أي أظهرت أو ما حدثت به نفسي وما تحرك به لساني، قال تواضعًا وإجلالًا لله تعالى وتعليمًا لأمته (أنت إلهي) أي معبودي ومقصودي الذي وَلِهَ فيك قلبي، وتحير في عظمتك وجلالك عقلي وكَلَّ عن ثنائك لساني، فغاية الوسيلة إليك لا أحصي ثناءً عليك (لا إله إلَّا أنت) أي لا معبود غيرك ولا معروف بهذه المعرفة سواك. وفي هذا الحديث وغيره مواظبته صلى الله عليه وسلم في الليل على

ص: 62

1700 -

(00)(00) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ نُمَيرٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع. قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. كِلاهُمَا عَنْ سُلَيمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ جُرَيجٍ فَاتَّفَقَ لَفْظُهُ مَعَ حَدِيثِ مَالِكٍ. لَمْ يَخْتَلِفَا إِلَّا فِي حَرْفَينِ. قَال ابْنُ جُرَيجٍ: مَكَانَ قَيَّامُ. قَيِّمُ. وَقَال: وَمَا أَسْرَرْتُ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُيَينَةَ فَفِيهِ بَعْضُ زِيادَةٍ

ــ

الذكر والدعاء والاعتراف لله تعالى بحقوقه والإقرار بصدق وعده ووعيده والبعث والجنة والنار وغير ذلك اهـ نواوي. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 298 و 308] والبخاري [1120] وأبو داود [771] والترمذي [3418] والنسائي [3/ 209 - 210] وابن ماجه [1355].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

1700 -

(00)(00)(حدثنا عمرو) بن محمد بن بكير بن شابور (الناقد) أبو عثمان البغدادي (و) محمد بن عبد الله (بن نمير) الهمداني الكوفي (و) محمد بن يحيى (ابن أبي عمر) العدني أبو عبد الله المكي (قالوا) أي قال كل من الثلاثة: (حدثنا سفيان) بن عيينة الهلالي الكوفي (ح وحدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (قال حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني أبو بكر الحميري، ثقة، من (9)(أخبرنا) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي (كلاهما) أي كل من سفيان وابن جريج (عن سليمان) بن أبي مسلم عبد الله (الأحول) المكي، قال أحمد: ثقة ثقة، وقال في التقريب: ثقة، من الخامسة (5) روى عنه في (6) أبواب (عن طاوس) بن كيسان اليماني (عن ابن عباس) رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذان السندان الأول منهما من خماسياته، والثاني من سداسياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة سليمان الأحول لأبي الزبير في رواية هذا الحديث عن طاوس (أما حديث ابن جريج فاتفق لفظه مع) لفظ (حديث مالك) بن أنس (لم يختلفا) أي لم يختلف لفظ حديثيهما (إلا في حرفين) أي إلَّا في كلمتين وذلك أنه (قال ابن جريج مكان) أي بدل (قيام) المذكور في حديث مالك (قيم) بلا ألف (وقال) ابن جريج أيضًا (وما أسررت) بزيادة ما بدل قول مالك (وأسررت)(وأما حديث) سفيان (بن عيينة ففيه بعض زيادة) على

ص: 63

وَيُخَالِفُ مَالِكًا وَابْنَ جُرَيجٍ فِي أَحْرُفٍ.

1701 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، وَهُوَ ابْنُ مَيمُونٍ، حَدَّثنَا عِمْرَانُ الْقَصِيرُ عَنْ قَيسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِهَذَا الْحَدِيثِ - وَاللَّفْظُ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفَاظِهِمْ -.

1702 -

(735)(145) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ

ــ

حديث مالك وابن جريج (ويخالف) ابن عيينة (مالكًا وابن جريج في أحرف) وكلمات بتغييرها وتبديلها.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

