الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
360 - (71) باب: وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال وبيان ما أمروا به
1848 -
(809)(213) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"الْغُسْلُ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ"
ــ
360 -
(71) باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال وبيان ما أُمروا به
1848 -
(809)(213)(حدثنا يحيى بن يحيى) بن بكير التميمي النيسابوري (قال: قرأت على مالك) بن أنس المدني (عن صفوان بن سليم) مصغرًا القرشي الزهري مولاهم مولى حميد بن عبد الرحمن بن عوف أبي الحارث المدني، وثقه ابن المديني والعجلي وأبو حاتم والنسائي، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة ثبت مشهور، وقال في التقريب: ثقة عابد رُمي بالقدر، من (4) مات سنة (132)(عن عطاء بن يسار) الهلالي مولاهم مولى ميمونة أبي محمد المدني ثقة، من (3) مات سنة (94)(عن أبي سعيد) سعد بن مالك الأنصاري (الخدري) المدني الصحابي المشهور من المكثرين رضي الله عنه، وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الغسل يوم الجمعة واجب) أي حق مؤكد (على كل محتلم) أي في حق كل بالغ ليس المراد أنه الواجب المتحتم المعاقب عليه بل المراد بالواجب هنا المندوب لأنهم كانوا يلبسون الصوف ويتأذى بعضهم برائحة بعض فعبر عنه بلفظ الواجب ليكون أدعى إلى الإجابة. فإن قلت: إن قوله على كل محتلم أي بالغ يشير إلى أن المراد بالواجب هو الواجب الاصطلاحي وإلا لكان القيد به عبثًا، قلنا: ذكره لأن الغسل غالب فيه لا للاحتراز عن غيره كذا في المبارق اهـ.
قال القرطبي: وخص بالمحتلم بالذكر لأن الاحتلام أكثر ما يبلغ به الرجال وهو الأصل وهذا مثل ما قال في حق النساء "لا تقبل صلاة حائض إلا بخمار" يعني بالحائض البالغة من النساء وخصها به لأن الحيض أغلب ما يبلغ به النساء من علامات البلوغ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وفيه دليل على أن الجمعة لا تجب على صبي ولا امرأة لأنه بين محل وجوبها اهـ من المفهم. وقال القرطبي أيضًا: وهذا الحديث ظاهر في وجوب غسل الجمعة وبه قال أهل الظاهر، وحُكي عن بعض الصحابة وعن الحسن، وحكاه الخطابي عن مالك لكن معروف مذهبه وصحيحه أنه سنة وهو مذهب عامة أئمة الفتوى، وحملوا تلك الأحاديث على أنه واجب وجوب السنن المؤكدة ودلهم على ذلك أمور: -[أحدها] قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة "من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له" فدل على أن الوضوء كاف من غير غسل وأن الغسل ليس بواجب.
[وثانيها] قوله صلى الله عليه وسلم لهم حين وجد منهم الريح الكريهة "لو اغتسلتم ليومكم هذا" وهذا عرض وتحضيض وإرشاد للنظافة المستحسنة ولا يقال مثل ذلك اللفظ في الواجب.
[وثالثها] تقرير عمر والصحابة لعثمان رضي الله تعالى عنهم على صلاة الجمعة بالوضوء من غير غسل ولم يامروه بالخروج ولم ينكروا عليه فصار ذلك كالإجماع منهم على أن الغسل ليس بشرط في صحة الجمعة ولا واجب.
[ورابعها] ما يقطع مادة النزاع ويحسم كل إشكال حديث الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل" رواه أبو داود والترمذي والنسائي وهذا نص في موضع الخلاف غير أن سماع الحسن من سمرة مختلف فيه، وقد صح عنه أنه سمع منه حديث العقيقة فيحمل حديثه عنه على السماع إلى أن يدل دليل على غير ذلك والله تعالى أعلم.
[وخامسها] أنه صلى الله عليه وسلم قد قال: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وسواك ويمس من الطيب ما قدر عليه" وظاهر هذا وجوب السواك والطيب وليس كذلك بالاتفاق يدل على أن قوله واجب ليس على ظاهره بل المراد ندب المتأكد إذ لا يصح تشريك ما ليس بواجب مع الواجب في لفظ الواو والله أعلم اهـ من المفهم. وقد يقال جاء تشريك ما ليس بواجب مع الواجب في كتاب الله تعالى قال تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] فالأكل ليس بواجب والإتيان واجب والله تعالى أعلم.
1849 -
(810)(214) حدّثني هارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيلِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى. قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ؛ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالتْ: كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ الْجُمُعَةَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ مِنَ الْعَوَالِي. فَيَأْتُونَ فِي الْعَبَاءِ
ــ
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [3/ 60] ، والبخاري [2665] ، وأبو داود [341] ، والنسائي [2/ 92] ، وابن ماجه [1089].
