المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌41 - باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى - اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح - جـ ١

[شمس الدين البرماوي]

فهرس الكتاب

- ‌1 - كِتابُ بَدء الوحْي

- ‌باب كيف كان بَدْءُ الوَحْي إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَقَوْلُ الله جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163]

- ‌2 - كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌1 - بابُ الإِيمَانِ، وقوْلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسلَامُ عَلَى خَمْسٍ

- ‌2 - بابٌ دُعَاؤكُمْ إِيمَانُكُمْ (باب: دعاؤكم إيمانكم)

- ‌3 - بابُ أُمُورِ الإِيمَانِ

- ‌4 - بابٌ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

- ‌5 - بابٌ أيُّ الإِسْلَامِ أَفْضَلُ

- ‌6 - باب إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌7 - بابٌ مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبَّ لِنَفْسِهِ

- ‌8 - بابٌ حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ

- ‌9 - بابُ حَلَاوَةِ الإِيمَانِ

- ‌10 - بابٌ عَلَامَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنصَارِ

- ‌11 - بابٌ

- ‌12 - بابٌ مِنَ الدِّينِ الْفِرَارُ مِنَ الْفِتَنِ

- ‌13 - بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللهِ"، وَأَنَّ الْمَعْرِفَةَ فِعْلُ الْقَلْبِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225]

- ‌14 - بابٌ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌15 - بابُ تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ

- ‌16 - بابٌ الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌17 - بابٌ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]

- ‌18 - بابٌ مَنْ قَالَ: إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ الْعَمَلُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72]، وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93]، عَنْ قَوْلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات: 61]

- ‌19 - بابٌ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلَامُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل لِقَوْلهِ تَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14]، فَإذَا كَانَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]

- ‌20 - بابٌ إِفْشَاء السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌21 - بابُ كُفْرَانِ الْعَشِيرِ، وَكُفْرِ بعد كُفْرِ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌22 - بابٌ الْمَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيةِ، وَلَا يُكَفَّرُ صاحِبُهَا بارْتِكَابِهَا إِلَّا بالشِّرْك لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّة"، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]

- ‌22 / -م - بابٌ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]، فسَمَّاهُمُ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌23 - بابٌ ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

- ‌24 - بابُ عَلَامَةِ المُنَافِقِ

- ‌25 - بابٌ قِيَامُ لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بابٌ الجِهَادُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بابٌ تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌28 - بابٌ صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌29 - بابٌ الدِّينُ يُسْرٌ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ

- ‌30 - بابٌ الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]؛ يَعْنِي: صَلَاتَكُمْ عِنْدَ البَيْتِ

- ‌31 - بابُ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ

- ‌32 - بابٌ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ

- ‌33 - بابُ زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13]، {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31]، وَقَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الكَمَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ

- ‌34 - بابٌ الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ: ({وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]

- ‌35 - بابٌ اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌36 - بابُ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

- ‌37 - بابُ سؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَنِ الإِيمَانِ، وَالإِسْلَامِ، وَالإِحْسَانِ، وَعِلْمِ السَّاعَةِ وَبَيَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ، ثُمَّ قَالَ: "جَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ"، فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ دِينًا، وَمَا بيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ مِنَ الإيمَانِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]

- ‌38 - باب

- ‌39 - بابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ

- ‌40 - بابٌ أَدَاءُ الخُمُسِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌41 - بابُ مَا جَاء أَنَّ الأَعمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالحِسْبَةِ، وَلِكُلِّ امرِئٍ مَا نَوَى

- ‌42 - بابُ قَوْلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "الذين النَّصِيحَةُ، لِلهِ وَلِرَسولِهِ وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِم" وَقَوْلهِ تَعَالَى: {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91]

- ‌3 - كتاب العلم

- ‌1 - بابُ فَضْلِ العِلْمِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11]، وَقولهِ عز وجل: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]

- ‌2 - بابُ مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ فَأَتَمَّ الحَدِيثَ ثم أَجَابَ السَّائِلَ

- ‌3 - بابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالعِلْمِ

- ‌4 - بابُ قَوْلِ المُحَدِّثِ: (حَدَّثَنَا) أوْ (أَخْبَرَنَا) و (أَنبأَنَا)

- ‌5 - بابُ طرح الإِمَامِ المَسْئَلَةَ عَلَى أصحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهم مِنَ العِلْمِ

- ‌6 - بابُ مَا جَاء فِي العِلْمِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} القِرَاءَةُ وَالعَرضُ عَلَى المُحَدِّثِ

