الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبواب العيدين
377 - (88) باب: الصلاة فيهما قبل الخطبة
1935 -
(849)(252) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّزاقِ. قَال ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بن مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
ــ
أبواب العيدين
عيد الفطر وعيد الأضحى، والعيد مشتق من العود لتكرره كل عام، وقيل لعود السرور فيه بعوده، وقيل لكثرة عوائد الله تعالى على عباده فيه، وجمعه أعياد وإنما جمع بالياء وإن كان أصله الواو للزومها في الواحد، وقيل للفرق بينه وبين أعواد الخشب، واختلف في حكم صلاة العيدين، قال النواوي: هي عند الشافعي وجمهور أصحابه وجماهير العلماء سنة مؤكدة، وقال أبو سعيد الإصطخري من الشافعية: هي فرض كفاية، وقال أبو حنيفة: هي واجبة، فإذا قلنا فرض فامتنع أهل موضع من إقامتها قوتلوا عليها كسائر فروض الكفاية، وإذا قلنا: إنها سنة لم يقاتلوا بتركها كسنة الظهر وغيرها، وقيل: يقاتلون عليها لأنها شعار ظاهر، قالوا: وقيل تفاؤلًا بعوده على من أدركه كما سميت القافلة حين خروجها تفاؤلًا لقفولها سالمةً وهو رجوعها وحقيقتها الرّاجعة، وأول عيد صلاه النبي صلى الله عليه وسلم عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة.
377 -
(88) باب الصلاة فيهما قبل الخطبة
1935 -
(849)(252)(وحدثني محمد بن رافع) القشيري مولاهم أبو عبد الله النيسابوري، ثقة، من (11) (وعبد بن حميد) الكسي (جميعًا عن عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (قال ابن رافع) في روايته:(حدثنا عبد الرزاق) بصيغة السماع (أخبرنا) عبد الملك (بن جريج) الأموي المكي (أخبرني الحسن بن مسلم) بن ينَّاقٍ -بفتح التحتانية وتشديد النون آخره قاف- قال المجد: ويناق كشداد صحابي، جد الحسن بن مسلم بن يناق، المكي، وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وابن سعد، وقال في التقريب: ثقة، من (5) روى عنه في (4) أبواب (عن طاوس) بن كيسان اليماني (عن ابن عباس) الطائفي. وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم يمانيان واثنان مكيان وواحد
قَال: شَهِدْتُ صَلاةَ الْفِطْرِ مَعَ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرِ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ. فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ. ثُمَّ يَخْطُبُ. قَال فَنَزَلَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيهِ حِينَ يُجَلِّسُ الرِّجَال بِيَدِهِ. ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ. حَتَّى جَاءَ النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلالٌ
ــ
طائفي وواحد إما نيسابوري أو كسي، وفيه التحديث إفرادًا وجمعًا والإخبار إفرادًا وجمعًا والعنعنة والمقارنة (قال) ابن عباس (شهدت) وحضرت (صلاة) عيد (الفطر مع نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان) رضي الله تعالى عنهم أجمعين (فكلهم) أي فكل من النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة (يصليها) أي يصلي صلاة العيدين (قبل الخطبة ثم) بعد الفراغ من الصلاة (يخطب) أي يذكر كل منهم الناس ويعظهم، وهذا الحديث وما في معناه ونقل أهل المدينة المتصل يردان على من قدم الخطبة على الصلاة فيهما ولا قائل به اليوم من فقهاء الإسلام اهـ مفهم (قال) ابن عباس:(فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم من موضع الخطبة ويدل هذا على أن خطبته كانت على شيء عال، فإن قلت: إنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب في المصلى على الأرض، وقوله هنا نزل يشعر بأنه كان يخطب على مكان عال. أجيب: باحتمال أن الراوي ضمن النزول معنى الانتقال أي انتقل اهـ قسطلاني، قال ابن عباس (كأني أنظر) الآن (إليه) صلى الله عليه وسلم (حين يجلس الرجال) بضم الياء وكسر اللام المشددة أي يأمرهم بالجلوس يعني يشير إليهم (بيده) الشريفة بالجلوس لأنهم قاموا ليذهبوا ظنًّا منهم أنه فرغ من الخطبة حين رأوه نزل من المنبر (ثم أقبل) وذهب إلى قبالته حالة كونه (يشقهم) أي يشق صفوف الرجال ويخرقها (حتى جاء النساء) أي صفوفهن (و) الحال أنه (معه بلال) بن رباح الحبشي مؤذنه صلى الله عليه وسلم ونزوله إلى النساء ليسمعهن، قيل هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز للإمام اليوم قطع الخطبة ووعظ من بَعُدَ منه، ويظهر أن دعوى خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فيه بعد لعدم البيان، وإنما محمل هذا والله أعلم على أنه لم يقطع الخطبة ولم يتركها تركًا متفاحشًا وإنما كان ذلك كله قريبًا إذ لم يكن المسجد كبيرًا ولا صفوف النساء بعيدة ولا محجوبة والله أعلم اهـ من المفهم.
