الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يرجّي زماناً تولى يعود
…
وليس يعود زمانٌ تولى
كئيبٌ تحمّل ما لا يطيقُ
…
له الصخر من ألم البين حملا
يبيت يكابد آلامهُ
…
وأسقامه وكما بات ظلا
وضيّع أوقاته في عسى
…
وماذا تفيد عسى أو لعلا
ويشرب من ماء أجفانه
…
على الظمأ البرْح نهلا وعلا
ومنه:
نعم هي دار من نهوى يقينا
…
وما نخشاه ساكنها يقينا
أنيخوا في معالمها المطايا
…
فديتكم لنشكو ما لقينا
ذكرنا حُلوَ عيشٍ مرّ فيها
…
وما كنا له يوماً نسينا
وكاسات المسرّة دائرات
…
تحيينا شمالاً أو يمينا
محمد بن محمد
بن أحمد
جلال الدين الكندي بن تاج الخطباء القوصي.
قال كمال الدين الأدفوّي: سمع من الشيخ تقي الدين القشيري. وكان فقيهاً فاضلاً أديباً، له نظمٌ ونثرٌ وخطبٌ، وكان أمين الحُكم بقوص، وعاقد الأنكحة وفارضاً بين الزوجين، وكان يكتب خطاً حسناً لا يماثله أحدٌ بقوص.
اجتمعت به كثيراً بقوص، ثم إنه أقام بغرب قُمولا، وتوفي بها سنة أربع وعشرين وسبع مئة.
وأورد له من شعره:
يا غاية منيتي ويا مقصودي
…
قد صرتُ من السقام كالمفقود
إنْ كان بدَتْ مني ذنوبٌ سلفت
…
هبها لكريم عفوك المعهود
وأورد له أيضاً:
هل الى وصل عزّة من سبيل
…
والى رشف ريقها السلسبيل
غادةٌ جرّدت حسام المنايا
…
مُصْلتاً من جفون طرف كحيل
قد أصابت مقاتلي بسهام
…
فوّقتها من جفنها المسبول
أبرزت مبدعاً من الحسن يفدى
…
بنفوس الورى بوجهٍ جميل
وأورد له أيضاً:
دعوى سلامة قلبي في الهوى عجبٌ
…
وكيف يسلم من أودى به الوصَبُ
أضحت سلامته منكم على خطر
…
لا تسلموه ففي إسلامه نصَبُ
شربت حبّكم صرفاً على ظمأ
…
وكنت غرّاً بما تأتي به النوبُ
لا يمنعنّكُم ما قال حاسدُنا
…
عن الدنوّ فأقوال العِدا كذبُ
محمد بن محمد
المعروف بابن الجبَلي الفَرجوطي.
كان له مشاركة في الفقه والفرائض، وله معرفة بالقراءات، وله أدبٌ وشعرٌ ومعرفة. يحل الألغاز والأحاجي.
وكان ذكياً، جيّد الإدراك خفيف الروح، حسن الأخلاق، كفّ بصره في آخر عمره.
قال كمال الدين الأدفوي: اجتمعت به كثيراً، وأنشدني من شعره وألغازه.
وتوفي رحمه الله تعالى بفرجوط في المحرم سنة سبع وثلاثين وسبع مئة.
وأورد له:
وشاعر يزعم من غرةٍ
…
وفرْط جهل أنه يشعر
يصنف الشعر ولكنه
…
يحدّث من فيه ولا يشعر
وأورد له في النبق:
انظر الى النبق في الأغصان منتظماً
…
والشمس قد أخذت تجلوه في القُضُب
كأن صفرته للناظرين غَدَت
…
تحكي خلاخل قد صيغت من الذهب
محمد بن محمد
الصدر الأصيل العَدل الرضي شرف الدين أبو عبد الله ابن العدل الرضي شرف الدين أبي عبد الله بن أبي الفتح نصر الله بن المظفر بن أسعد بن حمزة بن أسد بن علي بن محمد التميمي الدمشقي ابن القلانسي.
سمع صحيح مسلم من الرضي بن البرهان، وروى منه أربعين حديثاً، وله إجازة من عثمان ابن خطيب القرافة وعبد الله بن الخشوعي وجماعة.
وكان من أعيان دمشق وأكابرها، وباشر وكالة السلطان مدة. وكانت حرمته وافرة وأخلاقه حسنة، وشهد في القيم مدة مع الأكابر، ثم إنه تركها مدة.
وتوفي رحمه الله تعالى ليلة السبت ثاني عشر صفر سنة خمس عشرة وسبع مئة.