- ‌7 - بابُ مَا يُذْكَرُ فِي المُنَاوَلَةِ، وَكِتَابِ أَهْلِ العِلْمِ بالعِلْمِ إِلَى البُلْدَانِ

- ‌8 - بابُ مَنْ قَعَدَ حَيْث ينتهي بِهِ المَجْلِسُ، وَمَنْ رَأَى فُرجَةً فِي الحلْقَةِ فَجَلسَ فِيها

- ‌9 - بابُ قَوْلِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ مُبَلغٍ أوْعَى مِنْ سَامِعٍ

- ‌10 - بابٌ العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ} [محمد: 19]

- ‌11 - بابُ مَا كانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهم بِالمَوْعِظَةِ وَالعِلْمِ كَيْ لَا يَنْفِرُوا

- ‌12 - بابُ مَنْ جَعَلَ لأَهْلِ العِلْمِ أَيَّامًا مَعلُومَةً

- ‌13 - بابٌ مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقّهْهُ فِي الدِّينِ

- ‌14 - بابُ الفَهْمِ فِي العِلْمِ

- ‌15 - بابُ الاِغْتِبَاطِ فِي العِلْمِ وَالحكمَةِ

- ‌16 - بابُ مَا ذُكرَ فِي ذَهابِ مُوسَى صَلى اللهُ عَلَيهِ فِي البحْرِ إِلَى الْخَضِرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]

- ‌17 - بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللهُمَّ عَلِّمْهُ الكتَابَ

- ‌18 - بابٌ مَتَى يَصح سَمَاعُ الصَّغيِر

- ‌19 - بابٌ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ

- ‌20 - بابُ فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلّمَ

- ‌21 - بابُ رَفْعِ العِلْمِ، وَظُهُورِ الجَهْلِ

- ‌22 - بابُ فَضْلِ العِلْمِ

- ‌23 - بابُ الفُتيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا

- ‌24 - بابُ مَنْ أَجَابَ الفُتيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّأْسِ

- ‌25 - بابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا الإِيمَانَ وَالعِلْمَ ويُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءهُمْ

- ‌26 - بابُ الرِّحْلَةِ فِي المَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ

- ‌27 - بابُ التَّنَاوُبِ فِي العِلْمِ

الفصل: ‌41 - باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى

المُنْذِر بن عائِذ -بالمعجمة-، وكان مُنْقِذ يُصلِّي ويَقرأُ، فأَنكرت امرأته ذلك، وذكرتْ لأبيها أنَّه قد جاء من يثْرب يَغْسل أطرافَه، ويَستقبل الكعبة، ويَحني ظَهْرَه مرَّةً، ويضَع جبْهتَه على الأرض أُخرى، فتلاقَيا، فوقَع الإسلامُ في قلْب المُنذِر، وذَهب بالكتاب إلى عُصُر -بضم المهملتين-، فقرأ عليهم، فوقَع الإسلامُ في قلْبهم، فأَجمعوا على السَّير إليه صلى الله عليه وسلم، فتوجَّه منهم أربعةَ عشَرَ راكبًا، ورئيسُهم المُنذِر العُصُري، فقال صلى الله عليه وسلم: "أَتاكم وَفْدُ عبْد القَيْسِ مِن أَهلِ الشَّرقِ، وفيهم الأَشَجُّ)، وهو المنذر؛ لأنَّه كان في وجْهه، إلى آخر القِصَّة في الحديث.

* * *

‌41 - بابُ مَا جَاء أَنَّ الأَعمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالحِسْبَةِ، وَلِكُلِّ امرِئٍ مَا نَوَى

فَدَخَلَ فِيهِ الإيمَانُ وَالوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكاةُ وَالحَجُّ وَالصَّوْمُ وَالأَحكَامُ، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى:{قُل كُلٌّ يعَمَلُ عَلى شَاكِلَته} [الإسراء: 84]: عَلَى نيَّتِهِ، "نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ يَحتَسِبُها صَدَقَةٌ"، وَقَالَ:"وَلَكِنْ جِهادٌ وَنيَّة".

(باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة)، بحاءٍ مكسورةٍ، أي: الاحتِساب والإخلاص.

قال الجَوْهري: يُقال: احتسَب بكذا أَجرًا عند الله، والاسم

ص: 309

الحُسْبة، وهي الأَجْر.

(فدخل) هو من كلام البخاري، ولهذا في بعض النُّسَخ:(قال أبو عبد الله).

