الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
75 -
قال اللَّه تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
(87)
وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ
(88)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج الترمذي عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه إني إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء وأخذتني شهوتي، فحرمت عليَّ اللحم فأنزل الله:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (88).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة، وقد أورد جمهور المفسرين هذا الحديث ضمن أحاديث كثيرة وردت في هذا الباب منهم الطبري، والبغوي، وابن العربي، وابن عطية، والقرطبي، وابن كثير.
قال القرطبي: (والأخبار بهذا المعنى كثيرة، وإن لم يكن فيها ذكر النزول وهي:
ما أخرج الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهطٍ إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخبروا كأنهم
تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أُصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأُصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وَخرَّجَا عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا) اهـ محل الشاهد.
وكلام القرطبي ربما يشعر بأن الآية لم تنزل بسبب الأحاديث المذكورة في سببها لأنه ساق أحاديث لا صلة لها بنزول الآية.
وقد يؤيد ما ذهب إليه ما روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لنا شيء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب، ثم قرأ علينا:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ).
لكن الناظر في حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما يجد أنه يطابق الآية مطابقة كاملة.
فقوله: فحرمت عليَّ اللحم يوافق قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ).
وقوله: اللحم يوافق قوله: (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا).
فالظاهر - والله أعلم - أن الحديث سبب نزول الآية وإن كان الصحيح فيه الإرسال، لأمور ثلاثة:
1 -
التصريح بالسببية.
2 -
مطابقة سياق الحديث للفظ الآية.
3 -
الاحتجاج به عند جمهور المفسرين.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور سبب نزول الآية للأسباب سالفة الذكر، واللَّه أعلم.
* * * * *