قال القاضي: هذا النزول كان في أثناء الخطبة، قال النواوي: وليس كما قال إنما
فَقَال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيئًا} [الممتحنة: 12]. فَتَلا هذِهِ الآيَةَ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا. ثُمَّ قَال، حِينَ فَرَغَ مِنْهَا:"أَنْتُنَّ عَلَى ذلِكِ؟ " فَقَالتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، لَمْ يُجِبْهُ غَيرُهَا مِنْهُن: نَعَمْ. يَا نَبِيَّ اللهِ! لَا يُدْرَى حِينَئِذٍ مَنْ هِيَ. قَال: "فَتَصَدَّقْنَ" فَبَسَطَ بِلالٌ ثَوْبَهُ. ثُمَّ قَال: هَلُمَّ! فِدًى لَكُنَّ أَبِي وَأُمِّي! فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَوَاتِمَ فِي ثَوْبِ بِلالٍ
ــ
نزل إليهن بعد فراغ خطبة العيد وبعد انقضاء وعظ الرجال اهـ (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم أي قرأ قوله تعالى ({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيئًا})[الممتحنة: 12](فتلا) رسول الله صلى الله عليه وسلم (هذه الآية حتى فرغ منها ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (حين فرغ منها) أي من قراءتها (أنتن) يا معشر النساء (على ذلك) العهد المذكور في الآية بكسر الكاف، وهذا مما وقع فيه ذلك بكسر الكاف موقع ذلكن، والإشارة إلى ما ذكر في الآية اهـ قسطلاني (فقالت امرأةٌ واحدةٌ) منهن (لم يجبه) صلى الله عليه وسلم (غيرها) أي غير تلك الواحدة (منهن) أي من النساء المستمعات (نعم) نحن (يا نبي الله) على ذلك المذكور في الآية (لا يدرى) بالبناء للمجهول أي لا يعلم (حينئذ) أي حين إذ أجابته صلى الله عليه وسلم (من هي) أي من المجيبة أي جواب من هي المجيبة لكثرة النساء واشتمالهن ثيابهن، وعبارة البخاري إلا يدري حسن من هي) على تسمية الفاعل وهو الحسن بن مسلم الراوي له عن طاوس فيكون من كلام ابن جريج، وأراد بقوله من هي المرأة المجيبة، قال ابن حجر: ولم أقف على تسمية هذه المرأة إلا أنه يختلج في خاطري أنها أسماء بنت يزيد بن السكن التي تعرف بخطيبة النساء اهـ، ثم ذكر وجهه. (قال) ابن عباس (فتصدقن فبسط بلال ثوبه) ليجمع صدقاتهن فيه (ثم قال) بلال لهن (هلم) أي هاتين الصدقة، قال ابن حجر: القائل بلال وهو على اللغة الفصحى في التعبير بها عن المفرد والجمع اهـ (فدى لكنَّ) أيها النساء (أبي وأمي) من كل مكروه، وقوله (فدى) مقصور وتفتح الفاء وتكسر على ما يفهم من الصحاح والمصباح، قال الجوهري: الفداء إذا كسر أوله يمد ويقصر، وإذا فتح فهو مقصور وهو حفظ الإنسان عن النائبة بما يبذله عنه وذلك المبذول يسمى فدية ويسمى فداءً كبناء، وفَدى وفِدى كعلى وإلى وما يقي به الإنسان نفسه من مال يبذله في عبادة قصر فيها يقال له فدية كما في الصوم والحج (فجعلن) أي شرعن النساء (يلقين الفتخ) أي يرمين الخواتيم العظام (والخواتم) الصغار (في ثوب بلال) رضي الله عنه، والفتخ
