المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - باب دعاؤكم إيمانكم (باب: دعاؤكم إيمانكم) - اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح - جـ ١

[شمس الدين البرماوي]

فهرس الكتاب

- ‌1 - كِتابُ بَدء الوحْي

- ‌باب كيف كان بَدْءُ الوَحْي إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَقَوْلُ الله جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163]

- ‌2 - كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌1 - بابُ الإِيمَانِ، وقوْلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسلَامُ عَلَى خَمْسٍ

- ‌2 - بابٌ دُعَاؤكُمْ إِيمَانُكُمْ (باب: دعاؤكم إيمانكم)

- ‌3 - بابُ أُمُورِ الإِيمَانِ

- ‌4 - بابٌ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

- ‌5 - بابٌ أيُّ الإِسْلَامِ أَفْضَلُ

- ‌6 - باب إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌7 - بابٌ مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبَّ لِنَفْسِهِ

- ‌8 - بابٌ حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ

- ‌9 - بابُ حَلَاوَةِ الإِيمَانِ

- ‌10 - بابٌ عَلَامَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنصَارِ

- ‌11 - بابٌ

- ‌12 - بابٌ مِنَ الدِّينِ الْفِرَارُ مِنَ الْفِتَنِ

- ‌13 - بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللهِ"، وَأَنَّ الْمَعْرِفَةَ فِعْلُ الْقَلْبِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225]

- ‌14 - بابٌ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌15 - بابُ تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ

- ‌16 - بابٌ الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌17 - بابٌ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]

- ‌18 - بابٌ مَنْ قَالَ: إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ الْعَمَلُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72]، وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93]، عَنْ قَوْلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات: 61]

- ‌19 - بابٌ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلَامُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل لِقَوْلهِ تَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14]، فَإذَا كَانَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]

- ‌20 - بابٌ إِفْشَاء السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌21 - بابُ كُفْرَانِ الْعَشِيرِ، وَكُفْرِ بعد كُفْرِ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌22 - بابٌ الْمَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيةِ، وَلَا يُكَفَّرُ صاحِبُهَا بارْتِكَابِهَا إِلَّا بالشِّرْك لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّة"، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]

- ‌22 / -م - بابٌ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]، فسَمَّاهُمُ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌23 - بابٌ ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

- ‌24 - بابُ عَلَامَةِ المُنَافِقِ

- ‌25 - بابٌ قِيَامُ لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بابٌ الجِهَادُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بابٌ تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌28 - بابٌ صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌29 - بابٌ الدِّينُ يُسْرٌ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ

- ‌30 - بابٌ الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]؛ يَعْنِي: صَلَاتَكُمْ عِنْدَ البَيْتِ

- ‌31 - بابُ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ

- ‌32 - بابٌ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ

- ‌33 - بابُ زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13]، {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31]، وَقَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الكَمَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ

- ‌34 - بابٌ الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ: ({وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]

- ‌35 - بابٌ اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌36 - بابُ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

- ‌37 - بابُ سؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَنِ الإِيمَانِ، وَالإِسْلَامِ، وَالإِحْسَانِ، وَعِلْمِ السَّاعَةِ وَبَيَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ، ثُمَّ قَالَ: "جَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ"، فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ دِينًا، وَمَا بيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ مِنَ الإيمَانِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]

- ‌38 - باب

- ‌39 - بابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ

- ‌40 - بابٌ أَدَاءُ الخُمُسِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌41 - بابُ مَا جَاء أَنَّ الأَعمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالحِسْبَةِ، وَلِكُلِّ امرِئٍ مَا نَوَى

- ‌42 - بابُ قَوْلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "الذين النَّصِيحَةُ، لِلهِ وَلِرَسولِهِ وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِم" وَقَوْلهِ تَعَالَى: {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91]

- ‌3 - كتاب العلم

- ‌1 - بابُ فَضْلِ العِلْمِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11]، وَقولهِ عز وجل: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]

- ‌2 - بابُ مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ فَأَتَمَّ الحَدِيثَ ثم أَجَابَ السَّائِلَ

