المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌24 - باب علامة المنافق - اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح - جـ ١

[شمس الدين البرماوي]

فهرس الكتاب

- ‌1 - كِتابُ بَدء الوحْي

- ‌باب كيف كان بَدْءُ الوَحْي إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَقَوْلُ الله جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163]

- ‌2 - كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌1 - بابُ الإِيمَانِ، وقوْلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسلَامُ عَلَى خَمْسٍ

- ‌2 - بابٌ دُعَاؤكُمْ إِيمَانُكُمْ (باب: دعاؤكم إيمانكم)

- ‌3 - بابُ أُمُورِ الإِيمَانِ

- ‌4 - بابٌ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

- ‌5 - بابٌ أيُّ الإِسْلَامِ أَفْضَلُ

- ‌6 - باب إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌7 - بابٌ مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبَّ لِنَفْسِهِ

- ‌8 - بابٌ حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ

- ‌9 - بابُ حَلَاوَةِ الإِيمَانِ

- ‌10 - بابٌ عَلَامَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنصَارِ

- ‌11 - بابٌ

- ‌12 - بابٌ مِنَ الدِّينِ الْفِرَارُ مِنَ الْفِتَنِ

- ‌13 - بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللهِ"، وَأَنَّ الْمَعْرِفَةَ فِعْلُ الْقَلْبِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225]

- ‌14 - بابٌ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌15 - بابُ تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ

- ‌16 - بابٌ الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌17 - بابٌ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]

- ‌18 - بابٌ مَنْ قَالَ: إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ الْعَمَلُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72]، وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93]، عَنْ قَوْلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات: 61]

- ‌19 - بابٌ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلَامُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل لِقَوْلهِ تَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14]، فَإذَا كَانَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]

- ‌20 - بابٌ إِفْشَاء السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌21 - بابُ كُفْرَانِ الْعَشِيرِ، وَكُفْرِ بعد كُفْرِ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌22 - بابٌ الْمَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيةِ، وَلَا يُكَفَّرُ صاحِبُهَا بارْتِكَابِهَا إِلَّا بالشِّرْك لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّة"، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]

- ‌22 / -م - بابٌ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]، فسَمَّاهُمُ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌23 - بابٌ ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

- ‌24 - بابُ عَلَامَةِ المُنَافِقِ

- ‌25 - بابٌ قِيَامُ لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بابٌ الجِهَادُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بابٌ تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌28 - بابٌ صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌29 - بابٌ الدِّينُ يُسْرٌ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ

- ‌30 - بابٌ الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]؛ يَعْنِي: صَلَاتَكُمْ عِنْدَ البَيْتِ

- ‌31 - بابُ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ

- ‌32 - بابٌ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ

- ‌33 - بابُ زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13]، {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31]، وَقَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الكَمَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ

- ‌34 - بابٌ الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ: ({وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]

- ‌35 - بابٌ اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌36 - بابُ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

- ‌37 - بابُ سؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَنِ الإِيمَانِ، وَالإِسْلَامِ، وَالإِحْسَانِ، وَعِلْمِ السَّاعَةِ وَبَيَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ، ثُمَّ قَالَ: "جَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ"، فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ دِينًا، وَمَا بيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ مِنَ الإيمَانِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]

- ‌38 - باب

- ‌39 - بابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ

- ‌40 - بابٌ أَدَاءُ الخُمُسِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌41 - بابُ مَا جَاء أَنَّ الأَعمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالحِسْبَةِ، وَلِكُلِّ امرِئٍ مَا نَوَى

- ‌42 - بابُ قَوْلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "الذين النَّصِيحَةُ، لِلهِ وَلِرَسولِهِ وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِم" وَقَوْلهِ تَعَالَى: {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91]

- ‌3 - كتاب العلم

- ‌1 - بابُ فَضْلِ العِلْمِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11]، وَقولهِ عز وجل: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]

- ‌2 - بابُ مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ فَأَتَمَّ الحَدِيثَ ثم أَجَابَ السَّائِلَ

- ‌3 - بابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالعِلْمِ

- ‌4 - بابُ قَوْلِ المُحَدِّثِ: (حَدَّثَنَا) أوْ (أَخْبَرَنَا) و (أَنبأَنَا)

