الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 -
قال الله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
(189)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج البخاري ومسلم عن البراء رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية فينا، كانت الأنصار إذا حجوا فجاؤُوا، لم يدخلوا من قِبَل أبواب بيوتهم، ولكن من ظهورها، فجاء رجل من الأنصار فدخل من قِبَل بابه، فكأنه عُيّرَ بذلك، فنزلت:(وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا).
وفي رواية للبخاري والنَّسَائِي عن البراء رضي الله عنه قال: كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره، فأنزل اللَّه:(وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء فى سبب نزول هذه الآية وقد أورده جمهور المفسرين وجعلوه سببًا لنزولها منهم: الطبري والبغوي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والطاهر بن عاشور.
قال البغوي: (قال أهل التفسير: كان الناس في الجاهلية وفي أول
الإسلام إذا أحرم الرجل منهم بالحج أو العمرة، لم يدخل حائطاً ولا بيتاً ولا داراً من بابه) اهـ.
فإن قيل: ما سبب فعلهم هذا؟
فالجواب: (أنهم إنما كانوا يفعلون ذلك لأنهم كانوا إذا أحرموا يكرهون أن يحولَ بينهم وبين السماء سقف إلى أن ينقضيَ إحرامهم، ويصلوا إلى منازلهم، فإذا دخلوا منازلهم دخلوها من ظهورها. قاله الزهري. ويعتقدون أن ذلك من البِرِّ والقُرب) اهـ.
وقال القرطبي: (كان الأنصار إذا حجوا وعادوا لا يدخلون من أبواب بيوتهم، فإنهم كانوا إذا أهلُّوا بالحج أو العمرة يلتزمون شرعاً ألا يحول بينهم وبين السماء حائل فإذا خرج الرجل منهم بعد ذلك، أي من بعد إحرامه من بيته، فرجع لحاجة لا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف البيت أن يحول بينه وبين السماء فكان يتسنم ظهر بيته على الجدران ثم يقوم في حجرته فيأمر بحاجته فتخرج إليه من بيته فكانوا يرون هذا من النسك والبر، كما كانوا يعتقدون أشياء نسكاً فرد عليهم فيها وبيّن الرب تعالى أن البر في امتثال أمره) اهـ.
* تنبيه:
ما صلة قوله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) بقوله: (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا)؟
قال القرطبي: (اتصل هذا بذكر مواقيت الحج لاتفاق وقوع القضيتين في وقت السؤال عن الأهلة وعن دخول البيوت من ظهورها، فنزلت الآية فيهما جميعاً).
* النتيجة:
أن الآية نزلت بسبب ما كان الأنصار يفعلونه عند إحرامهم بحج أو عمرة حيث كانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها بل من ظهورها ظناً منهم أن هذا من البر والنسك فبين اللَّه أن هذا ليس من البر وأن البر في تقواه عز وجل لصحة سند الحديث وتصريحه بالنزول، وموافقته للفظ القرآن، واحتجاج المفسرين به واللَّه أعلم.