- ‌3 - بابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالعِلْمِ

- ‌4 - بابُ قَوْلِ المُحَدِّثِ: (حَدَّثَنَا) أوْ (أَخْبَرَنَا) و (أَنبأَنَا)

- ‌5 - بابُ طرح الإِمَامِ المَسْئَلَةَ عَلَى أصحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهم مِنَ العِلْمِ

- ‌6 - بابُ مَا جَاء فِي العِلْمِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} القِرَاءَةُ وَالعَرضُ عَلَى المُحَدِّثِ

- ‌7 - بابُ مَا يُذْكَرُ فِي المُنَاوَلَةِ، وَكِتَابِ أَهْلِ العِلْمِ بالعِلْمِ إِلَى البُلْدَانِ

- ‌8 - بابُ مَنْ قَعَدَ حَيْث ينتهي بِهِ المَجْلِسُ، وَمَنْ رَأَى فُرجَةً فِي الحلْقَةِ فَجَلسَ فِيها

- ‌9 - بابُ قَوْلِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ مُبَلغٍ أوْعَى مِنْ سَامِعٍ

- ‌10 - بابٌ العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ} [محمد: 19]

- ‌11 - بابُ مَا كانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهم بِالمَوْعِظَةِ وَالعِلْمِ كَيْ لَا يَنْفِرُوا

- ‌12 - بابُ مَنْ جَعَلَ لأَهْلِ العِلْمِ أَيَّامًا مَعلُومَةً

- ‌13 - بابٌ مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقّهْهُ فِي الدِّينِ

- ‌14 - بابُ الفَهْمِ فِي العِلْمِ

- ‌15 - بابُ الاِغْتِبَاطِ فِي العِلْمِ وَالحكمَةِ

- ‌16 - بابُ مَا ذُكرَ فِي ذَهابِ مُوسَى صَلى اللهُ عَلَيهِ فِي البحْرِ إِلَى الْخَضِرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]

- ‌17 - بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللهُمَّ عَلِّمْهُ الكتَابَ

- ‌18 - بابٌ مَتَى يَصح سَمَاعُ الصَّغيِر

- ‌19 - بابٌ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ

- ‌20 - بابُ فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلّمَ

- ‌21 - بابُ رَفْعِ العِلْمِ، وَظُهُورِ الجَهْلِ

- ‌22 - بابُ فَضْلِ العِلْمِ

- ‌23 - بابُ الفُتيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا

- ‌24 - بابُ مَنْ أَجَابَ الفُتيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّأْسِ

- ‌25 - بابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا الإِيمَانَ وَالعِلْمَ ويُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءهُمْ

- ‌26 - بابُ الرِّحْلَةِ فِي المَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ

- ‌27 - بابُ التَّنَاوُبِ فِي العِلْمِ

الفصل: ‌2 - باب دعاؤكم إيمانكم (باب: دعاؤكم إيمانكم)

فدلَّت الآية الأُولى على اتحاد شِرْعة الأنبياء، وذلك في أُصول الدِّين، والآية الأُخرى على تفرُّق شرائعهم، وذلك في الفُروع.

* * *

‌2 - بابٌ دُعَاؤكُمْ إِيمَانُكُمْ (باب: دعاؤكم إيمانكم)

قال (ن): كذا في بعض النُّسَخ بذكر (باب)، وهو غلَطٌ فاحشٌ، وصوابه: ودُعاؤكم إيمانُكم، أي: وفسَّر ابن عبَّاس قولَه تعالى: {لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77] الدّعاء بالإيمان، أي: لولا إيمانُكم، فدلَّ على أنَّه يَزيد وينقُص، أو أنَّه سمى الدّعاء إيمانًا، والدُّعاء عمَلٌ.

وقال (ط): لولا دُعاؤكم الذي هو زيادةٌ في إيمانكم.

قال (ن): ولا يَصحُّ إِدخال (بابٌ) هنا لوجوهٍ: منها أنَّه ليس له تعلُّقٌ بما نحن فيه، وأيضًا فترجمته أوَّلًا على بُني الإسلام، ولم يذكُره إلا بعدُ، فعُلم أنَّ:(دُعاؤكم إيمانُكم) مِن بقيَّة الترجمة، ولو كان هنا:(بابٌ) لم يكُن حديث: "بُني الإِسلامُ" مُطابِقًا للتَّرجمة.