- ‌5 - بابُ طرح الإِمَامِ المَسْئَلَةَ عَلَى أصحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهم مِنَ العِلْمِ

- ‌6 - بابُ مَا جَاء فِي العِلْمِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} القِرَاءَةُ وَالعَرضُ عَلَى المُحَدِّثِ

- ‌7 - بابُ مَا يُذْكَرُ فِي المُنَاوَلَةِ، وَكِتَابِ أَهْلِ العِلْمِ بالعِلْمِ إِلَى البُلْدَانِ

- ‌8 - بابُ مَنْ قَعَدَ حَيْث ينتهي بِهِ المَجْلِسُ، وَمَنْ رَأَى فُرجَةً فِي الحلْقَةِ فَجَلسَ فِيها

- ‌9 - بابُ قَوْلِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ مُبَلغٍ أوْعَى مِنْ سَامِعٍ

- ‌10 - بابٌ العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ} [محمد: 19]

- ‌11 - بابُ مَا كانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهم بِالمَوْعِظَةِ وَالعِلْمِ كَيْ لَا يَنْفِرُوا

- ‌12 - بابُ مَنْ جَعَلَ لأَهْلِ العِلْمِ أَيَّامًا مَعلُومَةً

- ‌13 - بابٌ مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقّهْهُ فِي الدِّينِ

- ‌14 - بابُ الفَهْمِ فِي العِلْمِ

- ‌15 - بابُ الاِغْتِبَاطِ فِي العِلْمِ وَالحكمَةِ

- ‌16 - بابُ مَا ذُكرَ فِي ذَهابِ مُوسَى صَلى اللهُ عَلَيهِ فِي البحْرِ إِلَى الْخَضِرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]

- ‌17 - بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللهُمَّ عَلِّمْهُ الكتَابَ

- ‌18 - بابٌ مَتَى يَصح سَمَاعُ الصَّغيِر

- ‌19 - بابٌ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ

- ‌20 - بابُ فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلّمَ

- ‌21 - بابُ رَفْعِ العِلْمِ، وَظُهُورِ الجَهْلِ

- ‌22 - بابُ فَضْلِ العِلْمِ

- ‌23 - بابُ الفُتيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا

- ‌24 - بابُ مَنْ أَجَابَ الفُتيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّأْسِ

- ‌25 - بابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا الإِيمَانَ وَالعِلْمَ ويُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءهُمْ

- ‌26 - بابُ الرِّحْلَةِ فِي المَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ

- ‌27 - بابُ التَّنَاوُبِ فِي العِلْمِ

الفصل: ‌24 - باب علامة المنافق

قال (ط): مقصود الباب: أنَّ تمام الإيمان بالعمَل، وأنَّ المعاصي ينقُص بها الإيمان، ولا تُخرج صاحبَها إلى الكُفر، والنَّاس مختلفون فيه على قَدْر صِغَر المعاصي وكبرها.

وفيه من الفِقْه: أنَّ المفسَّر يَقضي على المُجمَل، وأن العمَل بالعامِّ حتى يأْتيَ مُخصِّصٌ.

* * *

‌24 - بابُ عَلَامَةِ المُنَافِقِ

(باب: علامات المنافق)

وأصله: مَن يُظهر ما يُبطِن خلافَه، لكنَّه غَلَب لمن يُظهر الإسلامَ ويُبطِن الكُفرَ، وأَخذه إما من النَّفَق، وهو: السَّرَب في الأَرض، يُدخَل منه ويُخرج من مكانٍ آخَر، فيُستتر به، وإما مِن جُحْر اليَربُوع، فإنَّه يدخُل فيه من القاصِعاء، وهو الظَّاهر الذي يقصَع فيه، فإذا أحسَّ بالصائد منه خَرَج من النَّافِقاء، وهو ما نَفَقه من مكانٍ آخَر بحيث إذا ضَرب رأْسه به انفَلَق، وخرَج منه، فشُبِّه المُنافق به من حيث إنَّه يُظهر القاصِعاء، ويُخفي النَّافِقاء؛ لكونه يَكتم الكُفر ويُظهِر الإيمانَ، أو يَدخُل في الشرع من بابٍ، وَيخرج من آخَر، أو أنَّ النَّافِقاء ظاهره تُرابٌ كالأرض، وباطنه حُفرةٌ.

* * *

ص: 216

33 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ناَفِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ؛ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ".