1701 -

(00)(00)(وحدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي مولاهم أبو محمد الأبلي -بضم الهمزة والموحدة وتشديد اللام- صدوق، من صغار (9)(حدثنا مهدي وهو ابن ميمون) الأزدي أبو يحيى البصري، ثقة، من صغار (6) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا عمران) بن مسلم المنقري -بكسر الميم وسكون النون- أبو بكر البصري (القصير) روى عن قيس بن سعد في الصلاة، وأبي رجاء العطاردي في الحج، وعطاء بن أبي رباح في كفارة المرض، وإبراهيم التيمي وابن سيرين، ويروي عنه (خ م د ت س) ومهدي بن ميمون وبشر بن المفضل ويحيى بن سعيد القطان، وثقه أبو داود، وقال في التقريب: صدوق ربما وهم، من السادسة (عن قيس بن سعد) الحنفي الحبشي المكي، ثقة، من (6)(عن طاوس) بن كيسان اليماني أبي عبد الرحمن الحميري مولاهم، ثقة فاضل، من (3)(عن ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة قيس بن سعد لأبي الزبير في رواية هذا الحديث عن طاوس (عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث) متعلق بما عمل في المتابع وهو قيس بن سعد (واللفظ) أي لفظ حديث عمران القصير (قريب من ألفاظهم) أي قريب من ألفاظ حديث مالك وسفيان وابن جريج.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث عائشة رضي الله عنهما فقال:

1702 -

(735)(145)(حدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (ومحمد بن

ص: 64

حَاتِمٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ وَأَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ. قَالُوا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ. حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ. قَال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ: بِأَيِّ شَيءٍ كَانَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْتَتِحُ صَلاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيلِ؟ قَالتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيلِ افْتَتَحَ صَلاتَهُ: "اللَّهمَّ رَبِّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ. فَاطِرَ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ

ــ

حاتم) بن ميمون السمين أبو عبد الله البغدادي (وعبد بن حميد) الكسي (وأبو معن) زيد بن يزيد الثقفي (الرقاشي) البصري، ثقة، من (11) روى عنه في (6) أبواب، ولم يرو عنه غير مسلم (قالوا حدثنا عمر بن يونس) بن القاسم الحنفي أبو حفص اليمامي، ثقة، من (9) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا عكرمة بن عمار) العجلي الحنفي أبو عمار اليمامي، وثقه ابن معين والعجلي، وقال في التقريب: صدوق، من (5) يغلط وكان مجاب الدعوة، روى عنه في (9) أبواب (حدثنا يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي، ثقة، من (5) روى عنه في (16) بابا (حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري المدني (قال سألت عائشة أم المومنين) رضي الله عنها. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم يماميون واثنان مدنيان وواحد إما بصري أو بغدادي أو كسي، وفيه التحديث إفرادًا وجمعًا والمقارنة أي قال أبو سلمة: سألت عائشة (بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام) وصلى (من الليل) أي من نوافل الليل (قالت) عائشة (كان) صلى الله عليه وسلم (إذا قام) وصلى (من الليل افتتح صلاته) بقوله (اللهم) أي يا إلهي ويا (رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل) ومالكهم ومعبودهم، وتخصيص هؤلاء الثلاثة بالإضافة مع أنه تعالى رب كل شيء إظهارًا لشرفهم وفضلهم على غيرهم كما في المرقاة إذ بهم ينتظم هذا الوجود إذ قد أقامهم تعالى في ذلك، وقيل خصهم بالإضافة مبالغة في تعظيم الخالق بإضافة كل عظيم إلى إيجاده فيقال رب السموات والأرض، ورب النبيين والمرسلين، ورب الجبال، ورب البحار، دون ما يستحقر ويستقذر فلا يقال رب الحشرات ورب الكلاب والقردة والخنازير، إلَّا على وجه العموم فيقال خالق المخلوقات وخالق كل شيء، ورب منصوب على النداء بإسقاط حرف النداء (فاطر السموات والأرض) أي مبتدئ خلقهما

ص: 65

عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ. أَنْتَ تَحْكُمُ بَينَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَختلِفُونَ. اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطِ مُسْتَقِيمٍ".

1703 -

(736)(146) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. حَدَّثَنَا يُوسُفُ الْمَاجِشُونُ