قال (ك): وعندنا نُسخةٌ مَسموعةٌ منْها على الفِرَبْرِي، وعليها خطُّه:(دُعاؤُكم إيمانُكم) بلا بابٍ، وبلا واوٍ.

* تنبيه: مقصود الباب -كما قال (ن) -: أنَّ الإيمان هل يُطلَق

ص: 119

على الأَعمال كالصلاة والصيام، فيَزيدُ وينقصُ، أَوْ لا؟

مذهب السَّلَف الأوَّل فيُطلق على تصديقِ القَلْب، ونُطقِ اللِّسان، وعمَل الجَوارِح، فيَزيد بزيادتها، وينقُص بنقصانها، وقال بالثاني أكثَرُ المُتكلِّمين، وأَنكَروا زِيادتَه ونُقْصانه؛ لأنَّه متى قَبِلَ ذلك كان شَكًّا وكُفْرًا.

وقال المُحقِّقون منهم: نفْس التَّصديق لا يَزيدُ ولا ينقُص، وإنما يَزيد بثَمَراته، وهي الأَعمال، وينقُص بنقْصها.

قال (ن): ولكنَّ المُختار خِلافُه، وهو أنَّ نفْس التَّصديق يَزيد بكثْرة النَّظَر، وتظاهُر الأَدلَّة حتى لا يَتزلزل بعارِضٍ، فلا يشُكُّ عاقلٌ أنَّ تصديق أبي بكرٍ لا يُساويه تصديقُ آحادِ النَّاس.

وأما إِطْلاق اسم الإيمان على الأَعمال فمُتفَقٌ عليه، وهذا المعنى أَراد البخاريُّ بتَبْويبه الآتي بجُزئيَّات أُمور الإيمان (باب: الصَّلاةُ من الإيمان)، (باب: الجِهاد من الإيمان)، والمراد الرَّدُّ على المُرجئَة في قولهم: الإِيمان قَولٌ بلا عمَلٍ.

قال: واتفَقَ أهلُ السنَّة من المُحدِّثين والفُقهاء والمتكلِّمين على أنَّ المؤمن الذي يُحكم بأنَّه من أهل الإيمان، ولا يُخلَّد في النَّار لا يكون إلا مَن اعتقَد بقَلْبه دينَ الإسلام، ونطَق مع ذلك بالشَّهادتين، فإنِ اقتصَر على أحدهما لم يكُن من أهل القِبْلة، بل يُخلَّد في النَّار، إلا أنْ يعجَز عن النُّطْق لِخَلَلٍ في لسانه، أو لعدَم التمكُّن لمعالجة (1)

(1) كذا، ولعل الصواب:"المعالجة".

ص: 120

المَنيَّة، أو لغيرها، فإنَّه حينئذٍ يكون مُؤمنًا، انتهى.

قال (ك): الاتفاق ممنوعٌ فيما لو اقتصَر على الاعتِقاد مع القُدرة على النُّطْق إذا لم يَظهَر مُنافٍ، فإنَّه مُؤمنٌ عند الله تعالى، وقد لا يخلد في النار، نعَمْ، يُحكَم بكُفره.

قلتُ: كلامُ (ن) في الذي يُحكَم بإيمانه، ولا يخلد في النار، ولا شك أنَّه بالاتفاق.

وقال (ط): مذهب جميع أَهل السنَّة سلَفِ الأُمة وخلَفِها: أنَ الإيمان قَولٌ وعمَلٌ، وَيزيد وَينقُص، والمعنى الذي يستحقُّ به العبد المَدْحَ والمُوالاة من المؤمنين هو الثَّلاثة: التَّصديق، والإِقْرار، والعمَل، ولا خلافَ أنَّه لو أقرَّ، وعمِل بلا اعتقادٍ، أو اعتقَدَ وعمِل وجَحَد بلسانه لا يكُون مُؤمنًا، وكذا إذا أَقرَّ واعتقَدَ، ولم يعمَل الفرائض لا يُسمَّى مؤمنًا بالإطلاق.

قال (ك): لعلَّ مُراده كمال الإيمان لا أَصل الإيمان؛ فإنَّ من أقَرَّ باللِّسان سَمَّاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُؤمنًا على الإطلاق، فلا يخرج عن الإيمان بترْك الفرْض مع ذلك.