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
1849 -
(810)(214)(حدثني هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) - بفتح الهمزة وسكون التحتية- أبو جعفر، نزيل مصر، ثقة، من (10)(وأحمد بن عيسى) بن حسان المصري، ثقة، من (10) كلاهما (قالا حدثنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني عمرو) بن الحارث بن يعقوب الأنصاري أبو يعقوب المصري، الفقيه المقرئ ثقة، من (7)(عن عبيد الله بن أبي جعفر) يسار الكناني أبي بكر المصري، ثقة، من (5)(أن محمد بن جعفر) بن الزبير بن العوام الأسدي المدني، روى عن عروة بن الزبير في الصلاة والصوم، وعباد بن عبد الله بن الزبير في الصوم، ويروي عنه (ع) وعبيد الله بن أبي جعفر وعبد الرحمن بن القاسم، قال الدارقطني: مدني ثقة، وقال في التقريب: ثقة، من السادسة، مات سنة (113) بضع عشرة ومائة (حدثه) أي حدث لعبيد الله (عن) عمه (عروة بن الزبير) الأسدي المدني (عن) خالته (عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم مصريون وثلاثة منهم مدنيون وفيه التحديث إفرادًا وجمعًا والإخبار والعنعنة والأننة والمقارنة والقول (أنها قالت: كان الناس) في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (ينتابون الجمعة) أي يأتونها نوبًا نوبًا بفتح الياء وسكون النون وفتح الفوقية يفتعلون من النوبة أي يحضرونها نوبة نوبة، وفي رواية يتناوبون (من منازلهم) القريبة من المدينة و (من العوالي) جمع عالية مواضع وقرى شرقي المدينة وأدناها من المدينة على أربعة أميال أو ثلاثة وأبعدها ثمانية، قولها من العوالي بدل من منازلهم أوصفة للمنازل (فيأتون) الجمعة (في العباء) بفتح العين المهملة والمد جمع عباءة بالمد، وعباية بزيادة الياء لغتان مشهورتا
وَيُصِيبُهُمُ الْغُبَارُ. فَتَخْرُجُ مِنْهُمُ الرِّيحُ. فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنْسَانٌ مِنْهُمْ. وَهُوَ عِنْدِي. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هذَا"
ــ
وهي أكسية خشان فيها خطوط سود اهـ أبي (وبصيبهم الغبار) والعرق فيخرج منهم العرق كما في رواية البخاري (فتخرج منهم الريح) الكريهة (فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصب على المفعولية (إنسان منهم) أي من أهل العوالي بالرفع على الفاعلية، وفي رواية البخاري أناس بالجمع (وهو) أي والحال أنه صلى الله عليه وسلم (عندي) في نوبتي، جملة حالية (فقال) لهم (رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أنكم تطهرتم) لو شرطية تختص بالدخول على الفعل فالتقدير: لو ثبت تطهركم واغتسالكم (ليومكم هذا) يعني يوم الجمعة لكان حسنًا، أو لو للتمني فلا تحتاج إلى تقدير جواب الشرط المقدر هنا، وهذا اللفظ ولفظ رواية "لو اغتسلتم يوم الجمعة" يقتضي عدم وجوب غسل يوم الجمعة لأن تقدير الجواب لكان حسنًا كما علمت وهذا الحديث كان سببًا لغسل الجمعة كما في رواية ابن عباس عند أبي داود، واستدل به على أن الجمعة تجب على من كان خارج المصر وهو يرد على الكوفيين حيث قالوا بعدم الوجوب لأنه لو كان واجبًا على أهل العوالي ما تناوبوا ولكانوا يحضرون جميعًا، وقال الشافعية: إنما تجب على من يبلغه النداء، وحكاه الترمذي عن أحمد لحديث:"الجمعة على من سمع النداء" رواه أبو داود بإسناد ضعيف، لكن ذكر له البيهقي شاهدًا بإسناد جيد والمراد به من سمع نداء بلد الجمعة فمن كان في قرية لا يلزم أهلها إقامة الجمعة لزمته إن كان بحيث يسمع النداء من صيت على الأرض من طرف قريته الذي يلي بلد الجمعة مع اعتدال السمع وهدوء الأصوات وسكون الرياح، وليس المراد من الحديث أن الوجوب متعلق بنفس السماع وإنما هو متعلق بمحل السماع، وقال المالكية: تجب على من بينه وبين المنار ثلاثة أميال، أما من هو في البلد فتجب عليه ولو كان من المنار على ستة أميال رواه علي عن مالك. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [902] ، وأبو داود [352] ، والنسائي [3/ 93 - 94].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:
1850 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالتْ: كَانَ النَّاسُ أَهْلَ عَمَلٍ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ كُفَاةٌ. فَكَانُوا يَكُونُ لَهُمْ تَفَلٌ. فَقِيلَ لَهُمْ: لَو اغْتَسَلْتُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
ــ
1850 -
(00)(00)(وحدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري (أخبرنا الليث) بن سعد الفهمي المصري (عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني قاضي المدينة (عن عمرة) بنت عبد الرحمن الأنصارية المدنية (عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله عنها، وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان، غرضه بيان متابعة عمرة لعروة في رواية هذا الحديث عن عائشة رضي الله تعالى عنها (أنها قالت: كان الناس) في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (أهل عمل) وشغل في أموالهم ومزارعهم (ولم يكن لهم كفاة) أي عبيد وخدم يكفونهم عملهم، وهو بضم الكاف جمع كاف نظير قاض وقضاة؛ وهم الخدم الذين يكفونهم عملهم (فكانوا) من كثرة أشغالهم (يكون) أي يوجد (لهم تفل) بفتح التاء المثناة فوق والفاء أي رائحة كريهة (فقيل لهم) أي قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أيها الناس (لو اغتسلتم) وتنظفتم (يوم الجمعة) لكان مستحبًا لتزول عنكم تلك الرائحة الكريهة التي يتأذى بها الناس والملائكة، ولما كانت هذه الرائحة أخف من رائحة الثوم والبصل وإنما هي مثل ريح الصنان لم يمنع أهلها من المسجد كمنع آكل البصل والثوم لكن حُضوا على إزالتها والتنظيف جملة، قال القاضي: والحديث يدل على أن الغسل على الترغيب والحض لا على الوجوب، وعلته ما ذكرت عائشة رضي الله تعالى عنها وهو يدل على تنزيه المساجد من الريح الكريهة اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أعني في هذه الرواية رواية عمرة عن عائشة البخاري [953] ، وأبو داود أخرجه في الطهارة.
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين حديث أبي سعيد الخدري للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة، وحديث عائشة للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة.
* * *