(من الأحكام)؛ أي: من المُعاملات، والمُناكَحات، والجِراحات؛ إذ يُشترط في كلِّها القَصد، فلو سبَق لسانُه إلى بِعْتُ أو وهبتُ أو نكحت أو طلَّقتُ لَغَا، وأما ترتُّب الضَّمان على العاقِد أو على الجاني آخرًا في الخطأ؛ فمِن قَبيل ربْط الحُكم بالسَّبب كما في ضَمان إِتْلاف الطفل في ماله، وكالدُّلوك (1)، ونحوه من الأَحكام الوضعيَّة.

(وقال) الجُملة حاليةٌ على الظاهر لا معطوفةٌ على ما سبَق، أي: أنَّ هذه الآية أَيضًا تدلُّ على أنَّ جميع الأَعمال على حسَب النية، فهو تقويةٌ لمَا قال، فدَخَل فيه كذا وكذا.

(على نيته) تفسيرٌ لقوله: على شَاكِلَته، وفي بعضٍ:(أَي: على شَاكِلَتِه) بذكْر حرف التَّفسير، وفي بعضها، وعليه شَرَح (ك):(ونفَقَة الرَّجُلِ على أَهلِه يحتَسِبُها صَدَقةً)، فـ (يَحتَسِبُها) حالٌ متوسِّطةٌ بين المبتدأ والخبر.

(ولكن جهاد ونية) قالَه صلى الله عليه وسلم يومَ فتْح مكَّة كما سيأْتي في محلِّه من البخاري.

* * *

(1) أي: دلوك الشمس.

ص: 310

54 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحيىَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْراهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الأعمَالُ بِالنية، وَلكُلِّ امرِئِ مَا نوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُها، أَوِ امرَأَةٍ يتَزَوَّجُها، فَهِجْرتُهُ إِلَى مَا هاجَرَ إِلَيْهِ".

الحديث الأول (ع):

(الأعمال بالنية) سبَق شرحه، وبَيان الحَصْر من هذه الصِّيغة، وأنَّها كروايةِ (إِنَّما) في ذلك، ولا يَرِد على دَعوى الحصْر نحو: صامَ رمضان بنيَّة قضاءٍ أو نذْرٍ حيث لم يقَع له ما نَوى؛ لعدَم قابليَّة المَحلِّ، والصَّرورة في الحجِّ يَنويه للمُستأجِر، فلا يقَع إلا للنَّاوي؛ لأنَّ نفْس الحج وَقَع، ولو كان لغير المَنويِّ له، والفَرْق بينه وبين نيَّة القَضاء أو النَّذْر في رمضان حيث لا يصحُّ أصلًا؛ لأن التعيين ليس بشرط في الحجِّ، فيُحرِم مطلقا، ثم يَصرِفُه إلى ما يَشاء، وكذا لو أَحرم بنفْله وعليه فرضه انصرَف للفرض لشِدَّة التشبُّث واللُّزوم، فإذا لم يَقبل ما أَحرم به انصرَف إلى القابِل، نعَم، لو أَحرم بالحجِّ قبْل وقْته انعقَد عُمرةً على المرجَّح؛ لانصِرافه إلى ما يَقبل، وهذا خلافُ ما لو أَحرم بالصلاة قبْل وقْتها لا تَنعقد على الأَظهر لقُوَّة الإحرام، ولهذا يَنعقدُ مع المُفسِد كمَن أَحرَم مُجامِعًا.

قلتُ: الأَرجح لا ينعقد أصلًا، وقيل: يَنعقد فاسدًا، وقيل: صَحيحًا.

ص: 311

قال (ك): ولأنَّه عبادةٌ فيها مشقَّةٌ عظيمةٌ، فأَرادوا حفْظه من طُرق سُرعة الإحباط فيه، وأما إِزالة النَّجاسة حيث لا تفتقر إلى نيَّةٍ، فلأنَّها من التُّروك، نعَمْ، تفتقر لحُصول الثَّواب كتارك الزِّنا إنما يُثاب بقصد أنَّه ترك امتثالًا للشَّرع، وقيل: لأنَّ النَّجاسة أَسهل، فيُعفى عن قَليلها، ويُقتصر على محلِّها بخلاف الحدَث، فلم يحتَج لنيَّةٍ، وأما سُقوط العِدَّة عن المرأة بمضيِّ زمانها بلا نية، فلأنَّه لا فعلَ منها بل مضيُّ مدَّة، وأما صِحَّة الوُقوف بعرَفة بعدَم القصد حتى في النائم والمُغمَى عليه لاستِصحاب نيّة الإحرام فيه، وبالجُملة فهذه الصُّور فيها اختلاف، فمن منع فواضحٌ، ومَن جوَّز فعنده أنَّها خُصَّت من العُموم بالدليل.