وتحقيق المسألة يتوقَّف على تفسير الإيمان ما هو؟ فقال المتأَخّرون [وبعض المُعتزلة: هو تصديق الرَّسول صلى الله عليه وسلم بما عُلِم مجيئُه به ضرورةً، والحنفيّة: التَّصديقُ والإقرارُ، والكرَّاميَّة: الإِقْرار](1)، وبعض المعتزلة:

(1) ما بين معكوفتين ليس في الأصل.

ص: 121

الأَعمال، والسَّلَف: التَّصديق بالجَنان، والإِقْرار باللِّسان، والعمَل بالأركان، فالأقوال خمسةٌ: ثلاثةٌ بسيطةٌ، وواحدٌ مُركَّبٌ من اثنين، وواحدٌ مُركَّبٌ من ثلاثةٍ.

فالكلمة كافيةٌ في دُخول الإيمان اتفاقًا، والكمال لا بُدَّ فيه من الثَّلاث إجماعا، انتهى.

* * *

8 -

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَناَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءَ الزكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ".

(م ت س).

اعلم أنَّ مِن طُرَف إسناد الحديث هنا: أنَّ رُواته مَكيُّون قُرشيون إلا عُبيد الله فإنَّه كوفي.

وقولُ البخاري مرةً: (حدَّثنا)، ومرةً:(أخبرنا) إما على القول بالمُغايرة، وهو المشهور، بأنَّ الأول إذا قرأَ الشَّيخُ، والثاني إذا قُرئ على الشَّيخ، وإما لأنَّهما سواءٌ كما سيأتي، وأما (عن) فللأعمِّ، لكنْ لا بُدَّ في المُعَنعَن من السَّماع عند البخاري.

(بُنِيَ الإسْلَامُ) قال (ن): أَدخَل البخاريُّ هذا الحديثَ في هذا

ص: 122

الباب؛ ليُبيِّن أنَّ الإسلام يُطلَق على الأفعال، وأنَّ الإسلام والإيمان قد يكونان بمعنًى واحدٍ.

(عَلَى خَمْسٍ)؛ أي: دَعائِم، أو قَوائِم، وفي بعض الرِّوايات:(خَمْسَةٍ)، أي: أشياءَ، أو أَركان، على أَنَّ وُجوب تذكير العدَد في المؤنَّث، وتأْنيثه في المذكَّر إنما هو إذا كان المعدُود مَذْكورًا، أما إذا لم يُذكر فيجوز الأَمران كما صرَّحَ به النُّحاة، ونقلَه (ن) في "شرح مسلم" في حديث:"مَنْ صامَ رَمَضانَ وسِتًّا مِنْ شَوَّال".

(شَهَادَةِ) هو وما عُطف عليه مجرورٌ على البدَل مِن (خَمْسٍ) بدَلَ كلٍّ من كلٍّ، أو مرفوعٌ خبرَ مبتدأ محذوفٍ، أي: هي شَهادةُ.

(أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، (أنْ) فيه مُخفَّفةٌ من الثَّقيلة، ولهذا عُطف عليها.

(وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ)؛ قلتُ: قال الإِسْمَاعِيْلي في "مُستخرَجه": فيه التَّنبيه على جميع ما أُمِر بالإيمان به كالإيمان برسُل الله، ومَلائكته، وكُتُبه، والبَعْث، وغير ذلك، فاستغنَى بمُفتَتح الإيمان، كما تقُول: قَرأْتُ الحمدُ للهِ، والمرادُ: إلى آخِر السُّورة.

(وَإِقَامِ) أصله: إِقْوام، فنُقلتْ فتحة الواو إلى السَّاكن قبْلَها، فحُذفت الواو، ويجب حينئذٍ أنْ يُعوَّض عنها، فيُقال: إِقامَةٌ، أو ذِكْر المُضاف إليه كما في قوله تعالى:{وَإقَامَ الصَّلَاةِ} [الأنبياء: 73].

(وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ)؛ أي: إعطاؤُها، والإيْتاء يتعدَّى لاثنَين، أُضيف

ص: 123

إلى أحدهما، وحُذف الآخَر، أي: مُستحِقَّها.