1936 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَال أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ. حَدَّثَنَا أَيُّوبُ. قَال: سَمِعْتُ عَطَاءً. قَال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ
ــ
بفتحتين واحدها فتخة كقصب وقصبة، واختلف في تفسيرها ففي صحيح البخاري عن عبد الرزاق قال: هي الخواتيم العظام، وقال الأصمعي: هي خواتيم لا فصوص لها، وتجمع أيضًا على فتخات وأفتاخ، والخواتم جمع خاتم، وفيه أربع لغات فتح التاء وكسرها وخاتام وخيتام، وفي هذا الحديث استحباب وعظ النساء وتذكيرهن الآخرة وأحكام الإسلام وحثهن على الصدقة، وهذا إذا لم يترتب على ذلك مفسدة وخوف على الواعظ أو الموعوظ أو غيرهما، ويدل على أن خطبته كانت على شيء مرتفع كما مر، وفيه أن النساء إذا حضرن صلاة الرجال ومجامعهم يكن بمعزل عنهم خوفًا من فتنة أو نظرة أو فكر ونحوه، وفيه أن صدقة التطوع لا تفتقر إلى إيجاب وقبول بل تكفي فيها المعاطاة لأنهن ألقين الصدقة في ثوب بلال من غير كلام منهن ولا من بلال ولا من غيره هذا هو الصحيح، وقال أكثر أصحابنا العراقيين: تفتقر إلى إيجاب وقبول باللفظ كالهبة، والصحيح الأول، وبه جزم المحققون اهـ من العون، وفيه أيضًا جواز صدقة المرأة من مالها بغير إذن زوجها فلا يتوقف ذلك على ثلث مالها هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وقال مالك: لا يجوز الزيادة على ثلث مالها إلا برضا زوجها اهـ منه.
ولا يقال في هذا إن أزواجهن كانوا حضورًا لأن ذلك لم ينقل ولو نقل ذلك فلم ينقل تسليم أزواجهن في ذلك، ومن ثبت له حق فالأصل بقاؤه حتى يصرح بإسقاطه ولم يصرح القوم ولا نقل ذلك فصح ما قلناه اهـ من المفهم. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [4895] وأبو داود [1142 - 1147] والنسائي [3/ 184] ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
1936 -
(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (و) محمد بن يحيى (ابن أبي عمر) العدني المكي، صدوق، من (10) (قال أبو بكر: حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا أيوب) بن أبي تميمة العنزي السختياني البصري (قال: سمعت عطاء) بن أبي رباح القرشي مولاهم أبا محمد المكي، ثقة، من (3) (قال) عطاء:(سمعت ابن عباس) رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته رجاله واحد منهم طائفي وواحد مكي وواحد بصري واثنان كوفيان أو مكيان وكوفي، غرضه بسوقه بيان متابعة
يَقُولُ: أَشْهَدُ َعَلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم لَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ. قَال: ثُمَّ خَطَبَ. فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ. فَأَتَاهُن. فَذَكَّرَهُنَّ. وَوَعَظَهُنَّ. وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ. وَبِلَالٌ قَائِلٌ بِثَوْبِهِ. فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي الْخَاتَمَ وَالْخُرْصَ وَالشَّيءَ.
