المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌372 - (83) باب: من مئنة فقه الرجل طول صلاته وقصر خطبته والإنكار على من أساء الأدب في الخطبة - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌327 - (39) باب: أي أركان الصلاة أفضل وأن في الليل ساعة يستجاب فيها الدعاء

- ‌328 - (40) باب: فضل آخر الليل ونزول الله سبحانه وتعالى فيه إلى السماء الدنيا، وقوله من يدعوني فأستجيب له

- ‌329 - (41) باب: الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام

- ‌330 - (42) باب: في كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل ودعائه

- ‌331 - (43) باب: افتتاح التهجد بركعتين خفيفتين وبالأذكار وفعله في ثوب واحد

- ‌332 - (44) باب: ترتيل القراءة والجهر بها وتطويلها في صلاة الليل

- ‌333 - (45) باب: استغراقِ الليل بالنوم من آثار الشيطان وكون الإنسان أكثر شيء جدلًا

- ‌334 - (46) باب: استحباب صلاة النافلة وقراءة البقرة في بيته وجوازها في المسجد

- ‌335 - (47) باب: أحب العمل إلى اللَّه أدومه وإن قل صلاة كان أو غيرها

- ‌336 - (48) باب: كراهية التعمق في العبادة وأمر من استعجم عليه القرآن أو الذكر أو نعس أن يرقد

- ‌أبواب فضائل القرآن وما يتعلق به

- ‌337 - (49) باب: الأمر بتعاهد القرآن واستذكاره وكراهة قول: نسيت آية كذا وجواز قول أنسيتها

- ‌338 - (50) باب: استحباب تحسين الصوت بالقراءة والترجيع فيها

- ‌339 - (51) باب: ذكر قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم: سورة الفتح يوم فتح مكة

- ‌340 - (52) باب: نزول السكينة لقراءة القرآن

- ‌341 - (53) باب: أمْثالِ مَنْ يقرأ القرآنَ ومن لا يقرأ وفضل الماهر بالقرآن والذي يتعب فيه

- ‌342 - (54) باب: استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والحذاق فيه وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه

- ‌343 - (55) باب: فضل استماع القرآن وطلب القراءة من حافظ للاستماع، والبكاء عند القراءة والتدبر

- ‌344 - (56) باب: فضل تعلم القرآن وقراءته في الصلاة

- ‌345 - (57) باب: فضل قراءة القرآن وفضل قراءة سورة البقرة وسورة آل عمران

- ‌346 - (58) باب: فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة، والحث على قراءة الآيتين من آخرها

- ‌347 - (59) باب: فضل سورة الكهف وآية الكرسيّ

- ‌348 - (60) باب فضل قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}

- ‌349 - (61) باب: فضل قراءة المعوذتين

- ‌350 - (62) باب: لا حسد إلا في اثنتين ومن يرفع بالقرآن

- ‌351 - (63) باب: نزول القرآن على سبعة أحرف

- ‌352 - (64) باب: الترتيل في القراءة واجتناب الهذ فيها، وإباحة جمع سورتين فأكثر في ركعة

- ‌353 - (65) باب: قراءة ابن مسعود رضي الله عنه

- ‌354 - (66) باب: الأوقات التي نُهي عن الصلاة فيها، وتحريها بالصلاة فيها

- ‌356 - (67) باب: أحاديث الركعتين اللتين يصليهما النبيّ صلى الله عليه وسلم بعد العصر

- ‌357 - (68) باب: الركوع بعد الغروب وقبل المغرب

- ‌358 - (69) باب: صلاة الخوف

- ‌أبواب الجمعة

- ‌359 - (70) باب: ندب غسل يوم الجمعة لحاضرها وتأكيده وجواز الاقتصار على الوضوء

- ‌360 - (71) باب: وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال وبيان ما أمروا به

