الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
341 - (53) باب: أمْثالِ مَنْ يقرأ القرآنَ ومن لا يقرأ وفضل الماهر بالقرآن والذي يتعب فيه
1751 -
(763)(172) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، كِلاهُمَا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ. قَال قُتَيبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ
ــ
341 -
(53) باب أمثال من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ وفضل الماهر بالقرآن والذي يتعب فيه
1751 -
(763)(172)(حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي (وأبو كامل الجحدري) فضيل بن حسين البصري (كلاهما عن أبي عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، ثقة ثبت، من (7) (قال قتيبة: حَدَّثَنَا أبو عوانة) بصيغة السماع (عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري (عن أنس) بن مالك الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي حمزة البصري (عن أبي موسى الأشعري) عبد الله بن قيس الكوفي رضي الله عنهما (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن فيه رواية صحابي عن صحابي (مثل المؤمن الَّذي يقرأ القرآن) أي الَّذي يداوم ويستمر على تلاوته أي صفته في طيب ظاهره وباطنه (مثل الأترجّة) أي صفتها، والأُترجّة بضم الهمزة وسكون التاء وضم الراء وتشديد الجيم المفتوحة هي ثمر جامع لطيب الطعم والرائحة وحُسن اللون يشبه البطيخ (ريحها طيب وطعمها طيب) وجه التشبيه مجموع الأمرين طيب المطعم وطيب الرائحة لا أحدهما على التفريق وهو من باب تشبيه معقول بمحسوس فطيب المطعم في النفس المؤمنة الإيمان لأنه ثابت في النفس هي به طيبة الباطن كثبوته في الأترجة، وطيب الرائحة فيه يرجع إلى قراءته القرآن لأن القراءة قد يتعدى نفعها إلى الغير فينتفع بها المستمع كما أن طيب رائحة الأترج تتعدى اهـ من الأبي. (ومثل المؤمن الَّذي لا يقرأ القرآن) قال الطيبي: ليس المراد بهذا النفي الانتفاء بالكلية بل المراد أن لا تكون القراءة دأبه وعادته والأظهر خلاف ما ذكر وأن المراد عدم حفظه ألبتة لأن الحديث إنما خرج مخرج الحضّ على حفظه، قال السنوسي: وفيه نظر لأن المقصود من حفظ القرآن تعاهده بكثرة التلاوة للوقوف على أسرار معانيه والاتعاظ
مَثَلُ التَّمْرَةِ، لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرانَ مَثَلُ الرِّيحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ. لَيسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ".
1752 -
(00)(00) وَحدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. ح وَحدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
ــ
بكريم مواعظه والعمل بشريف أوامره ونواهيه فالمقصود من الحديث الحضُّ على هذا المعنى لا على مجرَّد حفظه إذ لا جدوى له كما هو المشاهد في كثير من حفّاظه حتَّى إن كثيرًا من عامّة المؤمنين أحسن منهم بكثير دينًا وعلمًا اهـ (مثل التمرة لا ريح لها) أي لا ريح مشتهى لها وإلا فالتمرة لها ريح (وطعمها حلو) أي حال فحلاوة النفس المؤمنة الإيمان وانتفاء الرائحة الطيبة عنها عدم تلاوتها القرآن (ومثل المنافق الَّذي يقرأ القرآن مثل الريحانة) قال العسقلاني: الريحانة كل بقلة طيبة الريح (ريحها طيب وطعمها مرٌّ) فطيب رائحة النفس المنافقة بقراءة القرآن ومرارتها بخبث الاعتقاد (ومثل المنافق الَّذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة) نبت مرٌّ لا ساق له (ليس لها ريح) طيب (وطعمها مرّ) فكذلك المنافق الَّذي لا يقرأ القرآن ليس له رائحة طيبة لعدم تلاوته القرآن ولا طيب القلب لخبث اعتقاده. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 403 و 404] والبخاري [5020] وأبو داود [4803] والترمذي [2865] والنسائي [8/ 124 - 125] وابن ماجة [124].
قال النواوي: في الحديث فضيلة حافظ القرآن واستحباب ضرب الأمثال لإيضاح المقاصد اهـ. وفيه أيضًا تمثيل الأعمال بالأثمار وهي من ثمرات النفوس وفي هذا التمثيل معان ذكرها ابن الملك في المبارق؛ من جملتها أن الأشجار المثمرة لا تخلو عمن يغرسها ويسقيها ويربّيها كذا المؤمن يقئض له الله من يؤدِّبه ويعلِّمه ويهذِّبه ولا كذلك الحنظلة المهملة المتروكة بالعراء اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي موسى رضي الله عنه فقال:
1752 -
(00)(00)(وحدثنا هدّاب بن خالد) بن الأسود بن هدبة القيسي أبو خالد البصري، ثقة، من (9) روى عنه في (4) أبواب (حَدَّثَنَا همَّام) بن يحيى بن دينار الأزدي أبو عبد الله البصري، ثقة، من (7) روى عنه في (12) بابا (ح وحدثنا محمد بن
الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، كِلاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيرَ أَن في حَدِيثِ هَمَّامٍ بَدَلَ "الْمُنَافِقِ":"الْفَاجِرِ".
