المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌25 - باب قيام ليلة القدر من الإيمان - اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح - جـ ١

[شمس الدين البرماوي]

فهرس الكتاب

- ‌1 - كِتابُ بَدء الوحْي

- ‌باب كيف كان بَدْءُ الوَحْي إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَقَوْلُ الله جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163]

- ‌2 - كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌1 - بابُ الإِيمَانِ، وقوْلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسلَامُ عَلَى خَمْسٍ

- ‌2 - بابٌ دُعَاؤكُمْ إِيمَانُكُمْ (باب: دعاؤكم إيمانكم)

- ‌3 - بابُ أُمُورِ الإِيمَانِ

- ‌4 - بابٌ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

- ‌5 - بابٌ أيُّ الإِسْلَامِ أَفْضَلُ

- ‌6 - باب إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌7 - بابٌ مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبَّ لِنَفْسِهِ

- ‌8 - بابٌ حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ

- ‌9 - بابُ حَلَاوَةِ الإِيمَانِ

- ‌10 - بابٌ عَلَامَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنصَارِ

- ‌11 - بابٌ

- ‌12 - بابٌ مِنَ الدِّينِ الْفِرَارُ مِنَ الْفِتَنِ

- ‌13 - بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللهِ"، وَأَنَّ الْمَعْرِفَةَ فِعْلُ الْقَلْبِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225]

- ‌14 - بابٌ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌15 - بابُ تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ

- ‌16 - بابٌ الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌17 - بابٌ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]

- ‌18 - بابٌ مَنْ قَالَ: إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ الْعَمَلُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72]، وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93]، عَنْ قَوْلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات: 61]

- ‌19 - بابٌ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلَامُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل لِقَوْلهِ تَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14]، فَإذَا كَانَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]

- ‌20 - بابٌ إِفْشَاء السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌21 - بابُ كُفْرَانِ الْعَشِيرِ، وَكُفْرِ بعد كُفْرِ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌22 - بابٌ الْمَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيةِ، وَلَا يُكَفَّرُ صاحِبُهَا بارْتِكَابِهَا إِلَّا بالشِّرْك لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّة"، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]

- ‌22 / -م - بابٌ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]، فسَمَّاهُمُ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌23 - بابٌ ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

- ‌24 - بابُ عَلَامَةِ المُنَافِقِ

- ‌25 - بابٌ قِيَامُ لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بابٌ الجِهَادُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بابٌ تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌28 - بابٌ صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌29 - بابٌ الدِّينُ يُسْرٌ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ

- ‌30 - بابٌ الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]؛ يَعْنِي: صَلَاتَكُمْ عِنْدَ البَيْتِ

- ‌31 - بابُ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ

- ‌32 - بابٌ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ

- ‌33 - بابُ زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13]، {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31]، وَقَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الكَمَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ

- ‌34 - بابٌ الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ: ({وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]

- ‌35 - بابٌ اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌36 - بابُ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

- ‌37 - بابُ سؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَنِ الإِيمَانِ، وَالإِسْلَامِ، وَالإِحْسَانِ، وَعِلْمِ السَّاعَةِ وَبَيَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ، ثُمَّ قَالَ: "جَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ"، فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ دِينًا، وَمَا بيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ مِنَ الإيمَانِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]

- ‌38 - باب

- ‌39 - بابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ

- ‌40 - بابٌ أَدَاءُ الخُمُسِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌41 - بابُ مَا جَاء أَنَّ الأَعمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالحِسْبَةِ، وَلِكُلِّ امرِئٍ مَا نَوَى

- ‌42 - بابُ قَوْلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "الذين النَّصِيحَةُ، لِلهِ وَلِرَسولِهِ وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِم" وَقَوْلهِ تَعَالَى: {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91]

- ‌3 - كتاب العلم

- ‌1 - بابُ فَضْلِ العِلْمِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11]، وَقولهِ عز وجل: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]

- ‌2 - بابُ مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ فَأَتَمَّ الحَدِيثَ ثم أَجَابَ السَّائِلَ

- ‌3 - بابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالعِلْمِ

- ‌4 - بابُ قَوْلِ المُحَدِّثِ: (حَدَّثَنَا) أوْ (أَخْبَرَنَا) و (أَنبأَنَا)

- ‌5 - بابُ طرح الإِمَامِ المَسْئَلَةَ عَلَى أصحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهم مِنَ العِلْمِ

- ‌6 - بابُ مَا جَاء فِي العِلْمِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} القِرَاءَةُ وَالعَرضُ عَلَى المُحَدِّثِ