1937 -
(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. ح وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ، بِهذا الإِسْنَادِ،
ــ
عطاء لطاوس، وفيه التحديث والسماع والعنعنة والمقارنة، حالة كون ابن عباس (يقول: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أقسم عليه إنه والله (لصلى) صلاة العيدين (قبل الخطبة قال) ابن عباس (ثم) بعد فراغه من الصلاة (خطب) النَّاس (فرأى) أي فظن (أنَّه) صلى الله عليه وسلم (لم يسمع النساء) لبعدهن عنه، بضم الياء، من الإسماع (فأتاهن) أي فأتى النساء (فذكرهن) بذكر الوعيد وهو تشديد الكاف (ووعظهن) بذكر الوعد (وأمرهن بالصدقة) أي بالتصدق من أموالهن لكونه رآهن أكثر أهل النَّار (وبلال قائل) أي رافع مشير (بثوبه) إلى الطلب أو فاتح باسط ثوبه للأخذ فيه، قال القاضي عياض: وفي رواية (وبلال قابل) أي يقبل ما دفعن إليه (فجعلت المرأة) منهن (تلقي) أي ترمي في ثوب بلال (الخاتم) الصغير بلا فص (و) تلقي (الخرص) بضم الخاء وقد تكسر الحلقة الصغيرة التي تعلق في الأذن (و) تلقي (الشيء) الآخر غيرهما كالطوق والقلادة والخلخال والسخاب؛ خيط من خرز ليس فيه شيء من جوهر. وشارك المؤلف في هذه الراوية ابن ماجه [1273].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:
1937 -
(00)(00)(وحدثنيه أبو الرَّبيع) سليمان بن داود (الزهراني) البَصْرِيّ (حدثنا حماد) بن زيد بن درهم الأَزدِيّ البَصْرِيّ، ثِقَة، من (8)(ح وحدثني يعقوب) بن إبراهيم بن كثير العبدي (الدورقي) أبو يوسف البغدادي، ثِقَة، من (10)(حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم) بن مقسم القُرشيّ مولاهم أبو بشر البَصْرِيّ المعروف بابن عليّة، ثِقَة، من (8) روى عنه في (15) يابًا (كلاهما) أي كل من حماد وإسماعيل رويا (عن أَيُّوب) السختياتي البصري (بهذا الإسناد) المذكور آنفًا (بهذا الإسناد) يعني عن عطاء عن
نَحْوَهُ.
1938 -
(850)(253) وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. قَال ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ. قَال: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَامَ يَوْمَ الْفِطْرِ، فَصَلَّى. فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبلَ الْخُطْبَةِ. ثُمّ خَطَبَ النَّاسَ. فَلَمَّا فَرَغَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ. وَأَتَى النِّسَاءَ. فَذَكَّرَهُنَّ. وَهُوَ يَتَوَكَّأُ َعَلَى يَدِ بِلَالٍ. وَبِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ. يُلْقِينَ النِّسَاءُ صَدَقَةً. قُلْتُ لِعَطَاءٍ: زَكَاةَ يَوْمِ الْفِطْرِ؟
ــ
ابن عباس، غرضه بسوقهما بيان متابعة حماد وإسماعيل لسفيان بن عيينة في رواية هذا الحديث عن عطاء (نحوه) أي نحو ما روى سفيان عن أَيُّوب.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث ابن عباس بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم فقال:
1938 -
(850)(253)(وحدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (ومحمَّد بن رافع) القشيري النَّيسَابُورِيّ (قال ابن رافع: حَدَّثَنَا عبد الرَّزّاق) بن همام الحميري الصَّنْعانِيّ (أخبرنا) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) المكيّ الأُموي (أخبرني عطاء) بن أبي رباح أسلم القُرشيّ المكيّ (عن جابر بن عبد الله) الأَنْصَارِيّ المدنِيُّ رضي الله عنهما. وهذا السند من خماسياته رجاله اثنان منهم مكيان وواحد مدني وواحد صنعاني وواحد إما مروزي أو نيسابوري، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة (قال) عطاء بن أبي رباح (سمعته) أي سمعت جابر بن عبد الله (يقول: إن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قام) فينا (يوم) عيد (الفطر فصلى) بنا صلاة عيد الفطر (فبدأ بالصلاة) أي بصلاة العيد (قبل) الشروع في (الخطبة) جملة البداية مفسرة لما قبلها (ثم) بعد فراغه من الصلاة (خطب النَّاس فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل) أي انتقل من مكان الخطبة كما مر (وأتى النساء فذكرهن) بتشديد الكاف أي وعظ النساء قائمًا على قدميه (وهو) صلى الله عليه وسلم (يتوكأ) أي يعتمد (على يد بلال) أي وعظهن قائمًا على قدميه فلما تعب توكأ على يد بلال (وبلال) أي والحال أن بلالًا (باسط ثوبه) كي (يلقين النساء) بالرفع على لغة أكلوني البراغيث أي كي يرمين (صدقة) في ثوبه.