ــ

على غير مثال سابق (عالم الغيب) أي ما غاب عن عياننا (والشهادة) أي ما شاهدناه أي علمناه بمشاهدتنا (أنت) يا إلهي (تحكم) وتقضي (بين عبادك) وتبين الحق لهم (فيما كانوا فيه يختلفون) من أمر الدين (اهدني) أي أرشدني ودلني (لـ) ـصواب (ما اختلف فيه من الحق بإذنك) أي بتمكينك وتسخيرك، وقال النواوي: معنى (اهدني) ثبتنى عليه كقوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم والهداية يتعدى بنفسه وباللام وإلى، فاللام فيه كهي في قوله تعالى إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ومن بيان لما وهي موصولة أي اهدني للذي اختلف فيه عند مجيء الأنبياء وهو الطريق المستقيم الذي دعوا إليه فاختلفوا فيه اهـ من المرقاة (إنك) يا إلهي (تهدي) وترشد (من تشاء) وتريد هدايته (إلى صراط) أو إلى طريق (مستقيم) لا اعوجاج فيه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [6/ 156] وأبو داود [768] والترمذي [3420] والنسائي [3/ 212 - 213].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عباس بحديث علي رضي الله عنهم فقال:

1703 -

(736)(146)(حدثنا محمد بن أبي بكر) بن علي بن عطاء بن مقدم (المقدمي) بالدال المشددة المفتوحة نسبة إلى جده أبو عبد الله الثقفي البصري، ثقة، من (10)(حدثنا يوسف) بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة، اسمه دينار (الماجشون) - بكسر الجيم وضم الشين - لفظ أعجمي، لقب له، معناه أبيض الوجه مورده وهو بالرفع صفة ليوسف القرشي التيمي مولاهم أبو سلمة المدني، روى عن أبيه في الصلاة، وصالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن في الجهاد، والزهري في الصيد، ومحمد بن المنكدر في فضل علي، ويروى عنه (خ م ت س ق) ومحمد بن أبي بكر المقدمي ويحيى بن يحيى ومحمد بن الصباح وعبيد الله القواريري وسريج بن يونس وأحمد وعلي بن المديني وعدة، وثقه ابن معين وأبو داود ويعقوب بن شيبة والخليلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الثامنة، مات سنة (185) خمس وثمانين ومائة.

ص: 66

حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ الأَعْرَجِ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ قَال:

ــ

وفي بعض الهوامش قوله (حدثنا يوسف الماجشون) هكذا هو في هذا الباب، وفي باب فضائل علي (يوسف الماجشون) قال النواوي هناك: وفي بعض النسخ يوسف الماجشون بحذف لفظة ابن وكلاهما صحيح، وهو أبو سلمة يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة دينار، والماجشون لقب يعقوب وهو لقب جرى عليه وعلى أولاده وأولاد أخيه، وهو لفظ فارسي ومعناه الأبيض المورد، لقب به يعقوب لحمرة وجهه اهـ باختصار، وضبطه في الموضعين -بكسر الجيم وضم الشين- وقال المجد: الماجشون بضم الجيم السفينة وثياب مضيقة ولقب لبعضهم معرب ماه كون اهـ وفي تاج العروس إنه مثلث الجيم ومعناه يشبه القمر اهـ، وفي المعنى الماجشون بفتح الجيم وقيل بكسرها وشين معجمة مضمومة ونون معرب ماه كون أي شبه القمر سمي به لحمرة وجنتيه اهـ زاد البخاري عن هارون بن محمد: الماجشون بالفارسية الورد، وقال مصعب الزبيري: إنما سمي الماجشون لكونه كان يعلم الغناء ويتخذ القيان اهـ تهذيب (حدثني أبي) يعقوب بن أبي سلمة دينار القرشي التيمي مولاهم مولى آل المنكدر أبو يوسف المدني، روى عن الأعرج في الصلاة، وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وابن عمر وغيرهم، ويروي عنه (م د ت س) وابناه يوسف وعبد العزيز وابن أخيه عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة وآخرون، وثقه البستي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: صدوق، من الرابعة، مات بعد العشرين ومائة (عن عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج) الهاشمي مولاهم أبي داود المدني، القارئ، ثقة، من (3)(عن عبيد الله بن أبي رافع) مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وكاتب علي رضي الله عنه المدني، واسم أبي رافع أسلم، روى عن علي في الصلاة والزكاة والفضائل، وأبي هريرة في الصلاة وعدة، ويروي عنه (ع) والأعرج ومحمد بن علي بن الحسين وبسر بن سعيد والحسن بن محمد بن الحنفية وبنوه إبراهيم وعبد الله ومحمد والمعتمر والزهري، وثقه أبو حاتم والخطيب وابن سعد وقال: كان كثير الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من الثالثة (عن علي بن أبي طالب) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم مدنيون إلَّا المقدمي فإنه بصري، وفيه ثلاثة من التابعين روى بعضهم عن بعض (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة) في

