الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاحبس سيولك إن ال
…
بيوت هذي الخيام
مصرٌ بها قد تحلّت
…
كما تحلى الشآم
عنها يقصر قسٌ
…
والسالفون الكرام
أمثالها سائرات
…
وما لهن مقام
بدورها طالعاتٌ
…
لها التمام لزام
وفي العشيّ أتتني
…
منها وجوه وسام
تُعزى الى العُرْب لما
…
يُرعى لديها الذمام
لها العيون عيونٌ
…
والنون فيها لثام
فكنّ خير سمير
…
حتى تجلّى الظلام
وكلما دار دورٌ
…
من خمرها حاء جام
هذا جواب جوابٍ
…
قد كلّ منه الكلام
فاستر له كل عاب
…
إذ أنت فينا إمام
محمد بن محمد بن عبد الله بن صغير
ناصر الدين، الطبيب المصري.
قرأ الطب والحكمة على والده، والأدب على الشيخ علاء الدين القونوي.
كان فيه ظرف الأدباء، ولطف الحكماء، وخلاعة أهل مصر، وبضاعة تنفق عند أهل كل عصر، لا يطبّ إلا أصحابه، أو بيتَ السلطان وأربابه. وهو من بيت كلهم أطباء، وفضلاء ألبّاء.
وكان ظريف العشرة، دمث الأخلاق، ولا ينصبُّ إلا الى المجون وفيه يَشره، وكان يلعب بالعود لأناس يختص بهم، ويتوفر على قربهم.
ولم يزل على حاله الى أن لم تجد حيلة البرء فيه خيلة، وراح والأبصار على فقده كليلة.
وتوفي رحمه الله تعالى في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وسبع مئة في طاعون مصر.
وسألته عن مولده فقال لي: في سنة إحدى وتسعين وست مئة.
وكان من أطباء السلطان، وتوجه معه الى الحجاز في سنة اثنتين وثلاثين وسبع مئة.
وحضر من القاهرة الى دمشق متوجهاً على البريد لمداواة الأمير علاء الدين ألطنبغا المارداني نائب حلب فما لحقه إلا وقد تمكّن منه المرض، فعاد ناصر الدين المذكور الى دمشق وقد تغيّر مزاجه من حماة. فأقام في دمشق يمرّض في مدرسة الدنيسري قريباً من خمسين يوماً.
وكان رحمه الله تعالى رزقه قليل، لمتُه يوماً وقلت له: يا مولى ناصر الدين، لو جلست في دكان عطار وعالجت الناس لدخلك كل يوم أربعون خمسون درهماً. فقال: يا مولانا هؤلاء نساء القاهرة إن لم يكن الطبيب يهودياً شيخاً مائل الرقبة، سائل اللعاب وإلا فما لهنّ إقبال عليه.
قلت: يريد بذلك السديد الدمياطي لأنه بهذه الصفة.
أخبرني من لفظه القاضي الفاضل فخر الدين عبد الوهاب كاتبُ الدرج، قال: دخل يوماً ناصر الدين بن صغير الى الطهارة، فعلم برجله شيء من القاذورات، فكتبت إليه والشيء بالشيء يذكر: توجه سيدي بالأمس مخضّب القدم من هَيولاه، ذا مّا من محله المعمور لما منه يولاه، وما كان في حقه في أمسه تكدير نفسه، ولكل شيء آفة من جنسه، هذه مسألة علكها أكبر لحيين، واشتغل بها اشتغال ذات النحيين، وأظنه قبل قدمه، فخرج على تلك الصورة أو بعض أجزائه، خلع صورة ولبس صورة:
فتى غير محجوب الندى عن صديقه
…
ولا يُظهر الشكوى إذا النّعل زلّت
على أنه أكثر منه محافظة ووداً، وأرعى ذمة وعهداً. كم أحرقته نار وجد من أوطانه وأزعجته من مكانه، وهو لا يضمر إلا حباً، ولا يطلب منك إلا قرباً:
لا شك إذ لونكما واحد
…
أنكما من طينةٍ واحده
وأخبرني قال: كتبت إليه ونحن بسرياقوس في أيام الطاعون بمصر:
أظن الناس بالآثام باؤوا
…
وكان جزاؤهم هذا الوباء
أسيّد من له قانون علم
…
بحيلة برئه يرجى الشفاء
أآجال الورى متقاربات
…
بهذا الفضل أم فسد الهواء