الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
329 - (41) باب: الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام
1670 -
(726)(136) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيدِ بْنِ عَبْدِ الرحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانا وَاحْتِسَابا، غفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"
ــ
329 -
(41) باب الترغيب في قيام رمضان وليلة القدر وكيفية القيام
1670 -
(726)(136)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال قرأت على مالك) بن أنس المدني (عن) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهري المدني (عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري أبي إبراهيم المدني، ثقة، من (2) مات سنة (105) روى عنه في (12) بابا (عن أبي هريرة) المدني رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى فإنه نيسابوري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قام رمضان) أي أحيا لياليه بالتراويح (إيمانًا) أي تصديقًا بأنه حق معتقدًا فضيلته (واحتسابًا) أي محتسبًا بما فعله أجرًا عند الله تعالى لم يقصد به غيره أي مخلصًا لوجه الله تعالى لا رياءً ولا سمعة (غفر له ما تقدم من ذنبه) زاد أحمد (وما تأخر) أي من الصغائر، ويرجى غفران الكبائر بمحض فضله تعالى اهـ من المرقاة. قال النواوي والمعروف عند الفقهاء أن هذا مختص بغفران الصغائر دون الكبائر، قال بعضهم: ويجوز أن يخفف من الكبائر ما لم يصادف صغيرةً اهـ، وقال أيضًا: واتفق العلماء على أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح وعلى استحبابها، واختلفوا في أن الأفضل صلاتها منفردًا في بيته أم في جماعة في المسجد، فقال الشافعي وجمهور أصحابه وأبو حنيفة وأحمد وبعض المالكية وغيرهم: الأفضل صلاتها جماعة كما فعله عمر بن الخطاب والصحابة رضي الله عنهم واستمر عمل المسلمين عليه لأنه من الشعائر الظاهرة، فأشبه صلاة العيد، وقال مالك وأبو يوسف وبعض الشافعية وغيرهم: الأفضل فرادى في البيت لقوله صلى الله عليه وسلم "أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" اهـ منه.
وقوله (من قام رمضان) الخ هذه الصيغة تقتضي الترغيب والندب دون الإيجاب،
1671 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرزاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزهْرِي، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ. فَيَقُولُ: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانا وَاحْتِسَابا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدمَ مِنْ ذَنْبِهِ". فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ
ــ
واجتمعت الأمة على أن قيام رمضان ليس بواجب بل هو مندوب اهـ من العون، وفيه دليل على جواز إطلاق لفظ رمضان غير مضاف إلى شهر خلافًا لمن منع ذلك حتى يقال شهر رمضان، قال: لأن رمضان اسم من أسماء الله تعالى ولا يصح هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم اهـ مفهم، قوله (إيمانًا) أي مؤمنًا بالله ومصدقًا بأنه تقرب إليه (واحتسابًا) أي محتسبًا أجر ما فعله عند الله تعالى لا يقصد به غيره، يقال احتسب بالشيء أي اعتد به فنصبهما على الحال، ويجوز أن يكون على المفعول أي تصديقًا بالله وإخلاصًا وطلبًا للثواب اهـ عون، وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [2/ 281 و 423] والبخاري [137] وأبو داود [1371 و 1372] والترمذي [808] والنسائي [4/ 157 - 158].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
1671 -