1753 -
(764)(174) حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيدٍ الْغُبَرِيُّ جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ. قَال ابْنُ عُبَيدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالتْ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ
ــ
المثنى) العنزي البصري (حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد) القطان التميمي البصري (عن شعبة) بن الحجَّاج البصري (كلاهما) أي كل من همّام وشعبة رويا (عن قتادة) بن دعامة البصري، غرضه بسوق هذين السندين بيان متابعتهما لأبي عوانة في الرواية عن قتادة، وقوله (بهذا الإسناد) متعلق بما عمل في المتابع وكذا قوله (مثله) مفعول ثان له أي حَدَّثَنَا شعبة وهمَّام عن قتادة بهذا الإسناد يعني عن أنس عن أبي موسى مثل ما حدّث أبو عوانة عن قتادة، ثم استثنى من المماثلة بقوله (غير أن في حديث همّام) وروايته (بدل المنافق) المذكور في الرواية السابقة لفظة، ومثل (الفاجر) الَّذي يقرأ القرآن
…
الخ.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى للجزء الأخير من الترجمة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
1753 -
(764)(174)(حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي (ومحمد بن عبيد) بن حساب (الغبري) البصري (جميعا) أي كلاهما (عن أبي عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي (قال ابن عبيد: حَدَّثَنَا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى) العامري الحرشي البصري، ثقة، من (3) روى عنه في (6) أبواب (عن سعد بن هشام) بن عامر الأنصاري المدني، ثقة، من (3) (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان بصريان وواحد واسطي وواحد بلخي أو ثلاثة بصريون وواحد بلخي (قالت) عائشة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن) هو الحاذف الكامل الحفظ الَّذي لا يتوقف ولا يثق عليه القراءة لجودة حفظه هاتقانه، يكون في الآخرة (مع السفرة) جمع سافر ككاتب وكتبة وزنًا ومعنًى وهم الملائكة الموصوفون بقوله (الكرام البررة) كما في الآية الكريمة، قال ابن الملك: أراد بهم الملائكة الدِّين يكتبون أعمال العباد ويحفظونها لأجلهم، ومعنى كونه معهم أن
وَالَّذِي يَقرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ"
ــ
يكون في منازلهم ورفيقًا لهم في الآخرة لاتصافه بصفتهم من جهة أنَّه حامل الكتاب وأمين عليه، والبررة جمع البار بمعنى المحسن، قوله (الماهر بالقرآن) يعني الحاذق به، قال الهروي: أصله الحذق بالسباحة، قلت: ومنه قول امرئ القيس:
وترى الضَّبَّ خفيفًا ماهرًا
…
ثانيًا بُرثُنه ما ينعفر
(البراثن) بمنزلة الأصابع من الإنسان (ما ينعفر) أي لا يصيبه العفر وهو التراب، وقال المهلب: المهارة في القرآن جودة التلاوة بجودة الحفظ ولا يتردد فيه لأن الله سبحانه يسره عليه كما على الملائكة فهو على مثلهم في الحفظ والدرجة، و (السفرة) جمع سافر وهم ملائكة الوحي سموا بذلك لأنهم يسفرون بين الله وبين خلقه وهم رؤساء الملائكة، وقيل هم الكتبة، والكاتب يسمى سافرًا، ومنه أسفار الكتاب وعلى هذا فوجه كونهم مع الملائكة أن حملة القرآن يبلغون كلام الله إلى خلقه، فهم سفراء بين رسل الله وبين خلقه فهم معهم أي في مرتبتهم في هذه العبادة، ويستفاد من هذا أن حملة القرآن ينبغي لهم الاعتناء في التبليغ والتعليم والاجتهاد في تحصيل الصدق وإخلاص النية لله حتَّى تصح لهم المناسبة بينهم وبين الملائكة اهـ مفهم.
(والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه) أي يتردد في تلاوته عيًا وصعوبةً ويتلبد عليه لسانه ويقف في قراءته لعدم مهارته، والتعتعة في الكلام العي، وجملة قوله (وهو) أي القرآن (عليه شاق) أي شديد تصيبه مشقه، حال من فاعل يتتعتع (له أجران) أي ثوابان أجر لقراءته وأجر لتحمل مشقته، هذا تحريض على تحصيل القراءة وليس معناه أن الَّذي يتتعتع فيه له من الأجر أكثر من الماهر بل الماهر أفضل وله أجور كثيرة حيث اندرج في سلك الملائكة اهـ ملا علي. ولم يذكر هذه المنزلة لغيره وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالى وحفظه وإتقانه وكثرة تلاوته ودرايته كاعتنائه حتَّى مهر فيه اهـ إكمال المعلم. والحاصل أن المضاعفة للماهر لا تحصى فإن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وأكثر، والأجر شيء مقدر، وهذا له أجران من تلك المضاعفات والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [4937] وأبو داود [1454] والترمذي [2906] والنسائي وابن ماجة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
1754 -
(00)(00) وَحدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حدَّثنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ. ح وَحدَّثَنَا أبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ. كِلاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَال في حَدِيثِ وَكِيعٍ:"وَالَّذِي يَقْرَأْ وَهُوَ يَشْتَدُّ عَلَيهِ لَهُ أَجْرَانِ"
ــ
1754 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن المثنى حَدَّثَنَا) محمد (بن) إبراهيم بن (أبي عدي) السلمي البصري، ثقة، من (9)(عن سعيد) بن أبي عروبة مهران اليشكري البصري، ثقة، من (6)(ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (حَدَّثَنَا وكيع) بن الجراح الكوفي (عن هشام) بن أبي عبد الله سنبر (الدستوائي) البصري كلاهما) أي كل من سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي رويا (عن قتادة) بن دعامة البصري. وهذان السندان من سباعياته، غرضه بسوقهما بيان متابعة سعيد وهشام لأبي عوانة في رواية هذا الحديث عن قتادة (بهذا الإسناد) يعني عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله تعالى عنها (و) لكن (قال) أبو بكر بن أبي شيبة (في حديث وكيع) وروايته (والذي يقرأ وهو يشتد) أي يشق (عليه له أجران) وهو بمعنى الرواية الأولى.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول حديث أبي موسى ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث عائشة ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه أيضًا متابعة واحدة.
***