الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
366 - (77) باب: فضل يوم الجمعة وهداية هذه الأمة له
1867 -
(818)(222) وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمنِ الأَعْرَجُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أبا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خَيرُ يَوْم طَلَعَتْ عَلَيهِ الشمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ. فِيهِ خُلِقَ آدَمُ. وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنةَ. وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا"
ــ
366 -
(77) باب فضل يوم الجمعة وهداية هذه الأمة له
1867 -
(818)(222)(وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأموي الأيلي (عن) محمَّد (بن شهاب) الزهريّ المدني (أخبرني عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج) الهاشمي أبو داود المدني (أنه سمع أبا هريرة يقول) وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير يوم طلعت) أي أشرقت (عليه) أي على أهله (الشمس) يعني من أيام الأسبوع، وأما أيام السنة فخيرها يوم عرفة، قال السنوسي على يحتمل أن تكون بمعنى في أي طلعت فيه، والضمير يعود على اليوم، ويحتمل أن تكون على بابها والتقدير طلعت على ما سكن فيه كقوله تعالى:{وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيلِ وَالنَّهَارِ} اهـ سنوسي (يوم الجمعة) لأنه (فيه خلق آدم) عليه السلام أي نفخ فيه الروح (و) لأن (فيه أدخل الجنة) حين أدخلها (و) لأن (فيه أخرج) أي أهبط (منها) أي من الجنة إلى الأرض، وفي الرواية الآتية زيادة (ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة) وكل هذه الأمور خيور فإن إهباط آدم من الجنة لا للطرد بل للخلافة ترتب عليها مصالح كثيرة، وأما قيام الساعة فذكر النواوي أنه سبب لتعجيل جزاء الصالحين.
[واعلم] أن كون يوم الجمعة أفضل الأيام لا يرجع ذلك إلى عين اليوم لأن الأيام متساوية في أنفسها، وإنما يفصّل بعضها بعضًا بما فيه من أمر زائد على نفسه ويوم الجمعة قد خص من جنس العبادات بهذه الصلاة المعهودة التي يجتمع لها الناس وتتفق هممهم ودواعيهم ودعواتهم فيها ويكون حالهم فيها كحالهم في يوم عرفة فيستجاب لبعضهم في بعض ويغفر لبعضهم ببعض ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"الجمعة حج المساكين" ذكره في كشف الخفاء [1076] وقال: رواه القضاعي عن ابن عباس، وفي
1868 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ (يَعْنِي الْحِزَامِيَ) عَنْ أبي الزنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَال:"خَيرُ يوْمٍ طَلَعَت عَلَيهِ الشمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ. فِيهِ خُلِقَ آدَمُ. وَفِيهِ أُدخِلَ الْجَنةَ. وَفِيهِ أُخرِجَ مِنهَا. وَلَا تَقُومُ السَّاعةُ إلا في يَوْمِ الْجُمُعَةِ"
ــ
سنده مقاتل فهو ضعيف؛ أي يحصل لهم فيها ما يحصل لأهل عرفة والله أعلم. ثم إن الملائكة يشهدونهم ويكتبون ثوابهم ولذلك سمي هذا اليوم اليوم المشهود ثم تخطر فيه لقلوب العارفين من الألطاف والزيادات بحسب ما يدركونه من ذلك ولذلك سمي بيوم المزيد، ثم إن الله تعالى قد خصه بالساعة التي فيه عمل ما سبق ذكرها، ثم إن الله تعالى قد خصه بأن أوقع فيه هذه الأمور العظيمة التي هي خلق آدم الذي هو أصل البشر، ومن ولده الأنبياء والأولياء والصالحون، ومنها إخراجه من الجنة التي حصل عنده إظهار معرفة الله وعبادته في هذا النوع الآدمي، ومنها توبة الله عليه بها ظهر لطفه تعالى عليه ورحمته لهذا النوع الآدمي مع اجترامه ومخالفته، ومنها موته الذي بعده وفي أجره ووصل إلى مامنه ورجع إلى المستقر الذي خرج منه، ومن فهم هذه المعاني فهم فضيلة هذا اليوم وخصوصيته بذلك فحافظ عليه وبادر إليه اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 380] ، وأبو داود [1050] ، والترمذي [498] ، وابن ماجه [1090].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1868 -