- ‌7 - بابُ مَا يُذْكَرُ فِي المُنَاوَلَةِ، وَكِتَابِ أَهْلِ العِلْمِ بالعِلْمِ إِلَى البُلْدَانِ

- ‌8 - بابُ مَنْ قَعَدَ حَيْث ينتهي بِهِ المَجْلِسُ، وَمَنْ رَأَى فُرجَةً فِي الحلْقَةِ فَجَلسَ فِيها

- ‌9 - بابُ قَوْلِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ مُبَلغٍ أوْعَى مِنْ سَامِعٍ

- ‌10 - بابٌ العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ} [محمد: 19]

- ‌11 - بابُ مَا كانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهم بِالمَوْعِظَةِ وَالعِلْمِ كَيْ لَا يَنْفِرُوا

- ‌12 - بابُ مَنْ جَعَلَ لأَهْلِ العِلْمِ أَيَّامًا مَعلُومَةً

- ‌13 - بابٌ مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقّهْهُ فِي الدِّينِ

- ‌14 - بابُ الفَهْمِ فِي العِلْمِ

- ‌15 - بابُ الاِغْتِبَاطِ فِي العِلْمِ وَالحكمَةِ

- ‌16 - بابُ مَا ذُكرَ فِي ذَهابِ مُوسَى صَلى اللهُ عَلَيهِ فِي البحْرِ إِلَى الْخَضِرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]

- ‌17 - بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللهُمَّ عَلِّمْهُ الكتَابَ

- ‌18 - بابٌ مَتَى يَصح سَمَاعُ الصَّغيِر

- ‌19 - بابٌ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ

- ‌20 - بابُ فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلّمَ

- ‌21 - بابُ رَفْعِ العِلْمِ، وَظُهُورِ الجَهْلِ

- ‌22 - بابُ فَضْلِ العِلْمِ

- ‌23 - بابُ الفُتيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا

- ‌24 - بابُ مَنْ أَجَابَ الفُتيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّأْسِ

- ‌25 - بابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا الإِيمَانَ وَالعِلْمَ ويُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءهُمْ

- ‌26 - بابُ الرِّحْلَةِ فِي المَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ

- ‌27 - بابُ التَّنَاوُبِ فِي العِلْمِ

الفصل: ‌25 - باب قيام ليلة القدر من الإيمان

بخلاف زمَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّهم لم يكونوا قبل ذلك أَسلموا، بل المنافِق حينئذٍ مُقيمٌ على كُفره.

أما مُناسبة الحديث لـ (كتاب الإيمان)؛ فهي أنَّ هذا علامة عدَم الإيمان، أو أنَّ بعض النِّفاق كُفرٌ.

وقال (ن): ومُراد البخاري بهذا الحديث أنَّ المعاصي تنقُص الإيمان كما أنَّ الطاعة تزيده.

(تابعه) سبَق معنى المُتابعة، وهي هنا مُقيَّدةٌ حيث قال:(عن الأَعمَش)، وناقصةٌ حيث ذكَرها في وسَط الإسناد لا مِن أوَّله.

(شعبة) وصلَها في (كتاب المَظالم).

* * *

‌25 - بابٌ قِيَامُ لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ

(باب: قيام ليلة القدر من الإيمان)

(قيام) مبتدأٌ، (من الإيمان) خبره، وسُميت ليلة القَدْر؛ لمَا تكتُب فيها الملائكةُ من الأَقْدار والأَرْزاق والآجال في تلك السنَة، أي: يُظهرهم الله على ذلك، فيَفعلُ كلٌّ وظيفتَه، وقيل: لعِظَم قدْرها، أو: مَن أتى فيها بالطاعات له قدْرٌ، أو: أنَّ نفْس الطاعات فيها له قدْرٌ زائدٌ على غيرها.

قال (ن): واختُلف في وقْتها، فقيل: تنتقل في السنَة، وبذلك

ص: 224

يجمع بين الأحاديث الدالَّة على اختلاف أوقاتها، وبه قال مالك، وأحمد، وقيل: إنما تنتقِل في العشر الأخير من رمضان، وقيل: في كلِّه، وقيل: مُعيَّنةٌ لا تنتقِل، وقيل: هي في السنَة كلِّها، وبه قال أبو حنيفة وصاحباه، وقيل: في رمضان، وهو قول ابن عُمر، وقيل: في العشْر الأَوسط والآخِر، وقيل: في الآخِر فقط، وقيل: في أَوتاره، وقيل: في أَشْفاعه، وقيل: في ثلاثٍ وعشرينَ، وقيل: فيه أو في أربعٍ وعشرين، وبه قال ابن عبَّاس، وقيل: في إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، وقيل: ليلة أربعٍ وعشرين، وتُحكى عن بلال، وابن عبَّاس، وقيل: في سبعٍ وعشْرين، وقيل: ليلة سبْع عشَرةَ، وقيل: تسع عَشْرة، وقيل: آخِر ليلةٍ، وشذَّ مَن قال: رُفعت لحديث: "فتَلاحَى رجُلانِ؛ فرُفِعتْ"، ورُدَّ بأنَّه عقَّبه بقوله:"التمِسُوها في السَّبعْ أو التِّسْع"، فالمراد برفْعها: رفْع العِلْم بها، انتهى.

وقال الرافعي: مالَ الشَّافعيُّ إلى أنَّها ليلة الحادي، أو الثالث والعِشْرين، ومذهب أبي حنفية خلافًا لصاحبيه أنَّها دائرةٌ في الشَّهر.

قال صاحب المَنْظومة:

وليلةُ القَدْرِ بكُلِّ الشَّهْرِ

دائِرةٌ وعيَّناها فادْرِ

قال (ك): فهو مخالفٌ لما سبَق مِن نقْل (ن) عنه.

قال (ن): أجمع مَن يُعتدُّ به على وجودها ودَوامها إلى آخِر الدَّهر، يَراها، ويحقِّقها مَن شاء الله تعالى في رمضان كلَّ سنةٍ، وأخبارُ

ص: 225

الصَّالحين بها، ورؤيتهم لها أكثر من أنْ تُحصر، فقول المُهَلَّب: لا يُمكن رؤيتُها حقيقةً = غلطٌ.

وفي "الكشَّاف ": لعلَّ الدَّاعي إلى إخفائها أن يُحيي الذي يُريدها اللَّياليَ الكثيرةَ طلَبًا لموافقتها، وأنْ لا يتكِلَ مَن يراها، فيُفرِّط في غيرها.

* * *

35 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَناَ شُعَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

(م).

قيل في سنَده: إنَّه أصحُّ أسانيد أبي هُريرة، وهو: أَبو الزِّناد، عن الأَعرَج، عنه.

(من يقم) إلى آخِره، فيه مَجيء فِعْل الشَّرط مُضارِعًا، وجوابُه ماضيًا، وهو قليلٌ، وقد استُنبط من قوله تعالى:{إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ} [الشعراء: 4]؛ لأنَّ تابع الجواب جوابٌ، فإنَّ مجيئه ماضيًا محقَّق الوُقوع، وإنما قال هنا:(يَقُمْ)، وفي الحديث الآتي:(مَن قَامَ رمَضانَ)؛ لأنَّ ذلك مُحقَّق الوُقوع، وقيام ليلة القَدْر ليس متيقَّنًا.

ثم المراد بقيام اللَّيالي، أي: الطَّاعة في قوله: {وَقُومُوا لِلَّهِ

ص: 226

قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، فهو حقيقةُ القِيام شرعًا يُكتفى فيه بما يُسمَّى قياما لإتمام اللَّيلة حتى قيل: إنَّ مَن أدَّى العِشاء فقد قام، لكنْ في العُرف لا يصدُق القيام إلا بقيام الكُلِّ أو الأَكثَر.

(إيمانًا واحتسابًا)؛ أي: تصديقًا بأنَّه حقٌّ وطاعة، وإرادةَ وجْه الله تعالى بذلك لا للرِّياء أو الخوف أو نحو ذلك.

ففيه الحثُّ على القِيام والإخلاص.

والاحتِساب حُسبة الأَجْر عند الله تعالى، قال التَّيْمِي: إنَّه بعد تحقُّقها يقومها، أو أنَّه يقوم اللَّيالي الغالب أنَّ ليلة القَدْر فيها مؤُمنًا؛ بأن صلاته فيها سبَب المغفرة مُحتسبًا بفعل ذلك أجرًا، فجعل المؤمن به أنَّه سببٌ للمغفرة.

ونصبهما على المفعول له، أو التَّمييز، وجوَّز أبو البَقاء مع وجه التَّمييز أن يكون حالًا مصدرًا بمعنى الوَصْف، أي: مؤمِنًا محتسِبًا كما في قوله تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} [سبأ: 13].

قال (ك): على الحاليَّة لا يُطابق الحديثُ الترجمةَ؛ لأنَّه لا يبقى فيه إلا القيام في حال الإيمان إلا أنْ يُقال: كونه في حال الإيمان، وفي زمانه مشعرٌ بأنَّه من جُملته ولكنه بتكلُّفٍ.

لا يُقال: فالتَّمييز والمفعول له لا يدلَّانِ أيضًا على أنَّه مِن الإيمان؛ لأنا نقول: (مِن) في: (مِن الإيمان) إما للابتداء، أي: مَنْشأ القيام الإيمان، أو مِن جهة الإيمان.

ص: 227