الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
357 - (68) باب: الركوع بعد الغروب وقبل المغرب
1829 -
(800)(204) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. جَمِيعًا عَنِ ابْنِ فُضَيلٍ. قَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيلٍ عَنْ مُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ. قَال: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ؟ فَقَال: كَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ الأَيدِي عَلَى صَلَاةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَكُنَّا نُصَلِّي عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَينِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ. فَقُلْتُ لَهُ: أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّاهُمَا؟ قَال: كَانَ يَرَانَا
ــ
357 -
(68) باب الركوع بعد الغروب وقبل المغرب
1829 -
(800)(204)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (جميعا) أي كلاهما (عن) محمد (بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي، صدوق، من (9) (قال أبو بكر: حدثنا محمد بن فضيل) بصيغة السماع (عن مختار بن فلفل) مولى عمرو بن حريث الكوفي، صدوق، من (5) روى عنه في (4) أبواب (قال: سألت أنس بن مالك) الأنصاري الخزرجي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا حمزة البصري، وهذا السند من رباعياته رجاله كلهم كوفيون إلا أنس بن مالك (عن التطوع) أي عن التنفل (بعد العصر فقال) أنس (كان عمر) بن الخطاب (يضرب الأيدي) أي أيدي الناس وهو كناية عن ضربهم حثًا لهم (على) ترك (صلاة بعد العصر) وزجرًا لهم عنها، وفي بعض النسخ (بالأيدي) أي يأمر من معه يضرب الناس بالأيدي لا بالعصا زجرًا لهم عن صلاة بعد العصر، قال القرطبي: ويحتمل أن يكون من الضرب بالدرة تأديبًا وقد جاء ما يعضد هذا في الموطإ (أن عمر كان يضرب بالدرة على الصلاة في هذا الوقت) وهو معلوم من فعله رضي الله عنه، وإنما كان عمر يمنع من ذلك للنهي الوارد في ذلك اهـ من المفهم.
(و) قال أنس أيضًا (كانا نصلي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب) قال المختار بن فلفل (فقلت له) أي لأنس بن مالك (أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما) أي صلى الركعتين قبل المغرب (قال) أنس بن مالك (كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يرانا) أي يبصرنا حالة كوننا
نُصَلِّيهِمَا. فَلَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا
ــ
(نصليهما) أي نصلي الركعتين قبل المغرب (فلم يأمرنا) بالمواظبة عليهما (ولم ينهنا) أي لم يزجرنا عن فعلهما بل سكت عنا وقررنا عليها فصار تقريرًا، قال القرطبي: ظاهر حديث أنس أن الركعتين بعد غروب الشمس وقبل صلاة المغرب كان أمرًا قرر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عليه وأنهم عملوا بذلك وتضافروا عليه حتى كانوا يبتدرون السواري لذلك وهذا يدل على الجواز وعدم الكراهية بل على الاستحباب لا سيما مع قوله صلى الله عليه وسلم (بين كل أذانين صلاة) وإلى جواز ذلك ذهب كثير من السلف وأحمد وإسحاق، وروي عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وجماعة من الصحابة رضوان الله تعالى عنهم أنهم كانوا لا يصلونها وهو قول مالك والشافعي، وقال النخعي: هي بدعة وكأنه لم يبلغه حديث أنس.
قال ابن أبي صفرة: وصلاتها كان في أول الإسلام ليتبين خروج الوقت المنهي عنه بمغيب الشمس ثم التزم الناس المبادرة بالمغرب لئلا يتباطأ الناس عن وقت الفضيلة للمغرب، وقد يقال لأن وقتها واحد على قول أكثر العلماء ولا خلاف بينهم في أن المبادرة بها وإيقاعها في أول وقتها أفضل وتجويز الاشتغال بغيرها في ذلك الوقت ذريعة إلى خلاف ذلك اهـ من المفهم.
قال النواوي: وفي صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" قال في الثالثة "لمن شاء" وأما قولهم يؤدي إلى تأخير المغرب فهذا خيال منابذ للسنة فلا يلتفت إليه ومع هذا فهو زمن يسير لا تتأخر به صلاة المغرب عن أول وقتها، وأما من زعم النسخ فهو مجازف لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا عجزنا عن التأويل والجمع بين الأحاديث وعلمنا التاريخ وليس هنا شيء من ذلك والله أعلم اهـ منه، قال الحافظ ابن حجر: قلت: ومجموع الأدلة يرشد إلى استحباب تخفيفهما كما في ركعتي الفجر، قيل والحكمة في الندب إليهما رجاء إجابة الدعاء لأن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد، وكلما كان الوقت أشرف كان ثواب العبادة فيه أكثر اهـ فتح الباري. وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن الجماعة والله أعلم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس بحديث آخر له رضي الله عنه فقال.
1830 -
(801)(205) وَحَدَّثَنَا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، (وَهُوَ ابْنُ صُهَيبٍ)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَال: كُنَّا بِالْمَدِينَةِ. فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ ابْتَدَرُوا السَّوَارِى فَيَرْكَعُونَ رَكْعَتَينِ رَكْعَتَينِ. حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَحْسِبُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ، مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا.
1831 -
(802)(206) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ
ــ
1830 -
(801)(205)(وحدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأبلي (حدثنا عبد الوارث) بن سعيد التميمي العنبري مولاهم أبو عبيدة البصري، ثقة، من (8)(عن عبد العزيز وهو ابن صهيب) البناني البصري، ثقة، من (4)(عن أنس بن مالك) الأنصاري البصري، وهذا السند من رباعياته رجاله كلهم بصريون إلا شيبان بن فروخ لأنه أبلي (قال) أنس: زمان إذ (كانا بالمدينة) والفاء في قوله (فإذا) زائدة كما هي ساقطة في رواية البخاري (أذن الموذن لصلاة المغرب) وفي رواية للبخاري: إذا أخذ المؤذن في أذان المغرب، والمعنى زمان إذ كنا بالمدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شرع المؤذن في الأذان لصلاة المغرب (ابتدروا السواري) أي تسارع الناس وتسابقوا إلى سواري المسجد وأسطوانته للاستتار بها ممن يمر بين أيديهم لكونهم يصلون فرادى، والسواري جمع سارية وهي الإسطوانة، والعمد للمسجد أي يقف كل واحد خلف أسطوانة لئلا يقع المرور بين يديه في صلاته فردًا (فيركعون) أي يصلون (ركعتين ركعتين حتى إن الرجل الغريب) أي القادم من أرجاء الأرض (ليدخل المسجد) في ذلك الوقت (فيحسب) أي يظن (أن الصلاة) أي صلاة المغرب (قد صليت) أي فرغ من صلاتها، وقوله (من كثرة من يصليهما) أي الركعتين تعليل متعلق بيحسب. وشارك المؤلف في رواية هذا الأثر البخاري [625] ، والنسائي [2/ 28 و 89].
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أنس الأول بحديث عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنهما فقال:
1831 -
(802)(206)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (ووكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي كلاهما (عن
كَهْمَسٍ. قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بَينَ كُلِّ أَذَانَينِ صَلَاةٌ" قَالهَا ثَلَاثًا. قَال فِي الثَّالِثَةِ: "لِمَنْ شَاءَ"
ــ
كهمس) بن الحسن التميمي البصري، ثقة، من (5)(قال) كهمس (حدثنا عبد الله بن بريدة) بن الحصيب الأسلمي أبو سهل المروزي، ثقة، من (3)(عن عبد الله بن مغفل) بصيغة اسم المفعول بن عبيد بن نهم (المزني) أبي عبد الرحمن البصري الصحابي المشهور رضي الله عنه له (43) حديثًا، اتفقا على (4) وانفرد (خ) بحديث و (م) بآخر، وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم بصريان واثنان كوفيان وواحد مروزي، وفيه التحديث والعنعنة والمقارنة (قال) عبد الله (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بين كل أذانين صلاة) أي بين الأذان والإقامة لأي صلاة من الصلوات الخمس فيدخل فيه المغرب فهو من باب التغليب وغلب عليهما اسم الأذان لأن فيهما إعلامًا بالشروع في الصلاة، ووجه الاستشهاد بهذا الحديث أنه إذا أذن المؤذن للصلاة فقد خرج وقت النهي فتجوز الصلاة حينئذ والله أعلم اهـ من المفهم. قال الحافظ: ولا يصح حمله على ظاهره لأن الصلاة بين الأذانين مفروضة، والخبر ناطق بالتخيير لقوله (لمن شاء) اهـ، وقال في النهاية: يريد بها السنن الرواتب التي تصلى بين الأذان والإقامة لأن الفرائض إنما تصلى بعد الإقامة لا قبلها فلا يصح كلام ابن حجر، وقال السندي في حواشي سنن النسائي: وهذا الحديث وأمثاله يدل على جواز الركعتين قبل صلاة المغرب بل ندبهما اهـ وذكر العيني عن ابن الجوزي أن فائدة هذا الحديث هو أنه يجوز أن يتوهم أن الأذان للصلاة يمنع أن يفعل سوى الصلاة التي أذن لها فبين أن التطوع بين الأذان والإقامة جائز اهـ. وقال ابن الملك: فإن (قلت) كيف يعم هذا الحكم، والصلاة بعد أذان المغرب مكروهة! (قلنا) الحديث يفيد مشروعية الصلاة في ذلك الوقت وهي لا تنافي كراهيتها اهـ والقول ما قاله السندي (قالها) أي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة بين كل أذانين صلاة (ثلاثا) أي ثلاث مرات (قال) أي زاد (في) المرة (الثالثة) منها لفظة (لمن شاء) أن يصلي رفعًا لتوهم الوجوب. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [4/ 86 - 5/ 56] والبخاري [627] ، وأبو داود [1221]، وابن ماجه [11621]. وفي العون: حديث أنس يدل على استحباب هاتين الركعتين بخصوصها، وحديث عبد الله بن مغفل بعمومها، وأخرج محمد بن نصر من حديث عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله
1832 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنِ الْجُرَيرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ. إِلا أَنَّهُ قَال فِي الرَّابِعَةِ:"لِمَنْ شَاءَ"
ــ
صلى الله عليه وسلم: "ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها سجدتان" يعني ركعتين اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه فقال:
1832 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي بالمهملة أبو محمد البصري، ثقة، من (8) روى عنه في (11) بابا (عن) سعيد بن إياس (الجريري) نسبة إلى جده أبي مسعود البصري، ثقة، من (5) روى عنه في (10) أبواب (عن عبد الله بن بريدة) الأسلمي المروزي (عن عبد الله بن مغفل) المزني البصري، وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد مروزي وواحد كوفي، غرضه بيان متابعة الجريري لكهمس بن الحسن في رواية هذا الحديث عن ابن بريدة (عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله) أي مثل ما روى كهمس عن ابن بريدة (إلا أنه) أي لكن أن الجريري قال في روايته لفظة (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (في) المرة (الرابعة لمن شاء) أن يصلي دفعًا لتوهم الوجوب.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث الأول حديث أنس الأول وذكره للاستدلال، والثاني أثر أنس الثاني ذكره للاستشهاد، والثالث حديث ابن مغفل ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعة واحدة والله أعلم.
* * *