الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأمير علاء الدين علي بن البشمقدار، والأمير سيف الدين ملك آص، والأمير حسام الدين حسام مملوك أرغون شاه، وذلك في يوم الأربعاء خامس شوال سنة ثلاث وخمسين وسبع مئة، وتوجهوا بهم الى الإسكندرية واعتُقلوا بها جميعاً. ولم يزالوا بها.
ولما كان في يوم الأربعاء من شهر رجب الفرد سنة أربع وخمسين وسبع مئة وصل الى دمشق الأمير سيف الدين ملك آص والأمير سيف الدين ساطلمش الجلالي ومن كان معهما في الحبس، وقد أفرِج عنهم ورُسم لهم بالإقامة في دمشق بطّالين.
ولم يزل ملك آص في دمشق بطّالاً الى أن كتب له الأمير علاء الدين أمير علي المارداني نائب الشام وسأل من السلطان أن يرتّب له على الأموال الديوانية مرتّب، فرسم له بذلك، ورتّب مقدار شهرين.
ثم إنه توفي - رحمه الله تعالى - في ثامن عشر شهر رمضان سنة ست وخمسين وسبع مئة، ودُفن رحمه الله تعالى في تربته المليحة المجاورة لداره بجوار جامع يلبغا في سوق الخيل.
ملِكْتَمُر
الأمير سيف الدين الحجازي الناصري، أحد المقدّمين أمراء الألوف، أصهار السلطان الملك الناصر محمد، أظنه تزوّج بابنة السلطان التي كانت أولاً مع الأمير سيف الدين طغاي تمُر الناصري.
كان في حركاته أشبه شيء بالقضيب إذا ماس، وهبّ به نسيم السحر بارد الأنفاس، ووجهه كالبدر إذا بدا، والشمس إذا رام الحائر بها الهدى، إذا التفت فلا
تلتفت الى الغزال النافر، ولا تحتج مع جبينه الى الصبّاح السافر، مع جود من أين للغمام كرمُه إذا سفح، أو البحر نواله إذا طفح، وخلق كأنه نسيم ورْد هبّ في سحره، وجرّ ذيله المبلول على زهره، فهو كما قال أبو تمام في وليده وتغزّل به في قصيده:
مليٌّ بأن يسترقّ القلو
…
بَ على هزله وعلى جدّه
وأن يوجد السّحر في طرفه
…
وأن يُجتنى الوردُ من خدّه
يشفّ القلوب وإن أكذبَ
…
الظنون وأخلفَ في وعده
بما أشبه البدرَ من حُسنه
…
وما شاكل الغصنَ من قدّه
وألسنةُ الحمد مجموعةٌ
…
على شكره وعلى حمده
وجرتْ له بعد أستاذه الناصر أمور، وكُسف بدره وسط الديجور، وغرُب نجماً، ثم بزغ في سماء السعادة قمراً تمّا.
ولم يزل بعد ذلك في مدارج صعود، ومطالع سعود، الى أن غُصّ من بريق السيف بريق، وأمسكه الأجَل في المشيق.
وكانت قتلته في حادي عشري شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وسبع مئة.
ولم يكن عند أستاذه الناصر أحدٌ في منزلته ولا مَن يُدانيه في علوّ مرتبته.
قال لي القاضي شرف الدين النشّو: لو أن هذا الحجازي يلازم خدمة السلطان ويواظبها أخذ منه شيئاً كثيراً الى الغاية.