الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المهمّة، والوصايا التي إذا راعاها الإنسان لم يكن أمره عليه غُمّة، فليجعلها لعينه نصباً ولقربه من الله قُربى.
والله تعالى يُديم صونه، ويجدد في كل حال عونه.
والخط الشريف أعلاه الله تعالى أعلاه، حجة في ثبوت العمل بما اقتضاه، والله الموفّق بمنّه وكرمه إن شاء الله تعالى.
يوسف بن أبي البيان
رشيد الدين مقابل الاستيفاء بصفد.
كان شيخاً قديم الهجرة، وكان يهودياً أولاً، وخدم عند أرجواش، ثم عند التلاوي، وأسلم اختياراً من غير إكراه، لأنه كان يجتمع بالشيخ تقي الدين بن تيمية، والشيخ صدر الدين بن الوكيل.
وكان شيخاً وادعاً لا شرّ فيه، يحتمل الأذى ولا يكافي عليه، قال: قال لي يوماً الشيخ تقي الدين بن تيمية: يا رشيد، قال ابن حزم: أول كذبة كذبها بنو إسرائيل أنهم زعموا أنهم دخلوا الى مصر في زمن يوسف الصديق، وهم اثنان وسبعون نفساً، وخرجوا منها مع موسى لما فروا من فرعون ست مئة ألف، قال: وكنت إذ ذاك يهودياً، فقلت له: يا سيدي هذا ابن حزم كان نبياً؟ فقال: لا. قلت: ولا كان من الصحابة؟ قال: لا. قال: ولا من آل بيت النبي؟ قال: لا. قلت: هذا ابن حزم ما كان يعرف اثنين واثنين أربعة؟ فقال: لأي شيء؟ قلت: ما يعلم مولانا أن قطعة الشطرنج أربعة وستون بيتاً، وإذا وضعت في الأول عدداً واحداً وفي الثاني
اثنين وفي الثالث أربعة وفي الرابع ثمانية وهلمّ جراً، هكذا تضاعف العدد في كل بيت فبلغ العدد أخيراً ثمانية عشر ألفاً ست مرات، وأربع مئة وستة وأربعين ألفاً، خمس مرات، وسبع مئة وأربعة وأربعين ألفاً أربع مرات، وثلاثة وسبعين ألفاً ثلاث مرات، وسبع مئة وتسعة آلاف مرتين، وخمس مئة واحداً وخمسين ألفاً وست مئة وخمسة عشر عدداً، ومع ذلك فبنو إسرائيل إنما عدّوا الرجال، وأما النساء والصبيان والأشياخ الذين هرموا فلم يذكرونهم. فقلت له: إنا يا مولى رشيد الدين: قوم يخرجون في عدة ألف ألف نفس على القليل هاربين على وجوههم من فرعون، على ماذا حملوا زادهم؟ وأي ماءٍ إذا نزلوا عليه كفاهم، هذا بعيد من العادة. فلم يحر جواباً. فقلت له: أنا أتبرع لك بالجواب، وهو أنهم كان معهم موسى صلوات الله عليه، وبيده العصا التي يضرب بها الحجر فينفجر منه اثنتا عشرة عيناً، وعناية الله تعالى بهم تحملهم وتعينهم على ما يحتاجون إليه من كل شيء، وعلى الجملة فالذي استبعده ابن حزم لا ينكر، لأن هذا عدد كثير على ما يزعمونه.
وكان هذا رشيد الدين يحفظ كثيراً من ديوان العفيف التلمساني، وأظنه رآه واجتمع به، وكان بيني وبينه صحبة ومودة.
ولما توفي - رحمه الله تعالى - بصفد في ثالث عشري شهر رجب الفرد سنة إحدى وأربعين وسبع مئة، وكان قد عدّى الثمانين. حكى لي قال: رأيت في النوم كأنني قد أكلت اثنين وثمانين مثقالاً من الدرياق، والأطباء يقولون: إن كل مثقال لسنة، فلعلي أعيش هذا العدد، فعدّى الثمانين، وربما تجاوز عدد المثاقيل، وكان شيخاً طوالاً، ولم يتزوج عمره.