- ‌361 - (72) باب: استحباب السواك والطيب يوم الجمعة

- ‌362 - (73) باب: مشروعية الغسل في يوم من أيام الأسبوع سواء لحاضرها أو لغيره

- ‌363 - (74) باب: تفاوت درجات المبكرين إلى الجمعة

- ‌364 - (75) باب الإنصات يوم الجمعة في الخطبة والإنصات السكوت مع الإصغاء

- ‌365 - (76) باب: في الساعة التي يستجاب فيها الدعاء في يوم الجمعة

- ‌366 - (77) باب: فضل يوم الجمعة وهداية هذه الأمة له

- ‌367 - (78) باب: فضل التهجير إلى الجمعة وفضل من أنصت واستمع إلى الخطبة

- ‌368 - (79) باب: وقت صلاة الجمعة حين تزول الشمس

- ‌369 - (80) باب: الخطبتين قبل صلاة الجمعة وما يشترط فيهما من القيام فيهما والجلوس بينهما والدعاء والقراءة

- ‌370 - (81) باب: التغليظ في ترك الجمعة واستحباب كون الصلاة والخطبة قصدًا

- ‌371 - (82) باب: ما يقال في الخطبة من الحمد والثناء على الله تعالى والإتيان بأما بعد ورفع الصوت بها

- ‌372 - (83) باب: من مئنة فقه الرجل طول صلاته وقصر خطبته والإنكار على من أساء الأدب في الخطبة

- ‌373 - (84) باب: قراءة القرآن في الخطبة والإشارة باليد فيها

- ‌374 - (85) باب: ركوع من دخل والإمام يخطب والتعليم في حالة الخطبة

- ‌375 - (86) باب: ما يقرأ به في صلاة الجمعة وفي صبح يومها

- ‌376 - (87) باب: التنفل بعد الجمعة والفصل بين الفريضة والنافلة بكلام أو انتقال

- ‌أبواب العيدين

- ‌377 - (88) باب: الصلاة فيهما قبل الخطبة

- ‌378 - (89) باب: لا أذان ولا إقامة لصلاة العيدين وأن الخطبة بعدها

- ‌379 - (90) باب: خروج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى المصلى في العيدين وإقباله على النَّاس في الخطبة وأمرهم بالصدقة والإنكار على من بدأ بالخطبة قبل الصلاة

- ‌380 - (91) باب: الأمر بإخراج العواتق وذوات الخدور إلى العيدين ومجامع الخير والدعوة للمسلمين وأمر الحيض باعتزالهن عن مصلى المسلمين

- ‌381 - (92) باب: لا صلاة في المصلى قبل صلاة العيدين ولا بعدها وبيان ما يقرأ في صلاتهما

- ‌382 - (93) باب: الفرح واللعب بما يجوز في أيام العيد

الفصل: ‌372 - (83) باب: من مئنة فقه الرجل طول صلاته وقصر خطبته والإنكار على من أساء الأدب في الخطبة

‌372 - (83) باب: من مئنة فقه الرجل طول صلاته وقصر خطبته والإنكار على من أساء الأدب في الخطبة

1900 -

(835)(239) حَدَّثَنِي سُرَيجُ بْنُ يُونُسَ. حَدَّثنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ. قَال: قَال أَبُو وَائِلٍ: خَطَبَنَا عَمَّارٌ. فَأَوْجَزَ وَأَبْلَغَ. فَلَمَّا

ــ

372 -

(83) باب من مئنة فقه الرجل طول صلاته وقصر خطبته والإنكار على من أساء الأدب في الخطبة

ليس هذا بمعارض بما تقدم من أحاديث الأمر بالتخفيف لأن المراد بطول الصلاة طولها بالنسبة إلى قصر الخطبة لا طولها في نفسها بحيث يشق على المأمومين وهي حينئذ قصد أي معتدلة والخطبة قصد بالنسبة إلى وضعها اهـ أبي.

1900 -

(835)(239)(حدثنا سريج) مصغرًا (ابن يونس) بن إبراهيم البغدادي أبو الحارث العابد القدوة، ثقة، من (10) روى عنه في (11) بابا (حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك) بن سعيد بن حيان بمهملة وتحتانية (ابن أبجر) بموحدة وجيم بوزن أحمد الهمداني الكوفي، روى عن أبيه في الصلاة والزكاة، والثوري، ويروي عنه (م س) وسريج بن يونس وابن مهدي، قال ابن معين: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، له عندهما ثلاثة أحاديث، وقال في التقريب: ثقة، من كبار التاسعة، مات سنة (181) إحدى وثمانين ومائة (عن أبيه) عبد الملك بن سعيد بن حيان بتحتانية ابن أبجر الهمداني الكوفي، وثقه ابن معين وقال في التقريب: ثقة عابد، من (6) روى عنه في (3) أبواب (عن واصل بن حيان) الأحدب الأسدي الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (5) أبواب (قال) واصل:(قال أبو وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (9) أبواب (خطبنا عمار) بن ياسر بن عامر بن الحصين بن قيس بن ثعلبة العنسي المخزومي مولاهم أبو اليقظان المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه، قتل بصفين مع علي سنة (37) روى عنه في (2) وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد بغدادي (فأوجز) أي اختصر عمار في خطبته من حيث اللفظ، والإيجاز تقليل الألفاظ مع كثرة المعاني (وأبلغ) فيها من حيث المعنى أي خطب خطبة بليغة في المعنى مع إيجاز لفظها، والبلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال (فلما)

ص: 346

نَزَلَ قُلْنَا: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ! لَقَدْ أَبْلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ. فَلَوْ كُنْتَ تَنَفسْتَ. فَقَال: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِن طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ، وَقِصرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ. فَأَطِيلُوا الصَّلاةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ. وإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ

ــ

فرغ منها، و (نزل) من المنبر (قلنا) له معاشر الحاضرين (يا أبا اليقظان) كنية عمار: والله (لقد أبلغت وأوجزت) في خطبتك أي خطبت لنا خطبة بليغة من حيث المعنى، موجزة من حيث اللفظ (فلو كنت) يا أبا اليقظان (تنفست) فيها أي أطلت قليلًا، فلو إما شرطية حذف جوابها لعلمه من السياق أي لو تأخرت فيها وأطلتها لنا قليلًا لكان خيرًا لنا، أو للتمني لا جواب لها أي نتمنى تنفسك وتأخرك فيها لكونها بليغة مفيدة لنا (فقال) عمار لا ينبغي لي ولا يليق بي أن أتنفس فيها فـ (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن طول صلاة الرجل) بالنسبة إلى الخطبة لا تطويلها بحيث يشق على الناس فيكون المراد القصد في التطويل (وقصر خطبته) الذي هو وضعها بالنسبة إلى الصلاة فلا يعارض حديث الأمر بتخفيف الصلاة كما مر آنفًا (مئنة) بفتح الميم ثم همزة مكسورة ثم نون مشددة مفتوحة أي علامة يستدل بها (من فقهه) أي على فقهه في الدين فمن بمعنى على، قال السنوسي: قوله من فقهه صفة لمئنة أي مئنة ناشئة من فقهه فمن على بابها، ويحتمل أن تكون من بمعنى على كما ذكرنا في الحل، وكل شيء دل على شيء فهو مئنة له، قال بعضهم: وحقيقتها أنها مفعلة من معنى إن المكسورة التي للتحقيق والتأكيد غير مثتق من لفظها لأن الحروف لا يسْتق منها وإنما ضمنت حروفها دلالة على أن معناها فيها، ولوقيل إنها اشتقت من لفظها بعد ما جعلت اسمأ لكان وجهًا، ومن أغرب ما قيل فيها: إن الهمزة فيها بدل من ظاء المظنة.

