الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
334 - (46) باب: استحباب صلاة النافلة وقراءة البقرة في بيته وجوازها في المسجد
1711 -
(742)(151) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيدِ اللهِ. قَال: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"اجْعَلُوا مِنْ صَلاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ. وَلا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا"
ــ
334 -
(46) باب استحباب صلاة النافلة وقراءة البقرة في بيته وجوازها في المسجد
1711 -
(742)(151)(حدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا يحيى) بن يحيى بن سعيد بن فروخ القطان التميمي أبو سعيد البصري (عن عبيد الله) بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي العمري المدني (قال أخبرني نافع) العدوي مولاهم أبو عبد الله المدني (عن) عبد الله (بن عمر) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان بصريان وواحد مكي (عن النبي صلى الله عليه وسم قال: اجعلوا من صلاتكم) أي بعض صلاتكم (في بيوتكم) فمن تبعيضية، ويعني به النوافل بدليل قوله في حديث جابر الآتي "فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته"(ولا تتخذوها قبورا) أي لا تصيروها كالقبور التي ليس فيها صلاة معناه صلوا فيها ولا تجعلوها كالقبور مهجورةً من الصلاة، والمراد به صلاة النافلة، أي صلوا النوافل في بيوتكم، ولا يجوز حمله على الفريضة، وإنما حث على النافلة في البيت لكونه أخفى وأبعد من الرياء، وأصون من المحبطات، وليتبرك البيت بذلك، وتتنزل فيه الرحمة والملائكة وينفر منه الشيطان اهـ نواوي. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 16] والبخاري [432] وأبو داود [1448] والترمذي [451] والنسائي [3/ 197].
وقال القاضي عياض: يعني به الفرض ليقتدي به من لا يخرج من البيت من النساء والعبيد والخدم والمرضى، قالوا: والمتخلف عن الجماعة في المسجد للصلاة في جماعة دونها ليس بمتخلف ومن على هذا للتبعيض يعني اجعلوا بعض فرائضكم في بيوتكم، وقيل يعني النفل، ومن على هذا زائدة أي اجعلوا نوافلكم، وقد تكون للتبعيض لأن بعض النوافل لا يصلي في البيوت كالتحية ورواتب الفرائض، ويدل على أنها النافلة أنه صلى الله عليه وسلم إنما أنكر التخلف عن الجماعة وقد كان النساء يخرجن إلى
1712 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ. أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ وَلا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا".
1713 -
(743)(152) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَضَى أَحَدُكُمُ الصَّلاةَ فِي مَسْجِدِهِ، فَلْيَجْعَلْ لِبَيتِهِ نَصِيبًا
ــ
المساجد في الفرض وعليه أيضًا تدل أحاديث الباب اهـ أبي.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما فقال:
1712 -
(00)(00)(وحدثنا ابن المثنى حدثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي البصري (أخبرنا أيوب) السختياني البصري (عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من رباعياته، غرضه بسوقه بيان متابعة أيوب لعبيد الله (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (صلوا في بيوتكم) كل نفل لا تشرع له جماعة (ولا تتخذوها قبورا) أي مهجورة من الصلاة كالقبور خالية بترككم الصلاة فيها كالميت في قبره لا يصلي فيه اهـ مناوي.
قال القاضي: هو من التمثيل البديع لأنه شبه النائم بالميت، وشبه البيت الذي لا يصلى فيه بالقبر الذي لا تتأتى الصلاة من ساكنه لأن العمل إنما يكون من الحي اهـ من الأبي.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عمر بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:
1713 -
(743)(152)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب) الكوفيان (قالا حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير الكوفي (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (عن أبي سفيان) طلحة بن نافع القرشي مولاهم المكي (عن جابر) بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد مكي (قال) جابر (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده) يعني أدى الفرض في محل الجماعة (فليجعل لبيته) أي لمحل سكنه (نصيبا)
مِنْ صَلاتِهِ. فَإِن اللهَ جَاعِلٌ في بَيتِهِ مِنْ صَلاتِهِ خَيرًا".
