الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تذكّر عزيز ليالينا
…
وأُنسا نعاطي على الفرقدينْ
ونحن ندبّر في مُلكنا
…
ونُعطى النُضار بكلتا اليدينْ
وقد طلب الصُلح منا اللعي
…
ن فما فاز إلا بخفّي حُنين
إذا ما تُكاثر إرساله
…
يكون الجوابُ شبا المرهفين
فلمْ لا تشمّر عن ساعدٍ
…
وتضرب بالسيف في المغربين
وقد خدمتنا ملوك الزما
…
ن وقد قصدتْنا من العدوتين
فنسأل من ربّنا عونَهُ
…
على ما نوينا من الجانبين
ومما ذكر عنه قوله:
أيا ربة الحسن التذي أذهبت نُسكي
…
على كل حال أنت لابدّ لي منكِ
فإما بذُلٍ وهو أليقُ بالهوى
…
وإما بعزّ وهو أليقُ بالملكِ
انتهى.
قلت: وقد نظمت جوابه كأني حاضره في وزنه ورويّه:
متى لاق بالعُشاق عزٌ وسطوة
…
كأنك من ذُل المحبة في شكِّ
تلقَ الهوى مع ما ملكتَ بذلّة
…
لتُنظم مع أهل المحبة في سِلكِ
ولكنه ظرّف في كونه قدّم لفظ الذل على العز.
محمد بن محمد بن محمد
ابن محمد بن عبد القادر، الإمام المفتي المدرّس ناصر الدين بن الصايغ الدمشقي.
كان من أعيان الفقهاء وسمع كثيراً ونظر في الرجال، وعني بالمتون، وسمع من
القاضي، والمطعّم، وعدة. وكتب عن شيخنا الذهبي. وقال شيخنا عنه: له عبادة وإنابة وتسنّن.
وتوفي رحمه الله تعالى في طاعون دمشق سنة تسع وأربعين وسبع مئة.
ومولده سنة سبع وسبع مئة.
كان مدرّس العمادية.
محمد بن محمد بن محمد
الشيخ الفقيه القاضي فخر الدين أبو عبد الله الشافعي المعروف بابن الصقلّي.
ناب في الحكم بالحكر ظاهر القاهرة الى حين وفاته، وصنّف كتاب التنجيز في تصحيح التعجيز وولي قضاء دمياط.
توفي رحمه الله تعالى في أواخر ذي القعدة سنة سبع وعشرين وسبع مئة، وقد قارب السبعين.
محمد بن محمد بن محمد
ابن خليفة بن نصر الله القاضي الرئيس الفاضل الكاتب أمين الدين ابن القاضي نجيب الدين بن القاضي كمال الدين بن النحاس.
أتقن القلمين إنشاءً وحساباً، وتجاوز غاية الفنين، فإذا دعاهما أجابا، وكان فيه رئاسة تشرّبها قلبه قديماً، وصحب الناس على اختلاف حالتيه خادماً وخديماً.
ولما كان في ديوان الأمير سيف الدين تنكز رأى من العز والوجاهة والصدارة والنباهة ما فاق به أبناء جنسه، وجنى ثمر غرسه، ونفخ في ضرم الكرم، وأبقى من الثناء ما لا انصرف ذكره ولا انصرم. ثم إن الدهر قلب له المجنّ، وأسدف ليلُ خموله وجنّ، وانحرف عليه مخدومه، وغابت من إقباله نجومه، ثم إنه حنّ عليه بعض حنوّ وأسمى قدره بعض سمو.
ولم يزل في عمالة الخزانة معروفاً بالضبط والأمانة الى أن نحّى النحاس عن الحياة أجلُه، ولم ينفعه ريثه ولا عجله.
وتوفي رحمه الله تعالى فجأة يوم الخميس سابع شهر رجب الفرد سنة سبع وخمسين وسبع مئة.
ومولده في غالب الظن في سنة إحدى وثمانين.