ص: 67

"وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّموَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. اللَّهمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لا إِلَهَ

ــ

الليل (قال: وجهت وجهي) أي صوبت قصدي وأقبلت بوجهي وأخلصت عبادتي (للذي) أي لطلب رضا الذي (فطر) أي خلق وأبدع (السموات والأرض) حالة كوني (حنيفا) أي مائلًا عن جميع المعبودات سوى الله تعالى إلى الدين الحق وهو الإسلام، ونصبه على الحال من فاعل وجهت أي وجهت قصدي لعبادة الذي فطر السموات والأرض، حالة كوني حنيفًا أي مائلًا من الأديان الباطلة إلى الدين الحق الذي هو إخلاص العمل لله تعالى، وقوله (وما أنا من المشركين) بيان للحنيف وإيضاح لمعناه، والمشرك يطلق على كل كافر من عابد وثن وصنم ويهودي ونصراني ومجوسي ومرتد وزنديق وغيرهم، والجملة الاسمية في محل النصب على الحالية معطوفة على حنيفًا؛ أي والحال أني لست من المشركين (أن صلاتي ونسكي) أي عبادتي أي ما أتنسك به من القرب، والعبادات معطوف على صلاتي عطف عام على خاص (ومحياي ومماتي) مصدران ميمان؛ أي حياتي وموتي كما قال للأنصار:"المحيا محياكم والممات مماتكم" فيما رواه أحمد ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، ويجوز فتح الياء فيهما وإسكانها والأكثرون على فتح ياء محياي دماسكان مماتي، منسوبات (لله) قال العلماء: هذه اللام لام الإضافة ولها معنيان الملك والاختصاص وكلاهما مراد هنا (رب العالمين) أي مالكهم أو معبودهم أو مصلحهم أو مدبرهم أو خالقهم إلى غير ذلك من معاني الرب، والعالمين إما من العلم أر من العلامة (لا شريك له) في العبادة (وبذلك أمرت) أي بالتوحيد الكامل الشامل للإخلاص قولًا واعتقادًا الخ (وأنا من المسلمين) أي مسلم من المسلمين المتمكنين في الاستسلام الذين سلموا أنفسهم للنيران (نيران الحروب والأعداء أي ضحوا أنفسهم في سبيل الله تعالى) وأموالهم للضيفان وولدهم للقربان وفوضوا جميع أمورهم للرحمن، وفي التلاوة {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 163] أي أول سابق إلى الإسلام بالنسبة إلى زمانه فأول هذه الآية قل وآخرها وأنا أول المسلمين وما هنا اقتباس من القرآن اهـ (اللهم) أي يا الله، والميم عوض عن حرف النداء ولذا لا يجمع بينهما إلَّا في الشعر (أنت الملك) أي القادر على كل شيء المالك الحقيقي لجميع المخلوقات (لا إله)

ص: 68

إِلا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ. ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا. إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ. وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الأَخْلاقِ. لا يَهْدِي لأَحسَنِهَا إِلا أَنْتَ. وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا. لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلا أَنْتَ، لَبَّيكَ وَسَعْدَيكَ! وَالْخَيرُ كُلُّهُ فِي يَدَيكَ، وَالشَّرُّ لَيسَ إِلَيكَ،