الحديث الأول (م ت س):

(عن أبيه)؛ أي: الذي هو جَدُّ الإمام مالك.

(آية)؛ أي: علامةُ، ولهذا قيل لآية القُرآن ذلك؛ لأنها علامةُ انقطاعِ كلامٍ عن كلامٍ، وإنما أَخبر عن الآية بـ (ثلاث) باعتبار إِرادة الجنْس، أي: أنَّ كلَّ واحدةٍ منها آيةٌ، أو أنَّ مجموع الثلاث هو الآية.

(إذا حدث) جعْلُه خبرًا بعد خبرٍ، أو بدلًا مما قبلَه يقتضي أنَّه محمولٌ عليه لكنْ على معنى كونِه عند تحديثه.

(كذب)؛ أي: أخبر بخلاف الواقع.

(وعد)؛ أي: أخبر بخبرٍ من المستقبَل.

(أخلف)؛ أي: جعل الوَعْد خِلافًا، وذلك بأنْ لا يَفي به.

(اؤتمن)؛ أي: جُعل أَمينًا، وفي روايةٍ:(اتُّمِنَ)، بتشديد التاء، وذلك بقلب الهمزة الثانية منه واوًا، وإبدال الواو تاءً، وإدغام التاء في التاء.

(خان)؛ أي: تصرَّف على خلاف الشرع، فإنْ قيل: الوَعْد إخبارٌ؛ فلِمَ عُطف على الخبَر، وهو يقتضي التغايُر؟

ص: 217

قيل: لأن إخلاف الوعد قد يكون بالفعل، وهو غير الكَذِب الذي هو لازمُ التَّحديث، فتغايرا، أو جعل حقيقةً أُخرى خارجةً عن التحديث على وجْه الادِّعاء كما في عطْف جبريل على الملائكة عليهم السلام بادِّعاء أنَّه نوعٌ آخَر كزيادةِ شرَفه.

قال:

فإنْ تَفُقِ الأَنامَ وأَنْتَ مِنْهُمْ

فإنَّ المِسْكَ بعضُ دَمِ الغَزَالِ

وكذا كلُّ خاصٍّ يُعطف على عالم.

وإنما خَصَّ هذه الثلاثة بالذّكر؛ لاشتمالها على المُخالفة التي هي مَبنى النِّفاق من مُخالفة السرِّ العلَنَ.

واعلم أنَّه قد استُشكل في الحديث أنَّ هذه الخِصال قد تُوجد في المُسلم غير المُنافِق، فقال (ن): لا إِشكالَ؛ لأنَّ معناه أنَّ هذه خصال نفاقٌ، وصاحبها شبيهٌ بالمنافِق المطلَق إلا أنَّ هذا نفاقه خاصٌّ في حقِّ مَن حدَّثه، ووعدَه، وائتمنَه، لا نفاقٌ في الإسلام بإبطان الكُفر.

وقيل: هذا فيمَن كانتْ هذه الخصال غالبةً عليه، فمَن ندَر ذلك فيه لا يدخُل.

وقال الطِّيْبِي: الشرطيَّة في (إذا) المُشعِرة بتحقُّق الوُقوع يدلُّ على أنَّ هذه عادتَهم.

وقال (خ): (إذا) تقتضي تكرار الفِعل.

قال (ك): وفيه نظَرٌ، والأَولى أن يُقال: حذْف المفعول مِن

ص: 218

(حدَّث) ونحوه يدلُّ على العُموم أو الإطلاق، فكأنَّه قال: إذا حدَّث في كلِّ شيءٍ كذَب فيه، أو: إذا وُجد ماهية التَّحديث كذَب، ولا شكَّ أن مثْله منافقٌ في الدِّين.

قلتُ: العموم موجودٌ دائما هنا من جهة الشَّرطية، فأين موضع الإطلاق؟ وأيضًا فإذا كان مطلقا لا يحصُل به المقصود من الجواب.

ومنهم من أجاب بأن المراد به المنافقون الذين كانوا زمنه صلى الله عليه وسلم، فحدَّثوا بإيمانهم فكذَبوا، ووعدوا في نصْر الدِّين فأخلَفوا، وائتُمنوا في دينهم فخانوا.