(وَصَوْمِ رَمَضَانَ) دليلٌ لمن جوَّز إطلاقَ رمَضان من غير إضافةِ (شَهْرٍ) إليه.

واعلم أنَّ الإسلام مُشبهٌ بشيءٍ له دَعائِمُ، فذُكر المشبَّه، وأُسند إليه ما هو من خَواصِّ المُشبَّه به، وهو البِناء، ويُسمَّى ذلك استعارةً بالكِنَاية، كـ: أَنْبَتَ الرَّبيعُ البَقْلَ.

ثم ظاهر الحديث أنَّ مَن تركَ شيئًا من الأَربعة الأَخيرة لا يكُون مُسلِمًا، ولكنْ صرَفَه عن ظاهره الإجماعُ على الدُّخول بالشَّهادة، فذِكْر الباقي معها تعظيمٌ لشأْنه.

قال (ن): ذِكْر الصلاة ونحوها؛ لأنَّها أَظهَر شعائر الإسلام يتمُّ بها استِسلامُ الآتي بها، وتَرْكُها يُشعر بانحلالِ قيْدِ انقِياده، انتهى.

فأجمعوا على أنَّه لا يَكْفُر بترك الصوم والصلاة، وأما قَول أحمد: يَكْفُر بترْك الصَّلاة؛ فلدليلٍ آخَر نحو: "مَنْ ترَكَ الصَّلاةَ مُتعمِّدًا فقد كَفَرَ".

ثم وجْه الحصْر في الخمْسة: أنَّ العبادة إما قوليَّةٌ وهي الشَّهادتان، وإما غير قولٍ، وهو ترْكٌ، وذلك الصَّوم، وإما فعْلٌ بدَنيٌّ وهو الصَّلاة، أو ماليٌّ وهو الزكاة، أو مركَّبٌ وهو الحجُّ.

ووجه الترتيب سبَق.

فإنْ قيل: إذا كان الإسلام هو الخمْسة، فالمبني لا بُدَّ أن يكون غير المبنيِّ عليه؟

ص: 124

قيل: لأنَّ المَجموع غيرُ كلِّ من أركانه.

فإنْ قيل: فالأَربعة لا تصحُّ إلا بالأول، فهي كالمبنيَّة، وهو المبنيُّ عليه؟

قيل: لا امتناعَ أن يكون شيءٌ مبنيًّا على شيءٍ، وغيرُ الشيئين يكون مبنيًّا عليهما من وجهٍ آخَر، وإنَّ معنى بِناء الأربعة من جهة صحَّتها، وذلك غيرُ معنى (بُني الإسلام على خمسٍ).

وقال التَّيْمِي ما حاصله: أنَّ الخمسة وإنْ كان مُقتضى الظاهر أنْ تُبنى على الإسلام لمَا سبق من توقُّفها على الإسلام، ولهذا مَن أنكَر منها شيئًا كفَر؛ لبُطلان إسلامه لا أنَّ الإسلام مبنيٌّ عليها، لكنْ المراد في الحديث أنَّ الإسلام الكاملَ مبنيٌّ على الخمْس لا حقيقة الإسلام.

قال (ك): وهو حسَنٌ، لكنْ قوله: إذا أنكر حُكمًا من هذه يُحكم ببُطلان إسلامه ليس من البَحْث؛ لأنَّ البَحْث في فِعْل هذه الأُمور وتركِها لا في إنكارها، وكيف وإنكار كلِّ حُكمٍ من أحكام الإِسلام مُوجِبٌ للكُفر، فلا معنى للتخصيص بهذه الأَربعة.

قلتُ: أي: إذا كان مِن المُجمَع عليه المعلُوم من الدِّين بالضَّرورة.

وقال الطَّيْبِي: ليس المراد هنا كأَعمِدة البَيت؛ فإنَّ تلْك أربعةٌ بل أَعمِدة الخِبَاء، ويُؤيِّده حديث مُعاذ:"وعَمُودُها الصَّلاة".

فحاصِل التَّشبيه: أنَّ الشهادتَين قُطبها الذي تَدُور عليه الأركان، وبقيَّة شُعب الإيمان كالأَوتاد للخِبَاء.

ص: 125