(قال) ابن جريج (قلت لعطاء) بن أبي رباح يلقين (زكاة يوم الفطر) في ثوبه أي
قَال: لا. وَلكِنْ صَدَقَةً يَتَصَدَّقْنَ بِهَا حِينَئِذٍ. تُلْقِي الْمَرْاةُ فَتَخَهَا. وَيُلْقِينَ ويلْقِينَ. قَال قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَحَقًّا عَلَى الإِمَامِ الآنَ أَنْ يَأْتِيَ النِّسَاءَ حِينَ يَفْرُغُ فَيُذَكِّرَهُنَّ؟ قَال: إِي. لَعَمْرِي! إِن ذلِكَ لَحَقٌّ عَلَيهِمْ. وَمَا لَهُمْ لا يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟ .
1939 -
(00)(00) وَحَدَّثَنَا محمدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيمَانَ،
ــ
أكانت الصدقة التي أعطتها النساء زكاة يوم الفطر، وذكر القسطلاني رواية الرفع أَيضًا على تقدير أهي زكاة الفطر ويقدر مثله في قوله ولكن صدقة (قال) عطاء (لا) أي ليست تلك الصدقة زكاة يوم الفطر (ولكن) كانت تلك الصدقة (صدقةً يتصدقن) النساء (بها حينئذ) أي حين إذ يلقين (تلقي المرأة) منهن في ثوب بلال (فتخها) أي خواتمها التي لا فص لها (ويلقين) النساء سخابها (ويلقين) خاتمها ويلقين قرطها (قال) ابن جريج (قلت لعطاء أ) ترى بفتح التاء أي أتظن (حقًّا) أي أمرًا متاكدًا (على الإِمام) الخَطيب (الآن) أي في زماننا هذا (أن يأتي النساء) الجالسات وراء الرجال (حين يفرغ) من الخطبة (فيذكرهن) معطوف على يأتي (قال) عطاء (أي) أي نعم (لعمري) لحياتي قسمي جرت على لسانه على عادة العرب لم يقصد بها القسم (إن ذلك) جواب القسم إي إن الإتيان لهن وتذكيرهن (لحق) أي لأمر متأكد (عليهم) أي على الأئمة (وما لهم) أي وأيُّ شيء ثبت لهم (لا يفعلون ذلك) الإتيان للتذكير لهن فما استفهامية، قال القاضي: نزوله صلى الله عليه وسلم كان لأنه رأى أنهن لم يسمعهن وكان في أول الإِسلام ولتأكيد البيعة وذلك خاص به صلى الله عليه وسلم، وأما اليوم فلا يباح قطع الخطبة لأجل النساء ومن بعُد من الرجال وهذا قول عطاء، وما لهم أي للأئمة لا يفعلون ذلك غير موافق عليه وقد قال ليبلغ الشاهد الغائب، ولعله لتأكيد البيعة كما قال: أنتن على ذلك، وفيه كون النساء بمعزل من الرجال اهـ أبي. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البُخَارِيّ [961] وأبو داود [1441] والنَّسائيّ [3/ 186 - 187] وابن ماجه [1289].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جابر رضي الله عنه فقال:
1939 -
(00)(00)(وحدثنا محمَّد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكُوفيّ (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير (حَدَّثَنَا عبد الملك بن أبي سليمان) اسمه ميسرة العرزمي بمهملتين ثم معجمة الفزاري مولاهم أبو محمَّد بن ميسرة الكُوفيّ، صدوق، من (5)
عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ. قَال: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاةَ يوْمَ الْعِيدِ. فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. بِغَيرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ. ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلَالٍ. فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ. وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ. وَوَعَظَ النَّاسَ. وَذَكرَهُمْ. ثُمّ مَضَى. حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ. فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ. فَقَال: "تَصَدَّقْنَ. فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ" فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ
ــ
