المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌34 - باب الزكاة من الإسلام وقوله: ({وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} [البينة: 5] - اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح - جـ ١

[شمس الدين البرماوي]

فهرس الكتاب

- ‌1 - كِتابُ بَدء الوحْي

- ‌باب كيف كان بَدْءُ الوَحْي إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَقَوْلُ الله جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163]

- ‌2 - كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌1 - بابُ الإِيمَانِ، وقوْلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسلَامُ عَلَى خَمْسٍ

- ‌2 - بابٌ دُعَاؤكُمْ إِيمَانُكُمْ (باب: دعاؤكم إيمانكم)

- ‌3 - بابُ أُمُورِ الإِيمَانِ

- ‌4 - بابٌ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

- ‌5 - بابٌ أيُّ الإِسْلَامِ أَفْضَلُ

- ‌6 - باب إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌7 - بابٌ مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبَّ لِنَفْسِهِ

- ‌8 - بابٌ حُبُّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ

- ‌9 - بابُ حَلَاوَةِ الإِيمَانِ

- ‌10 - بابٌ عَلَامَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنصَارِ

- ‌11 - بابٌ

- ‌12 - بابٌ مِنَ الدِّينِ الْفِرَارُ مِنَ الْفِتَنِ

- ‌13 - بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللهِ"، وَأَنَّ الْمَعْرِفَةَ فِعْلُ الْقَلْبِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225]

- ‌14 - بابٌ مَنْ كَرِهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌15 - بابُ تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ

- ‌16 - بابٌ الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌17 - بابٌ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]

- ‌18 - بابٌ مَنْ قَالَ: إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ الْعَمَلُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72]، وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93]، عَنْ قَوْلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات: 61]

- ‌19 - بابٌ إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِسْلَامُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل لِقَوْلهِ تَعَالَى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14]، فَإذَا كَانَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]

- ‌20 - بابٌ إِفْشَاء السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ

- ‌21 - بابُ كُفْرَانِ الْعَشِيرِ، وَكُفْرِ بعد كُفْرِ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌22 - بابٌ الْمَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيةِ، وَلَا يُكَفَّرُ صاحِبُهَا بارْتِكَابِهَا إِلَّا بالشِّرْك لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّة"، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]

- ‌22 / -م - بابٌ {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]، فسَمَّاهُمُ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌23 - بابٌ ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

- ‌24 - بابُ عَلَامَةِ المُنَافِقِ

- ‌25 - بابٌ قِيَامُ لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌26 - بابٌ الجِهَادُ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌27 - بابٌ تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌28 - بابٌ صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ

- ‌29 - بابٌ الدِّينُ يُسْرٌ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ

- ‌30 - بابٌ الصَّلَاةُ مِنَ الإِيمَانِ وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]؛ يَعْنِي: صَلَاتَكُمْ عِنْدَ البَيْتِ

- ‌31 - بابُ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ

- ‌32 - بابٌ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ

- ‌33 - بابُ زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13]، {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: 31]، وَقَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الكَمَالِ فَهُوَ نَاقِصٌ

- ‌34 - بابٌ الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ: ({وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]

- ‌35 - بابٌ اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌36 - بابُ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ

- ‌37 - بابُ سؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَنِ الإِيمَانِ، وَالإِسْلَامِ، وَالإِحْسَانِ، وَعِلْمِ السَّاعَةِ وَبَيَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ، ثُمَّ قَالَ: "جَاءَ جِبْرِيلُ عليه السلام يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ"، فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ دِينًا، وَمَا بيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ مِنَ الإيمَانِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]

- ‌38 - باب

- ‌39 - بابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ

- ‌40 - بابٌ أَدَاءُ الخُمُسِ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌41 - بابُ مَا جَاء أَنَّ الأَعمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالحِسْبَةِ، وَلِكُلِّ امرِئٍ مَا نَوَى

- ‌42 - بابُ قَوْلِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "الذين النَّصِيحَةُ، لِلهِ وَلِرَسولِهِ وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِم" وَقَوْلهِ تَعَالَى: {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91]

- ‌3 - كتاب العلم

- ‌1 - بابُ فَضْلِ العِلْمِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11]، وَقولهِ عز وجل: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]

- ‌2 - بابُ مَنْ سُئِلَ عِلْمًا وَهُوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ فَأَتَمَّ الحَدِيثَ ثم أَجَابَ السَّائِلَ