(00)(00)(وحدثنا قتيبة بن سعيد) البلخي (حدثنا المغيرة) بن عبد الرحمن الأسدي (يعني الحزامي) المدني، ثقة، من (7)(عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان الأموي المدني، ثقة، من (5)(عن الأعرج عن أبي هريرة) رضي الله عنه، غرضه بيان متابعة أبي الزناد لابن شهاب (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم) الذي هو مبنى البشر (وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة) ولفظ خير وشر يستعملان للمفاضلة ولغيرها فإذا كانتا للمفاضلة فاصلهما أخير وأشر على وزن أفعل، وقد نطق بأصله فجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"توافون يوم القيامة سبعين أمة أنتم أخيرهم" ثم أفعل إن قرنت
1869 -
(819)(223) وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ. حَدَّثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ،
ــ
بـ (من) كانت نكرة، ويستوي فيها المذكر والمؤنث والواحد والإثنان والجمع وإن لم تقرن بها لزم تعريفها بالإضافة أو بالألف واللام فهذا عرف بالألف واللام أُنث، وثني وجمع وإن أضيف ساغ فيه الأمران كما قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الأنعام: 123] وقال: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة: 96] وأما إذا لم يكونا للمفاضلة فهما من جملة الأسماء كما قال تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيرًا} [البقرة: 180] وقال: {وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].
وهي في هذا الحديث للمفاضلة غير أنها مضافة لنكرة موصوفة ومعناها في هذا الحديث: إن يوم الجمعة أفضل من كل يوم طلعت شمسه اهـ من المفهم.
قوله: (وفيه أخرج من الجنة) أي أنزل من الجنة إلى الأرض لعدم تعظيمه يوم الجمعة بما وقع له من الزلة ليتداركه بعد النزول في الطاعة والعبادة فيرتقي إلى أعلى درجات الجنة وليعلم قدر النعمة لأن المنحة تتبين عند المحنة، وفي رواية أبي داود:"وفيه أهبط من الجنة" والظاهر أن أهبط فيه بمعنى أخرج قيل: كان الإخراج من الجنة إلى السماء والإهباط منها إلى الأرض فيفيد أن كلًّا منهما كان يوم الجمعة إما في يوم واحد وإما في يومين والله أعلم اهـ من العون.
قال ابن العربي: جميع هذه المعدودات من الفضائل؛ خروج آدم عليه السلام لهذا النسل العظيم الذي منه الأنبياء والرسل عليهم السلام ولم يخرج منها طردًا بل لقضاء أوطار ويعود إليها، وقيام الساعة سبب لتعجيل جزاء الثلاثة الأصناف والصديقين والأولياء وغيرهم وإظهار كرامتهم اهـ عارضه الأحوذي على الترمذي، قال السنوسي: ظاهر كلام ابن العربي حسن ولا خفاء لما في خروج آدم من الفضيلة بما هو أحرى بالفضيلة من دخول الجنة لما فيه من تكثير النسل وبث عباد الله في الأرضين، وظاهر العبادة التي خلق الخلق لأجلها وما أقيمت السماوات والأرض إلا بها اهـ منه.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى للجزء الأخير من الترجمة فقال:
1869 -
(819)(223)(وحدثنا عمرو) بن محمَّد بن بكير (الناقد) أبو عثمان البغدادي، ثقة، من (10)(حدثنا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي، ثقة إمام، من (8)
عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأعرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيزةَ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ الآخِرُونَ وَنَحْنُ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. بَيدَ أَن كُل أُمَّةٍ أُوتِيَتِ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا. وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ. ثُمَّ هذَا الْيَوْمُ
ــ
(عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة) رضي الله عنه، وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد كوفي وواحد بغدادي (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن) أي أنا وأمتي (الآخرون) ظهورًا في الدنيا (ونحن السابقون يوم القيامة) أي حسابًا ودخولا في الجنة كما سيأتي مبينًا في أحاديث الباب، وهذا كله شرف لهذه الأمة بشرف نبيها ولأنهم خير أمة أخرجت للناس، ويروى الأولون بدل السابقون (بيد) هو مثل غير وزنًا ومعنى وإعرابًا فمعنى بيد (أن كل أمة) غير أن كل أمة من الأمم السابقة أي إلا أن كل أمة من الأمم السابقة (أوتيت الكتاب) أي أعطوه (من قبلنا) أي من قبل ظهورنا في الدنيا، والكتاب التوراة، ويحتمل أن يريد به التوراة والإنجيل بدليل أنه قد ذكر بعد هذا اليهود والنصارى، فأل في الكتاب على هذا للجنس وعلى الأول للعهد، قال أبو عبيد:(بيد) بفتح الباء وسكون الياء وفتح الدال يكون بمعنى غير وبمعنى على وبمعنى من أجل، وأنشد:
عمدًا فعلت ذاك بيد أني
…
أخاف إن هلكت لم ترني
من الرنة الصيحة الحزينة قال الليث: ويقال (ميد وبيد) بالميم والياء بمعنى غير. (قلت): ونصبه إذا كان بمعنى غير على الاستثناء ويمكن أن يقال: إنه بمعنى مع ويكون نصبه على الظرفية الزمانية، قال السنوسي: وقيل معنى بيد أنهم على أنهم، وقيل معناه الاستثناء بمعنى غير أنهم وعليه فيكون من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم، قال النابغة:
فتى كملت أخلاقه غير أنه
…
جواد فما يبقي من المال باقيا
والمعنى نحن السابقون يوم القيامة بما منحنا من الفضائل والكمالات غير أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وهذا الإيتاء يؤكد مدح السابقين بما عقب من قوله:(وأوتيناه من بعدهم) لما أدمج فيه معنى النسخ لكتابهم، فالناسخ هو السابق في الفضل وإن كان مسبوقًا في الوجود؛ أي وأوتينا من بعدهم فهو سابق في الفضل والكمال، وإليه أشار صلى الله عليه وسلم بقوله:"والناس لنا فيه تبع" اهـ منه (وأوتيناه) أي أعطينا الكتاب وهو القرآن الكريم، فأل فيه للعهد (من بعدهم) أي من بعد كل أمة (ثم هذا اليوم) يعني
الذِي كَتَبَهُ اللهُ عَلَينَا. هَدَانَا اللهُ لَهُ. فَالناسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ. الْيَهُودُ غَدا. وَالنصَارَى بَعْدَ غَدٍ".
1870 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. وَابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي
ــ
يوم الجمعة (الذي كتبه الله) سبحانه وتعالى أي فرض الله تعظيمه (علينا) بأنواع العبادات، قال القاضي: فيه وجوب الجمعة (هدانا الله) سبحانه وتعالى أي وفقنا (له) أي لهذا اليوم، وعينه لنا على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم وجزاه علينا خير الجزاء (فالناس) الذين سبقونا مبتدأ، وقوله (لنا فيه) متعلق بقوله (تبع) وهو خبر المبتدأ أي فالناس الذين سبقونا تبع لنا فيه أي في اليوم الذي يعظمونه أي فاليوم الذي يعيدونه تبع لليوم الذي نعيِّده أي عيدهم واقع بعد عيدنا متأخر عنه (اليهود) أي عيد اليهود يكون (غدا) أي يومًا بعد يوم عيدنا وهو السبت، فالغد اسم لليوم الذي يلي يومك الذي أنت فيه أي عيدهم يلي عيدنا (والنصارى) أي وعيد النصارى يكون (بعد غد) الذي هو عيد اليهود أي عيدهم يلي يوم عيد اليهود وهو يوم الأحد أي يكون كذلك بعد إلزام المشروعية لنا وبالاختيار لهم، وإنما قدرنا الظرفين كذلك لأن ظروف الزمان لا تكون أخبارًا عن الجثث "الأشخاص" فيقدر فيها معنى يمكن تقديرها خبرًا قاله النواوي، قال السنوسي: ويحتمل أن يقدر الخبر كونًا خاصًّا فلا يحتاج إلى تقدير المضاف، والتقدير اليهود تبع لنا في غد، والنصارى تبع لنا بعد غد وقرينة هذا المحذوف قوله والناس تبع لنا فيه لأنه تفصيل للمجمل وهذا الوجه أظهر والله تعالى أعلم اهـ سنوسي. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 274] ، والبخاري [876] ، والنسائي [3/ 85 و 87].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1870 -
(00)(00)(وحدثنا) محمَّد بن يحيى (بن أبي عمر) العدني المكي، صدوق، من (10)(حدثنا سفيان) بن عيينة الكوفي (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني (عن الأعرج عن أبي هريرة) رضي الله عنه (وابن طاوس) بالجر معطوف على أبي الزناد، وحدثنا سفيان عن عبد الله بن طاوس (عن أبيه) طاوس بن كيسان (عن أبي
هُرَيرَةَ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ الآخِرُونَ وَنَحْنُ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" بِمِثْلِهِ.
