الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان فقيهاً مشتغلاً بالفقه والأصول، حسن المناظرة، باشر إعادة المدرسة الظاهرية وغيرها.
وتوفي - رحمه الله تعالى - سادس عشر شهر ربيع الآخر سنة خمسٍ وعشرين وسبع مئة، وله من العمر سبع وثلاثون سنة، ورثاه العماد القطان بقصيدة.
يوسف حَوْك
النصراني الزغلي.
كان من أهل الكرك. أول ما عرفت من أمره أنه أمسكه والي الشقيف من بلاد صفد بزغل، وجهّزه الى صفد، وكان النائب بها إذ ذاك الأمير سيف الدين أرقطاي في شهور سنة أربع وعشرين وسبع مئة، فدخل إليه، وطلب الخلوة به، فقال له: أحضر لي صائغاً خلوة، فلما حضر قال له: قصّ من هذه النحاسة التي معك شيئاً، فقصّ ذلك قدراً زنته أربعة خمسة دراهم، ووضعها في البوتقة، ولما ذابت، ألقى عليها شيئاً مما معه مثل الذّرود، فصارت فضة حجر، ليس فيها ريبة ولا شبهة، فقال النائب للصائغ: ما تقول في هذه؟ فقال: هذه فضة حجر طلغم ليس فيها شيء، فأطلعه الى القلعة، واعتقله بها. وبقي خائفاً من الأمير سيف الدين تنكز، لا هو الذي يخرجه من الاعتقال، ولا هو الذي يتمكّن منه ليعمل له الذي توهّمه فيه. ولم يزل يوسف معتقلاً بقلعة صفد الى أن كتب ذلك قصّة وجهّزها في سنة ثلاثين وسبع مئة أو ما قبلها الى تنكز، وطلب فيها الحضور، فأحضره تنكز من صفد، ودخل إليه، وعمل بين يديه كما عمل قدّام نائب صفد، وكان تنكز سعيد الحركات والآراء، فقال له: أحقّ ما عملت هذه الصنعة بين يدي مولانا السلطان، فكتي مطالعة بصورة
الحال، وجهّزه تحت الترسيم الى السلطان الملك الناصر، فدخل إليه، وعمل ذلك العمل أيضاً، فطار عقل السلطان به، وقال له: أنا أعمل الذهب أيضاً.
وبقي عند السلطان ينام في المرقد، ويركب من خيل النّوبة، وينزل الى القاهرة، وأوهم الناس، وأخذ منهم الذهب، ومن بكتمر الساقي ومن الخدّام شيئاً كثيراً من الذهب، وصار يقول لهم: كل من أحضر لي خمسة مئة دينار أخذها خمسة آلاف، فطمع الناس، وأعطوه ذهباً كثيراً، وهو يأخذ الجميع، ويدكه في الفحم، ويحرّك به البوتقة، ويفرّغ ذلك ذهباً أحمر لا مرية فيه:
أعيا الفلاسفة الماضين في الحقب
…
أن يصنعوا ذهباً إلا من الذهب
أو يصنعوا فضة بيضاء خالصة
…
إلا من الفضة المعروفة النّسب
وبلغ في أمره أن كان السلطان يطلب له الخمر من الأقباط، ويشربه قدّامه، ويقول له: يا خوند ما أقدر على الزئبق ورائحته إلا بهذا، وكان يحتمل له السلطان هذا مع كراهيته في الخمر، وشرع يدافعه من وقت الى وقت، الى أن قال له: هذا يريد حشيشة ما رأيتها إلا في جبال الكرك، فجهزه تحت الترسيم على خيل البريد الى الكرك، ولو قدر هناك على الهروب هرب. لكن الترسيم الذي عليه، احتفظوا به، وأحضروه.
ثم إنه هرب من القاهرة، وتطلبه السلطان، وأمسك أناساً ضمنوه، وقتلهم بالمقارع، وبالغ في طلبه الى أن أمسك في الصعيد، وأحضر الى السلطان في أواخر الحجة سنة إحدى وثلاثين وسبع مئة، فسلّمه الى والي القاهرة، فقتله من بعد صلاة الجمعة الى المغرب ألف شيب، فأصبح وقد ورم جسده جميعه، وسُمّر على جمل، وطيف به، وهلك.