الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
342 - (54) باب: استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والحذاق فيه وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه
1755 -
(765)(174) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال لأُبَي:"إِن اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيكَ" قَال: اللهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَال: "اللهُ سَمَّاكَ لِي" قَال: فَجَعَلَ أُبَي يَبْكِي
ــ
342 -
(54) باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والحُذَّاق فيه وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه
1755 -
(765)(174)(حدثنا هدّاب بن خالد) القيسي البصري، ثقة، من (9)(حدثنا همّام) بن يحيى بن دينار الأزدي البصري، ثقة، من (7)(حدثنا قتادة) بن دعامة البصري (عن أنس بن مالك) الأنصاري البصري، وهذا السند من رباعياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأُبيّ) بن كعب بن قيس بن عبيد الأنصاري الخزرجي أبي المنذر المدني سيد القرّاء كاتب الوحي رضي الله عنه (أن الله) سبحانه وتعالى (أمرني أن أقرأ عليك) القرآن، إنما كان ذلك ليلقن عنه أُبن كيفية القراءة مشافهة وصفتها وليبيِّن طريق تحميل الشيخ للراوي بقراءته عليه، وفي حديث عبد الله بن مسعود الآتي قراءة التلميذ على الشيخ وكلاهما طريق صحيح، وتخصيص سورة:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: 1]، لما تضمّنته من ذكر الرسالة والصحف والكتب في قوله تعالى:{رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البينة: 2] وهو مناسب لحالهما والله تعالى أعلم، اهـ من المفهم (قال) أُبيّ (الله) سبحانه وتعالى (سمّاني) أي ذكر اسمي (لك) يا رسول الله، بهمزة الاستفهام على التعجب منه إذ كان ذلك مستبعدًا عنده لأن تسميته تعالى له وتعيينه ليقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم تشريف عظيم وتأهيل لم يحصل مثله لأحد من الصحابة رضوان الله عليهم، ولذلك لمَّا أخبره بذلك بكى من شدة الفرح والسرور لحصول تلك المنزلة الشريفة والمرتبة المُنيفة له، اهـ من المفهم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم (الله سمّاك لي) أي ذكر اسمك لي (قال) أنس (فجعل أُبيّ يبكي) فرحًا بذلك، قال ابن الملك: قوله (آلله سمّاني لك) أي أعينني الله سبحانه بذكر اسمي لك يا رسول الله، وهو معطوف على فعل مقدَّر مع حرف الاستفهام تقديره: هل ذكرني صريحًا وسمَّاني، قيل الحكمة في الأمر بالقراءة
1756 -
(00)(00) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأُبيِّ بْنِ كَعْبٍ: "إِن اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيكَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: 1] قَال: وَسَمَّانِي لَكَ؟ قَال: "نَعَمْ " قَال: فَبَكَى.
1757 -
(00) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ -يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ- حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ. قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: قَال
ــ
عليه هو أن الله تعالى كان عالمًا بأن الناس سيأخذون القرآن منه ويكون شيخًا فيه فأمر نبيّه صلى الله عليه وسلم بالقراءة عليه ليتعلّم آداب القراءة وآداب التعليم لتستنّ الأمة بذلك كما في المبارق. وتخصيص قراءة (لم يكن) فلأنها وجيزة جامعة لقواعد كثيرة من أصول الدين وفروعه ومهماته في الوعد والوعيد والإخلاص وتطهير القلوب وكان الوقت يقتضي الاختصار كما في النواوي. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 273] والبخاري [3809] والترمذي [3894].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
1756 -
(00)(00)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار) البصريان (قالا حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة) بن الحجّاج البصري (قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس) بن مالك رضي الله عنه، وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون، غرضه بسوقه بيان متابعة شعبة لهمّام بن يحيى في رواية هذا الحديث عن قتادة (قال) أنس (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأُبيّ بن كعب) رضي الله عنه (أن الله) سبحانه (أمرني أن أقرأ عليك) سورة {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} قال) أُبيّ بن كعب (وسمّاني) الله تعالى أي ذكر الله اسمي الك) يا رسول الله (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم) ذكر الله لي اسمك (قال) أنس (فبكى) أُبيّ فرحًا بذلك. ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:
1757 -
(00)(00)(حدثنا يحيى بن حبيب) بن عربي (الحارثي) أبو زكرياء البصري، ثقة، من (10)(حدثنا خالد يعني ابن الحارث) بن عبيد بن سليم الهجيمي أبو عثمان البصري، ثقة، من (8) (حدثنا شعبة عن قتادة قال: سمعت أنسًا يقول: قال
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأُبَيٍّ بِمِثْلِهِ
ــ
رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي) بن كعب وساق خالد بن الحارث (بمثله) أي بمثل ما حدث محمد بن جعفر عن شعبة، غرضه بيان متابعة خالد لمحمد بن جعفر في رواية هذا الحديث عن شعبة.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديث أنس وذكر فيه متابعتين.
قال النواوي: هذه الأسانيد الثلاثة المذكورة في هذا الباب رُواتها كلهم بصريون وهذا من المستطرفات التي قل نظيرها لأنه اجتمع هنا ثلاثة أسانيد متصلة مسلسلون بغير قصد وقد سبق بيان مثله، وفي الطريق الثالث فائدة حسنة وهي أن قتادة صرح بالسماع عن أنس بخلاف الأوليين وقتادة مدلّس فينتفى أن يُخاف من تدليسه بتصريحه بالسماع وقد سبق التنبيه على مثل هذا مزات، وفي الحديث فوائد كثيرة منها استحباب قراءة القرآن على الحذّاق فيه وأهل العلم به والفضل وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه، ومنها المنقبة الشريفة لأُبيّ بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم عليه ولا يُعلم أحد من الناس شاركه في ذلك، ومنها منقبة أخرى له بذكر الله تعالى له ونصحه عليه في هذه المنزلة الرفيعة، ومنها البكاء للسرور والفرح مما يبشر الإنسان به ويعطاه من معالي الأمور.
وأما قوله (آلله سمَّاني لك) فيه أنه يجوز أن يكون الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ على رجل من أمَّته ولم ينص على أُبيّ فأراد أُبيّ أن يتحقق هل نص عليه أو قال على رجل؟ فيؤخذ منه الاستثبات في المحتملات، واختلفوا في الحكمة في قراءته صلى الله عليه وسلم على أُبيّ، والمختار أن سببها أن تستن الأُمة بذلك في القراءة على أهل الإتقان والفضل ويتعلّموا آداب القراءة ولا يأنف أحد من ذلك، وقيل للتنبيه على جلالة أُبي وأهليته لأخد القرآن عنه وكان بعده صلى الله عليه وسلم رأسًا وإمامًا في إقراء القرآن وهو أجل ناشرته أو من أجلّهم، ويتضمن معجزةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما تخصيص هذه السورة فلأنها وجيزة جامعة لقواعد كثيرة من أصول الدِّين وفروعه ومهماته والإخلاص وتطهير القلوب، وكان الوقت يقتضي الاختصار والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ من النواوي.
***