الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من حين سَعَيا إليه وقصَداه، والحديث محمولٌ على معنى الآية.
* * *
23 - بابٌ ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ
(باب: ظلم دون ظلم)
يحتمل أنْ يكون (دُون) بمعنى (غير)؛ إشارةً إلى أنَّ الظُّلْم أنواعٌ، ويحتمل أنْ يكون بمعنى (أَدنى)؛ أي: بعضُه أشدُّ من بعضٍ.
وسبق قريبًا ذِكْره في ترجمةٍ فيها: (كُفْرٌ دُون كُفْرٍ).
32 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح قَالَ: وَحَدَّثَنِي بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا نزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].
(م س ت).
في إسناده تحويلٌ يُبيِّن أنَّ له طريقَين.
قلتُ: لكن الأُولى أعلى، والثانية فيها غُنْدَر، وهو أثْبت الناس في شُعبة، فقام ذلك مَقامَ العُلوِّ في الأُولى.
(ولم يلبسوا)؛ أي: لم يخلِطوا، والمراد بذلك كما قال التَّيْمِي: لم
يُفسِدوا إيانهَم، ولم يُبطلوه بكُفْر، وإلا فالخلْط لا يُتصوَّر، ويحتمل أنَّ المراد: لم يُنافِقوا، لأنَّه جمع بينهما ظاهرًا وباطنًا وإنْ كانا لا يجتمعان.
(أينا لم يظلم)، وفي نسخةٍ:(نَفْسَه)، والمراد أنَّهم لمَّا فَهموا من الآية مُطلَق الظُّلم؛ بيَّن تعالى أنَّ المُراد به ظُلمٌ خاصٌّ، وهو الشِّرك، وإنما فَهموا حَصْر الأَمْن فيمن لم يَلبِس إيمانَه، حتى ينتفي الأَمْن عمَّن التَبس مِن تقديم (لهم) على (الأَمْن)، وتقديم (هم) على (مهتدون) كما قال الزَّمَخْشَري في قوله تعالى:{كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون: 100]: إنَّه للتَّخصيص، وإنما كان (بظُلْمٍ) مُرادًا به، أي: لفْظ (هم) في قوله: (وَهُم مُّهتَدُونَ): الظُّلْم العظيم؛ لأن التَّنكير للتَّعظيم، والظُّلْم العظيم هو الشِّرك، إذْ لا ظُلْمَ فوقَه، ولم يصِف الشارعُ غيرَه بذلك، فقصَر ذلك عليه.
ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرٌ.
قال (ن): وروى البخاري الحديث في (التفسير) كذلك أيضًا، لكنْ رواية مسلم:(أَيُّنا لم يَظْلِمْ نفسَه)، فقد قال صلى الله عليه وسلم:(لَيْسَ هو كما تَظنُّون، إنما هُو كما قال لُقْمان لابنه: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13])، ففيه تفسيرٌ لما في البخاري.
ففيه دلالةٌ على أنَّ المعاصي لا تكون كُفرًا، وأنَّ الظُّلْم على ضربَين، وأنَّ تأْخير البَيان إلى وقْت الحاجة جائزٌ، وأصل الظُّلْم وَضْع الشيء في غير مَوضِعه.