قيل إنما جعل صلى الله عليه وسلم ذلك علامة من فقهه لأن الصلاة هي الأصل والخطبة هي الفرع الذي جعل توطئة لها، ومن القضايا الفقهية والعقلية أن يؤثر الأصل على الفرع بالزيادة والفضل فإذا علم تلك القضايا فيصرف العناية إلى ما هو الأهم الأصل دون الفرع اهـ منه (فـ) إذا عرفتم ذلك أيها الناس (أطيلوا) بهمزة قطع من الإطالة أي أطيلوا أيها الأئمة (الصلاة) بالنسبة إلى قصر الخطبة لا تطويلها في نفسها بحيث يشق على المأمومين فلا ينافي حديث الأمر بتخفيف الصلاة (واقصروا الخطبة) بهمزة وصل فيه أي اجعلوها قصيرة بالنسبة إلى الصلاة لأنها توطئة للصلاة لا مقصودة بذاتها والعياذ بالله تعالى مما يفعله أهل عصرنا من خلاف السنة، وجملة قوله (وإن من البيان) والبلاغة

ص: 347

سِحْرًا".

1901 -

(836)(240) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ؛

ــ

في الخطب (سحرا) أي ما هو كالسحر لميل القلوب إليه وإصغائها إليه كما أن السحر الحقيقي يميل القلب ويصرفه عن حالته الأصلية، حال من فاعل اقصروا، وأصل السحر صرف الأشياء عن حالتها الأصلية فكذلك البيان البليغ يصرف القلوب ويميلها إلى ما يدعو إليه فالكلام على التشبيه البليغ، قال السنوسي: جملة قوله (وإن من البيان سحرًا) حال من ضمير الفاعل في اقصروا أي اقصروا أيها الأئمة الخطب في حال كونكم تأتون فيها بمعان جمة شريفة تطابق الفصل في ألفاظ يسيرة وهو أعلى طبقات البيان ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "أوتيت جوامع الكلم" هذا على رواية الواو لأنها واو الحال، وأما على رواية الفاء فالمعنى اقصروا الخطبة مع جمعكم فيها للمعاني الجمة الشريفة لتكونوا آتين فيها بالسحر الحلال فإن من البيان لسحرًا، فالفاء تعليلية اهـ. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [4/ 263]، وأبو داود [1106].

ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث عدي بن حاتم رضي الله عنه فقال:

1901 -

(836)(240)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير) الكوفيان (قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح الكوفي (عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (عن عبد العزيز بن رفيع) مصغرًا أبي عبد الله الأسدي المكي، روى عن تميم بن طرفة في الإيمان والصلاة، وزيد بن وهب في الزكاة، وعبد الله بن أبي قتادة في الحج، وأنس في الحج، وعبيد الله بن القبطية في الفتن، وأبي الطفيل عامر بن واثلة في الفتن، ويروي عنه (ع) والثوري وجرير بن عبد الحميد في الزكاة، وأبو الأحوص وشعبة والأعمش وأبو إسحاق الشيباني وزهير بن معاوية، قال أحمد ويحيى وأبو حاتم والنسائي: ثقة، وقال في التقريب: ثقة، من الرابعة، مات سنة (130) ثلاثين ومائة (عن تميم بن طرفة) -بفتح المهملتين الطائى الكوفي- وثقه النسائي، وقال في التقريب: ثقة، من (3) مات سنة (95)(عن عدي بن حاتم) بن عبد الله بن سعد بن حشرج بن امرئ القيس القحطاني

ص: 348

أَنَّ رَجُلًا خَطَبَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ. وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ. قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ". قَال ابْنُ نُمَيرٍ: فَقَدْ غَويَ