- ‌3 - بابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالعِلْمِ

- ‌4 - بابُ قَوْلِ المُحَدِّثِ: (حَدَّثَنَا) أوْ (أَخْبَرَنَا) و (أَنبأَنَا)

- ‌5 - بابُ طرح الإِمَامِ المَسْئَلَةَ عَلَى أصحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهم مِنَ العِلْمِ

- ‌6 - بابُ مَا جَاء فِي العِلْمِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} القِرَاءَةُ وَالعَرضُ عَلَى المُحَدِّثِ

- ‌7 - بابُ مَا يُذْكَرُ فِي المُنَاوَلَةِ، وَكِتَابِ أَهْلِ العِلْمِ بالعِلْمِ إِلَى البُلْدَانِ

- ‌8 - بابُ مَنْ قَعَدَ حَيْث ينتهي بِهِ المَجْلِسُ، وَمَنْ رَأَى فُرجَةً فِي الحلْقَةِ فَجَلسَ فِيها

- ‌9 - بابُ قَوْلِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "رُبَّ مُبَلغٍ أوْعَى مِنْ سَامِعٍ

- ‌10 - بابٌ العِلْمُ قَبْلَ القَوْلِ وَالعَمَلِ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ} [محمد: 19]

- ‌11 - بابُ مَا كانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهم بِالمَوْعِظَةِ وَالعِلْمِ كَيْ لَا يَنْفِرُوا

- ‌12 - بابُ مَنْ جَعَلَ لأَهْلِ العِلْمِ أَيَّامًا مَعلُومَةً

- ‌13 - بابٌ مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقّهْهُ فِي الدِّينِ

- ‌14 - بابُ الفَهْمِ فِي العِلْمِ

- ‌15 - بابُ الاِغْتِبَاطِ فِي العِلْمِ وَالحكمَةِ

- ‌16 - بابُ مَا ذُكرَ فِي ذَهابِ مُوسَى صَلى اللهُ عَلَيهِ فِي البحْرِ إِلَى الْخَضِرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]

- ‌17 - بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللهُمَّ عَلِّمْهُ الكتَابَ

- ‌18 - بابٌ مَتَى يَصح سَمَاعُ الصَّغيِر

- ‌19 - بابٌ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ

- ‌20 - بابُ فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلّمَ

- ‌21 - بابُ رَفْعِ العِلْمِ، وَظُهُورِ الجَهْلِ

- ‌22 - بابُ فَضْلِ العِلْمِ

- ‌23 - بابُ الفُتيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا

- ‌24 - بابُ مَنْ أَجَابَ الفُتيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّأْسِ

- ‌25 - بابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا الإِيمَانَ وَالعِلْمَ ويُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءهُمْ

- ‌26 - بابُ الرِّحْلَةِ فِي المَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ

- ‌27 - بابُ التَّنَاوُبِ فِي العِلْمِ

الفصل: ‌34 - باب الزكاة من الإسلام وقوله: ({وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} [البينة: 5]

بمعنى: مضحوك عليه، والثاني للفاعل كضُحَكة بمعنى: ضاحك، وهُمْزة، ولمُزْة، فالمعنى: إما مجموعٌ فيه الناس، أو جامعٌ لهم.

فإن قيل: عرفة غير منصرفٍ للعلمية والتأنيث، فلم لا كانت جمعة كذلك؟

قيل: لأن جمعة ليس علمًا بل صفةً أو غيرها.

ووجه مطابقة جواب عمر رضي الله عنه: - (قد عرَفناه

) إلى آخره: أنَّ النزول إذا كان بعرفة فقد يعقُبه عيدٌ، وإنما لم يجعل نفس عرفة عيدًا؛ لأنَّها نزلت بعد العصر ففات العِيْد، فلذلك قال الفُقهاء: رؤية الهلال بالنهار للَّيلة المستقبَلة.

قال (ن): أو إنا ما تركنا تعظيم زمان النُّزول، ولا مكانه، أما المكان فعرفات مكان مُعظم الحج، وأما الزمان فيوم الجمعة يوم عرفة، وقد اجتمع فيه فَضيلتان وشرَفان، ومعلومٌ تعظيمنا لكل منهما، فإذا اجتمعا زاد التعظيم فقد اتخذنا ذلك اليوم عيدًا وعظمنا مكانه.

قلتُ: المعنى: أنَّ الله تعالى قد فعَل ذلك كذلك، وإن كان سابقًا على نُزول الآية.