(00)(00)(وحدثنا عبد بن حميد) الكسي (أخبرنا عبد الرزاق) الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد البصري (عن الزهري) المدني (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن الزهري المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد بصري وواحد صنعاني وواحد كسي، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وفيه رواية تابعي عن تابعي، غرضه بسوقه بيان متابعة أبي سلمة لحميد بن عبد الرحمن في الرواية عن أبي هريرة، وفائدتها بيان كثرة طرقه (قال) أبو هريرة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب) الناس (في قيام) شهر (رمضان) ويحثهم على إحياء لياليه بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن والاعتكاف مثلًا (من غير أن يأمرهم فيه) أي في قيام رمضان أمرًا ملتبسًا (بعزيمة) أي بإيجاب وتحتيم وإلزام بل يأمرهم أمر ندب وترغيب في أجره، وقوله (فيقول) معطوف على يرغب عطفًا تفسيريًا، أي يقول في ترغيبهم فيه (من قام رمضان) أي أحيا لياليه بأنواع العبادات (إيمانًا) أي تصديقًا بأنه حق (واحتسابًا) أجره على الله (غفر له ما تقدم من ذنبه) يعني من الصغائر (فتوفي رسول الله
صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ وَالأَمْرُ عَلَى ذلِكَ. ثُم كَانَ الأمرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ. وَصَدْرًا مِنْ خِلافةِ عُمَرَ عَلَى ذلِكَ
ــ
صلى الله عليه وسلم والأمر) أي أمر قيام رمضان (على ذلك) أي على الحال التي كان الناس عليها في زمنه صلى الله عليه وسلم من إحيائهم ليالي رمضان بالتراويح منفردين في بيوتهم بعضهم في المسجد، إما لكونهم معتكفين أو لأنهم من أهل الصفة المفردين، أو لأن لهم في البيت ما يشغلهم عن العبادة فيكونون في المسجد من المغتنمين فلا مخالفة لأمره صلى الله عليه وسلم إياهم بصلاة التراويح في بيوتهم (ثم كان الأمر) أي أمر التراويح (على ذلك) أي على وفق ما كان عليه في زمانه صلى الله عليه وسلم (في) جميع زمان (خلافة أبي بكر) الصديق رضي الله عنه (و) كان الأمر أيضًا (صدرًا من خلافة عمر) أي في أول خلافته (على ذلك) أي على ما كان عليه في حياته صلى الله عليه وسلم من صلاتهم إياها منفردين في بيوتهم أو في المسجد اهـ ملا علي.
قال النواوي: ثم جمعهم عمر على أبي بن كعب فصلى بهم جماعة واستمر العمل على فعلها جماعةً، وقد جاءت هذه الزيادة في صحيح البخاري في كتاب الصيام اهـ، والحاصل أن أمر قيام رمضان لم يزل معلوم الفضيلة يقومونه لكن متفرقين وفي بيوتهم ولم يجتمعوا على قارئ واحد حتى كان من جمع عمر لهم على أبي في المسجد ما قد ذكره مالك في الموطإ، ثم اختلف في المختار من عدد القيام فعند مالك أن المختار من ذلك ست وثلاثون ركعة لأن ذلك عمل أهل المدينة المتصل، وقد قال نافع: لم أدرك الناس إلا وهم يقومون بتسع وثلاثين ركعة يوترون منها بثلاث، وقال الشافعي: عشرون ركعة، وقال كثير من أهل العلم: إحدى عشرة ركعة أخذًا بحديث عائشة المتقدم اهـ من المفهم.
قال القرطبي: (قوله: وكان يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة) يدل على أن قيام الليل في رمضان من نوافل الخير ومن أفضل أعمال البر لا خلاف في هذا، وإنما الخلاف في الأفضل منه هل إيقاعه في البيت أو في المسجد، فذهب مالك إلى أن إيقاعه في البيت أفضل لمن قوي عليه وكان أولًا يقوم في المسجد ثم ترك ذلك، وبه قال أبو يوسف وبعض أصحاب الشافعي، وذهب ابن عبد الحكم وأحمد وبعض أصحاب الشافعي على أن حضورها في الجماعة أفضل، وقال الليث: لو قام الناس في
1672 -
(00)(00) وَحَدثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ. قَال: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ؛ أَنَّ أبَا هُرَيرَةَ حَدَّثَهُمْ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانا واحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدمَ مِنْ ذَنْبِهِ. وَمَنْ قَامَ لَيلَةَ الْقَدرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدمَ مِنْ ذَنْبِهِ"
ــ
بيوتهم ولم يقم أحد في المسجد لا ينبغي أن يخرجوا إليه، والحجة لمالك قوله صلى الله عليه وسلم "خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث زيد بن ثابت، وقول عمر: نعم بدعة هي، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون فيها، وحجة مخالفه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلاها في الجماعة في المسجد ثم أخبر بالمانع الذي منعه من الدوام على ذلك وهي خشية أن تفرض عليهم، ثم إن الصحابة كانوا يصلونها في المسجد أوزاعًا متفرقين إلى أن جمعهم عمر على قارئ واحد فاستقر الأمر على ذلك وثبتت سنته بذلك، قلت: ومالك أحق الناس بالتمسك بهذا بناءً على أن أصله في التمسك بعمل أهل المدينة اهـ منه.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1672 -