1871 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْب. قَالا: حَدَّثنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِح، عَنْ أبي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ الآخِرُونَ الأوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يدخلُ الْجَنةَ. بَيدَ أنهُمْ أُوتُوا انكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ. فَاخْتَلَفُوا
ــ
هريرة) رضي الله عنه فلسفيان سندان سند عن أبي الزناد عن الأعرج، وسند عن ابن طاوس عن أبيه، غرضه بسوق هذا السند متابعة ابن أبي عمر لعمرو الناقد في رواية هذا الحديث عن سفيان (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن الآخرون) في الدنيا (ونحن السابقون) إلى الجنة (يوم القيامة) وساق ابن أبي عمر (بمثله) أي بمثل حديث عمرو الناقد.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1871 -
(00)(00) وحدثنا قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب قالا حدثنا جرير) ابن عبد الحميد الضبي الكوفي، ثقة، من (8)(عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، من (5)(عن أبي صالح) ذكوان السمان المدني، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة أبي صالح السمان لعبد الرحمن الأعرج في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن الآخرون) خلقًا (الأولون) حسابًا (يوم القيامة، ونحن أول من يدخل الجنة بيد) أي غير (أنهم أوتوا) أي أعطوا (الكتاب من قبلنا) أي من قبل وجودنا وإيتائنا (وأوتيناه) أي وأعطينا الكتاب (من بعدهم) أي من بعد إيتائهم (فاختلفوا) في يوم الجمعة الذي فرض عليهم تعظيمه، وقد اختلف العلماء في كيفية ما وقع لهم من فريضة يوم الجمعة، فقالت طائفة: إن موسى أمرهم بيوم الجمعة وعينه لهم وأخبرهم بفضيلته على غيره، فناظروه أن السبت أفضل، فقال الله له: دعهم وما اختاروا لأنفسهم، ونقلوا هذا القول، ويؤيد هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الآتية "وهذا يومهم الذي فرض عليهم ثم اختلفوا" وقيل: إن الله لم يعينه لهم وإنما
فَهَدَانَا اللهُ لِمَا اختَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَق. فَهذَا يَوْمُهُمُ الّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ. هَدَانَا اللهُ لَهُ (قَال: يَوْمُ الْجُمُعَةِ) فَالْيَوْمَ لَنَا. وَغَدا لِليَهُودِ. وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى"
ــ
أمرهم بتعظيم يوم في الأسبوع فاختلف اجتهادهم في تعيينه فعينت اليهود السبت لأن الله سبحانه وتعالى فرغ فيه من الخلق، وعينت النصارى يوم الأحد لأن الله تعالى بدأ فيه الخلق فألزم كل واحد منهم ما أدى إليه اجتهاده وعينه الله لهذه الأمة من غير أن يكلهم إلى اجتهادهم فضلًا منه ونعمة، ويدل على صحة هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم:"فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه" أي في تعيينه (هدانا الله له) أي بتعيينه لنا لا باجتهادنا، ومما يؤيده أنه لو عين لهم فعاندوا فيه لما قيل اختلفوا فيه، وإنما كان ينبغي أن يقال فخالفوا فيه وعاندوا، ومما يؤيده أيضًا ما سيأتي في الرواية آخر الباب من قوله "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا" اهـ من المفهم.