بات ليلة الخميس وأصبح بكرة نهاره، فحكى لبعض أصحابه، قال: رأيت في بارحتي كأني دخلت الحمام ومتّ، وفي البارحة الأولى رأيت مثل ذلك، ثم إنه اشترى لأهله حلوى، لأنه كان ليلة الرغائب، وجهّزها مع أهله الى تربة ولده بالمزة، وقال: أنا العصر عندكم، ثم إنه دخل الحمام وخرج منه، فمات فجأة، وما أذّن العصر إلا وهو عند أهله كما قال، ولكن على النعش.
وكان أول أمره قد توجه مع الأمير سيف الدين طقطاي الجمدار الى نيابة الكرك، ثم إنه عاد واستخدمه الأمير سيف الدين تنكز رحمه الله تعالى صاحب ديوانه عوضاً عن القاضي محيي الدين، فصال وجال، وكان له ذكر في دمشق وصيت وسمعة الى أن تغيّر عليه بعد مدة فعزله، وأخذ منه بعض شيء، واستمر في إحدى وظيفتيه
بديوان الإنشاء، ثم إنه بعد مُدَيدة لزم بيته، وأقام على ذلك مدة. ثم إنه حنّ عليه واستخدمه في نظر دار الطراز، فباشرها مدة، ثم إنه تناقل هو وابن السابق من عمالة الخزانة الى نظر دار الطراز، فاستمر أمين الدين في عمالة الخزانة بقلعة دمشق الى أن توفي رحمه الله تعالى.
ولما كان الأمير علاء الدين الطنبغا بدمشق تحدث له القاضي شهاب الدين بن فضل الله في أن يكون في جملة كتّاب الإنشاء، فرسم له بذلك، وكتب بذلك توقيعه، وعلّم عليه، وطُلب ليباشر فاستعفى من ذلك.
وكان له نظم ونثر لا بأس بهما، من ذلك ما نظمه وكتبه على حسن التوسّل وهو:
فأدركته منها بحسن التوسل
ونقلت من خطه صورة قصة كتبها على لسان قلعة الكرك تسأل أن يكون بها موقّعاً وهي: المملوكة المُملكة الكركية الشاكي على لسان حالها أكبر مصيبة وأعظم لية:
تقبل الأرض لدى مالك
…
ساس الأقاليم برأي مصيب
وتشتكي جورَ الزمان الذي
…
قد خصها دون الورى بالصليب
وتنهي أنها من أعز الممالك وأصعب المسالك، قلعتها منيعة، وهضبتها رفيعة، وبقعتها وسيعة، وذروتها باسقة وقُلتها شاهقة، وقد اتخذت لها الغمام لثاماً، وزرقة السماء وشاماً، يكاد ساكنها يردُ من المجرة نهرها ويجالس من النجوم زهرها، وهي دار السلطنة الشريفة، ومحلّ الأرمن من الخيفة، قد جمعت بين قرب الأرض المقدسة والشام ومجاورة الأنبياء والبلد الحرام، ومع ذلك كله لسان إنشائها أقلف، وقلم توقيعها من الحجارة أجلف، ووليّه نصراني الدين، وفي ذلك إجحاف بالإسلام والمسلمين، وكانت صابرة على البلوى ومحتسبة عند الله ما تقاسيه من هذه الشكوى، لعدم من تنهي إليه حالها وتبث مقالها، الى أن أعزها الله بعز الدين، ومنحها منه بالرأي الصائب والفتح المبين:
أمير له حزم وعزم وفطنة
…
ورأي يجيد العقد والحل صائبه
تردّى بثوب العدل والباس والندى
…
كما قال من قد أحكمته تجاربه:
بصير بأعقاب الأمور كأنما
…
تغازله من كل أمر عواقبه
فلما حل ساحتها، وأعاد لها بعد التعب راحتها، وأزال عنها كل بوس وأضحك وجوه أملها العبوس، حضر لديه منشئ هذه القصة ومزيل - إن شاء الله - هذه الغصة عبد الأبواب الشريفة محمد بن محمد بن خليفة ممن غذي بالإسلام، ونسب الى أنصار النبي عليه السلام، وهي تسأل توليته ديوان إنشائها، وإن لم يكن لذلك أهلاً، لكنه أحق من هذا الأقلف وأولى، لتكون المملوكة في ذلك كمن اتخذ سداداً من عوز أو تقلّد لعدم الدرّ الخرز:
فإن اقتضت آراءُ مولى قد سما
…
بمفاخر ومآثر وبسؤدد
أن يسعف الشاكي إليه برأفه
…
تدنيه من آماله والمقصد
فليصرفن هذا اللعين ويغتنم
…
إبدالَه لي بطْرُساً بمحمد
ويشرف هذا القلم الذي لا يبارى، وليعمل بقوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى " ويسلك هذه الصناعة أحسن مسلك، معتمداً على قوله عز وجل:" ولَعَبدٌ مؤمنٌ خيرٌ من مشرك " وينزهها من ذلك كأمثالها من الحصون، آخذاً بقوله حلّ اسمه:" لا تجدُ قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّونِ ".