* * *

‌34 - بابٌ الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ: ({وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]

.

ص: 263

(باب الزكاة من الإسلام)، هما مبتدأٌ وخبرٌ، وما أورد فيه من الحديث، وإنْ كان فيه أن الصلاة والصيام كذلك لكن سبَق ما يدلُّ عليهما، وهذا هو الذي ورد فيه الزكاة؛ كما قاله التَّيْمِي.

(وقوله) يجوز رفعه كما سبق في نظيره.

(ألا ليعبدوا الله) استثناءٌ من مفعولٍ لأجله عامٍّ، أي: ما أُمروا لأجل شيءٍ إلا للعبادة.

(حنفاء) جمع حَنِيْف، وهو المائل عن الضلال إلى الهدى.

(ويقيموا) عطف خاصٍّ على عامِّ.

وفيه أن الصلاة والزكاة أفضل من سائر العبادات البدَنية والمالية.

(القيمة)؛ أي: المستقيمة؛ مثل: {أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} ؛ أي: مستقيمة؛ قاله الزَّمَخْشَري.

* * *

46 -

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَمعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، ثَائِرُ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتهِ، وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْألُ عَنِ الإسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ"، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: "لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ"، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"وَصِيَامُ رَمَضَانَ"، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: "لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ"، قَالَ: وَذَكَرَ

ص: 264

لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: "لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ"، قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ! لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أنقُصُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أفلَحَ إِنْ صَدَقَ".

(م د س).

وسنده مَدَنيُّون، وهو مسلسلٌ بالأقارب، فإنَّ إسماعيل هو ابن أبي أُويس، وهو ابن أخت مالك، وأبو سُهيل عمُّ مالك، وأبوه حَليف طلحة بن عبد الله.

(حدثني)؛ أي: حدَّثه وحدَه بخلاف قوله قبْله: (حدثنا).

(رجل)، قال (ط): هو ضِمام -بكسر المعجمة- ابن ثَعلبة من بني سعد بن بكْر، وتبِعه (ع)، وابن العرَبي، وابن المُنذِر، وابن باطِيْش، وآخرون.

قال (ن) في "شرح المهذب": وفيه نظرٌ.

وقال القُرطُبي في "المفهم"، ثم شيخُنا شيخ الإسلام البُلْقِيْني: الظاهر أنَّه غيرُه؛ لاختلاف السِّياقين.

(نجد) هو ما ارتفع من الأرض من تِهامة إلى العراق، وهو مذكَّرٌ.

(ثائر الرأس)؛ أي: مُنتفِش شعره منتشره، فالإسناد للرأْس إما لإطلاقه على الشَّعر؛ لأنَّه أصله كإطلاق السماء على المطر، أو للمبالغة بجعل الرأس كأنَّها المنتفِشة، أو على حذف مضافٍ، أي: شعر الرأْس

ص: 265

للقرينة العقلية، وهو بالرفع صفةٌ لـ (رجل)، وقيل: نصب على الحال، ولا تضرُّ إضافته؛ لأنَّها لفظيةٌ.

(نسمع) بنونٍ مفتوحةٍ، وكذا (نَفقَه) على الأشهر الأكثر فيهما، ويُروى بضم المُثنَّاة تحت على البناء للمفعول.

(دوي) بفتح الدال، وحكي ضمها: شدَّة الصوت وبُعده في الهواء، أي: شديدٌ لا يُفهم منه شيءٌ كدوي النَّحل.

(عن الإسلام)؛ أي: عن فرائضه بعد التوحيد، وتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك لم يذكر له الشهادتين لعلمه صلى الله عليه وسلم أنَّه لا يَسأل، ويحتمل أنَّه ذكرهما ولم يَسمع طلْحة لبُعده، أو لم ينقل ذلك لشهرته.

(إلا أن تطوع) بتشديد الطاء والواو، وأصله تتطوَّع بتاءين، فأُدغم، قيل: ويجوز تخفيف الطاء على حذف إحدى التاءين، وينبغي أن يكون المحذوف هو الأصلية؛ لأنَّ الزائدة جاءت بمعنًى.

