الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بقايا النسل يقال له: أربكوون وقد تقدم ذكره في حرف الهمزة، فسلطنه، وأخذ له البيعة على الأمراء واستوسق له الأمر، فخرج عليهما علي باشا خال بوسعيد وابن بَيدو فانْفلّ الجمع، وقُتل أرباكوون والوزير في التاريخ المذكور.
محمد بن فضل الله بن أبي نصر
ابن أبي الرضا السديد المعروف بابن كاتب المرج.
قرأ النحو والأدب والأصول على نجم الدين بن الطوفي البغدادي الحنبلي بقوص، ثم قرأ التقريب على مؤلفه الشيخ العلامة أثير الدين، وتأدّب على تاج الدين أبي الفتح محمد بن الدّشناوي، والأمير مجير الدين عمر بن اللّمطي، وشرف الدين محمد النصيبي بقوص، وغيرهم.
أديب كامل، ولبيبٌ لأنواع اللطف شامل، كأنما خلق من نسمات السحر، أو تكوّن من شمائل أغيد إن نطق سلب، وإن رنا سحر. حسن الصورة، عليه ملامح الجمال مقصورة، مع فصاحة لسان وسماحة بنان، وحسن كتابة، وكثرة وقوع على الإصابة، وصدق لهجة، وسير سيرة سلك فيها أوضح محجة، ونظم ما للسراج معه إضاءة، ولا للجزار به لحاق، ولو قطع أعضاءه، ولا للبوصيري ولو صار في سكّر دانه
صيرا، ولا للنصير الحمّامي ولو كان ابن النقيب له نصيراً، وهيهات، هذا في علوّ ورفعة، يضيء وأين النجم ممن يحاوله.
ولم يزل في بلاد الصعيد يتنقل، ويقرع هضبات الولايات ويتوقّل، الى أن فُتح سدّ المنايا على ابن السّديد، وأصبح في الصعيد من تحت الصعيد.
وتوفي رحمه الله تعالى في
…
وتقلب في الولايات السلطانية، وهو في كلها محمود السيرة. وتولى وكالة بيت المال بقوص، وجلس بالورّاقين بقوص.
وقال الفاضل كمال الدين الأفودي: كان والده قد أعطى في سعة العطاء ما يعزّ الآن وجوده، فجازاه الله بما أسلف من خير، إسلام أبنائه أجمعين، وهداهم الى اتّباع سيد المرسلين، وانتقلوا من شريعة عيسى الى شريعة محمد المختار " وربُّك يخلقُ ما يشاءُ ويختار ".
وله مشاركة في النحو والأصول والحكمة والطب وغير ذلك، وجرى على مذهب أهل الآداب في أنهم يستجلون محاسن الشباب، ويستحلّون التشبب في الشراب ووصف الحباب. انتهى.
أنشدني من لفظه القاضي صدر الدين سليمان بن داود بن عبد الحق قال: أنشدني من لفظه القاضي سديد الدين ابن كاتب المسرج:
تحاول عيني جهدَها أن تراكمُ
…
وكيف وفيها للدموع تراكم؟
أيا جيرة الوادي ولم أدر طيبه
…
أمِن شجرات فيه أم شذاكم
فبالمسك مالي حاجة إن أتيتكم
…
ولا لكم إن طيبُ ذكري أتاكم
وما بي فقرٌ إن وقفت بأرضكم
…
لأن ثرائي وقفة في ثراكم
أسير إليكم والسقام مسايري
…
فإما حمامي دونكم أو حماكم
وإن فات تفديكم من السوء مهجتي
…
وما مهجتي حتى تكون فداكم؟
هويتكم والناس طرّا فما الذي
…
خُصصت به حتى ولاء هواكم
وفيم يعاديني الأنام عليكمُ
…
وكلهم أحبابكم لا عداكم
كفاني إليكم أن مالي وسيلة
…
ولو شئتم أن تحسنوا لكفاكم
وكان شبابي إن غضبتم تجنّباً
…
شفيعاً الى ما أرتضي من رضاكم
وكنت أظن الشيب ينهى عن الهوى
…
فلم ينهني عنكم، ولكن نهاكم
قلت: البيت الأول مأخوذ من قول شمس الدين محمد بن العفيف:
في دمع عيني تراكم
…
لعلها أن تراكم
وبه قال: أنشدني لنفسه:
وقالوا: لم صحبت شرار قوم
…
ولاموني ولومهم حماقهْ
وكيف أميّز الشرير منهم
…
ولم أعرفه إلا بالصداقه
قلت: أبو الطيب كان أحكم بقوله:
أخالط نفسَ المرء من قبل جسمه
…
وأعوفها من فعله والتكلم
وبه قال: أنشدني لنفسه:
ولي في الهوى العذريّ عذرٌ وإنما
…
عذار الذي أهواه لي فيه أعذارُ
أيحسن أن أسلو وخدّاه جنة
…
وقد كنت لا أسلوهما وهما نارُ
قلت: وقد لهج الناس بهذا المعنى كثيراً، ومن أحسن قوله وبه قال: أنشدني لنفسه:
أوصيكَ يا مُرتَحلاً
…
بقَلب مَن قَد ودّعَك
إن عاش أو ماتَ فلا
…
تُفِض عليه أدمُعَك
وارْدُدْه ليَ مُصَبّراً
…
فالقلبُ والصّبرُ معَك
ومن شعر ابن كاتب المَرج:
إذا حملتْ طيبَ الشّذا نسمةُ الصَّبا
…
فذاكَ سلامي والنّسيمُ فمِنْ رُسْلي
وإن طلعت شمسُ النهار ذكرتُكم
…
بصالحةٍ والشيُ يُذكرُ بالمثلِ
قلت يريد: طيب الشذا: سلامَه، والنسيم نفسه رسول، فلا يُتوهّم أن الاثنين واحد، والثاني والأول مأخوذ من قول:
إذا طلعت شمسُ النهار فسلّمي
…
فآيةُ تَسليمي عليكِ طلوعُها
وقوله: والشيء يذكر بالمثل أصلُ المَثَل: والشيخ بالشيء يُذكرُ. ولو قال: والمثلُ يُذكر بالمثل لكان أحسن.
