الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ تقي الدين بن تيمية الى بيته، وقوّى عزمه، ولامه، فأجاب بشرط أن لا يركب بغلة، ولا يأتي موكباً، فأجيب، وكانت قراءة تقليده، سادس عشر صفر سنة ست عشرة وسبع مئة.
وكان ينزل من الصالحية الى الجوزية ماشياً، وربما ركب حمار مكار، وكان مئزره سجادته، ودواة الحكم زجاجة، واتخذ فرجية مقتصدة من صوف، وكبّر العمامة قليلاً، ونهض بأعباء الحكم بعلم وقوة، وعمّر الأوقاف، وحاسب العمال، وحكم إحدى عشرة سنة، وشهد له أهل العلم والدين أنه من قضاة العدل.
وحجّ مرات، وانتصر لابن تيمية، فحصل له أذى، فتألم وكظم، وسار للحج بنيّة المجاورة فمرض من العلا، ولما وصل المدينة تحامل حتى وقف مسلّماً على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أدخل الى منزل، فلما كان في السحر توفي رحمه الله تعالى ودفن بالبقيع.
محمد بن مصطفى بن زكريا
ابن خواجا بن حسن، فخر الدين التركي الصُلغري، بالصاد المهملة واللام الساكنة والغين المعجمة، وبعدها راء، الدوركي، بالدال المهملة والواو الساكنة والراء والكاف، وصُلْغر: فخذٌ من الترك، ودورك: بلد من الروم.
كان شيخاً فاضلاً في الأدب، وممن ينسل إليه من كل حدب، فقيهاً في مذهب أبي حنيفة، نبيهاً وهمته في الرتب منيفة، نظم القدوري في الفقه نظماً جيداً وضبط فروعه مقيداً، ونظم قصيدة في النحو استوعب فيها أكثر الحاجبية سرداً، وأتى فيها بأحكام كثيرة، طرّزها للنحو حلة وبرداً.
وكان خطه يخجل العقود المنظمة والرياض التي برودها بالأزهار مسهّمة، يتلو القرآن غالب وقته، وله فيه نغمة طيبة أشهى من سجع الحمام في روض أينع في نبته، مع تواضع زانه وقوّم ميزانه.
ولم يزل على حاله الى أن أضر، ولازم لحين أجله وأصر.
وتوفي رحمه الله تعالى سنة ثلاث عشرة وسبع مئة.
ومولده بدورك سنة إحدى وثلاثين وست مئة.
أخبرني شيخنا العلامة أثير الدين قال: أخذنا عنه لسان الترك ولسان الفرس، وكان عالماً باللسانين يعرفهما إفراداً وتركيباً، أعانه على ذلك مشاركته في العربية. وله قصائد كثيرة منها قصيدة في قواعد لسان الترك، ونظم كثيرة في غير فن، وأنشدني كثيراً منها.
ودرّس بالحسامية الفقه على مذهب أبي حنيفة، وكان قد تولى الحسبة بغزة قديماً، وقد أدّب بقلعة الجبل بعض أولاد الملوك.
قلت: هو السلطان الملك الناصر محمد، قال: وعمي في آخر عمره.
وأنشدني من قصيدة مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم:
قيل اتخذ مدح النبي محمد
…
فينا شعارك إن شعرك ريّقُ
وعلى بنانك لليراعة بهجةٌ
…
وعلى بيانك للبراعة رونق
يا قطب دائرة الوجود بأسره
…
لولاك لم يكن الوجود المطلق
مذ كنت أوله وكنت أخيره
…
في الخافقين لواء مجدك يخفق
كل الوجود الى جمالك شاخص
…
فإذا اجتلاك فعن جلال يطرق