1714 -
(744)(152) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادٍ الأشعَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَثَلُ الْبَيتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَالْبَيتِ الَّذِي لا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ"
ــ
أي قسمًا (من صلاته) بأن يجعل الفرض في المسجد والنفل في منزله لتعود بركته عليه اهـ مناوي (فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا) عظيمًا، الضمير في بيته عائد على المصلي الَّذي تضمنه الكلام المتقدم، ومن ها هنا سببية بمعنى من أجل، والخير الَّذي يجعل في البيت بسبب التنفل فيه هو عمارته بذكر الله وبطاعته وبالملائكة وبدعائهم واستغفارهم وما يحصل لأهله من الثواب والبركة. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات لكنه شاركه أحمد [3/ 316]. ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهما فقال:
1714 -
(744)(152)(حَدَّثَنَا عبد الله بن براد) -بفتح الموحدة والراء المشددة- بن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى (الأشعري) أبو عامر الكوفي، صدوق، من (15) روى عنه في (3) أبواب (ومحمد بن العلاء) بن غريب الهمداني الكوفي (قالا حَدَّثَنَا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي، ثقة، من (9)(عن بريد) مصغرًا بن عبد الله بن أبي بردة الأشعري الكوفي، ثقة، من (6)(عن أبي بردة) عامر بن أبي موسى الأشعري الكوفي (عن أبي موسى) الأشعري عبد الله بن قيس الكوفي رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل) ساكن (البيت الَّذي يذكر الله) سبحانه وتعالى (فيه) بأنواع الذكر والتلاوة (و) ساكن (البيت الَّذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت) فيه من المحسنات البديعية اللف والنشر المرتب أي مثل ساكن البيت الَّذي يذكر الله الخ مثل الشخص الحي بجامع الانتفاع أو الميت بجامع عدم الانتفاع فالذي يوصف بالجاة والموت حقيقةً هو الساكن لا المسكن كما دل عليه رواية البخاري (مثل الَّذي يذكر ربه عز وجل الخ فشبه الذاكر بالحي الَّذي ظاهره متزين بنور الحياة وباطنه بنور المعرفة، وغير الذاكر بالميت الَّذي ظاهره عاطل باطنه باطل فالحي المشبه به من ينتفع بحياته بذكر الله وطاعته فلا يكون نفس المشبه،
1715 -
(745)(154) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ، عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ. إِنَّ الشَّيطَانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيتِ الَّذِي تُقْرَأ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ"
ــ
كما شبه المؤمن بالحي والكافر بالميت مع كونهما حيين في قوله تعالى أو من كان ميتًا فأحييناه فلا يرد أن ساكن البيت حي فكيف يكون مثل حي كما في المبارق، قال النواوي: في الحديث الندب إلى ذكر الله تعالى في البيت وأنه لا يخلى من الذكر، وفيه جواز التمثيل، وفيه أن طول العمر في الطاعة فضيلة وإن كان الميت ينتقل إلى خير لأن الحي يستلحق به ويزيد عليه بما يفعله من الطاعات اهـ. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته البخاري [6407] فقط.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1715 -
(745)(154)(حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد) بن جميل بن طريف الثقفي البلخي (حَدَّثَنَا يعقوب وهو ابن عبد الرحمن) بن محمد بن عبد الله (القاريُّ) بتشديد التحتانية المدني، ثقة، من (8)(عن سهيل) بن أبي صالح السمان أبي يزيد المدني، صدوق، من (6)(عن أبيه) ذكوان المدني أبي صالح السمان، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم مدنيون إلَّا قتيبة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تجعلوا بيوتكم مقابر) أي كالمقابر في خلوها عن الذكر والطاعة بل اجعلوا لبيوتكم من القرآن نصيبًا وقيل معناه لا تجعلوا بيوتكم أوطانًا للنوم لا تصلون فيها فإن النوم أخو الموت اهـ من المبارق (أن الشيطان ينفر) من نفر من باب ضرب أي تخرج وتهرب. قال النواوي: هكذا ضبطه الجمهور ينفر -بفتح الياء وسكون النون وكسر الفاء- ورواه بعض رواة مسلم يفر - بتشديد الياء - وكلاهما صحيح (من البيت الَّذي تقرأ فيه سورة البقرة) وهذا دليل على جوازه بلا كراهة، وأما من كره قول سورة البقرة ونحوها فغالط. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [2/ 367] وأبو داود [2042] والنسائي [10801] في الكبرى.