(00)(00)(وحدثني زهير بن حرب) بن شداد أبو خيثمة النسائي (حدثنا معاذ بن هشام) الدستوائي البصري (حدثني أبي) هشام بن أبي عبد الله الدستوائي البصري (عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي اليمامي (قال) يحيى (حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن) الزهري المدني (أن أبا هريرة) رضي الله عنه (حدثهم) أي حدث أبو هريرة لعبد الرحمن ومن معه. وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان بصريان وواحد يمامي وواحد نسائي، وفيه التحديث إفرادا وجمعًا والقول والأننة، وغرضه بسوقه بيان متابعة يحيى بن أبي كثير للزهري في رواية هذا الحديث عن أبي سلمة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان إيمانًا) أي تصديقًا بأنه حق (واحتسابًا) أجره على الله (غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر) أي أحيا ليله بأنواع العبادات وهو يعلم أنها ليلة القدر، وإن لم يقم غيرها من سائر ليالي رمضان (إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه) فكل من قيام رمضان من غير موافقة
1673 -
(00)(00) حَدثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا شَبَابَةُ. حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَال:"مَنْ يَقُمْ لَيلَةَ الْقَدْرِ فَيُوَافِقُهَا -أُرَاهُ قَال- إِيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ"
ــ
ليلة القدر، وقيام ليلة القدر من غير قيام ليالي رمضان سبب للغفران أفاده النواوي.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
1673 -
(00)(00)(حدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري، ثقة، من (11)(حدثنا شبابة) بن سوار المدائني أبو عمرو الفزاري مولاهم، ثقة، من (9)(حدثني ورقاء) بن عمر بن كليب اليشكري أبو بشر الكوفي، صدوق، من (7)(عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان الأموي مولاهم أبي عبد الرحمن المدني، ثقة، من (5)(عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز الهاشمي مولاهم أبي داود المدني، ثقة، من (3)(عن أبي هريرة) الدوسي المدني رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد كوفي وواحد مدائني وواحد نيسابوري، غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة الأعرج لأبي سلمة في رواية هذا الحديث عن أبي هريرة (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من يقم ليلة القدر) ويحييها بأنواع العبادات وهو يعلم أنها ليلة القدر كما ذكره بقوله (فيوافقها) قال النواوي: معناه أي يعلم أنها ليلة القدر، قال أبو هريرة أو من دونه (أراه) صلى الله عليه وسلم أو أبا هريرة أي أظن أنه (قال) لفظة (إيمانًا واحتسابًا) والشك من أبي هريرة أو ممن دونه، وقوله (غفر له) ما تقدم من ذنبه جواب من الشرطية.
قال القرطبي: ويقم في هذه الرواية يعني به يطلب بقيامه ليلة القدر وحينئذ يلتئم مع قوله يوافقها، لأن معنى يوافقها يصادفها، ومن صلى فيها فقد صادفها، ويحتمل أن تكون الموافقة هنا عبارة عن قبول الصلاة فيها والدعاء أو يوافق الملائكة في دعائها أو يوافقها حاضر القلب متأهلًا لحصول الخير والثواب إذ ليس كل دعاء يسمع ولا كل عمل يقبل فإنه {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الماندة: 27]. واختلف في القدر الذي أضيفت إليه الليلة، فقال ابن عباس: القدر العظمة من قوله تعالى {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91]، أي ما عظموه حق عظمته، وقال مجاهد: القدر تقدير الأشياء من أمور السنة، وقال ابن الفضل: يعني سوق المقادير إلى المواقيت، وقيل قدر في وقتها إنزال القرآن اهـ من المفهم.