ــ

أي لا معبود بحق في الوجود (إلا أنت) يا إلهي (أنت ربي) أي مالكي ومربي ومصلحي (وأنا عبدك) أي معترف بعبوديتي لك وبأنك مالكي ومدبري وحكمك نافذ في (ظلمت نفسي) أي قصرت في حقوقها أي اعترفت بالتقصير فيها قدمه على سؤال المغفرة أدبًا، كما قال آدم وحواء ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين (واعترفت) أي أقررت (بذنبي) علي (فاغفر لي ذنوبي جميعا) أي كلها صغائرها وكبائرها (أنه) أي إن الشأن والحال (لا يغفر الذنوب إلَّا أنت) أي لا يقدر على غفرانها إلَّا أنت (واهدني) أي أرشدني (لأحسن الأخلاق) أي لصوابها ووفقني للتخلق به (لا يهدي لأحسنها) أي لا يقدر على التوفيق له (إلا أنت واصرف عني سيئها) أي قبيحها (لا يصرف عني سيئها إلَّا أنت لبيك) قال العلماء: معناه أنا مقيم على طاعتك إقامةً بعد إقامة، يقال لب بالمكان لبًا وألب إلبابًا أي أقام به، وأصل لبيك لبين لك حذفت النون للإضافة (وسعديك) قال الأزهري وغيره: معناه مساعدةً لأمرك بعد مساعدة ومتابعة لدينك بعد متابعة وسعديك إنما يذكر تأكيدًا لمعنى لبيك، وهما من المصادر التي لا تستعمل إلَّا مضافةً مثناة (والخير كله في يديك والشر ليس) منسوبًا (إليك) أي لا يضاف إليك مخاطبة ونسبة تأدبًا مع أنه بقضاء الله تعالى وقدره وخلقه واختراعه كالخير كما قال تعالى {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: 78] قال الخطابي وغيره: فيه الإرشاد إلى الأدب في الثناء على الله تعالى ومدحه بأن يضاف إليه محاسن الأمور دون مساويها على جهة الأدب، وأما قوله الشر ليس إليك فمما يجب تأويله لأن مذهب أهل الحق أن كل المحدثات فعل الله تعالى وخلقه سواء خيرها وشرها وحينئذ يجب تأويله وفيه خمسة أقوال أحدها: معناه لا يتقرب به إليك قاله الخليل بن أحمد والنضر بن شميل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وأبو بكر بن خزيمة والأزهري وغيرهم، والثاني: حكى الشيخ أبو حامد عن المزني وقاله غيره أيضًا: معناه لا يضاف إليك على انفراده لا يقال يا خالق القردة والخنازير ويا رب الشر ونحو هذا، وإن كان خالق كل شيء ورب

ص: 69

أَنَا بِكَ وَإلَيكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَاليتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيكَ". وَإِذَا رَكَعَ قَال:"اللَّهمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي، وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي". وَإِذَا رَفَعَ قَال: "اللَّهمَّ رَبُّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ

ــ

كل شيء وحينئذ يدخل الشر في العموم، والثالث: معناه الشر لا يصعد إليك، وإنما يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح، والرابع: معناه والشر ليس شرًّا بالنسبة إليك فإنك خلقته لحكمة بالغة وإنما هو شر بالنسبة إلى المخلوقين، والخامس: حكاه الخطابي أنه كقولك فلان إلى بني فلان إذا كان عداده فيهم أو وضعوه معهم اهـ عون (أنا) أي توفيقي (بك و) التجائي وانتمائي (إليك تباركت) أي تزايد خيرك وإحسانك لعبادك، وقيل استحققت الثناء، وقيل ثبت الخير عندك، وقال ابن الأنباري: تبارك العباد بتوحيدك، وقيل تعظمت وتمجدت (وتعاليت) أي ترفعت عن كل ما لا يليق بك في ذاتك وصفاتك وأفعالك (أستغفرك) أي أطلب منك الغفران من كل الذنوب (وأتوب إليك) أي أرجع إلى طاعتك (وإذا ركع) صلى الله عليه وسلم (قال) في ركوعه (اللهم لك) لا لغيرك (ركعت وبك) أي بوحدانيتك (آمنت) وصدقت (ولك) أي ولأوامرك (أسلمت) انقدت وقبلت أو لك أخلصت وجهي أو لك خذلت نفسي وتركت أهواءها (خشع) أي خضع وتواضع أو سكن (لك سمعي) فلا يسمع إلَّا منك (وبصري) فلا ينظر إلَّا بك وإليك، وتخصيصهما من بين الحواس لأن أكثر الآفات بهما فإذا خشعتا قلت الوساوس قاله ابن الملك (ومخي) قال ابن رسلان: المراد به هنا الدماغ، وأصله الودك الذي في العظم وخالص كل شيء (وعظمي وعصبي) فلا يقومان ولا يتحركان إلَّا بك في طاعتك وهي عمد الحيوان وأطنابه واللحم والشحم غاد ورائح، والمعنى أخذ كل عضو من هذه الأعضاء حظه من الخضوع والتذلل أي سكنت وافتقرت، وإن كان أصل الخشوع في القلب لكن ثمرته تظهر على الجوارح والأعضاء، فسمي بذلك خشوعًا كما قال تعالى و {تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً} [فصلت: 39] أي متذللة مفتقرة لما تحيا به من الماء أو يكون هذا على وجه الإغياء (بلوغ الغاية في الأمر) والتشبيه كما قال:

لا عضو لي إلَّا وفيه محبة

فكان أعضائي خلقن قلوبَا

وهذا هو النور الذي دعا به النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس المتقدم (وإذا رفع) رأسه من الركوع (قال) في اعتداله (اللهم ربنا لك الحمد ملء

ص: 70

السَّموَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَينَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيءٍ بَعْدُ". وَإِذَا سَجَدَ قَال: "اللَّهمَّ لَكَ سَجَدَّتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ. تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَينَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: "اللَّهمَّ! اغفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ. وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ. وَمَا أَسْرَفْتُ. وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي

ــ

السموات وملء الأرض) بكسر الميم ونصب الهمزة ورفعها والنصب أشهر قاله النواوي صفة مصدر محذوف تقديره أحمدك حمدًا ملء السموات، وقيل حال من الضمير المستكن في الخبر الظرفي أي حال كونه مالئًا لتلك الأجرام على تقدير تجسمه، وبالرفع صفة الحمد قاله في المرقاة (وملء ما بينهما وملء ما شئت) ملئه (من شيء بعد) أي غيرهما أو بعد ذلك المذكور كالعرش والكرسي وغيرهما مما لا يعلمه إلَّا الله، والمراد الاعتناء في تكثير الحمد اهـ من العون، قال القرطبي: يحتمل أن يكون معناه من شيء يمكن أن يخلقه يكون أكبر من السموات والأرض، ويحتمل أن يراد به العرش والكرسي ففي الحديث "إن السموات والأرض في الكرسي كالحلقة الملقاة في فلاة من الأرض، والكرسي وما فيه في العرش كحلقة ملقاة في فلاة" رواه الآجري وأبو حاتم البستي والبيهقي اهـ تفسير القرطبي (3/ 278). ومقصود هذا الحديث الإغياء في تكثير الحمد والثناء والله أعلم، وبعد ظرف مبني على الضم لقطعه عن المضاف إليه مع أنه مراد، ومعناه هنا بعد السموات والأرض المذكورة قبل اهـ من المفهم (وإذا سجد قال) في سجوده (اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه) وأوجده من العدم (وصوره) بأشكال بديعة وحواس عجيبة (وشق سمعه) أي صماخه (وبصره) أي حدقته (تبارك الله) أي تزايد خيره وتواتر إحسانه على عباده مرةً بعد مرة (أحسن الخالقين) لو فرضوا، أو أحسن المصورين والمقدرين فإن الخالق الحقيقي المنفرد بالإيجاد والأمداد، وغيره إنما يوجد صورًا مموهة ليس فيها شيء من حقيقة الخلق مع أنه تعالى خالق كل صانع وصنعته والله خلقكم وما تعملون، والله خالق كل شيء (ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت) أي أظهرت، وقد مر تفسير هذه الكلمات (وما أسرفت) أي إسرافي في النعم التي أكرمتني بها (وما) أي وذنبًا (أنت أعلم به) أي عالم بوقوعه (مني) ولا

ص: 71

أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤخِّرُ. لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ".

1704 -

(00)(00) وَحَدَّثَنَاهُ زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيٍّ. ح وَحَدَّثنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ

ــ

أعلمه من نفسي (أنت المقدم) لي في البعث في الآخرة (وأنت المؤخر) لي في البعث في الدنيا (لا إله إلَّا أنت) وقيل معنى (وما أسررت وما أعلنت) أي جميع الذنوب لأنها إما سر وإما علن (وما أسرفت) أي جاوزت الحد (وما أنت أعلم به مني) أي من ذنوبي وإسرافي في أموري وغير ذلك (أنت المقدم) من شئت بطاعتك وغيرها (وأنت المؤخر) من شئت عن ذلك كما تقتضيه حكمتك وتعز من تشاء وتذل من تشاء اهـ من العون.

