الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال لي الشيخ شهاب الدين أحمد العسجدي: اجتمعتُ به فرأيت على ذهنه مسائل فقهية يسأل عنها، وذهنه جيّد.
وقال لي كاتبه مجد الدين رزق الله: إنه يلعب بجميع الملاهي، بالعود والدفّ وغير ذلك. وحكى لي أنه يصفُّ له ثلاثة أرؤس خيلاً وأن هيهمز نفسه فيعدّيها في الهواء الى الأرض من ذلك الجانب من غير أن يضع يده على شيء منها.
ولقد رأيته وهو في القاهرة وفي صلاة الجمعة مع السلطان بجامع قلعة الجبل، وما يكاد يستقرّ على الأرض لا قائماً ولا قاعداً، لا يزال في حركة يتموج وينعطف كالغصن، وكان من محبة السلطان فيه ما يدعه ينزل يوم السبت الى الميدان للعب بالكرة، بل يدعه ينزل يوم الثلاثاء ويلعب بالكرة هو وخاصيّته من الجمداريّة الذين يألف بهم ويميل إليهم من مماليك السلطان، وكان يقول له: يا
ملكتمر
لما تلعب تبرقَع حتى لا تؤثّر الشمس في وجهك، ولا يدعه يحضر الخدمة إلا في بعض الأوقات القليلة حتى لا يراه أحد.
وكان الحجازي في جملة من أمسكهم قوصون وحبسهم في واقعة المنصور أبي بكر، ولما حضر الناصر أحمد من الكرك أخرجه م الحبس، وقتل قوصون، وأبان في واقعة الكامل عن فروسية ورُجلة، على ما تقدّم في ترجمة الأمير شمس الدين آق سنقر.
وكان الحجازي أحد من قام بدولة الملك المظفّر حاجّي، ولم يزل في غاية العظمة والوجاهة الى أن تنكّر له الملك المظفر بسبب لعب الكرة وتحزّبهم، وكأنه أضمر الغدر، فجاء أحد من اتفق معه الى السلطان وعرّفه أنهم قد عزموا يوم الإثنين عشري شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين على الركوب الى قبة النصر ليفعلوا كما فعلوا بالملك الكامل، فطلبه السلطان الملك المظفّر عشية الأحد العصر، وأمسكه أمسك الأمراء الستة المذكورين في ترجمة آقسُنقر، ويقال إن الأمير سيف الدين منجك وغيره من الخاصكية ضربوه بالسيوف وبضّعوه، فقال الأمير شمس الدين آقسنقر وقد أمسكوه أيضاً: هذا المسكين ما هو مسلم؟ فضربوه بالسيوف وقطّعوه.
وكان الأمير سيف الدين ملكتمر شاباً طويلاً حسن الوجه، خفيف الحركة، زائد الكرم، قلّ من يحضر بين يديه ويخرج بغير خلعة ولا إنعام سواء كان ربّ سيفٍ أو قلم أو ربّ صناعة. وحكى لي بعض الفقهاء أنه وهبه مرة ألف دينار ولم يجتمع به إلا مرة واحدة.
وكان أخيراً قد لفّ عليه أولاد الأمراء يركبون معه وينزلون في خدمته ويأكلون على سماطه ويأخذون إنعاماته وإطلاقاته، ولهذا أُمسك معه جماعة منهم واعتُقلوا، وكان السبب في إمساكه وإمساك غيره، شجاع الدين أغرلو المقدّم ذكره.
وقلت أنا فيه رحمه الله تعالى:
بغا أغرلو على الحجازي
…
وكان للمُلك كالطراز
مضى شهيداً وعاش هذا
…
يرتع في اللؤم والمغازي
فمصرُ والشام في التها
…
ب البرق اليماني على الحجازي