الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ال
مهدي
كان قد خرج بعض الزنادقة من مدينة حماة وتوجّه الى بلاد النُصيرية ودخل بلد جبلة، وورد الى دمشق محضرٌ من طرابلس، مضمونه أنه لما كان يوم الجمعة ثاني عشري ذي الحجة سنة سبع عشرة وسبع مئة بعد صلاة الجمعة حضرت النصيرية الكفرة الفجرة الى مدينة جبلة، وعُدّتهم أكثر من ثلاثة آلاف، يقدمهم شخص تارة يدّعي أنه محمد بن الحسن ال
مهدي
القائم بأمر الله تعالى، وتارة يدّعي أنه علي بن أبي طالب فاطر السماوات والأرض، وتارة يدعي أنه محمد بن عبد الله، وأن البلاد بلاده، والمملكة الإسلامية مملكته وأن المسلمين كفرة، وأن دين النصيرية هو الحق، وأن السلطان الملك الناصر محمد صاحب البلاد مات من ثمانية أيام، واحتوى المذكور على عقول جماعة من مقدّمي النصيرية، وعيّن لكل إنسان منهم تقدمة ألف، ونيابة قلعة من قلاع المسلمين من المملكة الإسلامية، وفرّق عليهم إقطاعات الأمراء والحلقة، وافترقت الطائفة المذكورة ثلاث فرق على مدينة جبلة، فرقة ظهرت قبلي البلد بالشرق فخرج عليهم عسكر المسلمين فكسّرهم وقتل جماعة عدتهم مئة وأربعة وعشرون، وقتل من المسلمين نفر يسير، وهربت الفرقة المذكورة، وجرح من المسلمين منهم جمال الدين مقدّم العسكر بجبلة. وفرقة ثانية ظهرت قبلي جبلة بالغرب على جانب البحر، وفرقة ثالثة ظهرت شرقيّ جبلة بشمال، وكثروا على المسلمين وكسروهم، وهجموا على جبلة، ونهبوا الأموال، وسبوا الأولاد، وهتكوا النساء، وقتلوا جماعةً من المسلمين بجبلة، ورفعوا أصواتهم لا إله إلا عليّ، ولا حجاب إلا محمد، ولا باب إلا سلمان، وسبّوا أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم. وبقي الشيوخ والنساء والصبيان يصيحون وا إسلاماه، وا سلطاناه، وا امراءاه، ولم يكن لهم مُنجد في تلك الحالة إلا الله تعالى، وجعلوا يتضرّعون ويبتهلون. وجرى في هذا اليوم أمر عظيم.
ثم إن الشخص المذكور جمع الأموال المذكورة المأخوذة وقسّمها على مقدميهم، وقال إنه لم يكن للمسلمين ذكرٌ ولا خبرٌ ولا دولة، ولو كنت في عشرة بقضيبٍ واحد لا بسيفٍ ولا بترس ولا برمح، انتصرتُ عليهم وقتلتهم، وأظهر دين النصيرية ونادى في البلاد المقاسمة عليهم بالعشر، وأمر بخراب المساجد، وجعلها خمّارات، وأمسك النصيرية جماعة من المسلمين بجبلة، وأرادوا قتلهم، وقالوا لهم: آمنوا بمحمد بن الحسن، وقولوا لا إله إلا عليّ، فمن قالَها حقن دمه وصان ماله وأعطي فرماناً.
وكانوا في اليوم المذكور قبل دخوله جبلة كبسوا ذوق سليمان التركماني وذوق تركمان من جهة حلب، وأخذوا أموالهم وأولادهم وحريمهم، وكان الغالب على الجمع المذكور طائفة العبديين، ومنهم الشخص المذكور، وطائفة من الحرانية وجماعة من بلد المرقب والعليقة، والمنيعة. وفي عشية اليوم المذكور، وصل الأمير بدر الدين التاجي مقدم عسكر اللاذقية، وبات يحرس جبلة وأولاده حضور معه، ومعه العسكر، وكان قد عزم المذكور على دخول جبلة مرة ثانية، والشخص المذكور في جامع بجبلة بخيله ورجاله بقرية اسمها الصريفة من عمل جبلة. وقد ثبت المحضر المذكور على قاضي جبلة، وقيل إن المذكور كان يريهم خياماً وعساكر في البحر ويقول لجمعه هؤلاء الملائكة يقاتلون معكم وينصرونكم. ثم إن العسكر الطرابلسي ركب معهم إليهم فأبادوهم، وقتلوا منهم جماعة وقُتل كبيرُهم المذكور، وأراح الله منهم.
مهدي
الأمير عز الدين والي حلب.