وقد أرسلت المملوكة هذه القصة والسيل بالغ الزبا وخفيف بلله قد عمّ أعالي الربا، فإن أُجيبت فاللوم عداكم، وإلا أنشدت: فعلى علاكم أنهت ذلك إن شاء الله تعالى.
وكنت قد كتبت له توقيعاً بنظر دار الطراز ثالث عشري صفر سنة اثنتين وثلاثين وسبع مئة، وهو:
رسم بالأمر العالي - لا زال يصطفي من كان أميناً ويكتفي بمن تتقلد الأيام من محاسنه عقداً ثميناً، ويحتفي بمن يصبح نور كفايته على مرّ الليالي مُبيناً - أن يرتب المجلس السامي القضائي في كذا.. ركوناً الى كفايته التي يزيد جمالها ويزين،
ويعيد جلالها ويعين، ويبيد كل فضل سواها ويبين، ويستحق بمكانتها أن يقال له " إنك اليوم لدينا مكينٌ أمين " إذ هو الخبير الذي إذا قام في أمر سدّه، وتمنى بدرُ التمام لو نال بعض كماله ووده، والفاضل الذي مر الزمان على محاسنه وهي لا تزيد إلا جدّة وجدة، وأعيا تعدادُ فضله أنامل الحُسّاب فما أمسكوا إلا على عدة وعدة، والكاتب الذي وشّى المهارق، عوّذ قلمه وطرسه بالقضيب والبُردة، ورقم ابن مقلة تحت رقم خطه، وشهدت له بالحلاوة شهده، والبليغ الذي إذا قال قال الذي عنده، وأعجلت رويّته القلم فلم تدعه يبلغ ريقه ولا يستريح في مدة مدّه.
فليباشر ذلك مباشرة هي في كفالة معرفته وكفاية خبرته ناظراً فيما يوشي ويوشع، ويلم شمل الحسن في رقمه ويُلمع، متطلباً أعمال الصناعة بإتقانها، وإقامة الحجة في النظر على صحة رقمهم بأدلتها وبرهانها، متطلعاً الى ضبط ما يصرف، وعرفان ما يمكن أن يتوصل الى كيفية إحسانه وكمية أوزانه ويعرف، حتى تكون هذه المباشرة حقيقةً في صحة النظر دون مجازه، وينسى ابن سناء الملك لمحاسنها طراز داره ودار طرازه، فإنه من هذه الوظيفة المباركة قد تسوّغ العذب النّمير، وفُوّض إليه النظر في جمال المأمور والأمير وزينة الكبير، ولا حظّ فيها للصغير، فيقال: والصغير، ينعم نظره منها في نعيم وملك كبير، ويتفاءل منها بسعادة الآخرة فإنه بها في الدنيا في جنة وحرير.
وتقوى الله ملاكُ الأمور فليكن طراز بروده وواسطة عقوده المتحلي بها في صعود سعوده، وليقابل هذه النعمة بشكر يوجب مزيد الخير المستمر والحمد لله الذي