ومولده سابع عشري صفر سنة ست وأربعين وست مئة بدمشق.
وكتب شيخنا العلامة شهاب الدين محمود الى أولاده القاضي جمال الدين والقاضي علاء الدين ومحيي الدين يعزيهم بما أنشدنيه لنفسه إجازة:
لو سالم الدهر ذا مجدٍ لسؤدده
…
ثنى عن الشرف العالي سُطا يده
ولو تحامى الردى ذا مفخر وتقى
…
ونائل كفّ كفّاً عن محمّده
لكنه طالبٌ لا حصن منه فمن
…
أرجاه في يومه فاجاه في غده
ومنهل ما لحيٍ في الورى صدرٌ
…
إلا عن الريّ من إثناء مَورده
كم فضّ جمعاً وكم أخلى حمى شرف
…
برغم أهليه من اثار سيّده
فلا علوّ أخي فضل بعاصمه
…
منه ولا مجد ذي مجد بمخلده
فحقُّ من كان هذا الموت غايته
…
بدء العزاء به من يوم مولده
لله طودُ حجىً زانت خلائقه
…
نجاده وأبانت طيب محتده
حرٌ تقيٌ نقي طاهر ورع
…
قد آمن الناس من فيه ومن يده
عفّ السريرة لا يطوي على ذحل
…
مَغيب من غاب عنه مثل مشهده
سيّان ظاهره صفوٌ وباطنه
…
بل ودّه المحض أجلى من تودّده
مُغضٍ عن الناس لا يعنيه عيبهم
…
مغرىً بمنزله فيهم ومسجده
لله عهد مضى أيام تجمعنا
…
عصر الصبا نَسقاً في سلك معهده
وكلنا حافظٌ عهد الصفاء له
…
شاء الوفاء يراعي حفظ موعده
ففرقّ الدهر سهم البُعد ثم بَدا
…
بخَيرنا فرماه عن تعمّده
قضى ولم أقضِ من توديعه وطراً
…
ولم أكن حاضراً ما بين عُوَّده
فبات يخذلني صبري وينجدني
…
دمعي وما خاذلٌ صبّاً كمنجده
أخشى على ناظري دمعي فيكحلني
…
تسهّدي من دجى ليلي بأثمده
مضى وها أنا أقْفو إثْره والى
…
كم يبطئ المرء أمسى دون مقصده
وما مضى من رقَتْ أبناؤه رتَباً
…
لم يرقَها وعلوا عن أفقِ مصعده
وساد منها عليّ ما وهى وعلا
…
محمود في كل مجد فوقَ فرقده
ثلاثة نظموا عقد العُلا فغَدا
…
يختال في مجدهم لا في زبرجده
أوصيتهم باصطبار لم أجده ففي
…
حسن التبصّر تمهيد لمرقده
فجاده صَوب رِضوان يَسحُّ إذا
…
سحّ العِهاد عليه في تغمّده
ولا خلا أفْقُ هذا البيت من شرفٍ
…
تثني مفاخِره أبصارَ حُسّده
يقبّل اليد العالية المولوية القضائية الجمالية، لا زالت جزيلة الثواب، جميلة المآب، غنيّة بما منحها الله من العلم عن الدلالة على الصواب، آمنة بحلاوة التلقّي لأمر الله بالعدول عن مراجعة التجرّع لصاب المصاب، وينهي أنه اتصل به ما قدّره الله من وفاة المولى السيد الوالد تعمّده الله برضوانه وبوّأه فسيح جنانه، فأجرى دموعه، ونفى هجوعه، وصدع قلبه، وأطار لبّه، وأطال ألَمه، وأطابَ عدمَه، وألزم الحصر لسانه، وألقى قلمه، فإنّا لله وإنا إليه راجعون، امتثالاً لأمره، وصبراً على حلو القضاء ومرّه، مات والله الصاحب الذي كان للمملوك يعقد على محبته الخناصر، ويستند من أخوّته الى نسبة صفاءٍ ثابتة الأواصر، ويأنس ببقائه، ويعلل نفسه بلقائه، فاجْتُثّ بوفاته أصلُ الوفا، وتكدّر بذهابه وِرد الصّفا، وذهب الودّ إلا باللسان، وتنكّرت بين المعارف وجوه الإحسان الحِسان، وعدمت الرّياسةُ راسَها وفي الرياسة أكثرها، وفقدت المعالي عينها فلم يبقَ إلا أثرُها، فلله تلك النفس ما كان لتقاها، وتلك الشيم ما كان أطهرها وأنقاها، وذلك اللسان ما كان أقدره على