وقيل: المراد منافقٌ خاصٌّ، ولكنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان لا يُواجه أحدًا بل يُشير إليه إشارةً، فيقول:"مَا بَالُ أَقْوامٍ يَفعَلُونَ كذا".

وقال (خ): المراد بذلك نفاقٌ دون نفاقٍ.

قال (ك): ولدفْع الإشكال خمسة أَوجهٍ؛ لأنَّ اللام إما للجنْس، فهو إما على سبيل التَّشبيه، أو أن المراد الاعتِقاد، أو الإنْذار، وإما للعَهْد، وذلك في مُنافقي زمانه عُمومًا، أو منافقٍ خاصٍّ، وسادسٌ: يخرَّج من كلام (خ) آخِرًا: أنَّ المراد النِّفاق العمَلي لا النِّفاق الإيماني، وسابعٌ، وهو الأَحسن: أنَّ النِّفاق شرعيٌّ، وهو إبطان الكُفر وإظهار الإسلام، وعُرفيٌّ، وهو كون سرِّه خلافَ عَلانيته، وهو المراد هنا.

ويُحكى أنَّ رجلًا قدِم مكَّة من البَصرة، فقال لعَطاء: سمعتُ الحسَن يقول: مَن كان فيه ثلاث خِصالٍ لم أتحرَّج أنْ أقول: إنَّه

ص: 219

منافقٌ، فقال له: إذا رجعتَ إلى الحسَن فقل له: إنَّ عَطاءً يقرأُ عليك السَّلام، ويقول لك: ما تقُول في بني يَعقُوب إِخوة يوسُف؛ إذ حدَّثوا فكذَبوا، ووعَدوا فأَخلَفوا، وائتُمنوا فخانُوا؟، أوَ كانوا مُنافقين؟ فلمَّا قال للحسَن ذلك سُرَّ به، وقال: جَزاكَ الله خيرًا، ثم قال لأصحابه: إذا سمعتُم مني حديثًا؛ فاصنَعوا مثْلَ ما صنعَ أخوكم، حدِّثوا به العُلماءَ، فما كان منه صَوابًا فحسنٌ، وإنْ كان غير ذلك رُدُّوا عليَّ جوابَه.

وعن مُقاتِل: أنَّه سأَل سعيد بن جُبير عن هذا الحديث، فقال -أي: مُقاتِل-: هذه مسألةٌ قد أَفسدتْ عليَّ مَعيشتي؛ لأني أظنُّ أنْ لا أَسلَم من هذه الثَّلاث أو من بعضِها، فضَحِكَ سعيدٌ، فقال: أَهمَّني ما أَهمَّك، فأتيتُ ابنَ عُمر، وابن عبَّاس فقَصصتُ عليهما، فضَحِكا، فقالا: أَهمَّنا -واللهِ- يا ابن أَخي ذلك، فسألْنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فضَحِك، فقال:"ما لكم ولهنَّ، أما قَولي: إذا حدَّث كذَب؛ فذلك فيما أَنزَل الله عليَّ: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1]، وأمَّا إذا وعَد أخلَف؛ فذلك في قوله: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ} [التوبة: 77] الآية، وأما إذا اؤتُمِنَ خانَ فذلك فيما أنزل الله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأحزاب: 72]، وأنتم بُرآءُ من ذلك".

* * *

34 -

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو:

ص: 220

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ".

تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ.

الحديث الثاني (م د س ت):

(قبيصة) قالوا: سَمع من سُفْيان الثَّوري صغيرًا، فلم يَضبط منه كما هو حقُّه، فهو حُجة إلا فيما روى عن سُفْيان.

قال (ن): ويكفي في جلالته احتِجاج البخاريِّ به في مواضع غيرِ هذا، وأما هنا فإنما ذكَره متابعةً.

ونازعَه (ك) في كون هذا متابعةً؛ لمخالفة هذا الحديث ما تقدَّم لفْظًا ومعنًى من جهاتٍ كالاختلاف في: (ثلاثٌ) و (أربعٌ)، وكزيادة لفْظة:(خالِصًا).

قلتُ: إنما أراد (ن) هنا بالمُتابعة الشَّاهد، فإنَّ المُحدِّثين يُطلقون كلًّا منهما على الآخَر، فلا يقدَح الاختلاف الذي ذكَروه على أنَّ محمد ابن عبد الله بن نُمير لمَّا قيل له: إنَّ قَبِيْصة كان صغيرًا حين سمع من سُفْيان: لو حدَّثنا قَبِيْصة عن النَّخَعي لقَبِلْنا منه.