وعبارة القرطبي هنا: قوله (أنت المقدم وأنت المؤخر) أي تقدم من تشاء فتجعلهم أنبياء وأولياء وعلماء وفضلاء، وتؤخر من شئت فتجعله فرعون وأبا جهل، أو تملك الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء، وبالجملة فكل تقديم وتأخير منه تعالى، والحديث يدل على مشروعية الاستفتاح بما في هذا الحديث، قال النواوي: إلَّا أن يكون إمامًا لقوم لا يرون التطويل.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: واختلف في وقت هذا الدعاء الذي في آخر الصلاة ففي سنن أبي داود كما ذكره هنا قال (وإذا سلم قال) وفي صحيح مسلم روايتان إحداهما (ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم اللهم اغفر لي) إلى آخره، والرواية الثانية (قال وإذا سلم قال اللهم اغفر لي) كما ذكره أبو داود. وفي هذا الحديث شيء آخر وهو أن مسلمًا أدخله في باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، وظاهر هذا أن هذا الافتتاح كان في قيام الليل، وقال الترمذي وابن حبان في صحيحه في هذا الحديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ثم قال) الحديث، وروى النسائي من حديث محمد بن المنكدر عن جابر قال (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة كبر ثم قال إن صلاتي ونسكي) الخ اهـ من شرح ابن القيم على أبي داود. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 102] وأبو داود [761] والترمذي [3423].

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

1704 -

(00)(00)(وحدثناه زهير بن حرب) الحرشي النسائي (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري (ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم)

ص: 72

أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَمِّهِ الْمَاجِشُونِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، بِهَذا الإِسْنَادِ. وَقَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلاةَ كَبَّرَ ثُمَّ قَال: "وَجَّهْتُ وَجْهِي" وَقَال: "وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ" وَقَال: وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَال: "سَمِعَ اللهُ لِمْنَ حَمِدَهُ. رَبُّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ" وَقَال: "وَصَوَّرَهُ فَأَحْسَنَ صُوَرَهُ" وَقَال: وَإِذَا سَلَّمَ قَال: "اللَّهمَّ! اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ" إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَقُلْ: بَينَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ

ــ

الحنظلي المروزي (أخبرنا أبو النضر) هاشم بن القاسم الليثي البغدادي (قالا) أي قال ابن مهدي وأبو النضر (حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة) التيمي المدني (عن عمه الماجشون) يعقوب (بن أبي سلمة) دينار التيمي المدني، ثقة، من (7)(عن) عبد الرحمن بن هرمز (الأعرج) الهاشمي المدني، وقوله (بهذا الإسناد) متعلق بحدثنا عبد العزيز لأنه العامل في المتابع يعني عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب. وهذان السندان من سباعياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة عبد العزيز بن عبد الله ليوسف بن يعقوب الماجشون في رواية هذا الحديث عن يعقوب الماجشون بن أبي سلمة (و) لكن (قال) عبد العزيز في روايته (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة) ظاهره العموم للفرض والنفل كما قاله الشافعي كما سيأتي (كبر) للإحرام (ثم قال: وجهت وجهي وقال) عبد العزيز في روايته أيضًا (وأنا أول المسلمين) من هذه الأمة بزيادة لفظة أول (وقال) عبد العزيز أيضًا (وإذا رفع رأسه من الركوع قال) النبي صلى الله عليه وسلم (سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد وقال) عبد العزيز أيضًا (وصوره فأحسن صوره) أي أشكاله بأن جعل فيه لسانًا وشفتين وأنفًا وعينين (وقال) عبد العزيز أيضًا (وإذا سلم) النبي صلى الله عليه وسلم (قال اللهم اغفر لي ما قدمت إلى آخر الحديث ولم يقل) عبد العزيز في روايته لفظة (بين التشهد والتسليم) وهذا بيان لمحل المخالفة، قال القرطبي: قوله (كان إذا استفتح الصلاة كبر ثم قال وجهت وجهي) أخذ به الشافعي وقال: إن هذا التوجه سنة راتبة في صلاة الفرض.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب سبعة أحاديث الأول حديث خالد بن زيد ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، والثاني حديث جابر ذكره للاستدلال

ص: 73

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

به على الجزء الأخير من الترجمة، والثالث حديث عائشة ذكره للاستشهاد به لحديث خالد بن زيد، والرابع حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد به أيضًا لحديث خالد بن زيد، والخامس حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين، والسادس حديث عائشة الثاني ذكره للاستشهاد به لحديث ابن عباس، والسابع حديث علي بن أبي طالب ذكره للاستشهاد به ثانيًا لحديث ابن عباس وذكر فيه متابعةً واحدة.

***

ص: 74