1674 -
(727)(137) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلى فِي الْمَسْجِدِ ذَاتَ لَيلَة. فَصَلى بِصَلاتِهِ نَاسٌ. ثُم صَلى مِنَ الْقَابِلَةِ. فَكَثُرَ الناسُ. ثُم اجْتَمَعُوا مِنَ الليلَةِ الثالِثَةِ أَو الرابِعَةِ. فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَما أَصْبَحَ قَال:"قَدْ رَأَيتُ الذِي صَنَعْتُمْ. فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيكُم إِلا أَني خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيكُمْ"
ــ
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث عائشة رضي الله عنهما فقال:
1674 -
(727)(137)(حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة) رضي الله عنها. وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد) النبوي (ذات ليلة) أي ليلة من الليالي (فصلى) مقتدين (بصلاته ناس) من أصحابه، وعند البخاري فأصبح الناس فتحدثوا (ثم صلى من) الليلة (القابلة) أي الثانية (فكثر الناس) الذين صلوا معه (ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو) قال الراوي: ثم اجتمعوا من الليلة (الرابعة) فأو للشك من عروة فيما قالته عائشة أو ممن دونه، وعند البخاري فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فصلوا بصلاته فلما كانت الرابعة عجز المسجد عن أهله بلا شك في روايته (فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج لصلاة الصبح (فلما أصبح) رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج لصلاة الصبح وفرغ منها (قال) لهم (قد رأيت) وعرفت (الذي صنعتم) من الاجتماع في المسجد وانتظاركم خروجي إليكم (فلم يمنعني من الخروج إليكم) والصلاة معكم مانع من الموانع (ألا أني خشيت) وخفت (أن تفرض عليكم) صلاة التراويح فتعجزوا عنها، وظاهر قوله (خشيت أن تفرض عليكم) أنه توقع ترتب افتراض قيام رمضان في جماعة على مواظبتهم عليه، فقيل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان حكمه أنه إذا ثبت على شيء من أعمال القرب واقتدى الناس به في ذلك العمل فرض عليهم، ولذا قال: خشيت أن تفرض عليكم اهـ من العون، وقال في الفتح: إن المخوف افتراض قيام الليل بمعنى جعل التهجد في المسجد جماعة شرطًا في صحة التنفل بالليل، ويومئ
قَال: وَذلِكَ فِي رَمَضَانَ.
1675 -
(00)(00) وَحَدثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابنِ شِهَابٍ. قَال: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيرِ؛ أن عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِن جَوْفِ الليلِ فَصَلى فِي الْمَسْجِدِ. فَصَلى رِجَالٌ بِصَلاتِهِ. فَأصْبَحَ الناسُ
ــ
إليه قوله في حديث زيد بن ثابت "حتى خشيت أن تكتب عليكم ولو كتبت عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم" فمنعهم من التجميع في المسجد إشفاقًا عليهم من اشتراطه، وأمن مع إذنه في المواظبة على ذلك في بيوتهم من افتراضه عليهم انتهى. وكان عمر رضي الله عنه يقول في جمعه الناس على جماعة واحدة (نعمت البدعة هي) وإنما سماها بدعةً باعتبار صورتها، فإن هذا الاجتماع محدث بعده صلى الله عليه وسلم، وباعتبار الحقيقة فليست ببدعة لأنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بصلاتها في بيوتهم لعلة هي خشية الافتراض وقد زالت بوفاته صلى الله عليه وسلم.
(قال) الراوي بالسند السابق إما عائشة أو عروة أو من دونه (وذلك) الاجتماع في المسجد والصلاة بهم ثم الامتناع من الخروج إليهم (في) شهر (رمضان) المبارك والله أعلم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [119] وأبو داود [1373] والنسائي [3/ 202].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله عنها فقال:
1675 -
(00)(00)(وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا عبد الله بن وهب) القرشي المصري (أخبرني يونس بن يزيد) الأموي الأيلي (عن) محمد بن مسلم (ابن شهاب) الزهري المدني (قال أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته) وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي، غرضه بيان متابعة يونس لمالك بن أنس في روايته عن ابن شهاب، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر المتن لما في هذه من الزيادة الكثيرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج) من عندي (من جوف الليل) أي في وسطه (فصلى) صلاة الليل (في المسجد فصلى) معه (رجال) من أصحابه مقتدين (بصلاته) صلى الله عليه وسلم (فأصبح الناس) أي كانوا في
يَتَحَدَّثُونَ بِذلِكَ. فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الليلَةِ الثانِيَةِ. فَصَلوْا بِصَلاتِهِ. فَأصْبَحَ الناسُ يَذْكُرُونَ ذلِكَ. فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنَ الليلَةِ الثالِثَةِ. فَخَرَجَ فَصَلوْا بِصَلاتِهِ. فَلَما كَانَتِ الليلَةُ الرابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ. فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَطَفقَ رِجَال مِنْهُمْ يَقُولُونَ: الصلاةَ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتى خَرَجَ لِصلاةِ الْفَجْرِ. فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقبَلَ عَلَى الناسِ. ثُم تَشَهدَ، فَقَال: "أَما بَعْدُ، فَإِنهُ
ــ
الصباح (يتحدثون بذلك) أي بصلاتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد (فاجتمع) في الليلة الثانية في المسجد رجال (كثر منهم) أي من الذين اجتمعوا في الليلة الأولى (فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا إلى المسجد (في الليلة الثانية فصلوا) أي فصلى أولئك الرجال المجتمعون في الليلة الثانية مقتدين (بصلاته) صلى الله عليه وسلم (فأصبح الناس) أي كانوا في صباح الليلة الثانية (يذكرون ذلك) الإجتماع والصلاة معه صلى الله عليه وسلم (فكثر أهل المسجد) أي المجتمعون فيه (من الليلة الثالثة) أي فيها (فخرج) صلى الله عليه وسلم إليهم في الليلة الثالثة (فصلوا) مقتدين (بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله) أي امتلأ حتى ضاق عنهم وكاد لا يسعهم، قال في الأساس: ومن المستعار ثوب عاجز وجاؤوا بجيش تعجز الأرض عنه (فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الرابعة (فطفق) أي شرع (رجال منهم) أي من المجتمعين في المسجد (يقولون) احضر (الصلاة) معنا أو صل الصلاة بنا يا رسول الله (فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لقولهم ذلك (حتى) أصبح و (خرج لصلاة الفجر فلما قضى) صلاة (الفجر) وفرغ منها (أقبل) بوجهه الشريف (على الناس ثم تشهد) أي أتى بالشهادتين (فقال أما بعد) الخ، قال النواوي: في هذه الألفاظ فوائد منها استحباب التشهد في صدر الخطبة والموعظة، وفي حديث في سنن أبي داود "الخطبة التي ليس فيها تشهد كاليد الجذماء" ومنها استحباب قول أما بعد في الخطب، وقد جاءت به أحاديث كثيرة في الصحيح مشهورة، ومنها أن السنة في الخطبة والموعظة استقبال الجماعة، ومنها أنه يقال جرى الليلة كذا وكذا وإن كان بعد الصبح، وهكذا يقال الليلة إلى زوال الشمس، وبعد الزوال يقال البارحة اهـ (فإنه) أي
لَمْ يَخْفَ عَلَى شَأْنُكُمُ الليلَةَ. وَلكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيكُمْ صَلاةَ الليلِ. فَتَعْجِزُوا عَنْهَا".
1676 -
(728)(138) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ
ــ
فإن الشأن والحال (لم يخف) بفتح الياء وسكون الخاء المعجمة، من خفي يخفى من باب رضي يرضى، أي لم يخف (علي) ولم يستتر عني (شأنكم الليلة) أي اجتماعكم في المسجد في هذه الليلة (ولكني خشيت) لو خرجت إليكم وصليت بكم (أن تفرض عليكم صلاة الليل) جماعة في المسجد (فنعجزوا عنها) أي تشق عليكم فتتركوها مع القدرة عليها، وليس المراد العجز الكلي لأنه يسقط التكليف من أصله قاله العسقلاني وذكره الزرقاني، قال النواوي: وفي هذا الحديث جواز النافلة جماعة ولكن الاختيار فيه الانفراد إلا في نوافل مخصوصة؛ وهي العيد والكسوف والاستسقاء وكذا التراويح عند الجمهور كما سبق، وفيه جواز النافلة في المسجد وإن كان البيت أفضل ولعل النبي صلى الله عليه وسلم إنما فعلها في المسجد لبيان الجواز أو أنه كان معتكفًا، وفيه جواز الاقتداء بمن لم ينو إمامته وهذا هو الصحيح على المشهور من مذهبنا ومذهب العلماء، ولكن إن نوى الإمام إمامتهم بعد اقتدائهم حصلت فضيلة الجماعة له ولهم، وإن لم ينوها حصلت لهم فضيلة الجماعة ولا تحصل للإمام على الأصح لأنه لم ينوها والأعمال بالنيات وأما المأمومون فقد نووها.
وفيه أيضًا إذا تعارضت مصلحة وخوف مفسدة أو مصلحتان اعتبر أهمهما، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان رأى الصلاة في المسجد مصلحة لما ذكرناه فلما عارضه خوف الافتراض عليهم تركه لعظم المفسدة التي تخاف من عجزهم وتركهم للفرض، وفيه أن الإمام وكبير القوم إذا فعل شيئًا خلاف ما يتوقعه أتباعه وكان له فيه عذر يذكره لهم تطييبًا لقلوبهم وإصلاحًا لذات البين لئلا يظنوا خلاف هذا وربما ظنوا ظن السوء والله أعلم اهـ.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث أبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما فقال:
1676 -
(728)(138)(حدثنا محمد بن مهران) -بكسر أوله وسكون الهاء- أبو جعفر (الرازي) ثقة، من (10) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا الوليد بن
مُسْلِم. حَدَّثنَا الأَوْزَاعي. حَدثَنِي عَبْدَةُ عَنْ زِرٍّ. قَال: سَمِعْتُ أبَيَّ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ -وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودِ يَقُولُ: مَنْ قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيلَةَ الْقَدْرِ- فَقَال أُبَي: وَاللهِ الذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ! إِنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ -يَحْلِفُ مَا يَسْتَثْنِي- وَوَاللهِ، إِني لأَعلَمُ أَيُّ لَيلَةٍ هِيَ. هِيَ الليلَةُ التِي أمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقِيَامِهَا. هِيَ لَيلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا
ــ
مسلم) القرشي الأموي مولاهم الدمشقي، ثقة، من (8) روى عنه في (6) أبواب (حدثنا الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الشامي، ثقة، من (7) روى عنه في (12) بابا (حدثني عبدة) بن أبي لبابة الأسدي مولاهم أبو القاسم الكوفي، نزيل دمشق، ثقة، من (4) روى عنه في (3) أبواب (عن زر) بن حبيش مصغرا بن حباشة -بضم المهملة- الأسدي أبي مريم الكوفي، ثقة مخضرم، من (2) روى عنه في (3) أبواب (قال) زر (سمعت أبي بن كعب) بن قيس بن عبيد الأنصاري الخزرجي أبا المنذر سيد القراء كاتب الوحي الصحابي المشهور رضي الله عنه، كان ربعة نحيفًا أبيض الرأس واللحية لا يخضب. وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم كوفيان واثنان شاميان وواحد مدني وواحد رازي، أي سمعت أبي بن كعب (يقول و) الحال أنه قد (قيل له إن عبد الله بن مسعود يقول من قام السنة) أي لياليها كلها أي أحياها بالصلاة والأذكار وغيرهما (أصاب ليلة القدر) أي وافقها ونال أجرها لأنها مستترة في ليالي السنة (فقال أبي) بن كعب (والله) أي أقسمت بالله (الذي لا إله إلا هو إنها) أي إن ليلة القدر (لفي رمضان) أي منحصرة فيه لا تخرج عنه، حالة كون أبي (يحلف) على ذلك و (ما يستثني) في حلفه بالمشيئة يعني أن أبيًا قال ذلك حالفًا بالله على جزمِ من غير أن يقول في يمينه إن شاء الله تعالى (و) يحلف أبي أيضًا ويقول (والله) الذي لا إله إلا هو (إني لأعلم أي ليلة) من رمضان، بالرفع مبتدأ خبره (هي) ليلة القدر، ويجوز العكس وهي جملة اسمية معلق عنها ما قبلها؛ أي لأعلم جواب هذا الاستفهام، وقوله (هي الليلة) مبتدأ وخبر فالجملة مستأنفة؛ أي ليلة القدر هي الليلة (التي أمرنا بها) أي بإحيائها (رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله (بقيامها) بدل من الجار والمجرور في قوله بها (هي) أي ليلة القدر اليلة صبيحة سبع وعشرين) أي ليلة صباحها يوم سبع وعشرين يومًا من رمضان (وأمارتها) أي أمارة وعلامة كون الليلة ليلة القدر (أن تطلع الشمس في صبيحة يومها) أي طلوع شمس
بَيضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا.
1677 -
(00)(00) حَدَّثَنَا مُحَمدُ بْنُ الْمُثَنى. حَدَّثَنَا مُحَمدُ بْنُ
ــ
يومها (بيضاء) غير مضيئة (لا شعاع لها) وشعاع الشمس مايرى من ضوئها ممتدًا كالرماح بعيد الطلوع فكان الشمس يومئذ لغلبة نور تلك الليلة على ضوئها تطلع غير ناشرة أشعتها في نظر العيون.
وفي حديث أبي هريرة "إن القمر يطلع فيه مثل شق جفنة" رواه مسلم (1170) قيل إن ذلك إنما كان لصعود الملائكة الذين تنزلوا في ليلة القدر حين تطلع الشمس فكأن الملائكة لكثرتها حالت بين الناظرين إلى الشمس وبين شعاعها والله أعلم.
ثم هل هذه الأمارات راتبة لكل ليلة قدر تأتي أو كان ذلك لتلك الليلة الخاصة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "وأراني أسجد في صبيحتها في ماء وطين" رواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري، قولان لأهل العلم والأول أولى لما رواه أبو عمر بن عبد البر من طريق عبادة بن الصامت مرفوعًا "إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجاء كان فيها قمرًا ساطعًا ساكنة لا برد فيها ولا حر ولا يحل لكوكب أن يرمى به فيها حتى يصبح، وأن أمارة الشمس أنها تخرج صبيحتها مشرقة ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، ولا يحل للشيطان أن يطلع يومئذ معها" رواه أحمد (5/ 324) قال: وهذا حديث حسن غريب من حديث الشاميين رواته كلهم معروفون ثقات اهـ من المفهم.
وفي مشكاة المصابيح: (وعن زر بن حبيش قال: سألت ابن بن كعب فقلت: إن أخاك ابن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر، فقال: أراد أن لا يتكل الناس، أما إنه قد علم أنها في رمضان، وأنها في العشر الأواخر، وأنها ليلة سبع وعشرين، ثم حلف لا يستثني إنها ليلة سبع وعشرين فقلت: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؛ قال: بالعلامة أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها تطلع يومئذ لا شعاع لها) اهـ، وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [1378] والترمذي [793].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه فقال:
1677 -
(00)(00)(حدثني محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا محمد بن
جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ عَبْدَةَ بْنَ أبِي لُبَابَةَ يُحَدِّثُ عَن زِرِّ بْنِ حُبَيشٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. قَال: قَال أُبَي، فِي لَيلَةِ الْقَدْرِ: وَاللهِ، إِني لأَعْلَمُهَا. وَأكْثَرُ عِلْمِي هِيَ الليلَةُ التِي أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقِيَامِهَا، هِيَ لَيلَةُ سَبْع وَعِشْرِينَ. وَإِنَّمَا شَكَّ شُعْبَةُ فِي هَذا الحَرْفِ: هِيَ الليلَةُ التِي أمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قَال: وَحَدثَنِي بِهَا صَاحِبٌ لِي عَنْهُ.
1678 -
(00)(00) وَحَدثَنِي عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ
ــ
جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري (قال) شعبة (سمعت عبدة بن أبي لبابة) الأسدي الكوفي (يحدث عن زر بن حبيش) بن حباشة الأسدي الكوفي (عن أبي بن كعب) الأنصاري المدني. وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان كوفيان وواحد مدني، غرضه بسوقه بيان متابعة شعبة للأوزاعي في رواية هذا الحديث عن عبدة بن أبي لبابة (قال) زر بن حبيش (قال أبي) بن كعب (في) شأن (ليلة القدر: والله إني لأعلمها) قال شعبة (وأكثر علمي) أي أرجح ظني في لفظ هذا الحديث، قال النواوي: ضبطناه بالمثلثة وبالموحدة والمثلثة أكثر، أن لفظه (هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها) وإحيائها بإسقاط لفظة بها (هي ليلة سبع وعشرين) من رمضان بإسقاط لفظة صبيحة (وإنما شك شعبة) حين قال: وأكثر علمي (في هذا الحرف) يعني قوله (هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني شك في لفظة (بها) هل ذكرها عبدة أم لا؟ (قال) شعبة (وحدثني) بزيادة لفظة (بها صاحب لي عنه) أي عن عبدة بن أبي لبابة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه فقال:
1678 -
(00)(00)(وحدثني عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري (بهذا الإسناد) متعلق بحدثنا أبي لأنه العامل في المتابع بكسر الباء يعني عن عبدة عن زر عن أبي أي حدثنا معاذ بن معاذ عن شعبة بهذا الإسناد (نحوه) أي نحو ما حدث محمد بن جعفر عن شعبة،
وَلَمْ يَذْكُرْ: إِنَّمَا شَك شُعْبَةُ، وَمَا بَعْدَهُ
ــ
غرضه بيان متابعة معاذ بن معاذ لمحمد بن جعفر في الرواية عن شعبة (و) لكن (لم يذكر) معاذ بن معاذ لفظة (إنما شك شعبة وما بعده) أي وما بعد قوله: وإنما شك من قوله (قال: وحدثني بها صاحب لي) والله أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث الأول حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال وذكر فيه ثلاث متابعات، والثاني حديث عائشة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والشاك حديث أبي بن كعب ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعتين.
***