الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
351 - (63) باب: نزول القرآن على سبعة أحرف
1790 -
(783)(189) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِيِّ؛ قَال: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ
ــ
351 -
(63) باب نزول القرآن على سبعة أحرف
والصحيح أنها هي القراءات السبع كلها مستفيضة من النبي صلى الله عليه وسلم ضبطتها الأئمة وأضافت كل حرف منها إلى من كان أكثر قراءة به من الصحابة، ثم أضيفت كل قراءة منها إلى من اختارها من القراء السبعة اهـ ابن الملك، وكأنه صلى الله عليه وسلم كشف له أن القراءة المتواترة تستقر في أمته على سبع وهي الموجودة الآن المتفق على تواترها، والجمهور على أن ما فوقها شاذ لا يحل القراءة به فعلى هذا يكون معنى قوله على سبعة أحرف على شعة أوجه كما في العسقلاني قال: يجوز أن يقرأ بكل وجه منها وليس المراد أن كل كلمة ولا جملة منه تقرأ على سبعة أوجه بل المراد أن غاية ما انتهى إليه عدد القراءات في الكلمة الواحدة إلى سبعة اهـ من بعض الهوامش.
1790 -
(783)(189)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال: قرأت على مالك) بن أنس (عن) محمد بن مسلم (بن شهاب) الزهري المدني (عن عروة بن الزبير) بن العوام الأسدي المدني (عن عبد الرحمن بن عبد) بغير إضافة (القاري) بتخفيف الراء وتشديد الياء نسبة إلى القارة قبيلة مشهورة بجودة الرمي من خزيمة بن مدركة تُسمى بالقارة، ويقال له رؤية أبي محمد المدني، روى عن عمر وأبي طلحة، ويروي عنه (ع) والزهري كما مر البسط في ترجمته، وثقه ابن معين، وذكره العجلي في ثقات التابعين، واختلف قول الواقدي فيه قال تارة: له صحبة وتارة: تابعي، مات سنة (88) روى عنه في الصلاة (قال) عبد الرحمن (سمعت عمر بن الخطاب) وهذا السند من سداسياته رجاله خمسة منهم مدنيون وواحد نيسابوري، ومن لطائفه أن فيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض: ابن شهاب عن عروة عن عبد الرحمن؛ أي سمعت عمر حالة كونه (يقول سمعت هشام بن حكيم بن حزام) -بكسر الحاء قبل الزاي- ابن خويلد القرشي الأسدي، قال الطيبي: حكيم بن حزام قرشي وهو ابن أخي خديجة أم المؤمنين، وكان من أشراف قريش في الجاهلية والإسلام تأخر إسلامه إلى عام الفتح
يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيرِ مَا أَقْرَؤُهَا. وَكَان رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْرَأَنِيهَا. فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيهِ. ثُمَّ أمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ. ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ. فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم! فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِني سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَرْسِلْهُ. اقْرَأْ" فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هَكذَا أُنْزِلَتْ". ثُمَّ قَال لِيَ:
ــ
وأولاده صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم، حالة كون هشام (يقرأ سورة الفرقان على كير ما أقروها) أي على غير القراءة التي أنا أقرأ بها (و) قد (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها) أي أقرأني تلك السورة على خلاف ما قرأه هشام (فكدت) أي قاربت (أن أعجل عليه) -بفتح الهمزة والجيم- وفي نسخة بالتشديد أي أن أخاصمه بالعجلة في أثناء القراءة، وفي الرواية الأخرى كما في صحيح البخاري (فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم)(ثم أمهلته) أي قاربت أن أخاصمه وأظهر بوادر غضبي عليه بالعجلة في أثناء القراءة، أنظرته (حتى انصرف) وفرغ من قراءته أو من صلاته (ثم لببته) أي مسكت لبته (بردائه) واللبة النقرة التي في أسفل الحلق، قال الطيبي: لببت الرجل تلبيبًا إذا جمعت ثيابه عند صدره في الخصومة ثم جررته، وهذا من عمر رضي الله عنه غيرة على كتاب الله سبحانه وتعالى وقوة في دينه، وعبارة الطيبي: وهذا يدل على اعتنائهم بالقرآن والمحافظة على لفظه كما سمعوه