(إلى دنيا) يُروى: (لدُنْيا)، وسبق أنَّ رواية البخاري هناك فيها خرمٌ، فإنْ كان من شيخه، فعلى حسَب ما رَوى، وإنْ كان منه، فلأنَّ القصد الاستدلال بما ذكَر دون المَحذوف.

قال (ط): غرَض البخاري هنا الردُّ على مَن زعم من المُرجئة أنَّ الإيمان قولٌ باللِّسان دون عقد القَلْب، فبيَّن أنَّ الإيمان لا بُدَّ له من نيةٍ واعتقاد قلْبٍ.

* * *

55 -

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنهالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعبةُ، قَالَ: أَخْبَرَني عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا أنفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهُا فَهُو لَهُ صَدَقَةٌ".

ص: 312

الحديث الثاني (م ت س):

(أنفق) حُذف مفعوله ليعمَّ القليلَ والكثيرَ.

(على أهله)؛ أي: زَوجته وولَده، أي: ونفقتُهما واجبةٌ، فهي هنا صدقةٌ من بابٍ أَولى.

(يحتسبها) حالٌ من الفاعل، أو من المفعول المَحذوف.

(فهو)؛ أي: الإنْفاق.

(صدقة)؛ أي: كالصَّدقة في الثَّواب لا حقيقةً، وإلا لحرُمتْ على هاشميٍّ ومُطَّلبي، والصارف له عن الحقيقة الإجماع، ولا يضرُّ المشابهةَ كونُ هذا واجبًا والصدقة غالبًا تطوُّعٌ، وبه يجاب عن كون المشبَّه به دون المشبَّه، فكيفَ شبَّه الواجب بالتطوُّع؟ فيُقال: الشَّبه في أصل الثواب لا من كل وجهٍ على أنَّ كل شبَهٍ لا يُشترط فيه كون المشبَّه دون المشبَّه به كما قُرر في محلَّه من علم البَيان.

قال (ن): في الحديث الحثُّ على الإخلاص وإحضار النيَّة في الأعمال، والردُّ على المُرجئة في قولهم: الإيمان إقرارٌ باللسان فقط، وفي قوله:(يحتسِبُها) دليلٌ على أنَّها لا تكون طاعةً إلا بذلك، أي: يَنوي بها وجْه الله تعالى.

* * *

56 -

حَدَّثَنَا الحَكَمُ بْنُ نافعٍ، قَالَ: أَخْبَرَناَ شُعَيب، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ سَعدٍ، عَنْ سَعدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بها وَجْه اللهِ إِلَّا أُجِرْتَ

ص: 313

عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ".

الحديث الثالث (ع):

(لن) لتأْكيد النَّفي، فيه الأقوال المشهورة أنَّه حرفٌ برأْسه، أو أصله (لا)، فأُبدل من ألفه نونٌ، أو أصله (لا أَنْ) فخُفِّفت الهمزة، وسقَطت الألف لالتقاء الساكنين.

(تنفق نفقة) عامٌّ في القليل والكثير؛ لأنَّه نكرةٌ في النَّفي، والخِطاب للعموم لا لسعدٍ فقط مثل:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ} [السجدة: 12]، والصارِف قَرينهُ عدَم اختصاصه، ويحتمل أنَّه لسَعد والباقي بالقياس، أو أن العُموم من حديث:"حُكْمِي على الواحِدِ"، ونحوه.

(تبتغي): تطلُب.

(وجه)؛ أي: جِهةَ. والحديث من المُتشابه، ففيه مذهبا التأْويل والتَّفويض.

(إلا أجرت) بضم الهمزة، وتقدير الاستِثناء هنا: لن تُنفق في حالٍ من الأحوال إلا وأنت في حالِ مأْجُوريتك عليها، أو تقديره: وإلا فقد أُجرتَ بها، فالمُستثنى اسمٌ لا فعلٌ، والاستثناء متصِلٌ.

(عليها) في نُسخةٍ بدله: (فيها).

(حتى) عاطفةٌ لا جارَّةٌ، وما بعدها منصوب المَحل.

(ما) موصولٌ، والعائد محذوفٌ.

(في في)، قال (ع): رُوي: (في فَمِ)، ولكنَّه لغةٌ قليلةٌ.

ص: 314