قال المازري: الحديث يدل أن يوم الجمعة عين لهم وأمروا بتعظيمه فتركوه وغلبوا القياس فغلبت اليهود السبت للفراغ فيه من الخلق وظنت ذلك فضيلة توجب عظم اليوم، وعظمت النصارى الأحد لما كان ابتداء الخلق فيه، واتبع المسلمون الوحي الوارد في تعظيم الجمعة فعظموه اهـ. (قلت): الأظهر أنه عين لهم لأن السياق دل على ذمهم في العدول عنه فيجب أن يكون عين لهم لأنه لو لم يعين ووكل التعيين إلى اجتهادهم لكان الواجب عليهم تعظيم يوم لا بعينه اهـ من الأبي (فهدانا الله) سبحانه وتعالى أي وفقنا (لما اختلفوا فيه من الحق) الذي هو يوم الجمعة (فهذا) اليوم الذي نعظمه يعني يوم الجمعة هو (يومهم الذي) أمروا بتعظيمه و (اختلفوا فيه) ف (هدانا الله) أي وفقنا (له) أي لتعظيمه (قال) النبي صلى الله عليه وسلم هو أي اليوم الذي اختلفوا فيه (يوم الجمعة) ولفظ النسائي (يعني يوم الجمعة) وهو واضح أي يعني النبي صلى الله عليه وسلم بذلك اليوم يوم الجمعة وهو من كلام أبي هريرة (فاليوم) أي فهذا اليوم الذي نعظمه يعني يوم الجمعة عيد (لنا وغدا) بالنصب على الحكاية لأنه مبتدأ، وفي بعض النسخ وغد بالرفع فيقال في إعرابه غد مبتدأ محكي مرفوع بضمة مقدرة (لليهود) جار ومجرور خبر المبتدإ أي وغدًا من يومنا عيد لليهود (وبعد غد) مبتدأ محكي أيضًا (للنصارى) جار ومجرور خبره أي وبعد غد عيد للنصارى.
قال القرطبي: وحق (غدًا) و (بعد غد) أن يكونا مرفوعين على الابتداء وخبرهما
1872 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا محمدُ بْنُ رَافِع. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَخِي وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَال: هذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ، عَنْ مُحمدٍ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. بَيدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ من بَعْدِهِمْ. وَهذَا يَوْمُهُمُ الذِي فُرِضَ عَلَيهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ. فَهَدَانَا اللهُ لَهُ. فَهُمْ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ. فَالْيَهُودُ غَدًا. وَالنصَارَى بَعْدَ غَدٍ"
ــ
المجروران بعدهما، وقد قيدهما كذلك بعض من نعتمده، وقيدناهما أيضًا بالنصب بناء على أنهما ظرفان غير متمكنين والأول أولى لأنهما قد أخبر عنهما هنا فقد خرجا عن الظرفية اهـ من المفهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1872 -
(00)(00) وحدثنا محمَّد بن رافع) القشيري النيسابوري، ثقة، من (11)(حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني، ثقة، من (9)(أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقة، من (7)(عن همام بن منبه) بن كامل اليماني الصنعاني، ثقة، من (4) (أخي وهب بن منبه) القصاص (قال) همام (هذا) الحديث الذي أحدثه لكم إما حدثنا أبو هريرة عن محمَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) أبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن الآخرون) وجودًا (السابقون) فضلًا (يوم القيامة بيد أنهم) أي غير أن أهل الكتاب (أو توا الكتاب) أي أعطوه (من قبلنا وأوتيناه) أي أعطينا الكتاب الذي هو الفرقان (من بعدهم وهذا) اليوم الذي نعظمه يعني الجمعة هو (يومهم الذي فرض عليهم (تعظيمه (فاختلفوا فيه) وضلوا عنه (فهدانا الله له) أي وفقنا الله تعالى له فعظمناه (فهم) أي فاهل الكتاب (لنا فيه تبع) أي تابعون لنا في اليوم الذي يعيِّدونه (فاليهود) عيدوا (غدا) أي السبت (والنصارى) عيدوا (بعد غد) يعني الأحد.
قال السنوسي: استدل بعض شراح المصابيح على عدم تعيينه لهم بقوله في الحديث (فهدانا الله له) قال: ومعناه بعد قوله (فرض الله عليهم) أن الله تعالى أمر عباده وفرض عليهم أن يجتمعوا يوم الجمعة ليحمدوا خالقهم ويشكروه بالعبادة وما عين لهم بل أمرهم أن يستخرجوه بأفكارهم ويعينوه باتجهادهم فقالت اليهود: هو يوم السبت،
1873 -
(820)(224) وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيبٍ وَوَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيلٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأشْجَعِيِّ، عَنْ أبي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ
ــ
لأنه يوم فراغ وقطع عمل فإن الله تعالى فرغ فيه من خلق العالم فينبغي للخلق أن يعرضوا عن صنائعهم ويفرغوا للعبادة، وزعمت النصارى أن المراد به يوم الأحد فإنه يوم بدء الخلق الموجب للشكر والعبادة، فهدى الله هذه الأمة ووفقهم للإصابة حتى عينوا الجمعة وقالوا: إن الله تعالى خلق الإنسان للعبادة وكان خلقه يوم الجمعة إذ فيه خلق آدم فكانت العبادة فيه أولى، ولأنه تعالى أوجد في سائر الأيام ما ينتفع به الإنسان، وفي الجمعة أوجد نفس الإنسان والشكر على نعمة وجود نفسه أهم وأحرى، ولما كان مبدأ دور الإنسان وأول أيامه يوم الجمعة كان التعبد فيه باعتبار العبادة متبوعًا والمتعبد في اليومين بعده تابعًا اهـ.
[قلت]: وهذا الكلام يؤذن بأن تعيين الجمعة لهذه الأمة إنما كان أولًا بالاجتهاد ثم انكشف الوحي أنه موافق لما أمرهم الله تعالى، وفيه بعد ويصح أن يقال: لم يعين لغير هذه الأمة ووكلوا في تعيينه إلى اجتهادهم، أما هذه الأمة فقد تفضل الله تعالى عليها ولم يكلها في تعيين هذا اليوم المأمور به إلى نفسها بل أوحى بتعيينه لهم أولًا ويكون هذا معنى قوله (فهدانا الله له) ويحتمل أن يكون عين للجميع لكن لم يوفق من قبلنا لقوله (ووفقت هذه الأمة) للتفويض للمولى الكريم واختيار ما اختاره لهم والله أعلم اهـ من السنوسي.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي هريرة مع استشهاده له بحديث حذيفة رضي الله تعالى عنهما فقال:
1873 -
(820)(4 22)(وحدثنا أبو غريب) محمَّد بن العلاء الهمداني الكوفي (وواصل بن عبد الأعلى) بن هلال الأسدي أبو القاسم الكوفي، ثقة، من (10) كلاهما (قالا: حدثنا) محمَّد (بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي، صدوق، من (9) روى عنه في (20) بابا (عن أبي مالك) سعد بن طارق بن أشيم (الأشجعي) الكوفي، ثقة، من (4) روى عنه في (6) أبواب (عن أبي حازم) الأشجعي سلمان مولى عزة الكوفي، جليس أبي هريرة خمس سنوات، ثقة، من كبار (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه، وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا أبا هريرة، وفيه التحديث
وَعَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيفَةَ. قَالا: قَال رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَضَل اللهُ عَنِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ قَبلَنَا. فَكَانَ لِليَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ. وَكَانَ لِلنصَارَى يَوْمُ الأَحَدِ. فَجَاءَ اللهُ بِنَا. فَهَدَانَا اللهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ. فَجَعَلَ الْجُمُعَةَ وَالسبتَ وَالأَحَدَ. وَكَذلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَومَ الْقِيَامَةِ. نَحْنُ الآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا. وَالأَوَّلُونَ يَومَ الْقِيَامَةِ. الْمَقْضِي لَهُمْ قَبْلَ الْخَلائقِ". وَفِي رِوَايَةِ وَاصِلٍ: "الْمَقْضِي بَينَهُم"
ــ