1716 -
(746)(155) وَحدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا سَالِمٌ أبُو النَّضرِ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيدِ اللهِ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيدِ بْنِ ثَابِتٍ. قَال: احْتَجَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُجَيرَةً بِخَصَفَةٍ، أَوْ حَصِيرٍ،
ــ
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه فقال:
1716 -
(746)(155)(وحدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (حَدَّثَنَا محمد بن جعفر) الهذلي البصري غندر (حَدَّثَنَا عبد الله بن سعيد) بن أبي هند الفزاري مولاهم مولى لبني شمخ بن مازن من بني فزارة أبو بكر المدني، روى عن سالم أبي النضر في الصلاة، ومحمد بن عمرو بن حلحلة في الجنائز، وإسماعيل بن أبي حكيم في العتق، وابن المسيب والأعرج وأبي بكر بن حزم، ويروي عنه (ع) ومحمد بن جعفر ويحيى القطان وعبد الرزاق ومالك وابن المبارك ووكيع، وثقه أحمد وابن معين وأبو داود، وقال العجلي ويعقوب بن سفيان: مدني ثقة، وأما أبو حاتم فقال: ضعيف الحديث، وقال في التقريب: صدوق ربما وهم، من السادسة، مات سنة (147) سبع وأربعين ومائة (حَدَّثَنَا سالم) بن أبي أمية (أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله) بن معمر القرشي التيمي المدني، ثقة، من (5) روى عنه في (9) أبواب (عن بسر بن سعيد) مولى ابن الحضرمي المدني الزاهد العابد، ثقة، من (2) روى عنه في (8) أبواب (عن زيد بن ثابت) بن الضحاك الأنصاري النجاري المدني كاتب الوحي رضي الله عنه، روى عنه في ستة أبواب (6) وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان بصريان (قال) زيد (احتجر) أي اتخذ (رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة) تصغير حجرة؛ وهو الموضع المنفرد أي احتجر واستتر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الناس في موضع من المسجد (بخصفة) بفتحات؛ وهو حصير يخصف أي يخاط من السعف، ومنه قوله تعالى {يَخصِفَانِ عَلَيهُمَا مِن وَرَقِ الجْنَّة} [الأعراف: 22] أي يخيطان (أو) قال الراوي ب (حصير) والحصير ما ينسج من خوص النخل أي من ورقه فالخصفة ما يخصف، والحصير ما ينسج، وهو على الشك من الراوي، وكان هذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم وهذا القول في رمضان وقد تقدم في حديث عائشة اهـ من المفهم.
فَخَرَجَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِيهَا. قَال: فَتَتَبَّعَ إِلَيهِ رِجَالٌ وَجَاؤُوا يُصَلُّونَ بِصَلاتِهِ. قَال: ثُمَّ جَاؤُوا لَيلَةً فَحَضرُوا. وَأَبْطَأَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ قَال: فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيهِمْ. فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَحَصَبُوا الْبَابَ. فَخَرَجَ إِلَيهِمْ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم مُغْضَبًا
ــ
قال القاضي عياض: أصل الحجر المنع، والمعنى أنَّه اقتطع موضعًا من المسجد منعه من غيره وحوطه بخصفة أو حصير وهما بمعنى، وقيل الخصفة ما خصف من خوص المقل، والحصير ما نسج من خوص النخل اهـ.
قال النواوي: شك بسر بن سعيد أو من دونه أي اللفظتين سمع من الراوي هل الخصفة أو الحصير، وإنما فعل ذلك ليتفرغ قلبه ويتوفر خشوعه بالبعد عن الناس، وقوله بخصفة متعلق باحتجر وهي واحدة الخصف وهو الحصير بمعنى واحد اهـ بتصرف، والمعنى اتخذ موضعًا من المسجد يصلي فيه محوطأ بخصفة أو حصير يخلو بنفسه في داخله ليصلي فيه ولا يمر بين يديه مار ولا تهوش بغيره ويتوفر خشوعه وفراغ قلبه، وفيه جواز فعل مثل هذا في المسجد إذا لم يكن فيه تضييق على المصلين ونحوهم ولم يتخذه دائمًا لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجرها في الليل يصلي فيها ويرفعها في النهار ويبسطها كما ذكره مسلم في الرواية التي بعد هذه ثم تركه النبي صلى الله عليه وسلم بالليل والنهار وعاد إلى الصلاة في البيت، وفيه أيضًا بيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الزهد في الدنيا والأخذ بما لا بد منه (فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته إلى المسجد حالة كونه (يصلي فيها) أي في تلك الحجيرة خاليًا عن الناس (قال) زيد بن ثابت (فتتبع إليه رجال) من أصحابه أي تطلب وفحص عن موضع صلاته رجال فعرفوه واجتمعوا إليه (وجاووا يصلون) مقتدين (بصلاته) ففيه جواز النافلة في المسجد، وجواز الجماعة في غير المكتوبة، وجواز الاقتداء بمن لم ينو الإمامة (قال) زيد (ثم جاؤوا ليلة) ثانية إلى المسجد (فحضروا) جنب الحجيرة فصلوا معه صلى الله عليه وسلم (وأبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم) أي تأخر عن الخروج إليهم في الليلة الثالثة (قال) زيد (فلم يخرج إليهم) رسولى الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الرابعة (فرفعوا أصواتهم) في المسجد (وحصبوا الباب) أي باب حجرته أي رموه ونقروه حرصًا على خروجه إليهم للصلاة بالحصباء وهي الحصا الصغار وتنبيهًا له، وظنوا أنَّه نسي (فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا) أي غضبان عليهم
فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا زَال بِكُمْ صَنِيعُكُمْ حَتى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُكْتَبُ عَلَيكُمْ. فَعَلَيكُمْ بِالصَّلاةِ في بُيُوتِكُمْ. فَإِن خَيرَ صَلاةِ الْمَرْءِ في بَيتِهِ. إِلا الصَّلاةَ الْمَكْتُوبَةَ".
1717 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا وُهَيبٌ. حَدَّثنَا
ــ
لإساءتهم الأدب بضرب باب الحجرة بالحصباء (فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما زال) ملتبسًا (بكم صنيعكم) هذا أي اجتماعكم في المسجد وصلاتكم معي جماعةً (حتَّى ظننت أنَّه) أي أن هذا الصنيع والعمل (سيكتب) أي سيفرض (عليكم فعليكم) أي فالزموا (بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء) أي أفضلها وأكثرها أجرًا صلاته (في بيته) أي في مسكنه ومبيته لبعده عن الرياء وسائر المحبطات (إلا الصلاة المكتوبة) أي المفروضة فإنها في المساجد ومواضع الجماعة أفضل منها في البيت لئلا يتهم بتركها وليصليها جماعة فإن الجماعة فرض فيها، وفي الحديث ترك بعض المصالح لخوف مفسدة أعظم من ذلك، وفيه بيان ما كان النبي صلى الله عليه وسلم عليه من الشفقة على أمته ومراعاة مصالحهم وأنه ينبغي لولاة الأمور وكبار الناس والمتبوعين في علم وغيره الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في ذلك.
قال النواوي: قوله (فإن خير صلاة المرء في بيته) الخ، هذا عام في جميع النوافل المرتبة مع الفرائض والمطلقة إلَّا في النوافل التي هي من شعائر الإسلام وهي العيد والكسوف والاستسقاء، وكذا التراويح على الأصح فإنها مشروعة في جماعة في المسجد، والاستسقاء في الصحراء وكذا العيد إذا ضاق المسجد. (قلت) وكذا تحية المسجد لأنها لا تفعل إلَّا في المسجد والله أعلم. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [5/ 182 و 187] والبخاري [7290].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه فقال:
1717 -
(00)(00)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون المروزي ثم البغدادي، صدوق، من (10)(حَدَّثَنَا بهز) بن أسد العمي أبو الأسود البصري، ثقة، من (9)(حَدَّثَنَا وهيب) بن خالد بن عجلان الباهلي أبو بكر البصري، ثقة، من (7) (حَدَّثَنَا
مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيدِ بْنِ ثَابِتٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ حُجْرَةً في الْمَسْجِدِ مِنْ حَصِيرٍ. فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا لَيَالِيَ. حَتَّى اجْتَمَعَ إِلَيهِ نَاسٌ فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَزَادَ فِيهِ:"وَلَوْ كُتِبَ عَلَيكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ"
ــ
موسى بن عقبة) بن أبي عياش الأسدي مولاهم المدني، ثقة، من (5)(قال سمعت أبا النضر) سالم بن أبي أمية المدني (عن بسر بن سعيد) المدني (عن زيد بن ثابت) الأنصاري المدني. وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة موسى بن عقبة لعبد الله بن سعيد في رواية هذا الحديث عن سالم أبي النضر (أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرةً في المسجد من حصير) أي مكانًا محوطًا بالحصير في المسجد ليصلي فيه (فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها) أي في تلك الحجرة (ليالي) ثلاثًا أو أربعًا (حتَّى اجتمع إليه) أي عنده (ناس) يصلون معه (فذكر) موسى بن عقبة الحديث السابق (نحوه) أي نحو حديث عبد الله بن سعيد (و) لكن (زاد فيه) موسى بن عقبة أي في آخر الحديث (ولو كتب) وفرض (عليكم) صنيعكم هذا (ما قمتم به) أي ما استطعتم القيام به.
وجملة ما ذكر المؤلف في هذا الباب خمسة أحاديث الأول حديث ابن عمر ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدةً، والثاني حديث جابر ذكره للاستشهاد به، والثالث حديث أبي موسى ذكره للاستشهاد أيضًا، والرابع حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة، والخامس حديث زيد بن ثابت ذكره للاستشهاد به والاستدلال على الجزء الأخير من الترجمة والله سبحانه أعلم.
***