ــ

الطائي أبي طريف الكوفي الجواد ابن الجواد الصحابي المشهور، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة سبع له (66) ستة وستون حديثًا، اتفقا على ستة، وانفرد (خ) بثلاثة و (م) بحديثين سمع النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه عمر في الفضائل، ويروي عنه (ع) وتميم بن طرفة في الصلاة، وعبد الله بن معقل في الزكاة، وخيثمة في الزكاة، والشعبي في الصوم والصيد والفضائل، وهمام بن الحارث في الصيد، وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا عبد العزيز بن رفيع فإنه مكي، وفيه التحديث والعنعنة والمقارنة ورواية تابعي عن تابعي (أن رجلا) لم أر من ذكر اسمه (خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم يعني في عقد نكاح أو بين يدي وفد لا في خطبة جمعة اهـ من الأبي (فقال) ذلك الرجل في خطبته (من يطع الله ورسوله فقد رشد) بفتح الشين وكسرها (ومن بعصهما) أي ومن يعص الله ورسوله أي خالفهما (فقد غوى) أي ضل عن طريق الحق، قال القاضي: يروى بفتح الواو من باب رمى، وكسرها من باب رضي، والصواب الفتح لأنه من الغي، وهو الانهماك في الشر (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس الخطيب) أي كلامه والمخصوص بالذم (أنت) أيها الرجل (قل) أيها الرجل (ومن يعص الله ورسوله) بإفراد الجلالة (قال ابن نمير) في روايته: (فقد غوي) بكسر الواو من باب رضي. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد [4/ 256]، وأبو داود [1099].

وقول الخطيب (من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى) قال القرطبي: ظاهره أنه أنكر عليه جمع اسم الله تعالى واسم رسوله صلى الله عليه وسلم في ضمير واحد، ويعارضه ما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فقال في خطبته:"من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه" وفي حديث أنس: "ومن يعصهما فقد غوى" رواه أبو داود أيضًا وهما صحيحان، ويعارضه أيضًا قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] فجمع بين ضمير اسم الله وملائكته ولهذه المعارضة صرف بعض القراء هذا الذم إلى أن

ص: 349

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك الخطيب وقف على (ومن يعصهما) وهذا تأويل لم تساعده الرواية فإن الرواية الصحيحة أنه أتى باللفظين في مساق واحد، وأن آخر كلامه هو فقد غوى، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم رد عليه وعلمه صواب ما أخل به فقال:"قل ومن يعص الله ورسوله فقد غوى" فظهر أن ذمه له إنما كان على الجمع بين الاسمين في الضمير، وحينئذ يتوجه الإشكال ونتخلص عنه من أوجه: - أحدها أن المتكلم لا يدخل تحت خطاب نفسه إذا وجهه لغيره فقوله صلى الله عليه وسلم بئس الخطيب أنت منصرف لغير النبي صلى الله عليه وسلم لفظًا ومعنى. وثانيها أن إنكاره على ذلك الخطيب يحتمل أن يكون كان هناك من يتوهم التسوية من جمعهما في الضمير الواحد فمنع ذلك لأجله وحيث عدم ذلك جاز الإطلاق. وثالثها أن ذلك الجمع تشريف للملائكة ولله تعالى أن يشرف من شاء بما شاء ويمنع من مثل ذلك للغير كما قد أقسم بكثير من المخلوقات ومنعنا من القسم بها فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} وكذلك أذن لنبيه صلى الله عليه وسلم في إطلاق مثل ذلك ومنع منه الغير على لسان نبيه. ورابعها أن العمل بخبر المنع أولى لأوجه لأنه تقعيد قاعدة والخبر الآخر يحتمل الخصوص كما قررناه، ولأن هذا الخبر ناقل والآخر مبقى على الأصل فكان الأول أولى، ولأنه قول والثاني فعل فكان أولى. والله أعلم اهـ من المفهم.

وقوله (فقد رشد) من الرشد وهو الصلاح وإصابة الصواب، ويقال فيه رشد رشدًا من باب تعب، ورشد يرشد من باب قتل كما في المصباح قال الشاعر:

وهل أنا إلا من غزية إن غوت

غويت وإن ترشد غزية أرشد

وقوله (فقد غوى) من باب رمى من الغي كما مر أنه الصواب قال الشاعر:

ومن يلق خيرًا يحمد الناس أمره

ومن يغو لا يعدم على الغي لائمَا

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين الأول حديث عمار ذكره للاستدلال على الجزء الأول من الترجمة، والثاني حديث عدي بن حاتم ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة والله أعلم.

***

ص: 350