بلا عدول إلى ما تجوزه العربية (فجئت) أنا (به) أي بهشام (رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت) له (يا رسول الله إني سمعت هذا) الرجل (يقرأ سورة الفرقان على كير ما أقرأتنيها) أي على غير الوجه الذي أقرأتنيها عليه، قيل نزل القرآن على لغة قريش فلما عسر على غيرهم أذن في القراءة بسبع لغات للقبائل المشهورة كما ذكر في أصول الفقه، وذلك لا ينافي زيادة القراءات على سبع للاختلاف في لغة كل قبيلة وإن كان قليلًا وللتمكين بين الاختلاف في اللغات اهـ من العون (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لي (أرسله) يا عمر أي أطلق هشامًا ليتنفس فيُعرب عما في نفسه، ثم قال له (اقرأ) يا هشام ما عندك، ليسمع منه ما ادعى عليه إفساده ليتضح ذلك (فقرأ) هشام (القراءة التي سمعته يقرأ) بها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهشام (هكذا أنزلت) السورة أو القراءة على لسان جبريل كما هو الظاهر (ثم قال لي)
"اقْرَأْ" فَقَرَأْتُ. فَقَال: "هَكذَا أُنْزِلَتْ. إِن هَذا الْقُرْآنَ أُنْزِل عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ"
ــ
رسول الله صلى الله عليه وسلم (اقرأ) يا عمر لتجويزه الغلط عليّ أو ليبين أن كل واحدة من القراءتين جائزة كما قد صوبني فيها بعد ذلك بقوله (هكذا أنزلت) قال عمر (فقرأت) القراءة التي أقرأتنيها (فقال: هكذا أنزلت) السورة أو قراءتها على لسان جبريل كما هو الظاهر أو هكذا على التخيير أنزلت، ثم قال (أن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف) أي على سبع لغات أو قراءات أو أنواع إلى غير ذلك (فاقرؤوا ما تيسر منه) أي من المُنَزّل، قال ابن حجر العسقلاني: وفيه إشارة إلى الحكمة في التعدد المذكور وأنه للتيسير على القارئ اهـ. قال في العون: وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [1/ 40]، والبخاري [6936]، وأبو داود [1475]، والترمذي [2944]، والنسائي [2/ 150 و 152] وفي العون (قوله على سبعة أحرف) اختلف في معناه على أحد وأربعين قولًا (41) منها أن هذا من المتشابه الذي لا يدرى تأويله قاله السيوطي واختاره لأن الحرف يصدق لغة على حرف الهجاء وعلى الكلمة وعلى المعنى وعلى الجهة وعلى الطرف، قال العلماء: إن القراءات وإن زادت على سبع فإنها راجعة إلى سبعة أوجه من الاختلافات؛ الأول اختلاف الكلمة في نفسها بالزيادة والنقصان كقوله تعالى (نُنْشِزُها) نَنْشِرُها الأول بالزاي المعجمة، والثاني بالراء المهملة، وقوله سَارِعوا (وسَارِعوا) فالأول بحذف الواو العاطفة قبل السين والثاني بإثباتها. الثاني التغيير بالجمع والإفراد ككتبه وكتابه. والثالث الاختلاف بالتذكير والتأنيث كما في يكن وتكن. والرابع الاختلاف التصريفي كالتخفيف والتشديد في نحو يكُذِّبون ويَكْذبون والفتح والكسر في نحو يَقْنَطُ ويَقْنِطُ. والخامس الاختلاف الإعرابي كقوله تعالى:{ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} برفع الدال وجرها. والسادس اختلاف الأداة نحو {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ} بتشديد النون وتخفيفها. والسابع اختلاف اللغات كالتفخيم والترقيق والإمالة والمد والقصر لأن العرب كانت مختلفة اللغات في هذه الوجوه فيسر الله تعالى عليهم ليقرأ كل بما يوافق لغته ويسهل على لسانه وإلا فلا يوجد في القرآن كلمة تقرأ على سبعة أوجه إلا القليل مثل (عبد الطاغوت) و (لا تقل أف لهما) وهذا كله تيسير على الأمة المرحومة.
قال السندي: (قوله على سبعة أحرف) أي على سبع لغات مشهورة بالفصاحة وكان ذاك رخصة أولًا تسهيلًا عليهم ثم جمعه عثمان رضي الله عنه حين خاف الاختلاف
1791 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَاب. أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزبَيرِ؛ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيَّ أَخْبَرَاهُ؛ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. بِمِثْلِهِ. وَزَادَ: فَكِدْتُ أُسَاورُهُ فِي الصلاةِ. فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ.