ومنه:
أقولُ لجُنح الليل لا تَحكِ شعر مَن
…
هويت وهذا القولُ من جهتي نُصحُ
فقد رامَ ضوءُ الصّبحِ يَحكي جبينَه
…
مِراراً فما حاكاهُ وافتضحَ الصّبحُ
ومنه:
برقٌ بَدا من دار عَلوهْ
…
أو قلبُ صَبٍّ صار جذوه
فيها قلوبُ العاشقي
…
نَ تضرّمتْ صدّاً وجَفوه
إني اجتهدتُ فصرتُ في العُش
…
اقِ قُدوة كل قُدوه
لو أنّ قَيساً مُدركي
…
لمشى على نهجي وعُروه
لا عيشَ من بعدِ الصّبا
…
يَحلو سوى بجنون صَبوه
بمُهَفْهَف يسبي العقو
…
لَ كأنّ في جَفْنَيه قهوه
أبداً قضيبُ القدّ من
…
هـ يميلُ من لينٍ ونَشوه
قد أسْكَرَتْ رشَفاتُه
…
لكنها كالشّهدِ حُلوه
ومنه:
ورد الكاسَ فهي نارٌ إذا كا
…
نَ ولابدّ من دخول النارِ
وتحدّ الذين لم يردوها
…
بضُروبٍ من معجزاتِ الكبار
فاجْلُ في الليلِ من سَناها شموساً
…
وأدِرْ في النّهارِ منها الدَّراري
وأرِ الدّرّ مَن يغوصُ عليه
…
عائماً من حبابها في النّضارِ
إنما لذّةُ المُدامةِ مِلكٌ
…
لكَ فاشْرَبْ وما سواها عَواري
قلت: قوله: وأدِرْ في النهار منها الدّراري استعمل هذا المعنى مجير الدين بن تميم أحسن من هذا، ومن خطه نقلت:
أمولاي أشكو إليكَ الخُمّار
…
وما فعَلته كؤوسُ العُقار
وجَور السُّقاة التي لم تزل
…
تريني الكواكبَ وسطَ النهار
ومن شعر ابن كاتب المَرج:
لمَن أشتكي البرغوثَ يا قومِ إنه
…
أراق دمي ظُلماً وأرّق أجفاني
ومازال بي كالليث في وَثباته
…
الى أن رَماني كالقتيل وعرّاني
إذا هو آذاني صبرتُ تجلّداً
…
ويخرُج عقلي حين يدخلُ آذاني
قلت: ذكر أصحاب الخواص أن البرغوث إذا دخل في أذن أحد ووضع الإنسان يده على سرّته أو أصبعه في سرته وقال: سبقْتك فإن البرغوث يخرج منها.
