الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
347 - (59) باب: فضل سورة الكهف وآية الكرسيّ
1774 -
(774)(183) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيِّ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ، عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ"
ــ
347 -
(59) باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي
1774 -
(774)(183)(وحدثنا محمد بن المثنى) العنَزي البصري (حدثنا معاذ بن هشام) بن أبي عبد الله الدستوائي البصري (حدثني أبي) هشام بن سنبر الدستوائي (عن قتادة) بن دعامة البصري (عن سالم بن أبي الجعد) رافع (الغطفاني) ثم الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة، من (3)(عن معدان بن أبي طلحة) ويقال ابن طلحة الكناني (اليعمري) -بفتح التحتانية والميم بينهما مهملة ساكنة نسبة إلى يعمر بطن من كنانة- الشامي، ثقة، من (2) وليس في مسلم من اسمه معدان إلا هذا (عن أبي الدرداء) عويمر بن زيد بن عبد الله بن قيس بن عائشة الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه الشامي الدمشقي، وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم بصريون واثنان شاميان (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حفظ) على ظهر قلبه (عشر آيات من أول صورة الكهف عُصم) أي حُفظ (من الدجال) أي من فتنته، كما في بعض النسخ، قال ابن الملك: اللام فيه للعهد، ويجوز أن تكون للجنس لأن الدجال من يكثر منه الكذب والتلبيس، وقد جاء في الحديث يكون في آخر الزمان دجالون اهـ والكهف الغار الواسع في الجبل والصغير منه يسمى الغار اهـ مفهم، قوله (من أول سورة الكهف عُصم من الدجال) وفي رواية أخرى من آخر الكهف، واختلف المتأولون في سبب ذلك فقيل لما في قصة أصحاب الكهف من العجائب والآيات فمن علمها لم يستغرب أمر الدجال ولم يهله ذلك فلا يفتتن به، وقيل لما في قوله تعالى:{أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ} إلى آخر السورة من المعاني المناسبة لحال الدجال وهذا على رواية من روى من آخر الكهف، وقيل لقوله تعالى:{قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} تمسكًا بتخصيص البأس بالشدة واللدنية وهو مناسب لما يكون من الدجال من دعوى الإلهية واستيلائه وعظيم فتنته ولذلك عظم النبي صلى الله عليه وسلم أمره وحذر منه وتعوذ من فتنته فيكون معنى هذا
1775 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْب. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيّ. حَدَّثنَا هَمَّامٌ. جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ،
ــ
الحديث أن من قرأ هذه الآيات وتدبرها ووقف على معناها حذره فأمن من ذلك، وقيل هذا من خصائص هذه السورة كلها فقد روي:"من حفظ سورة الكهف ثم أدرك الدجال لم يسلط عليه" رواه الحاكم من حديث أبي سعيد الخدري [41/ 511]، وعلى هذا تجتمع رواية من روى من أول سورة الكهف ورواية من روى من آخرها ويكون ذكر العشر على جهة الاستدراج في حفظها كلها اهـ من السيوطي.
[قلت]: وعلى هذا تجتمع أيضًا رواية عشر آيات مع رواية من روى ثلاث آيات كما أخرجه الترمذي، وقيل إنما كان ذلك لقوله {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} فإنه يهون بأس الدجال، ولقوله {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا} فإنه يهون الصبر على فتن الدجال بما يُظهر من جنته وناره وتنعيمه وتعذيبه ثم ذمه تعالى لمن اعتقد الولد يفهم منه أن من ادعى الإلهية أولى بالذم وهو الدجال، ثم قصة أصحاب الكهف فيها عبرة تناسب العصمة من الفتن وذلك أن الله تعالى حكى عنهم أنهم قالوا {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} فهؤلاء قوم ابتلوا فصبروا وسألوا إصلاح أحوالهم فأصلحت لهم وهذا تعليم لكل مدعو إلى الشرك، ومن روى من آخر الكهف فلما في قوله تعالى:{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا} فإن فيه ما يهون ما يظهر الدجال من ناره اهـ من المفهم. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [6/ 449] وأبو داود [4323] والترمذي [2888].
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي الدرداء فقال:
1775 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى و) محمد (بن بشار) البصريان (قالا: حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري (ح وحدثني زهير بن حرب) النسائي (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا همام) بن يحيى بن دينار الأزدي البصري، ثقة، من (7)(جميعًا) أي كل من شعبة وهمام، رويا (عن قتادة بهذا الإسناد) يعني عن سالم عن معدان عن أبي الدرداء، غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعة شعبة وهمام لهشام
قَال شُعْبَةُ: مِنْ آخِرِ الْكَهْفِ. وَقَال هَمَّامٌ: مِنْ أَوَّلِ الْكَهْفِ. كَمَا قَال هِشَامٌ.
1776 -
(775)(184) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الأعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى عَنِ الْجُرَيرِيِّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاح الأنصَارِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْب؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ " قَال: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَال: "يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أعْظَمُ؟ " قَال:
ــ
الدستوائي في رواية هذا الحديث عن قتادة (و) لكن (قال شعبة: من آخر الكهف وقال همام: من أول الكهف كما قال هشام) الدستوائي، وقد تقدم الجمع بينهما قريبًا.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي بن كعب رضي الله عنه فقال:
1776 -
(775)(184)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى) السامي بالمهملة أبو محمد البصري، ثقة، من (8)(عن) سعيد بن إياس (الجريري) مصغرًا أبي مسعود البصري، ثقة، من (5)(عن أبي السليل) -بفتح السين المهملة وكسر اللام- القيسي الجريري ضريب -بالضاد المعجمة آخره موحدة مصغرًا- بن نقير بنون وقاف مصغرًا، وقيل نفير بالفاء، وقيل نفيل بالفاء واللام، بن شمير مصغرًا، البصري، روى عن عبد الله بن رباح الأنصاري في الصلاة، وزهدم الجرمي في الإيمان، وأبي حسان في الأطفال، وأبي ذر مرسلًا، ويروي عنه (م عم) والجريري وسليمان التيمي وعوف، وثقه ابن معين وابن سعد وابن نمير، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة (عن عبد الله بن رباح الأنصاري) أبي خالد المدني ثم البصري، ثقة، من (3) (عن أبي بن كعب) بن قيس بن عبيد الأنصاري الخزرجي أبي المنذر المدني سيد القراء رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم بصريون وواحد مدني وواحد كوفي (قال) أبي بن كعب (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا المنذر) كنية أبي بن كعب (أتدري) أي أتعلم (أي آية) مبتدأ (من كتاب الله) سبحانه كائنة (معك أعظم؟ ) خبر المبتدأ أي أعظم أجرًا وأشمل معنى (قال) أبيّ (قلت الله ورسوله أعلم) بأعظمهما (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم له مرة ثانية (يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ ) أي أفضل من غيرها (قال) أبي
قُلْتُ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} . قَال: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَال: "وَاللهِ، لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ"
ــ
(قلت) له صلى الله عليه وسلم أفضلها هي قوله تعالى ({اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)}) (قال) أبي (فضرب) رسول الله صلى الله عليه وسلم (في صدري وقال: والله) أي أقسمت بالله (ليهنك العلم) أي ليكن العلم هنيئًا لك يا (أبا المنذر) بصيغة الأمر للغائب، وفي بعض النسخ (ليهنئك) بهمزة بعد النون على الأصل، قال ابن الملك: هذا دعاء له بتيسير العلم له ورسوخه فيه، وفي هذا الحديث حجة للقول بجواز تفضيل بعض القرآن على بعض وهو المختار فتكون جميع الآيات فاضلة وبعضها أفضل، بمعنى أن يكون الثواب بها أكثر لمعنى فيها كما كان يقال جميعها بليغ وبعضها أبلغ اهـ منه.
قال القرطبي: وفي هذا الحديث حجة لمن يقول بتفضيل بعض آي القرآن على بعض، وتفضيل القرآن على سائر الكتب المنَزلة، وهذا مما اختلف فيه فذهب إلى جوازه إسحاق بن راهويه وغيره من الفقهاء والمتكلمين مستدلًا بهذا الحديث وبما يشبهه كقوله:"قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن" رواه أبو يعلى من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، ومنع ذلك الشيخ أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر وجماعة من الفقهاء قالوا: لأن الأفضل يشعر بنقص المفضول وكلام الله تعالى لا نقص فيه، وتاولوا هذا اللفظ بان أفعل يأتي بمعنى فعيل كما قال تعالى:{وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيهِ} [الروم: 27] وهذا فيه نظر فإنا نقول إن أُريد بالنقص اللازم من التفضيل إلحاق ما يُعيب المفضول فهذا ليس بلازم مطلقًا، وإن أُريد بالنقص أن المفضول ليس فيه ما في الأفضل من ذلك القدر الذي زاد به فهو الحق ولولا ذلك لما تحققت المفاضلة، ثم لا يجوز إطلاق النقص ولا الأنقص على شيء من كلام الله تعالى، وأما تأويل الحديث فهو وإن كان فيه مسوغ فلا يجري في كل موضع يستدل به على التفضيل فإن منها نصوصًا لا تقبل التأويل كقوله صلى الله عليه وسلم:"قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن" وغير ذلك مما في هذا المعنى، وإنما كانت آية الكرسي أعظم لما تضمنته من أوصاف الإلهية وأحكامها على ما لا يخفى على من تأملها فإنها تضمنت من ذلك ما لم يتضمنه غيرها من الآي، وقال بعض المتأخرين: إن هذه الآية اشتملت من الضمائر العائدة على الله تعالى على ستة عشر وكلها تفيد تعظيمًا لله تعالى، فكانت أعظم آية في كتاب الله تعالى لذلك والله أعلم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال النواوي: والمختار جواز قول هذه الآية أو السورة أعظم أو أفضل بمعنى أن الثواب المتعلق بها أكثر وهو معنى الحديث، قال العلماء: إنما تميزت آية الكرسي بكونها أعظم لما جمعت من أصول الأسماء والصفات من الإلهية والوحدانية والحياة والعلم والملك والقدرة والإرادة، وهذه السبعة أصول الأسماء والصفات والله أعلم اهـ منه.
(وقوله لأبي حين أخبره بذلك ليهنك العلم) وضربه صدره تنشيط له وترغيب له في أن يزداد علمًا وبصيرة وفرح بما ظهر عليه من آثاره المباركة، وفيه إلقاء العالم المسائل على المتعلم ليختبره بذلك اهـ من المفهم. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم عن أصحاب الأمهات لكن شاركه أحمد [5/ 142].
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين؛ الأول حديث أبي الدرداء ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث أبي بن كعب ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة والله سبحانه وتعالى أعلم.
***