1792 -
(00)(00) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ
ــ
عليهم في القرآن وتكذيب بعضهم بعضًا على لغة قريش التي أُنزل عليها أولًا اهـ.
[قلت]: سبع اللغات المشهورة هي لغة الحجاز والهذيل والهوازن واليمن والطي والثقيف وبني تميم اهـ.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال:
1791 -
(00)(00)(وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأيلي (عن) محمد (بن شهاب) الزهري المدني (أخبرني عروة بن الزبير) الأسدي المدني (أن المسور بن مخرمة) بن نوفل بن أهيب القرشي الزهري أبا عبد الرحمن المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه روى عنه المؤلف في (6) أبواب (وعبد الرحمن بن عبد القاري) أبا محمد المدني (أخبراه) أي أخبرا لعروة بن الزبير (أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول) وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي، غرضه بسوقه بيان متابعة يونس بن يزيد لمالك بن أنس في رواية هذا الحديث عن ابن شهاب (سمعت هشام بن حكيم) بن حزام الأسدي (يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق) أي ذكر يونس بن يزيد (الحديث) السابق (بمثله) أي بمثل ما ساقه مالك بن أنس عن الزهري (و) لكن (زاد) يونس على مالك لفظة، قال عمر (فكدت) أي قاربت (أساوره) أي أساور هشامًا أي آخذ برأسه أو أعاجله وأواثبه اهـ ابن حجر أي أخذه برأسه (في الصلاة فتصبرت) أي تكلفت الصبر (حتى سلم) أي حتى فرغ من صلاته الحديث.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة فيه ثانيًا فقال:
1792 -
(00)(00)(حدثا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي (وعبد بن حميد)
قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِي كَرِوَايَةِ يُونُسَ بِإِسْنَادِهِ.
1793 -
(784)(190) وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدَّثَنِي عُبَيدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ؛ أَن ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ؛ أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عليه السلام عَلَى حَرْفٍ. فَرَاجَعْتُهُ. فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ فَيَزِيدُنِي. حَتى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ"
ــ
الكسي (قالا: أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد البصري (عن الزهري كرواية يونس) الأيلي (بإسناده) أي بإسناد يونس يعني عن المسور وعبد الرحمن عن عمر رضي الله تعالى عنهم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عمر بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال:
1793 -
(784)(190)(وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا) عبد الله (ابن وهب) المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأموي مولاهم أبو يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري المدني (حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) بن مسعود الهذلي أبو عبد الله المدني الأعمى الفقيه أحد الفقهاء السبعة، ثقة، من (3)(أن) عبد الله (بن عباس) الهاشمي الطائفي رضي الله عنه (حدثه) أي حدّث لعبيد الله، وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان مصريان وواحد طائفي وواحد أيلي، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والأننة، وفيه رواية تابعي عن تابعي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقرأني جبريل عليه السلام) القرآن (على حرف) واحد من الأحرف السبعة أي على لغة من اللغات السبع، قال في الفتح: وهذا مما لم يصرح ابن عباس بسماعه له منه صلى الله عليه وسلم وكأنه سمعه من أبي بن كعب فقد أخرج النسائي من طريق عكرمة ابن خالد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب نحوه (فراجعته) أي فراجعت جبريل أن يراجع لي ربي في طلب الزيادة على حرف، وفي حديث أبي الآتي فرددت إليه أن هوِّن على أمتي، وفي رواية منه إن أمتي لا تطيق ذلك (فلم أزل أستزيده) أي أطلب منه أن يطلب لي من الله الزيادة في الأحرف للتوسعة (فيزيدني) جبريل عليه السلام أي ويسأل جبريل ربه تعالى فيزيدني (حتى انتهى إلى سبعة أحرف) جمع حرف مثل فلس وأفلس أي لغات أو قراءات فعلى الأول يكون المعنى على
قَال ابْنُ شِهَابٍ: بَلَغَنِي أن تِلكَ السَّبْعَةَ الأَحْرُفَ إِنمَا هِيَ فِي الأَمْرِ الَّذِي يَكُونُ وَاحِدًا، لا يَخْتَلِفُ فِي حَلالٍ وَلا حَرَامٍ.
1794 -
(00)(00) وَحَدثَنَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
1795 -
(785)(191) حَدَّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ
ــ
أوجه من اللغات لأن أحد معاني الحرف في اللغة الوجه، قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} وعلى الثاني يكون من إطلاف الحرف على الكلمة مجازًا لكونه بعضها اهـ قسطلاني. وفي حديث أبي الآتي "ثم أتاه الثانية فقال: على حرفين، ثم آتاه الثالثة فقال: على ثلاثة أحرف، ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ على سبعة أحرف فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا". وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته البخاري أخرجه في كتاب بدء الخلق وفي كتاب فضائل القرآن والله أعلم.
(قال ابن شهاب) بالسند السابق (بلغني) من بعض من روى هذا الحديث (أن تلك السبعة الأحرف) أي أن القراءة على سبعة أحرف (إنما هي في الأمر الذي يكون واحدًا لا يختلف) حكمه (في حلال ولا حرام).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
1794 -
(00)(00)(وحدثناه) أي وحدثنا الحديث المذكور يعني حديث ابن عباس (عبد بن حميد) الكسي (أخبرنا عبد الرزاق) الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد البصري (عن الزهري بهذا الإسناد) يعني عن عبيد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، غرضه بيان متابعة معمر ليونس بن يزيد والله أعلم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيا لحديث عمر بحديث أبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما فقال:
1795 -
(785)(191)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي (حدثنا إسماعيل بن أبي خالد) سعد
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي لَيلَى، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أُبَي بْنِ كَعْبٍ؛ قَال: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ. فَدَخَلَ رَجُل يُصَلِّي. فَقَرَأَ قِرَاءَة أَنْكَرْتُهَا عَلَيهِ. ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ. فَقَرَأَ قِرَاءَةَ سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبهِ. فَلَمَّا قَضَينَا الصَّلاةَ دَخَلْنَا جَمِيعًا عَلَي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ: إِن هذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيهِ، وَدَخَلَ آخَرُ فَقَرأَ سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ. فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَآ. فَحَسَّنَ النبِي صلى الله عليه وسلم شَأْنَهُمَا. فَسُقِطَ فِي نَفْسِي مِنَ التَّكْذِيبِ وَلا إِذْ كنْتُ فِي الْجَاهِليَّةِ
ــ
البجلي الأحمسي الكوفي (عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى) الأنصاري أبي محمد الكوفي، ثقة، من (6) روى عنه في (1) باب واحد (عن جده) عبد الرحمن بن أبي ليلى يسار الأنصاري الأوسي أبي عيسى الكوفي، ثقة، من (2) روى عنه في (9) أبواب (عن أبي بن كعب) بن قيس بن عبيد الأنصاري الخزرجي أبي المنذر المدني رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا أبي بن كعب فإنه مدني.
(قال) أبي بن كعب (كنت في المسجد) النبوي (فدخل) المسجد (رجل) يريد أن (يصلي) فصلى (فقرأ) الرجل في صلاته (قراءة أنكرتها عليه) لكوني لم أسمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم دخل) المسجد رجل (آخر) غير الأول فصلى (فقرأ) هذا الآخر في صلاته (قراءة سوى) أي غير (قراءة صاحبه) يعني الرجل الأول (فلما قضينا الصلاة) وفرغنا منها مسكتهما ومشيت بهما حتى (دخلنا جميعا) معاشر الثلاثة أنا وهما (على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت) له صلى الله عليه وسلم (إن هذا) الرجل يعني الداخل أولًا (قرأ) في صلاته (قراءة أنكرتها عليه) لأني لم أسمعها منك (ودخل آخر) يعني الثاني (فقرأ) في صلاته قراءة (سوى) أي غير (قراءة صاحبه فأمرهما) أي فأمر الرجلين (رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يقرأ (فقرآ) على رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءتيهما التي سمعتها منهما (فحسّن) أي صوب (النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما) أي قراءتهما (فسُقط في نفسي من التكذيب) أي وقع في خاطري من تكذيب النبوة لتصويبه قراءة الرجلين ما لم يقع مثله إذ كنت في الإسلام (ولا إذ كنت في الجاهلية) فلفظ سُقط من السقوط بمعنى الوقوع وهو على بناء المعلوم كما هو المفهوم
فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ غَشِيَنِي ضَرَبَ فِي صَدْرِي. فَفِضْتُ عَرَقًا. وَكَأنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى اللهِ عز وجل فَرَقًا. فَقَال لِي: "يَا أُبَي، أُرْسِلَ إِلَيَّ:
ــ
من كلام النواوي وغيره، والفاعل محذوف، وحذف الفاعل المعلوم جائز مطرد في كلامهم، وعبر عن خطر المستعمل في المعاني بسقط المستعمل في الأجسام إشعارًا بشدة هذا الخاطر وثقله ووقوعه من غير اختيار، ونقل ملا علي عن شراح المصابيح ضبطهم إياه بصيغة المجهول واستصوبه وقال: إن لفظ سُقط جاء في قوله تعالى: {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيدِيهِمْ} بالقراءة المتواترة على الضم فتحمل رواية هذا الحديث عليه مطابقة بينهما ولا شك أن قوله تعالى: {فِي أَيدِيهِمْ} وقوله في الحديث في نفسي بمعنى واحد لأنه كثيرًا ما يعبر عن النفس بالأيدي فالمعنى هنا ندمت من تكذيبي وإنكاري قراءتهما ندامة ما ندمت مثلها في الإسلام ولا إذ كنت في الجاهلية اهـ وعن هذا ضبطناه بوجهين كما تراه في تشكيلنا، وقوله (ولا إذ كنت في الجاهلية) فهم مما سبق من التقدير كونه معطوفًا والمعنى لا في وقت إسلامي ولا في وقت جاهليتي اهـ من بعض الهوامش.
(فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد غشبني) وغطاني من الندامة والدهشة أي فلما علم إتيان ما قد أتاني وأخذني وسترني من آثار الخجالة وعلامات الندامة (ضرب) بيده الشريفة (في صدري) لإخراج ذلك الخاطر المذموم ببركة يده المباركة (ففضت عرقا) أي تصببت عرقًا أي امتلأ عرقي استحياء منه صلى الله عليه وسلم حتى فاض أي سال من جميع جسدي (وكأنما أنظر) في ذلك الوقت (إلى الله عز وجل نظر عيان (فرقا) أي خوفًا منه تعالى، وانتصابه على أنه مفعول له، وانتصاب عرقًا على التمييز.
قال الطيبي: كان أُبي رضي الله عنه من أفضل الصحابة رضي الله تعالى عنهم ومن الموقنين وإنما طرأ عليه ذلك التلويث بسبب الاختلاف نزغة من الشيطان فلما أصابته بركة ضربه صلى الله عليه وسلم بيده المباركة على صدره ذهبت تلك الهاجسة وخرجت مع العرق فرجع إلى اليقين فنظر إلى الله تعالى خوفًا وخجلًا مما غشيه من الشيطان اهـ أبي.
(فقال لي) رسول الله صلى الله عليه وسلم معطوف على ضرب (يا أُبي أُرسل إليّ)
أَنِ اقْرَأ القُرْآنَ عَلَي حَرْفٍ. فَرَدَدْتُ إِلَيهِ: أنْ هَوِّنْ عَلَي أُمَّتِي. فَرَدَّ إِلَي الثَّانِيَةَ: اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفَينِ. فَرَدَدْتُ إِلَيهِ: أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي. فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّالِثَةَ: اقْرَأْهُ عَلَي سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. فَلَكَ بِكُلِّ رَدَّةٍ رَدَدْتُكَهَا مَسْأَلَةْ تَسْأَلُنِيهَا. فَقُلْتُ: اللَّهمَّ! اغْفِرْ لأُمَّتِي. اللَّهمَّ! اغْفِرْ لأُمَّتِي. وَأَخَّرْتُ الثَّالِثَةَ لِيَوْمٍ يَرْغَبُ إِلَيَّ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ. حَتَّى إِبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم"
ــ
بـ (أن اقرأ القرآن على حرف) واحد أي على لغة واحدة من اللغات السبع أي أرسل الله تعالى إليّ جبريل عليه السلام أن اقرأ القرآن على حرف أي على قراءة واحدة، فأن هنا وفيما بعده وفيما بعده من قوله (فرددت إليه أن هوّن) مفسرة لسبقها بجملة فيها معنى القول أي كررت الطلب إليه تعالى أن هون أي سهل (على أمتي) قراءتهم بالتوسعة فيها ويصح كونها مصدرية بتقدير الجار كما أشرنا إليه في الحل الأول (فرد إلي الثانية) أي فرجع إليَّ الردة الثانية بأن (اقرأه) أي بأن اقرأ القرآن (على حرفين) أي على لغتين أو على قراءتين (فرددت) أي كررت الطلب (إليه) سبحانه بـ (أن هوّن) وسهل (على أمتي) القرآن (فرد إليّ) سبحانه الردة (الثالثة) أي المرة الثالثة بأن (اقرأه على سبعة أحرف فلك) يا محمد (بـ) عدد (كل ردة) ودفعة (رددتكها) أي بكل رجعة رجعتكها إليّ (مسألة) أي دعوة مستجابة لك قطعًا، وأما باقي الدعوات فمرجوة الإجابة ليست قطعية الإجابة، وفي المرقاة قوله (فلك بكل ردة رددتكها) أي لك بمقابلة كل دفعة رجعت إليّ ورددتكها بمعنى أرجعتك إليها بحيث ما هونت على أمتك من أول الأمر اهـ منه قوله (مسألة) أي دعوة مستجابة (تسألنيها) أي ينبغي لك أن تسألنيها فأجيبك إليها (فقلت) في مقابلة الردة الأولى (اللهم اغفر لأمتي) وفي مقابلة الردة الثانية (اللهم اغفر لأمتي) أيضًا (وأخرت) الدعوة (الثالثة) التي تكون في مقابلة الردة الثالثة وهي الشفاعة العظمى (ليوم) أي لأدعو بها في يوم (يرغب) ويميل ويحتاج ويبتهل (إليّ) فيه (الخلق كلهم حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم خليل الله سبحانه وتعالى وهو يوم فصل القضاء.
قال ملا علي: قوله (حتى إبراهيم) بالرفع معطوف على الخلق نحو قولهم مات الناس حتى الأنبياء، وفيه دليل على رفعة إبراهيم على سائر الأنبياء، وتفضيل نبينا على الكل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [5/ 124]، وأبو داود [1477 و 1478]، والترمذي [2945]، والنسائي [2/ 152 و 154].
1796 -
(00)(00) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عِيسى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي لَيلَى. أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ؛ أَنهُ كَانَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ. إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى. فَقَرَأَ قِرَاءَةً. وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيرٍ.
1797 -
(786)(192) وَحَدثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَال ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي
ــ
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أُبي رضي الله عنه فقال:
1796 -
(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (حدثنا محمد بن بشر) العبدي الكوفي (حدثني إسماعيل بن أبي خالد) الأحمسي الكوفي (حدثني عبد الله بن عيسى) الأنصاري الكوفي (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) الأنصاري الكوفي (أخبرني أُبي بن كعب) الأنصاري المدني، وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم كوفيون إلا أُبي بن كعب، وفيه التصريح بسماع إسماعيل عن عبد الله بن عيسى وسماع عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أُبي بن كعب، غرضه بيان متابعة محمد بن بشر لعبد الله بن نمير في الرواية عن إسماعيل بن أبي خالد (أنه) أي أن أُبيًا (كان جالسًا في المسجد) النبوي (إذ) فجائية و (دخل رجل) معطوف على كان أي إنه كان جالسًا في المسجد ففاجأه دخول رجل المسجد (فصلى) ذلك الرجل (فقرأ قراءة) أنكرتها عليه (واقتص) أي ذكر محمد بن بشر (الحديث) أي حديث أُبي بن كعب (بمثل حديث) عبد الله (بن نمير) وروايته من غير فرق بين الروايتين.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا بحديث آخر لأبي بن كعب رضي الله عنه فقال:
1797 -
(786)(192)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر) محمد بن جعفر الهذلي البصري (عن شعبة) بن الحجاج البصري (ح وحدثناه) محمد (بن المثنى و) محمد (بن بشار) البصريان (قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر) بتصريح السماع وباسمه (حدثنا شعبة عن الحكم) بن عُتيبة الكندي الكوفي، ثقة، من (5)(عن مجاهد) بن جبر المخزومي مولاهم أبي الحجاج المكي، ثقة، من (3)(عن) عبد الرحمن (بن أبي
لَيلَى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْدَ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ. قَال فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام. فَقَال: إِن اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ. فَقَال: "أَسْأَلُ اللهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ. وَإِن أُمَّتِي لا تُطِيقُ ذَلِكَ"، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ. فَقَال: إِن اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفَينِ. فَقَال: "أَسْأَلُ اللهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ. وَإِن أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ". ثُم جَاءَهُ الثَّالِثَةَ فَقَال: إِن اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرآنَ عَلَى ثَلاثَةِ أَحْرُفٍ. فَقَال: "أَسْالُ اللهَ
ــ
ليلى) الكوفي (عن أُبي بن كعب) الأنصاري المدني، وهذان السندان من سباعياته رجال الأول منهما ثلاثة منهم كوفيون واثنان بصريان وواحد مكي وواحد مدني، والثاني منهما رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان كوفيان وواحد مدني وواحد مكي (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار) بكسر الغين المعجمة، وأضاة -بوزن حصاة- الغدير، قال النواوي: الأضاة هي الماء المستنقع كالغدير، وجمعها أضا كحصاة وحصى، وإضاء بكسر الهمزة والمد كأكمة وإكام (قال) أبي بن كعب (فأتاه) صلى الله عليه وسلم (جبريل عليه السلام فقال: إن الله) سبحانه وتعالى (يأمرك) يا محمد (أن تقرأ) بفتح التاء والراء بينهما قاف ساكنة و (أمتك) فاعله (القرآن) مفعوله (على حرف) واحد متعلق بتقرأ.
وفي رواية أبي داود أن تقرئ بضم التاء وكسر الراء من الإقراء، وأمتك مفعول تقرئ أي يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف واحد ولغة واحدة (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أسال الله) سبحانه وتعالى (معافاته) أي تسهيله وتيسيره لهم من عفا الأثر أي سهل وتغير (ومغفرته) أي غفرانه لهم وسؤاله المغفرة لمخافة وقوع التقصير منهم فيما يلزمهم في القراءة اهـ من المفهم.
(وإن أمتي لا تطيق ذلك) أي القراءة على حرف واحد (ثم أتاه) صلى الله عليه وسلم جبريل المرة (الثانية فقال) جبريل عليه السلام (إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين) أي على لغتين (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم (أسال الله) تعالى (معافاته) أي سلامته لهم من التشديد في القراءة (ومغفرته) لهم فيما قصروا فيه من القراءة (وإن أمتي لا تطيق ذلك) أي قراءته على حرفين فقط (ثم جاءه) صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام المرة (الثالثة فقال) جبريل (أن الله) سبحانه وتعالى (يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف) فقط (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم (أسأل الله) تعالى
مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَإِنَّ أُمَّتِي لا تُطِيقُ ذَلِكَ". ثُم جَاءَهُ الرَّابِعَةَ فَقَال: إِن اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَأَيُّمَا حَرْفٍ قَرَأُوا عَلَيهِ، فَقَدْ أَصَابُوا.
1798 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَاهُ عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ
ــ
(معافاته) لهم من التشديد (ومغفرته) لهم فيما قصروا فيه من ذلك (وإن أمتي لا تطيق ذلك) أي قراءته على ثلاثة أحرف (ثم جاءه) جبريل المرة (الرابعة فقال) جبريل (أن الله) تعالى (يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف) أي على سبع لغات ولا يزيدوا عليها (فأيما حرف قرأوا عليه) أي فأي حرف قرأوا عليه من تلك السبع (فقد أصابوا) أي فقد وافقوا الصواب فيما يلزمهم في القراءة أي فأي شيء قرأوا به من تلك السبع كفاهم وأجزأهم، قال النواوي: معناه لا تجاوز أمتك سبعة أحرف ولهم الخيار في السبعة.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أبو داود والنسائي كما في تحفة الأشراف والله أعلم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
1798 -
(00)(00)(وحدثناه عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري البصري (حدثنا شعبة) بن الحخاج البصري (بهذا الإسناد) يعني عن الحكم عن مجاهد .. الخ (مثله) أي مثل ما روى محمد بن جعفر عن شعبة، غرضه بيان متابعة معاذ بن معاذ لمحمد بن جعفر في الرواية عن شعبة.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث أربعة؛ الأول حديث عمر بن الخطاب ذكره للاسدلال به وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث ابن عباس ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث أبي بن كعب ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والرابع حديث أبي بن كعب الأخير ذكره للاستشهاد أيضًا والله سبحانه وتعالى أعلم.
***