وقال علاء الدين الوداعي في البَراغيث، ومن خطّه نقلتُ:
براغيثُنا فيهم جَراءَة
…
فبالأسرِ والقتل لا يَرجِعونا
كَثيرو الأساةِ مع أنهم
…
قليلاً من الليلِ ما يَهجَعونا
ونقلت من خطّه له مضمّناً:
براغيث تَسري في الظّلام كأنّها
…
حراميّة من بيضها يُسفكُ الدّمُ
قوارضُ تأتيني فيحتقرونها
…
وقد يملأ القَطرُ الإناءَ فيُفعَمُ
ونقلتُ منه أيضاً له:
براغيث فيها كثرة فكأنها
…
علينا من الآكامِ يحتفرونها
تقولون لي صِفْها فقلتُ أُعينكم
…
قوارض تأتيني فيحتقرونها
وما أحسن قول الصّاحب جمال الدين بن مطروح:
رُبّ برغوث ليلة بتُّ منه
…
وفؤادي في قبضة التسعين
أمكنتْ قبضة الثّلاثين منه
…
فسقتُه الحِمامَ في سبعين
وقال آخر:
للبراغيث صارَ جسمي مَقيلاً
…
ففؤادي من شرّهم في عَذاب
طفَح السُّكر والشّراب عليهم
…
فتقايَوا دَمي على أثوابي
ومن شعر ابن كاتب المرج:
أما وطيب عشيّات وأسحارِ
…
من بعدِها أفَلَتْ شمسي وأقماري
بها أذكّرُ دهري كي يَجودَ بها
…
فلا يَجودُ ولا يأتي بأعذار
لو أن تلك من الأيّام عُدْتُ بها
…
أو الليالي ولم تَحْتجْ لتِذْكارِ
لله ليلاتها البيض القِصار فكم
…
سطَوتُ منها على دهري ببتّار
أنكرتُ إفْشاءَ سرٍّ كنتُ أكتُمُه
…
فيها ولكنني أنكرتُ إنكاري
يا للعجائب ليل ما هجَعْتُ به
…
لنوره كيفَ تُخفى فيه أسراري
إن الضنى عن جميعِ الناس ميّزني
…
فكان علّة إخفائي وإظهاري
فلا تقولوا إذا اسْتبطأتُم خَبَري
…
أما النّسيمُ عليه سائر ساري
فلو يمرُّ نسيمٌ بي لَسارَ الى
…
مغناكُم بي كما يَسْري بإخباري
ومن نظم ابن كاتب المَرج موشح كتب به الى كما الدين الأدفوي:
لي مَربعٌ قد خلامن أهله في السَّبْسَبعمران
فإنْ يكُن أمَحَلافمَدْمَعي كالسّحبهتّانُ
سَرَوا فَطابَ النّسيمْ
…
وكل وادٍ عاطرُ
ولي فؤادٌ يَهيمْ
…
بالعِشْقِ وهو شاعِرُ
حكَوْ ظِباءَ الصّريمْ
…
لو صِيد منهم نافرُ
حذِرتُ أن لا يريمْ
…
فَرامَ ما أُحاذرُ
فإن سرى في بَهيمْ
…
ليل فبدرٌ سافرُ
وإن يَسْرِ عَجِلافالظّبي عند الهربعجلان
أو حلّ وسط الفلافقومه من عَربٍغزلان
يقول خلِّ انطِلاقْ
…
الدّمع قَصد السُمعةِ
فما لأهلِ النِّفاقْ
…
ووجنةٍ كالجنّةِ
فقلتُ دمعٌ يُراقْ
…
هل ردُّهُ في الحيلةِ
كُلِّفْتُ ما لا يُطاقْ
…
في شرعةِ المحبّةِ
ولا وعدتُ العناق
…
وقهوة الرّيق التي
من حاسديها الطّلاوحسن نظم الحَبَبِخَجْلان
لا لَغوَ فيها ولايحرسُها من شَنبرضوان
ليست كراحٍ يُطافْ
…
بها حَراماً لا حلال
تدقّ عند اختِطافْ
…
عُقولَ قومٍ كالجبالِ
كم أمّنتْ من يخاف
…
إما بحقٍ أو مُحال
وهوّنتْ من تَلافِ
…
عرضٍ ودينٍ بعدَ مالِ
فدَعْ كؤوسَ السُلاف
…
واستَجْلِ أوصافَ الكمال
فإنما يُجتلىعلى الكِرام النُجُبِإحسان
مَن عنده بالغَلايُستعبَد الحرّ الأبيإيمان
أثنَت عليه العِدا
…
وعدّدت مآثرَه
مَركز بذلِ الجدى
…
ومَن سِواهُ الدائره
بلا حُروف النّدا
…
لبّت لَهاهُ الغامره
أسلفَ كلاً يَدا
…
حتى السّحابَ الهامرَه
وقد مَلا بالنّدا
…
كلَّ بقاع القاهره
حتى رأينا المَلالفَضله والأدبقد دانوا
إذ هم رعايا العُلاوجعفَر بنُ تَغلبسلطان
منه يُفادُ الكلامْ
…
فما يقولُ الناظمْ
في العلم حَبْر إمام
…
وفي السّخاءِ حاتِمْ
فيا أبا الفضلِ دامْ
…
لي ببقاكَ العالمْ
فأنت عينُ الأنامْ
…
يَقْظى وكلٌ نائم
بك الجدودُ الكِرامْ
…
تسرُّ حتى آدم
أنت لمن قَد تَلاعلى صميم النسبعنوان
يا آخِراً وأولاًكأنه في الكتبِقُرآن
وغادةٌ تنجلي
…
فينجلي القلب الحزينْ
بها تُحلّى الحُلي
…
ويُسحَر السحر المبينْ
قلت لها والخلي
…
لم يَدرِ ما الدّاءُ الدّفينْ
بالله مَنْ ينطلي
…
عليك أو تألَفينْ
ابنَ علي بَعلي
…
قالت نعم يا مُسلمين
لولا عليَّ انطَلاتركتُ أمي وأبيمن شانو
كفاية الله البلايَبيت سوى ذا الصبيفي أحضانو
ومن موشحاته أيضاً: