الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
51 -
قال الله تعالى: (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا
(33)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج أبو داود عن داود بن الحصين قال: كنت أقرأ على أم سعد بنت الربيع وكانت يتيمة في حجر أبي بكر فقرأت: (والذين عاقدت أيمانكم) فقالت: لا تقرأ (والذين عاقدت أيمانكم) إنما نزلت في أبي بكر وابنه عبد الرحمن حين أبى الإسلام، فحلف أبو بكر ألا يورثه، فلما أسلم أمر اللَّه تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يؤتيه نصيبه، زاد عبد العزيز: فما أسلم حتى حمل على الإسلام بالسيف.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول الآية الكريمة ولم أجد فيما أعلم أحداً من المفسرين ذكر هذا الحديث إلا ابن كثير رحمه الله مع اختلاف يسير في لفظه حيث جاء فيه فقرأت عليها (والذين عاقدت أيمانكم) فقالت: لا ولكن (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ .. ) ثم ذكر الحديث إلى أن قال: وهذا قول غريب.
قلت: ولعل غرابته سببُ إعراض المفسرين عنه، فإن المعروف في تفسير قوله تعالى:(وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) أنها فيمن جرى بينهم تحالف وتعاقد على المعونة والنصرة، وقد قال ابن كثير في تفسير هذه الآية:(وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ) أي ورثة ويعني بقوله: (مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ) من تركة والديه وأقربيه من الميراث فتأويل الكلام، ولكم أيها الناس جعلنا عصبةً يرثونه مما ترك والده وأقربوه من ميراثهم له، وقوله تعالى:(وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ): أي والذين تحالفتم بالأيمان المؤكدة أنتم وهم فآتوهم نصيبهم من الميراث كما وعدتموهم في الأيمان المغلظة إن اللَّه شاهد بينكم في تلك العهود والمعاقدات وقد كان هذا في ابتداء الإسلام ثم نسخ بعد ذلك وأُمروا أن يوفوا لمن عاقدوا) اهـ بتصرف.
فإذا تقرر أن قوله تعالى: (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) فيمن جرى بينهم
تحالف وتعاقد فكيف يقال إن سبب نزولها أبو بكر وابنه عبد الرحمن حين أبى الإسلام فحلف أبو بكر أن لا يورثه مع أن الصلة بينهما صلة نسب وقرابة وليست صلة حلف ومعاقدة.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور في سبب نزول الآية الكريمة لم يصح سنده، ومتنه أيضاً غريب لمناقضته ومخالفته لظاهر الآية فلا يكون سبباً لنزولها لا سيمًا وقد أعرض عنه المفسرون والله أعلم.
* * * * *