الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحدث بصحيح مسلم وموطأ مالك رواية أبي مصعب عن ابن البرهان.
وكان معروفاً بالكفاءة والخبرة، وخدم في عدة جهات، وكان كثير التلاوة.
توفي رحمه الله تعالى في سابع شعبان سنة خمس وعشرين وسبع مائة.
ومولده سنة ثمان وأربعين وست مئة.
محمد بن عمر
بن عبد العزيز
ابن
…
الصدر النبيل الرئيس قاضي القضاة ناصر الدين ابن قاضي القضاة كمال الدين ابن قاضي القضاة عز الدين بن العديم الحنفي.
كان أولاً بحماة قاضي القضاة، ثم إنه نقل الى حلب، وتولى حماة في شعبان سنة إحدى عشرة وسبع مئة عوضاً عن جدّه.
وكان صدراً واسع الصدر، ورئيساً يجلس من سيادته في هالة البدر، قد وسع الناس بإحسانه، وملك قلوبهم بلسانه، يخدم الأكابر والأصاغر، ولا يزال فوه بالشكر لهم يُرى وهو فاغر، يكارم الزائرين بأنواع القماش والحلوى، ويغدق
عليهم، فلا يرون لمنّه سلوى، وطالت مدّته في حلب، وساق إليه كل شاعر نفائس أمداحه وجلب.
ولم يزل على حاله الى أن دخل ابن العديم في العدم، وانهدّ طَوْد حياته وانهدم.
وتوفي رحمه الله تعالى في العشر الأول من شوال سنة اثنتين وخمسين وسبع مئة.
ومولده سنة تسع وثمانين وست مئة.
وكان قد طلب الى مصر ليجعل بها قاضي القضاة عندما أُخرج القاضي حسام الدين الغوري، فوصل الى دمشق، ثم إنه جاء المرسوم بعوده الى حلب على حاله.
وحدّث عن الأبرقوهي وغيره.
وكتب إليه شهاب الدين أحمد بن المهاجر الوادي آشي الحنفي، ومن خطه نقلت:
فذاك قاضي القضاة عبدُ
…
قريضُه مثله رقيقُ
يكابدُ البرد في قماش
…
أشبهه ببيته العتيقُ
له إذا ما الرياح هبّت
…
عطف كغصن النقا رشيقُ
غزا ابن ماء السماء منه
…
نضواً سوى السلم لا يطيق
ليس يرد الشتاء عنه
…
بيتٌ مع القبح فيه ضيق
والصبر مع أنه بعيدُ
…
قد سُدّ من دونه الطريق
فانظر إليه بعين مولّى
…
من غُرّ أوصافه الشفيق
واعطف عليه فأنت فرع
…
من دوحةِ غُصنُها وريق
لا زلت ما عشت في نعيم
…
أنت بإنعامه حقيق
مجمّلاً مذهباً أتانا
…
منك لنُعْمانه شقيق
محمد بن عمر
الأمير ناصر الدين ابن الأمير ركن الدين البُتْخاصي الصفدي.
كان أميراً بطبلخاناه في الديار المصرية، وله مكارم ومروءة، وفي طباعه حرية. يخدم أصحابه، ويعرف حق من لازم بابه، يخدم الوُرّاد، ويكرم الرّواد، ويتجمل بين الناس، ويُرضي من يُقدم عليه، ويبسط له الإيناس. تنقل في الممالك، وصرّفه الدهر بين صُبحه النيّر، ودُجاه الحالك، وقبض وسجن وامتلأ قلب الدهر عليه وشحن، وهو صابرٌ للأقدار فيما تنوبه، عالمٌ أن الزمان لا تدوم حروبه.
ولم يزل بالديار المصرية في آخر أمره، الى أن انصرمت مدّة عمره.
وتوفي رحمه الله تعالى بالديار المصرية، وجاء الخبر بوفاته الى دمشق في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وسبع مئة، وعمره ما يقارب الخمسين سنة.
كان الأمير ناصر الدين قد نشأ بصفد في حياة والده وكان والده ركن الدين يتصرف في المباشرات السلطانية من الولايات والشد وغير ذلك، وكان من أعيان أهل صفد، وفي آخر عمره ولي الحجبة الصغرى بصفد بإمرة عشرة، فلما خرج الأمير ركن الدين بيبرس الأحمدي نائب صفد هارباً منها طالباً دمشق تبعه عسكرها وركن الدين معهم، فناوشوهم القتال، فجاءته طعنة حمل منها الى صفد، ومات بها. وتقلّبت
الأيام بولده هذا الأمير ناصر الدين، وترقى الى أن تولى الحجبة بصفد، ثم إنه أُمسك واعتقل بإسكندرية، في واقعة بيبغاروس لما كان صحبة الأمير علاء الدين الطنبغا برناق نائب صفد، ثم إنه أفرج عنه، وأخرج الى طرابلس، ثم طُلب الى مصر، وجُعل حاجباً صغيراً بحلب، وفوض إليه الأمير سيف الدين شيخو نيابة ديوانه بحلب، فاجتهد في خدمته، وعمّر الخان المليح والحمّام بجبّ السقّايين بين المعرة وحماة، ثم أضيف إليه شد الخاص وشد الأوقاف بحلب.
ثم إنه رسم له بإمرة الحجبة الكبرى عوضاً عن الأمير ناصر الدين بن شهري، وأقام على ذلك الى أن طُلب الى مصر صحبة علاء الدين علي البشيري، فأعطاه السلطان بمصر إمرة طبلخاناه، وجعله مشدّاً في العمائر السلطانية بالقاهرة، ثم إنه جهّزه في سنة إحدى وستين وسبع مئة الى منفلوط لقبض مغلها، فقبضه وعاد الى القاهرة على شد العمائر.
ثم إنه مرض مرضة طويلة في ذلك الوباء العام، ووصل الخبر الى دمشق بموته رحمه الله تعالى.
وكان رحمه الله بارّاً بوالدته وإخوته وأخواته، عفيفاً أميناً في مباشراته، عارفاً درباً بما يتحدث فيه، فيه كرم ومروءة زائدة.