روى عنه في (7) أبواب (عن عطاء) بن أبي رباح المكيّ (عن جابر بن عبد الله) الأَنْصَارِيّ المدنِيُّ. وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد مكّيّ، غرضه بيان متابعة عبد الملك لابن جريج في رواية هذا الحديث عن عطاء (قال) جابر (شهدت) أي حضرت (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بالصلاة) أي بصلاة العيد (قبل) الشروع في (الخطبة) وقوله (بغير أذان ولا إقامة) متعلق بقوله فبدأ بالصلاة (ثم قام) على قدميه حالة كونه (متوكئًا) أي معتمدًا (على بلال) ليريح نفسه من تعب القيام (فأمر) النَّاس (بتقوى الله) سبحانه وتعالى بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات (وحث) أي حرض (على طاعته) بامتثال المأمورات، وذكره بعد التقوى من ذكر الخاص بعد العام اهتمامًا بشأنه أو يقال المراد بالتقوى اتقاء عذاب الله باجتناب المنهيات والطاعة بامتثال المأمورات ويكون من ذكر المخالف والضد بعد الضد (ووعظ النَّاس) بالترغيب في ثواب الله تعالى (وذكرهم) بالترهيب من عذاب الله تعالى (ثم مضى) وذهب إلى جهة النساء (حتَّى أتى) مجالس (النساء فوعظهن وذكرهن) كما وعظ وذكّر الرجال (فقال) في تذكيرهن يَا معشر النساء (تصدقن) من أموالكن في طاعة الله تعالى يعني صدقة التطوع (فإن أكثركن) أي أغلبكن (حطب جهنم) ووقودها (فقامت) أي نهضت من بينهن (امرأة من سطة النساء) أي من خيارهن وهو من الوسط، قال الزمخشري في الكشاف: قيل للخيار وسط لأن الأطراف يسارع إليها الخلل والأوساط محمية محوطة، وقد اكتريت بمكة جمل أعرابي للحج، فقال: أعطني من سطا تهنه أراد من خيار الدنانير اهـ وكانت تلك المرأة من المنزلة بين الصحابيات بما قد سمعته من ابن حجر فمن زعم أن صحة العبارة كونها من سفلة النساء أو قال إن العبارة صحيحة وليس المراد أنها من خيارهن بل المراد امرأة من وسط النساء أي جالسة في وسطهن فحقيق أن يقال يقيه الحجر اهـ عن الهامش (سفعاء)
الْخَدَّينِ. فَقَالتْ: لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: "لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ. وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ" قَال: فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ. يُلْقِينَ في ثَوْبِ بِلَالٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ
ــ
أي حمراء (الخدين) متغيرة لونهما، والسفعة على وزان غرفة سواد مشرب بحمرة، وسفع الشيء من باب تعب إذا كان لونه كذلك فالمذكر أسفع والمؤنث سفعاء اهـ مصباح، قال القتبي: الأسفع الذي أصاب خده لون مخالف لسائر لونه من السواد اهـ أبي (فقالت) تلك المرأة (لم) كن حطب جهنم (يَا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (لأنكن) معشر النساء (تكثرن الشكاة) بفتح الشين أي الشكوى من الأزواج وغيرهم (وتكفرن) أي تنكرن (العشير) أي الإحسان منه، والعشير هو المعاشر المخالط، والمراد هنا الزوج أو كل من يعاشر الخليل، يقال هذا عشيرك وشعيرك على القلب وهو معدول عن اسم الفاعل للمبالغة، والمعنى يكتمن الإحسان ويظهرن الشكوى كيرًا (قال) جابر (فجعلن) أي شرعن (يتصدقن من حليهن) أي من جواهرهن التي يلبسن (يلقين) أي يرمينها صدقةً (في ثوب بلال) وقوله (من أقرطتهن) في آذانهن (وخواتمهن) في أصابعهن بيان لحليهن، وقوله (من أقرطتهن) قيل إنه جمع قرط، وقيل جمع جمعه والمعروف في جمعه أقراط وقراط وقروط وقرطة كقردة، والقرط بالضم نوع من حلي النساء معروف يعلق في شحمة الأذن اهـ، وقال ابن دريد: كل ما علق في شحمة الأذن من ذهب أو خرز فهو قرط، قال شمر: الحلقة الصغيرة من الحلي قرط اهـ من الأبي. ولا يبعد أن يكون أقرطة جمع جمع أي جمع قراط الذي هو جمع قرط لا سيما وقد جاء في الحديث اهـ منه.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان الأول حديث ابن عباس ذكره للاستدلال به على الترجمة وذكر فيه متابعتين، والثاني حديث جابر بن عبد الله ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعةً واحدةً والله تعالى أعلم.
***