وقد اختلف في هذا الاستثناء، فقال الشافعي رضي الله عنه وغيره: منقطعٌ، فلا يلزم إتمام التطوُّع، والتقدير: فالتطوع خيرٌ لك، وقدَّره الطَّيْبِي، وقال: إنَّه مثل: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56]، أي: لا يجب شيءٌ إلا أن تطوَّع، وقد علم أن التطوع ليس بموجَبٍ، فلا يجب شيءٌ آخَر أصلًا، ومَن أوجَب إتمامَ تطوع الصوم والصلاة قال: متصلٌ، أي: إلا إذا تطوَّعت، فالتطوُّع عليك يَلزمك إتمامُه؛ لقوله تعالى:{وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]، وبالقياس على الحج المتفَق على لزوم إتمامه، فعلى الأول يكون دليلًا

ص: 266

أن التهجد لا يلزم الأُمة بل نُسخ عنهم، وكذا عن النبي صلى الله عليه وسلم على المرجَّح، وعدَم وجوب الوتر والعيدين خلافًا لأبي حنيفة، وخلافًا لقول الإِصْطَخْري من أصحابنا: أنَّ صلاة العيدين فرض كفايةٍ.

(قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم) كأن الراوي نسِي تلك، أو التبسَ فاستدركَه.

ففيه: التحرِّي في مُراعاة المروي.

(أفلح)؛ أي: فازَ، أو ظفِرَ، قيل: الفوز أربعة: بقاءٌ بلا فناءٍ، وغنًى بلا فقرٍ، وعزٌّ بلا ذلٍّ، وعلم بلا جهلٍ، فلا كلمةَ أجمع منها.

قال (ن): قيل: فلاحه راجعٌ إلى قوله: (ولا أنقُص)، والمختار رجوعه له ولقوله:(ولا أزيد)؛ إذ ليس فيه أنَّه إذا أتى بزائدٍ لا يُفلح، يُعلم ذلك بالضرورة، لأنَّه إذا أفلح بالواجِب فلأَنْ يُفلح بزيادة الندب عليه أَولى.

قال (ك): أو يحمل على أنَّه حلَف على أنْ لا يزيد في الإبلاغ على ما سَمع، ولا ينقُص منه، أو: أنَّه مبالغة في التصديق والقَبول، أي: قلتُ ما قلته لا أزيد عليه من جهة السؤال ولا أنقُص منه من طريق القبول، أو أن هذا كان قبْل مشروعية شيءٍ آخر، أو:(لا أزيد عليه) تتغيَّر صفته؛ كأنَّه قال: لا أُصلي الظُّهر خمسًا، أو أن المراد: نحافظ على الفرائض وإنْ لم نفعل النوافل، أو: لا أزيد على شرائع الإسلام، وسيأتي في (الصيام) في حديثٍ ما يوضح المراد، فإنَّ فيه: (وأخبَره صلى الله عليه وسلم -

ص: 267

بشَرائع الإسلام)، فهذه ثمانية أجوبةٍ دفعتْ مفهوم الشَّرط في أنَّه إذا زادَ لا يُفلح.

ولقد حلَف وأقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قد أَنكَر على من حلَف: أنْ لا يفعل خيرًا، وأنَّه كيف قال: لا أزيد، وهو لم يذكر جميع الواجبات، ولا المنهيات، ولا المندوبات، ولم ينكره صلى الله عليه وسلم؟، بل قال: إنَّه أَفلَح.

واعلم أنَّه إنما لم يذكر الحج؛ لأنَّه لم يكن فُرض، أو أن الرجل سأله عن حاله، وهو ممن لم يجب الحجُّ عليه، أو أن هذا لتفاوُت الرواة حفْظًا أو نحوه، فإنَّ بعضهم لم يذكر الصوم، وبعضٌ الزّكاة، وبعضٌ ذكر صِلَة الرحم، وبعضٌ أداء الخمُس، وبالجملة فالقاعدة أن الزيادة يجب العمَل بها إلا أنْ تُغيِّر الباقي، فيقَع التعارُض.

(وأبيه) لا يُعارضه حديث: "إنَّ الله يَنهاكُم أنْ تحلِفُوا بآبائكم"، إما لأنَّه هنا ليس حلِفًا بل كلمةً جرتْ عادة العرب تحسينُ الكلام بها، وذاك من الحَلِف حقيقةً.

قال (ن): وفي الحديث أنَّه يُقال: (رمضان) من غير ذكْر (شهر)، فإنَّ المال ليس فيه حقٌّ سِوى الزّكاة.

قال (ط): وفيه أن الفرائض تُسمى إسلامًا، وفي قوله:(إنْ صدَق): أنَّه إن لم يصدُق في التزامها فليس بمفلحٍ، وهو خلاف قول المُرجئة.

* * *

ص: 268