والعنعنة والمقارنة، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة أبي حازم لمن روى عن أبي هريرة أعني الأعرج وأبا صالح وهمامًا ابن منبه، وقوله (وعن ربعي بن حراش) معطوف على أبي حازم أي وروى أبو مالك الأشجعي عن ربعي بن حراش العبسي أبي مريم الكوفي، ثقة مخضرم، من (2)(عن حذيفة) بن اليمان العبسي أبي عبد الله الكوفي، وهذا السند أيضًا من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم قاطبة كوفيون، وغرضه بسوقه الاستشهاد بحديث حذيفة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه (قالا) أي قال كل من أبي هريرة وحذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أضل الله) سبحانه وتعالى أي حكم الله تعالى بالخطإ والضلال (عن) موافقة تعظيم يوم (الجمعة من كان قبلنا) من أهل الكتاب (فكان) عيدًا (لليهود يوم السبت وكان) عيدًا (للنصارى يوم الأحد فجاء الله) سبحانه وتعالى (بنا) معاشر الأمة المحمدية أي خلقنا من بعدهم (فهدانا الله) سبحانه أي وفقنا (لـ)(تعظيم (يوم الجمعة فجعل) الله سبحانه وتعالي أعيادنا وأعيادهم (الجمعة) لنا (والسبت) لليهود (والأحد) للنصارى (وكذلك) أي وكما جعلهم الله تبعًا لنا في أيام العيد الذي اختاروه (هم تبع لنا) أي تابعون لنا (يوم القيامة) في دخول الجنة يدخلون بعد دخولنا، يعني أن ما اختاروه من الأيام تابعان ليوم الجمعة يجيئان بعده فكذلك هم تابعون لنا يوم القيامة في دخول الجنة لا يدخلون حتى ندخل اهـ ابن الملك (نحن الآخرون من أهل الدنيا) في الزمان والوجود (والأولون يوم القيامة) في الفضل ودخول الجنة فتدخل هذه الأمة الجنة قبل سائر الأمم، وقوله (المقضي لهم) صفة للأولين أي ونحن الأولون الذين يقضى لهم بدخول الجنة (قبل الخلائق) أي قبل قضائه لسائر الأمم هكذا في رواية أبي غريب (وفي رواية واصل: المقضي بينهم) أي الذي يقضى بينهم فيما يتعلق بحقوقهم. وشارك المؤلف في رواية حديث حذيفة النسائي [3/ 87].
1874 -
(00)(00) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيبٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ أبي زَائِدَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ. حَدَّثَنِي رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيفَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هُدِينَا إِلَى الْجُمُعَةِ وَأَضَلَّ اللهُ عَنْهَا مَنْ كَانَ قَبْلَنَا" فَذَكَرَ بِمَعْنَى الحَدِيثِ ابْنِ فُضَيلٍ
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث حذيفة رضي الله عنه فقال:
1874 -
(00)(00)(حدثنا أبو كريب) الهمداني الكوفي (أخبرنا) يحيى بن زكرياء (بن أبي زائدة) خالد بن ميمون الهمداني أبو سعيد الكوفي، ثقة متقن، من كبار (9) روى عنه في (12) بابا (عن سعد بن طارق) الأشجعي الكوفي (حدثني ربعي بن حراش) العبسي الكوفي (عن حذيفة) بن اليمان العبسي الكوفي، وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم جميعًا كوفيون، غرضه بسوقه بيان متابعة يحيى بن أبي زائدة لابن فضيل في رواية هذا الحديث عن سعد بن طارق، وفيه التحديث إفرادا وجمعًا والإخبار والعنعنة (قال) حذيفة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هدينا) معاشر الأمة المحمدية أي هدانا الله سبحانه وتعالى (إلى) تعظيم يوم (الجمعة وأضل الله) سبحانه وتعالى (عنها) أي عن تعظيم يوم الجمعة (من كان قبلنا) من الأمم من اليهود والنصارى (فذكر) يحيى بن زكريا في باقي الحديث (بمعنى الحديث) محمَّد (بن فضيل) بن غزوان دون لفظه والله أعلم. وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث الأول حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه أربع متابعات، والثالث حديث حذيفة بن اليمان ذكره للاستشهاد به لحديث أبي هريرة الثاني وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.
***