قال الفَضْل بن سُهيل: كان قَبِيْصة يحدِّث بحديث سُفْيان على الولاء دَرْسًا دَرْسًا حفظًا، فقول أحمد: إنَّه ثقةٌ لا بأْسَ به لكنَّه كثير الغَلَط، مُعارَضٌ بقول أبي حاتِم: لم أَرَ من المُحدِّثين من يحفَظ، ويأْتي

ص: 221

بالحديث على لفْظٍ واحدٍ لا يُغيِّره سِوى قَبِيْصةَ، وأَبي نُعيم في حديث الثَّوري، وكان قَبِيْصة لا يحفَظ، ثم حَفِظ.

واعلم أنَّ الإسناد كلُّه كوفيُّون إلا ابن عمرو بن العاص.

وفيه ثلاثةٌ تابعيُّون بعضُهم عن بعضٍ: الأَعمَش، وابن مُرَّة، ومَسرُوق.

(أربع) مبتدأٌ سوَّغ الابتداءَ به مع أنَّه نَكِرةٌ تقديرُ إضافته، أي: أَربع خِصالٍ، والجُملة الشَّرطية عَقِبه خبَره، ويحتمل أن يكون صفةً له، والخبر: (إذا اؤتُمن خانَ

) إلى آخره.

وسبق في الحديث توجيه المعنى فيه، ولذلك سبَق أجوبةُ الإشكال فيه، نعم، قوله هنا:(خالِصًا) يُؤيِّد السادسَ والسابعَ؛ إذ الخُلوص بالمعنى المذكور فيهما لا يستلزم كُفرًا، وأما الخالِصة فمنْ حيث إنَّ الخصال التي تتم بها المُخالفة بين السرِّ والعلَن، لا يَزيد عليه.

وقال (ط): معناه: خالصًا في هذه الخِلال المذكورة فقط.

قال (ن): شديد الشَّبَه بالمنافقين بسبَب هذه الخِصال، قال: ولا مُنافاةَ بين أربع هنا، وثلاث فيما سبَق؛ لأنَّ الشيء الواحد قد يكون له علاماتٌ كلُّ واحدةٍ منها تحصل بها صِفَته، ثم قد تكون تلْك العلامة شيئًا واحدًا، وقد تكون أشياء.

وقال الطِّيْبِي: العلامات مرَّةً يُذكر بعضها، ومرةً جميعًا، أو أكثرها.

ص: 222

وقال (ك): الأَولى أن يُقال: التَّخصيص بالعدد لا يدلُّ على الزَّائد والناقِص.

قلتُ: تكرَّر هذا من (ك) كثيرًا في هذا الكتاب، وهو مُفرَّعٌ على أنَّ مفهوم العدَد ليس بحُجَّةٍ، ولكنَّ المرجَّح خلافه كما بينَّاه في "شرح الأَلفيَّة في الأُصول".

(خصلة)؛ أي: خَلَّة، بفتح أولها.

(عاهد)؛ أي: حالَفَ.

(غدر)؛ أي: تَرَك الوَفاءَ.

(فجر)؛ أي: مالَ عن الحقِّ، وقال الباطِل، أو: شقَّ سِتْر الديانة.

قال (ن): حصَل من الحديثين خمسُ خِصالٍ، وقال في "شرح مسلم":(إِذا عاهَدَ غَدَرَ) داخلٌ في: (إذا اؤتمن خانَ).

قال (ك): إذا اعتَبرنا ذلك رَجَعَتْ إلى الثلاث، لكنَّ الحقَّ أنَّها خمسةٌ باعتبار تغايُرها عُرفًا، أو تغايُر أوصافها ولَوازمها.

ووجْه الحصْر: أنَّ إِظْهار خلاف الباطِن في المالِ: (إذا اؤتُمن خانَ)، وفي غيره في حال كُدورةٍ فهو:(إذا خاصَمَ)، وفي الصَّفاء إنْ أَكَّده باليمين فهو:(عاهد)، أو لا فبالنظر للمُستقبل:(إذا وعدَ)، وللحال:(إذا حدَّث).

وقال (خ): النِّفاق الآن رِدَّةٌ؛ لأنَّه أحدثه بعد التوالُد على الإيمان

ص: 223